البرلمان الليبي يكلف النائب العام بالتحقيق مع الدبيبة ومنعه من السفر    العراق يؤكد: مخرجات قمة مصر بشأن غزة تتصدر جدول قمة بغداد    ترامب يوجه انتقادات حادة لقرارات المحكمة العليا في ملف الهجرة    الوداد المغربي يستعد لمونديال الأندية بمواجهة عملاقين أوروبيين    "هزيمة الإسماعيلي وفوز تشيلسي".. نتائج مباريات أمس الجمعة    حزب الجيل: توجيهات السيسي بتطوير التعليم تُعزز من جودة حياة المواطن    سعر الخوخ والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم السبت 17 مايو 2025    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات السبت 17 مايو 2025    اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة    «ماحدش يقرب من الأهلي».. تعليق غاضب من عمرو أديب بعد قرار التظلمات    إبداعات المنوفية| دمية.. قصة ل إبراهيم معوض    إبداعات المنوفية| بين الشك واليقين.. شعر ل وفاء جلال    إبداعات المنوفية| متاهات الخيال.. شعر ل أسامة محمد عبد الستار    الأمم المتحدة: لدينا خطة جاهزة لتوزيع المساعدات في غزة ونطالب بدخولها دون عوائق    رئيس مصلحة الضرائب: حققنا معدلات نمو غير غير مسبوقة والتضخم ليس السبب    وليد دعبس: مواجهة مودرن سبورت للإسماعيلي كانت مصيرية    ضربة لرواية ترامب، "موديز" تخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة    ملاك العقارات القديمة: نطالب بحد أدنى 2000 جنيه للإيجارات بالمناطق الشعبية    غزل المحلة يطيح ب بابافاسيليو بعد ربعاية الجونة في الدوري    بسمة وهبة تتهم خالد يوسف وشاليمار شربتلي بتسجيل مكالمات دون إذن والتشهير بها وسبها    ترامب يلوّح باتفاق مع إيران ويكشف عن خطوات تجاه سوريا وبوتين    توافق كامل من الأزهر والأوقاف| وداعا ل«الفتايين».. تشريع يقنن الإفتاء الشرعي    لكزس RZ 2026| طراز جديد عالي الأداء بقوة 402 حصان    هند صبري: عمري ما اشتغلت علشان الفلوس وهذا موقفي من تقديم جزء 3 من "البحث عن علا"    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    مدير إدارة المستشفيات يشارك في إنقاذ مريضة خلال جولة ليلية بمستشفى قويسنا بالمنوفية    جوميز: شعرنا بأن هناك من سرق تعبنا أمام الهلال    أموريم: شيء واحد كان ينقصنا أمام تشيلسي.. وهذه خطة نهائي الدوري الأوروبي    تفاصيل جديدة في واقعة اتهام جد بهتك عرض حفيده بشبرا الخيمة    محسن الشوبكي يكتب: مصر والأردن.. تحالف استراتيجي لدعم غزة ومواجهة تداعيات حرب الإبادة    اشتعال الحرب بين نيودلهي وإسلام آباد| «حصان طروادة».. واشنطن تحرك الهند في مواجهة الصين!    محاكمة 3 متهمين في قضية جبهة النصرة الثانية| اليوم    اليوم.. «جوته» ينظم فاعليات «الموضة المستدامة» أحد مبادرات إعادة النفايات    انطلاق فعاليات مؤتمر التمكين الثقافي لليوم الواحد بمطروح    شديد الحرارة نهاراً وأجواء معتدلة ليلا.. حالة الطقس اليوم    نجم الزمالك السابق يفاجئ عمرو أديب بسبب قرار التظلمات والأهلي.. ما علاقة عباس العقاد؟    مصرع وإصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بمحور 26 يوليو    ضبط 25 طن دقيق ولحوم ودواجن غير مطابقة للمواصفات بالدقهلية    قرار عودة اختبار SAT في مصر يثير جدل أولياء الأمور    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 17 مايو 2025    رئيس شعبة الدواجن: نفوق 30% من الإنتاج مبالغ فيه.. والإنتاج اليومي مستقر عند 4 ملايين    رئيسا «المحطات النووية» و«آتوم ستروي إكسبورت» يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    رئيسا "المحطات النووية" و"آتوم ستروي إكسبورت" يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    السفارة الأمريكية في طرابلس تدعو إلى ضبط النفس وحماية المدنيين    كل سنة وأنت طيب يا زعيم.. 85 عاما على ميلاد عادل إمام    السفير محمد حجازى: غزة محور رئيسي بقمة بغداد ومحل تداول بين القادة والزعماء    إصابة 4 أشخاص في حادث سقوط سيارة بترعة الفاروقية بسوهاج    داعية يكشف عن حكم الهبة لأحد الورثة دون الآخر    اليوم| الحكم على المتهمين في واقعة الاعتداء على الطفل مؤمن    قبل الامتحانات.. 5 خطوات فعالة لتنظيم مذاكرتك والتفوق في الامتحانات: «تغلب على التوتر»    لمرضى التهاب المفاصل.. 7 أطعمة ابتعدوا عنها خلال الصيف    بالتعاون مع الأزهر والإفتاء.. الأوقاف تطلق قافلة دعوية لشمال سيناء    مشيرة خطاب: التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ضرورة ملحة    الكشف والعلاج بالمجان ل 390 حالة وندوات تثقيفية ضمن قافلة طبية ب«النعناعية»    كيف تتغلب على الموجة الحارة؟.. 4 نصائح للشعور بالانتعاش خلال الطقس شديد الحرارة    "بيطري قناة السويس" تُطلق فعاليات بيئية وعلمية ومهنية شاملة الأسبوع المقبل    شكاوى المواطنين تنهال على محافظ بني سويف عقب أدائه صلاة الجمعة .. صور    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منير عامر.. بواحد إحساس مظبوط يعترف: مازلت تلميذا محترفا يحاول التعلم
نشر في صباح الخير يوم 17 - 01 - 2017

بدأت «صباح الخير» سلسلة ندواتها حول تواصل الأجيال؛ كانت الندوة الثانية مع الكاتب الصحفى الكبير منير عامر.. ومنذ الوهلة الأولى عندما بدأ الأستاذ منير فى الحديث عن مشواره الصحفى تشعر كأنك أمام رجل يعشق الحياة بكل تفاصيلها.. صريح لدرجة إطلاق قذائف نارية؛ ينتهج الفكر الليبرالى ويكره الجمود؛ جرىء لا يخجل مما عاش أو فعل حتى الأخطاء التى ارتكبها هو فخور بها.. و«بواحد إحساس مظبوط» فتح قلبه لأبنائه من الجيل الجديد من مجلته «صباح الخير» وتحدث عن بداية مشواره الصحفى وعلاقته بإحسان عبدالقدوس والرئيس جمال عبدالناصر وشخصيات بارزة أخرى فى حياته أمثال منصور حسن وشعراوى جمعة.
كذلك تطرق إلى محطات مهمة فى مشواره كمذكرات عبدالحليم وكتابه عن تفاسير الشعراوى وكان من بين الكتاب القلة الذين خاطبوا كل الأجيال فرغم كتاباته المميزة فى مجال السياسة فإنه أعاد صياغة 4 كتب فى تربية الأطفال وقدم برنامج تحت العشرين للإذاعة.. وعن العاطفة فى حياته؛ تحدث عن زوجة عمره التى رآها في جلسة مع الفنان يوسف فرنسيس.. إلى غير ذلك من الأسرار.
واستهل حديثه قائلا: «فى البداية أود أن أقول أنا تلميذ محترف ولست أستاذا أو شيئاً، أنا أحاول أن أتعلم من كل فرد أقابله فى هذه المهنة ومن علمنى كيف أتعلم هو أحد المؤسسين الكبار للفن الصحفى والفن الإنسانى هو الأستاذ فتحى غانم.. وبالتالى أنا موجود فى مجمع أساتذة وليس شبابا».
• البداية
• صباح الخير: كيف كانت البداية فى بلاط صاحبة الجلالة؟
- كنت شابا فى سن السادسة عشرة فى مرحلة الثانوية العامة؛ عندما نزلت الشارع يوم الأربعاء ووجدت من ينادى قائلا: «صباح الخير».. كان أول عدد عام 1956.. عندما اشتريت العدد لم أكن أشعر أننى أشترى مجلة وإنما أشترى بلدا ووطنا.. وكان الغلاف بريشة الفنان زهدى الذى يتسم فنه بالمرارة والإتقان والموهبة.. جلست أقرأ المجلة من «الجلدة للجلدة» أكثر من ثلاث مرات وتأكد لى أننى أنتمى لهذا البلد؛ ولهذه المجلة والقائمين عليها.
اخترت من يكون أخى ومن هو عمى ومن تكون والدتى.. فكانت الكاتبة فوزية مهران تكتب بابا اسمه «العيادة النفسية» وكنت وقتها أعانى من مشكلة غريبة للغاية: كنت أحب إحدى قريباتى وكانت تكبرنى بعامين ونصف العام وكان وقتها لا يوجد فى عائلتى من يصل إلى سن الثامنة عشرة ولا يتزوج وعندما تكبر الفتاة وخاصة إذا كانت جميلة «تضربها العائلة فى قصبة رجل تعليمها»، أى تمنع من التعليم, وكأن مهمتها هى أن تكون وعاء جنسيا للإنجاب والرجل يدفع الثمن.
وكانت صباح الخير تتبنى تلك القضية وتناقشها فى أعدادها.. فكتبت قصتى لفوزية مهران فى العدد 21 وقتها ردت علىَّ قائلة: «أنت رجل ناضج ومخلص والحكاية ستتطور مع مرور الوقت».
كنت وقتها قد ورثت بعض الفدادين وبالتالى كنت أتصرف طول الوقت كأحد كبار الملاك وهذا لم يكن صحيحا لست من كبار الملاك أو شىء... أخذت القطار وركبت فى الدرجة الأولى فكنت أعطى نفسى طول الوقت مرتبة الأول.. وتحدثت إلى رجل صديق لى وأكبر منى وأستاذى اسمه «شوقى عبدالناصر حسين خليل سلطان» وهو أخو الرئيس جمال عبدالناصر وكان رجلا يفتح قلبه إلى الطلبة ويستمع لهم.. فحكيت له عن مجلة صباح الخير فقال لى اذهب وتعرف على الناس، وأصر يومها أن أسافر إلى القاهرة على حساب المدرسة ولكن أركب فى الدرجة الثالثة وحدد لى مقابلة مع الكاتب إحسان عبدالقدوس لكى أصدر مجلة الحائط للمدرسة الثانوى.
وقابلت السيدة نرمين القويسنى مديرة مكتب إحسان عبدالقدوس الذى قال لى: «مش أنت اللى شفتك قبل كده؟!» فكان قد سبق أن رآنى على الشاطئ عندما كان يسبح هو وعبدالحليم حافظ.. ووقتها لم أحب أن أزعجهما فقلت لزميلى أحمد نجيب «فلنبعد عن هذا المكان هؤلاء الأشخاص جاءوا ليستريحوا!!».
فقال لى إحسان: «مش أنا قلت لك تبقى تزورنا؟!» فقلت له: جئت لأحقق الزيارة.
• صباح الخير: هل كنت تخطط لمستقبلك كصحفى بالأساس؟
- كان حلمى أن أدرس كيمياء صناعية وأسافر إلى الاتحاد السوفيتى لأدرس الذرة لخدمة السلام ولكن بعد مقابلة إحسان عبدالقدوس شعرت بأن مع هذا الرجل سيبدأ المستقبل حيث قال لى: اكتب لى أى أخبار تصادفها لروزاليوسف وصباح الخير وكنت وقتها ما زلت تلميذا.. لم آخذ الكلام على محمل الجد إلا بعد أن قابلت فتحى غانم بعد ثالث يوم من مقابلتى لإحسان عبدالقدوس.. فسألت الكاتب فتحى غانم: «لما الكبار مايسمعوش كلام الصغار.. الصغار يعملوا إيه؟!» فقال لى: «يشوفوا كلام الكبار إيه الإيجابى والسلبى.. يأخدوا الإيجابى يضيفوه والسلبى يبعدوه وإذا خافوا يسكتوا لأن الواحد مايخافش..!».
فأثار كلام فتحى غانم حفيظتى على الرغم من أننى كنت أحبه لأنه كتب فى أحد الأعداد: «الأصغر منك بيوم يعرف عنك بسنة!!.. لا تصدقوا مقولة أن الأكبر منك بيوم يعرف عنك بسنة».. فأصبحت أنظر له على أنه فيض من العطاء الهادئ وأنا لا أتذكره إلا وكأنه عقد الفل الساحر.
• الخروج من الإسكندرية
• صباح الخير: من الحلم بدراسة الكيمياء فى الاتحاد السوفيتى إلى آداب إسكندرية كيف صارت بك الرحلة؟
- بدأت الرحلة وبعد مرور عامين وتحديدا فى 20 يونيو 1959 وأنا كنت طالبا بالفرقة الأولى كلية الآداب «انتساب» بجامعة الإسكندرية قسم فلسفة واجتماع وعلم نفس ولم تكن تعجبنى مدينة الإسكندرية فكانت صغيرة بالنسبة لأحلامى حيث ذهبت إلى مكاتب الصحافة بالإسكندرية وجدت أن كلهم أناس «مستعدة تبوس إيد المحافظ، ولم يكن لديهم أى فكرة حقيقية لتنفذ على أرض الواقع..».
قررت أن أستقر فى القاهرة وعندما دخلت إلى مؤسسة روزاليوسف وجدت أن اسمى أول الأسماء الممنوعة من التدريب داخل صباح الخير لأننى لا أنتظم فى الحضور وليس لدىَّ كشف إنتاج.. وقتها دخلت إلى إحسان عبدالقدوس ووافق على رجوعى للعمل فى المجلة.. وقتها كان هناك انتخابات الاتحاد القومى وكان شارع نوبار يمتلئ باللافتات القماش المدون عليها أسماء للمرشحين، فذهبت لإجراء تحقيق عن الإعلانات ومن يكتبها.. أعجب بالفكرة إحسان عبدالقدوس ونشرت على صفحات المجلة.. بعدها انتظمت فى العمل وبدأت أكتب أخبارا حتى جاء يوم خرجت الكاتبة نجاح عمر من مكتب فتحى غانم وكان رئيس التحرير وقتها وقالت: «أستاذ فتحى لا يجد من يسافر الإسكندرية اليوم..» فدخلت على الفور وقلت له إننى سأسافر الإسكندرية اليوم.. فطلب منى أن آتى بأخبار لأنه وقتها كان يشرف على باب «أين يذهب الناس» وهو عبارة عن أخبار اجتماعية تنشر فى مجلة روزاليوسف.
نزلت وأخذت تاكسى من على ناصية المؤسسة وطلبت من السائق أن يظل معى حتى الساعة الثالثة صباحا وسألته عن الأجرة فقال لى سآخذ 7 جنيهات قلت له سأعطيك 10 جنيهات ولكن سنسافر الإسكندرية وستمكث معى حتى الثالثة صباحا.. وبالفعل سافرت ولففت على كازينوهات الإسكندرية كازينو كازينو وقهوة حراس الشواطئ وعلى أقسام الشرطة.. وانتهيت من هذا فى حوالى الساعة الواحدة والنصف أو الثانية ثم رجعت إلى منزلى فى الإسكندرية -حيث إننى سكندرى المنشأ - وكتبت حوالى 150 خبرا وحكاية.. وفى حدود الساعة السابعة نزلت إلى مكتب مصر للطيران وأرسلت الأخبار يوم الخميس صباحاً فى الطائرة الذاهبة إلى القاهرة واتصلت بنرمين القويسنى وطلبت منها أن تضع الأخبار على مكتب الأستاذ فتحى غانم.. وبعد وصول الشغل للأستاذ قال لى إننى سأكون من أوائل الذين سيتم تعيينهم فى مجلة صباح الخير!
وبعدها جلست أستريح لمدة ثلاثة أيام وقابلت عبدالحليم حافظ وقتها كان بيسأل عن لون عينى الفتاة التى يحبها «ديدى الألفى» التى سميتها فى مذكرات عبدالحليم باسم «ليلى» وبيكتب خطابا يمليه على مجدى العمروسى مدير أعماله.. كتب لون العين بين الأزرق والأخضر وكان وقتها هناك بلاغ من كمال أدهم إلى شركة مرسيدس أن تصنع سيارة خصيصا لعبدالحليم حافظ.
وبعدها بيوم التقيت بإحسان عبدالقدوس وقدمنى إلى الناس «زميلى الأستاذ منير عامر».. ووقتها غير اسمى فكنت أنشر فى المجلة باسم «باشا منير عامر» فاسمى الذى ولدت به هو «محمد باشا منير عامر» ويومها سألت لماذا غيرت اسمى فقال لى «اسم منير فى النطق أسهل بكثير وكلمة باشا أصبحت كلمة مستهجنة نحن الآن فى عام 1959حيث ألغيت الألقاب»!
• التعيين:
• صباح الخير: من هم رفقاء الرحلة؟
- أذكر أن وقتها كان عددنا فى المجلة لا يتجاوز التسعة محررين: فاطمة العطار ونجاح عمر ورءوف توفيق ومفيد فوزى وصالح مرسى وصبرى موسى وعبدالله الطوخى ونجاح عمر وعلاء الديب وأنا.. أما بالنسبة للرسامين فكان معنا حجازى وصلاح جاهين وجمال كامل وبهجت عثمان وصلاح الليثى وجورج البهجورى وغيرهم.. وكنت أعمل بشكل غير عادى فى روزاليوسف وكان يسمح لى بحضور اجتماعات صباح الخير ونشر تحقيقاتى بها.. حتى يوم الخميس 14 أغسطس عام 1960جاء زميلنا مصطفى الحسينى وقال إنه علينا أن نتكاتف كل غير المعينين فى المجلة لعمل إضراب وكان من المعروف أنه إذا تم الإضراب عن العمل يوم الخميس سيتم تعطيل طبع نصف مجلة روزاليوسف وتعطيل إعداد نصف مجلة صباح الخير.. وكنا حوالى 40 صحفيا تحت التمرين فى مؤسسة روزاليوسف بأكملها.. فكان القرار بأن نكتب خطابا إلى رئيس مجلس الإدارة لإقرار من سيتم تعيينه ومن سيترك المكان ومن سيغادرنا قال مصطفى الحسينى إنه سيساعده على العمل خارج المؤسسة.. وبالفعل تم تعييننا وكان من أول المعينين الدكتور مصطفى محمود براتب شهرى 35 جنيها وثانى اسم كنت أنا منير عامر براتب 17 جنيها.. وهنا أود الإشارة إلى أن الجنيه الذى كنت أحصل عليه كأنه جنيه من ذهب.
• روزاليوسف المجلة
مر عام ومازالت تحقيقاتى مكانها درج مدير التحرير وقتها الأستاذ لويس جريس وكتشفت بعد شهور أنه كان على حق فأنا كاتب ومتأهل أكثر من لاهث وراء خبر وإنجاز تحقيق صحفى مكتمل.. بعدها ذهبت إلى المستشفى وأجريت تحقيقا عن الممرضات وسلمته لمجلة روزاليوسف حتى جاءنى الأستاذ صلاح عبدالصبور وسأل عنى فقلت له: ألم تتذكرنى فقال لى إن كتاباتك أفضل بكثير من خطواتك فى المؤسسة فسألته عن السبب فقال لى لأنك دائما حائر.. وطلب منى أن أعمل معه فى روزاليوسف المجلة وقال لى: اصعد إلى الخزينة فى انتظارك 20 جنيها مكافأة لك خذها وخذ هذه التحقيقات وأعد صياغتها من جديد وقلت له: سأحضرها بعد يومين.. أخذت العشرين جنيها وذهبت إلى الهيلتون وأكلت وشربت ب 180 قرشا و10 صاغ بقشيشا.. وبعدها بعشر سنوات كنت فى الهيلتون وكنت قد دعوت 5 أشخاص ودفعت 18 جنيها ومن زفتنى كانت الراقصة ناهد صبرى فى فرحى وكل هذا كان ب 18 جنيها!
بدأت أعمل فى روزاليوسف وكنت أصغر من زملائى وقتها مهجة عثمان وفايزة سعد وظللت أعمل فى «ديسك روزاليوسف» وبعد مرور عام من التعيين سلمنى الأستاذ فتحى غانم «أين يذهب الناس» وهو الباب الذى كان يكتبه فى مجلة روزاليوسف.
• تحقيقات مدوية
• صباح الخير: ماهى أهم التحقيقات الصحفية التى تتذكرها عبر مشوارك الصحفى؟
- أذكر جيدا أننى كتبت تحقيقا من صفحة واحدة فى مجلة روزاليوسف عن سبب غلاء البيضة من الاثنتين ب 3 تعريفة إلى الاثنتين ب 5 تعريفة فاتصل بى مكتب الرئيس جمال عبدالناصر السيد منير حافظ لأنه كان هناك متابعة دقيقة لكل ما يكتب فى المجلات.
كذلك فى سبتمبر عام 1963 كتب إحسان عبدالقدوس تلغرافا: أ.منير.. نحن ضحايا الإقطاع الجديد.. فدخلت له وقال لى اذهب إلى الخزينة بها 50 جنيها خذها وسافر إلى قرية كفر بدواى وهى القرية التى سلمت عبدالله النديم الكاتب وخطيب الثورة العرابية وكانت العائلة التى سلمته تتاجر فى الأموال وتأخذها بالربا (الفايظ) وكانت تسرق عوائد الفلاحين .. نزلت وقتها ومكثت فى المنصورة وأذهب إلى القرية وأعود وأجريت تحقيقا صحفيا وقرأته للناس يوم الجمعة فى الجامع وجعلتهم يوقعون عليه بأسمائهم وأرقام بطاقة الحيازة الخاصة بهم.. ونشر إحسان عبدالقدوس التحقيق وكتب: «بعد 11 سنة ثورة : 23 يوليو لم تصل إلى هذه القرية حتى الآن»... وقرئ التحقيق وأرسل عبدالناصر 7 جهات لتحقق ووقتها جاءنى رجل يحمل شنطة سامسونيت وكنت بحياتى لم أر مثل هذه الشنطة ولا أعرفها .. كان يحملها أحد أفراد العائلة وقال لى: هذه الشنطة لك إذا منحتنى الورقة التى وقع عليها الفلاحون.. وأذكر أن فى جيبى وقتها حوالى 50 قرشا .. وطلبت الساعى عبدالراضى رحمه الله وقلت له: افتح المصعد وألق بهذا الرجل فى بئر المصعد ومعه هذه الأموال!!
وبعدها تم وضع العائلة تحت الحراسة وتم توزيع الأراضى فى خلال ستة أشهر.. وفى الحقيقة أننى أول مرة فى حياتى أرى جوعا فى الحياة بهذا الشكل فى هذه القرية.. رأيت كيف كانت الناس تلملم الأعشاب لتغليها وتطعم بها أولادها.. وقتها كان القرار سريعا للغاية!!
• الحب والزواج
• صباح الخير: كيف وصلت إلى محطة الزواج؟
- كان فى حياتى قصة حب أعيش من أجلها.. وعندما سئلت عما أريده فى الحياة كنت أقول: مجلة صباح الخير وهذه الفتاة.. وحتى الآن أذكر جيدا عندما أسير فى شوارع القاهرة كل ذكرى لى معها.
مكثت فى روزاليوسف حتى عام 1970 حيث جاءت إلى حياتى امرأة توجز حنان أمى وثقه فى أنى يمكن أن أتقدم.. عرفتها فى جلسة مع صديقى يوسف فرنسيس فى نادى التوفيقية وقال لى: هذه الفتاة هادئة تستطيع أن تدير العصابة التى هى أنت!!
ماتت قصة الحب الأولى بعد رحلتى الأولى إلى باريس فى ديسمبر عام 1963 حيث تشاجرت مع السفير الذى أعطانى خبرا مفاده أن الرئيس شارل ديجول منع تسليح إسرائيل وهذا خبر يزلزل الدنيا.. فأرسلت هذا الخبر ولكن إحسان عبدالقدوس شبكه فى قصاصة من جريدة الأهرام بقائمة تسليح موقعة بين إسرائيل وفرنسا وأعاده لى وقال: استمتع بقصة حبك ولكن دقق فى الأخبار..!! وعلى الفور نزلت ودخلت على غرفة السفير ووجدت إلهام فهيم مدير مكتبه وعصمت عبدالمجيد وصلاح بسيونى وعماد البط وعفت رضا وهم أعضاء الهيئة الدبلوماسية للسفارة، فقلت له سيادة السفير أنت اسمك بالضبط عبدالمنعم النجار فقال لى: نعم. فقلت له من عينك ؟! فقال لى عبدالناصر فقلت له إنه ظلمك... فقال لى: لماذا؟ فقلت له لأن أنت آخرك أن تكون مدير استقبال جنازات عمر مكرم.. فقال لى أستطيع أن أرحلك.. فقلت له أنا ممكن أضعك فى جوال وأكتب عليه: الدولة لا.. الثورة نعم.. وأنا اسمى منير عامر وكان هذا كفيلا بأن يدمر مستقبل السيدة التى أحببتها والتى كانت تعمل مبعوثة هناك.
ومن حسن حظى أن ضابط المخابرات فى السفارة كان يحتاج إلى من يحضر المؤتمر الصحفى للجنرال شارل ديجول وأنا صحفى ولا أعرف أنه ضابط للمخابرات كل ما أعرفه أنه مستشار فى السفارة يدعى محمد شاكر ولكن اسمه الحقيقى محمد شكرى حافظ فقال لى: سنرسل إلى قصر الإليزيه لكى تحضر المؤتمر لتسأل هذا السؤال: «ما هى علاقة فرنسا بالعالم العربى بعد استقلال الجزائر؟!» وأرسل معى مترجما على السمان وحضر معى صلاح بسيونى وخرجنا من المؤتمر ونحمل إجابة أول سؤال يطرح فى المؤتمر.. وبعدها كلفنى بأن أقابل مدير مكتب ديجول لشئون البترول فقلت له: هناك شرط المادة التى سأحضرها، هل من الممكن أن أستخدمها فى عملى فقال لى: أكيد.. فعندما أقابل مكسيم رودنسون وإريك رولو وقمم الفكر فى فرنسا والذى يحدد المواعيد على السمان وأنا أجرى الحوار وأرسلها ل «روزاليوسف» وصورة منها لضابط المخابرات محمد شكرى حافظ وكان ذلك قمة المتعة بالنسبة لى، ووقتها كنت ألخص كتابا عربيا كل أسبوع لإذاعة فرنسا الموجهة لشمال أفريقيا وكنت أحصل على 500 فرانك.. فكان الفندق يكلفنى 47 فرانك.. وكنت آكل وأشرب وأحضر المسرح وكنت لا أنفق أكثر من 300 فرانك.. فعندما جاء ليعطينى ظرفا فيه فلوس قلت له: «الفرق بين المواطن والعميل هو الحاجة القذرة التى تضعها فى هذا الظرف».
السفير كتب فىَّ كلاما قائلا: إننى عميل لجهات أجنبية لكن ضابط المخابرات الذى يدير السفارة فعليا قال لى عندما كنت عائدا إلى مصر: «تعرف مين فى مصر؟!».. فقلت له: «أعرف جمال عبدالناصر..» فقال لى: «انزل شوية..» فقلت له: «شوقى عبدالناصر كان أستاذى!» فقلت له: «أعرف صديقى شعراوى جمعة محافظ السويس آنذاك» وهذا كان مدير الخدمة السرية حتى 1961 حيث كان رئيس مدير شكرى حافظ.
• العودة لصباح الخير
بعد قصة الحب وزواجى انتقلت إلى مجلة صباح الخير فى عام 1971؛ فأرسل لى محمود السعدنى وطلب منى أن أعمل معهم فى صباح الخير كسكرتير تحرير وذلك على خلفية حوار دار بينه وبين أستاذ أحمد بهاء الدين وصديقى شعراوى جمعة لأننى كنت مختلفا جدا مع اليساريين الذين يديرون «روزاليوسف» لأننى أكره فى حياتى الجمود الفكرى؛ فأكره أى إنسان سابق التجهيز يمكن الوحيد الذى لم يكن لديه هذا الفكر العم حسن فؤاد وأحلى كلمة قيلت عنه إنه الرجل الذى لم يسرق عرق أحد فكل من عمل معه نال حقه بالكامل.
• مذكرات العندليب
• صباح الخير: حدثنا عن ظروف كتابتك لمذكرات العندليب؟
- ظللت أعمل كسكرتير تحرير فى المجلة حتى كتبت مذكرات عبدالحليم حافظ.. عندما كنت فى باريس كان السفير جمال منصور قد طلب منى حضور عيد ميلاد الفنانة صباح رحمها الله فى بيته وهناك التقيت بعبدالحليم حافظ وكنت قد نشرت وقتها فصلين من مذكرات الفنان التشكيلى سيف وانلى سميتها «حياتى مع الألوان» فطلب منى أن أكتب مذكراته ودعانى على العشاء فى مطعم الليدو وكان من أفخم المطاعم وكانت عزومة فارهة التكلفة وفى اليوم التالى اقترضت من على السمان 500 فرانك ودعوت عبدالحليم فى أحد المطاعم الفخمة اسمه الفوكات فى شارع الشانزليزيه ودفعت 300 فرانك. وبعدها نشأت الصداقة والمودة وطول الوقت كان حليم يحدثنى عن المؤسسة وأن الفنان دائما يحتاج إلى مؤسسة من الصحفيين ورجال الدولة والمفكرين.
وعندما عدت إلى القاهرة طلب منى أن أبدأ فى كتابة مذكراته وتاريخ حياته فكنت أذهب إلى منزله ويروى لى وأكتب ولكن فى هذا الوقت كان عبدالحليم متهما فى قضية تهريب أموال فقد كان يملك شركة اسمها صوت الفن كان أحد فروعها فى قبرص كانت تطبع أغانى توزعها للعالم العربى مقابل أموال أما عبدالحليم فكان يأخذ من أثرياء مصر الذين يتم تعليم أولادهم فى الخارج أموالا مصرية ويعطى أولادهم بالعملة الصعبة.. ووقتها أقام زكريا محيى الدين عضو مجلس قيادة الثورة والذى أسس جهاز المخابرات العامة وهو من أعاد ترتيب وزارة الداخلية قضية ضد عبدالحليم.. وقتها اتصل الرئيس عبدالناصر بزكريا محيى الدين وقال له: «هو أنا عشان أسمع صوت الثورة أسمعه من إذاعة إسرائيل.. عبدالحليم ده بتاع 23 يوليو..» وبالفعل تم غلق قضية العملة فى عام 1966.
فى عام 1973 ظلت المذكرات فى درج مكتبى حتى وجدت عبدالحليم يتصل بى ويسألنى: متى سيتم نشر المذكرات فدخلت على رئيس التحرير وقتها العم حسن فؤاد وسألته لدىَّ قصة حياة عبدالحليم.. وبالفعل بدأت إعادة صياغة الحلقات وكتبت 3 حلقات وقال لى لن ننشر الحلقات باسمك وذلك أسوة بما كتبته فى مذكرات سيف وانلى «حياتى بالألوان بقلم سيف وانلى» وقلت: طالما ستكون المذكرات بتوقيع عبدالحليم جاءتنى فكرة أن نعمل إعلانا فى الإذاعة بصوت عبدالحليم يدعو الناس لمتابعة مذكراته على صفحات المجلة وبالفعل كتبت كلمات الإعلان وسجلها عبدالحليم فسألنى وقتها عن المبلغ الذى أود أن أتقاضاه مقابل المذكرات فقلت له: «آخذ فلوس منك أنت؟!» فقال لى: «هو أنا مانفعش؟!» فقلت له: «أنت تنفع تكون صاحب وصديق لكن تصرف عليا هذا ما لا أقبله.. أعتقد أن دعاء أمى لى علمنى فن الاستغناء.. الإعلان ظهر على شاشات التليفزيون وفى الإذاعة.. والحمد لله المطبعة لم تكن تستطيع أن تلاحق على طباعة الأعداد 183 ألف نسخة.. وصدرت باسم «حياتى بقلم عبدالحليم حافظ».
• صباح الخير: ترى ماذا كان مقابل هذه المذكرات؟!
- طلبت من حسن فؤاد أن أسافر أمريكا وبالفعل سافرت وبعدها أستاذ لويس جريس أرسلنى إلى أبوظبى لأعمل مع محمود السعدنى فى الجريدة التى يصدرها وهذا الرجل صاحب فضل علىَّ لأن شريف ابنى عندما ولد كان يعانى من التهاب رئوى فجاء محمود السعدنى وأخذ نصف مقالى وكتبه بنفس أسلوبى ووقع عليه باسمى وطلبنى أحضر إلى المجلة وأصعد إلى الخزينة وآخذ مبلغ 50 جنيها وطلب منى بعد شفاء ابنى أعود إلى العمل.
• ماذا عن عقد العمل فى أبوظبى؟!
- سافرت واشتغلت لمدة 50 يوما وكانت أبوظبى وقتها عام 1976 لا تمتلك مطابع فكنا نطبع الأعداد فى الكويت يوم الجمعة وأعود الأحد وتوزع يوم الاثنين حوالى 5 آلاف نسخة فأصبت بالإحباط لأننى كنت فى صباح الخير السبب فى رفع توزيع المجلة من 42 ألف نسخة إلى 183 ألف نسخة وهذا الجهد لم يكن ليتحقق لولا جهد رءوف توفيق فى إدارة التحرير فكان ذكيا يقظا.. وبعد عودتى من أبوظبى وجدت إنذارا بالفصل لانقطاعى عن العمل فى صباح الخير وظهور اسمى على مطبوعة أخرى فدخلت لحسن فؤاد وكتب ورقة قال فيها إنه كلفنى بعمل فى الخارج فتم إلغاء الإنذار.
• صباح الخير: ماذا عن برنامج تحت العشرين؟!
- هو برنامج إذاعى ظهر فى أبريل عام 1968؛ كان الهدف من اشتراكى فى هذا البرنامج هو زيادة دخلى.. حيث تم تكليف أربعة بإعداد برنامج جديد اسمه تحت العشرين وهم سناء البيسى وأنيس منصور ومفيد فوزى وأنا.. سناء منصور كانت تقدم البرنامج وكانت متحمسة لى بشكل خاص.. ما أعرفه أننى كنت دارسا علم النفس بفضل أستاذى العالم الجليل الدكتور سعد جلال: فالإنسان تحت العشرين يريد ثلاثة أشياء: «يحب ويتحب وينمو فى إطار سلطة يتمرد عليها ثم يرضخ لها».. كل زملائى تركوا البرنامج لأن مكافآته كانت زهيدة ولكن هذا المبلغ كان يكفينى.. وهذا البرنامج استمر لمدة 41 عاما من عام 1968 حتى عام 2009.. هذا البرنامج كان وصفة سحرية لكيفية الحياة تحت سن العشرين وآخر 50 يوما بمثابة تذكرة نجاح وأول من بدأها كان مفيد فوزى ثم أكملها أحمد عكاشة ويحيى الرخاوى ومحمد شعلان وبعض الحلقات قدرى حفنى.
• كيف استطعت التخلى عن إمضاء اسمك على مذكرات عبدالحليم؟!
- لأننى كان لدىَّ إيمان قوى بحسن فؤاد وفى آخر حلقات المذكرات قام حسن فؤاد برد حقى الأدبى ونشر لى تحت عنوان «اعترافات كاتب مذكرات عبدالحليم حافظ بقلم منير عامر»..
• أنت متدين أم مؤمن.. وهل دخلت من قبل فى مرحلة الشك؟
- بالنسبة للشك فحتى هذه اللحظة أنا فى مرحلة شك وهذا شعور إنسانى طبيعى مستمر مع الإنسان طوال حياته.. فكلنا كما قال نجيب محفوظ عبد ربه التائه وكنت وقتها مستشارا بعض الوقت للصديق العزيز «منصور حسن» وكان لدىَّ رأى مسبق بأن الآلهة والديانات السماوية (القرآن، الإنجيل والتوراة) هى اختراعات احتلت خيال الإنسان. حتى ليلة الإسراء والمعراج من هذا العام فقد حدث ما لم أكن أتوقعه، فقد كنت أنهيت لتوى قراءة «الكوميديا الإلهية» لدانتى وشاهدت الشيخ محمد متولى الشعراوى وكان وزيرا سابقا حينها فى برنامجه التليفزيونى حينها «نور على نور» «وحكى جذور الكوميديا الإلهية بشكل جيد جدا تأثرت به وقلت «من حق النبى محمد صلى الله عليه وسلم أن يحتل الخيال» يكشف غطاء الجهل على القلوب. وفورا اتصلت بمجلس الوزراء وطلبت رقم تليفون محمد متولى الشعراوى وبدأ بيننا التواصل.
• من فيض الرحمن فى تربية الإنسان:
- بعد تواصلى مع الشيخ الشعراوى شعرت بأهمية تحويل الصورة إلى كلمة فذهبت إلى أمريكا ودرست كورس تقنيات تحويل الصورة إلى كلمة فى جامعة بنيويورك وكانت تكلفته 200 دولار، وبعده بدأت فى تفريغ ال 15 حلقة الأولى من برنامج الشعراوى فى الجزء الأول والثانى من كتاب (من فيض الرحمن فى تربية الإنسان) ووزع الجزء الأول80 ألف نسخة والثانى 60 ألف نسخة وكان الكتاب الوحيد الذى وفق منهجه بين الإسلام والمسيحية وأكد أنها ديانات تكمل بعضها، لذلك بعده كلفت من الدولة بمراجعة كل ما يصدر من الشيخ الشعراوى، كما تم نشره على هيئة مقالات فى جريدة اللواء الإسلامى ومن قبلها نشرت فى «روزاليوسف». وكان لدىَّ دائما مراجعون لما أكتبه للتأكد من صحته شرعا وكان أولهم «سامى متولى الشعراوى» نجل الشيخ الشعراوى ورغم أنه كان متمرداً على والده فإنه كان على توافق تام معى ويقبل ما أقترحه ويغيره على ضوء ما نتفق عليه.
• صباح الخير: ما تقييمك لثلاثة رؤساء عايشتهم (السادات وعبدالناصر ومبارك)؟
- عبدالناصر كان حلماً قتله إحساسه بالأمن فقد كان عليه أن يعزل «عبدالحكيم عامر» بعد 56 وكان يجب أن يكون عبدالمنعم رياض هو قائد الجيش بدلا منه. وعن إنجازه فقد لخصه الملك «فيصل» ملك السعودية عندما قال عنه (رحم الله رجلا أعطى هذه الأمة فكرة عن إمكانياتها وأعطى العروبة معنى).. أما الرئيس محمد أنور السادات فكان رجلاً شديد الذكاء ترك لكل قطاع إدارة شئونه بنفسه فحتى أثناء الحرب لم يتدخل فى أمور الجيش لذلك جاء النصر، لكن ما كان ينقصه أنه لم يكمل على شغل عبدالناصر.. مثله محمد حسنى مبارك فهو أيضا لم يكمل على رؤية وإيجابيات الرئيسين السابقين له، وأصف عصر مبارك بعصر الركود الطويل الأجل وسوء توظيفه لقيادات مميزة فمثلا عند توليه السلطة سحب يوسف صبرى أبوطالب من سيناء بعد أن تحولت تحت قيادته لسنوات إلى شعلة إنتاج ليصيبها بدرجة من الركود وتركها للسلفيين. كما أن إهمال التعليم كان أحد أهم عيوب عصره. وكان مبارك يقبل بأى اقتراح إذا تم تقديم فروض الولاء والتقديس له، كما أن تقزيم الحلم العربى فى عصر مبارك والسادات يعد أكبر جريمة. وعن السيسى رئيسنا الحالى فهو رجل متعلم عسكريا عنده درجة كبيرة من الإخلاص يحاول تصليح ما أهمله سابقوه، لكنى أختلف معه فى قراره تعويم الجنيه.
• صباح الخير: هل كان الرئيس السادات يعد منصور حسن ليكون أول رئيس مدنى؟
- لم يكن هناك تفكير فى ذلك، بل إن الرئيس الراحل السادات ومنصور حسن وهو كان وزير دولة لرئاسة الجمهورية ووزير الإعلام ووزير الثقافة يعلمان جيدا أن الجيش المصرى حينها لم يكن ليقبل برئيس جمهورية مدنى، فطريقة تربية وتعليم الضابط تختلف عن المدنى فالضابط يعرف كيف يموت ويضحى فالجيش دائما قادر على الإنتاج والتضحية.
• صباح الخير: بماذا تقر وتعترف؟
- أقر بأنى لم أسمح لقلمى على الإطلاق أن يكسل فى زمن الوضع على الرف ولم أتوقف عن القراءة والكتابة، كما لم أقبل على الإطلاق أن أكون مندوب السلطة فى «روزاليوسف» وأن زملائى دائما كانوا مكرمين على لسانى عند القيادات. وأمتن كثيرا للسيدة الراحلة نجاح عمر زوجة الراحل الرائع محمود المراغى، حيث إن لحم كتافى من الباذنجان الذى كانت تقوم بطهيه خصيصا لى.
كما أقر بأننى لم أقبل الرشوة من أحد فأنا لدىَّ ثلاثة أبناء «ولدان وبنت».. ولم أفرض على أحد منهم أسلوب تربية بعينه أو أن يناسب عائلة معينة لمنصب أو جاه، بل إنى سعدت بكل قصة حب عاشها واحد من أبنائى، فكلهم تزوجوا ممن أحبوهم.. فمثلا شريف عند زواجه من زميلته التى أحبها من الإعدادية رفض العمل كمرشد سياحى لأنه شعر أن هذه المهنة غير لائقة به وذهب للعمل كمترجم بالإذاعة مقابل 150 جنيها فقط فى الشهر رغم أنه كان فى احتياج للمزيد من المال لإتمام زواجه حتى جاء حسن حامد وأعجب بأدائه وطلبه للعمل بالتليفزيون. وقد ساعدنى على توفير تكاليف زواجهم عندما هاتفنى السفير حسن عيسى وكان حينها مدير مكتب منصور حسن وطلبنى للعمل كمستشار إعلامى بعض الوقت بدولة السعودية فكنت أذهب للسعودية 15 يوما كل شهرين مقابل 6 آلاف دولار.
• صباح الخير: وما أخطاؤك؟!
- سرعة الاندفاع بغير حد دون النظر إلى العواقب.. التوجس مما هو قادم وتم علاج ذلك بتحولى إلى أرنب بعد الزواج وإنجاب شريف.
• صباح الخير: لماذا لم تكتب مذكراتك وتوثق مشوارك الصحفى؟
- أرفض نشر مذكراتى فى كتب ولا أحبذ ذلك، لكنى بالفعل كتبت حلقات منها فى الأهرام تحت عنوان (أهلا يا أنا).
• صباح الخير: منذ بدايتك الصحفية فى نهاية الخمسينيات ماذا تفرق الصحافة قديما عن الآن؟
-الجيل الجديد الآن من الصحفيين أكثر ذكاء وأقل نقاء بحكم الغبار الذى تتركه عليه التقلبات السياسية فى المجتمع المصرى الآن، كما أن صحفى اليوم لديه خبرات متعددة ولم تكن مطلوبة زمان وعليه أن يصقل دراسته وموهبته ومتابعة ودراسة كل المطروح محليا وعالميا واستخراج رؤية خاصة مستقلة وهذا شىء صعب.
• رؤساء مجالس إدارة المؤسسة فى حياة منير عامر:
- إحسان عبدالقدوس اخترعنا كلنا.
- أحمد بهاء الدين الذى أدار هذه المؤسسة وسط عواصف عاتية.
- أحمد فؤاد المدنى الوحيد فى تنظيم الضباط الأحرار ورئيس مجلس إدارة بنك مصر جاء إلينا كرئيس مجلس إدارة لبعض الوقت وأتاح لنا الفرصة كاملة لنعبر بالنزق والجنون والحب عما نريده لهذا البلد.
- يوسف السباعى أراد أن يحولنا إلى موظفين ولم يستطع واعترف بعجزه عن إدارة هذه المواهب الشاهقة فى عالم الصحافة.
- كامل زهيرى أراد أن يزرع الاشتراكية الليبرالية فى وقت داهمتنا فيه هزيمة 5 يونيو 1967.
-عبدالرحمن الشرقاوى أدار المؤسسة برفعة غير مسبوقة واستعان بخبرة لويس جريس فى الإدارة فتغيرت الأحوال المالية لروزاليوسف بأكملها.
- مرسى الشافعى حاول أن يضع نفسه حاجزا بيننا وبين جبروت السادات فضحى بحياته نفسها.
- عبدالعزيز خميس: كان وجوده مجرد تكرار لحالة من صمت الإبداع.
- محمود التهامى: أراد أن يحول سطور المجلة إلى كائنات مطيعة لا تصطدم بمبارك.
- محمد عبدالمنعم: جاء من الأهرام حالما بأن يجعل «روزاليوسف» نسخة من جريدة الأهرام لكننا أهل نزق نأتى بالمستقبل إلى اللحظة ولا نلتفت لتلابيب وكرابيج تحاول إجبارنا على الطاعة.
- كرم جبر: حاول أن ينسق بين مكر الحزب الوطنى وبين ذكاء الحلم عند الشباب فدهست تجربته بسيارة 25 يناير منفردة.
- محمد جمال: قدس تاريخ هذه المؤسسة وحاصرته ديونها فأنقذ نفسه بالاستغناء عن المناصب.
-عبدالصادق الشوربجى: جاء إلى «روزاليوسف» كمهندس طباعة فاندهش لوجود آلة طباعة مسجلة علينا بمبلغ يزيد على عشرة ملايين جنيه بينما هو سبق له شراء نفس الآلة للمطبعة الأميرية بثلاثة ملايين جنيه فقط وحاول تقديم كل دعم لأى فكرة تضيف إلى مؤسسة «روزاليوسف» وتعطيها مساحة ضوء أكبر وقدم كل الاحترام والرعاية لكل أجيال المؤسسة.•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.