مازال قانون الإيجار القديم يدق ناقوس الخطر على مختلف نواحى اقتصاد الدولة فهو لم يكتف بقتل الأبرياء تحت أنقاض العقارات المنهارة وتشريد عشرات الآلاف من الأسر ولكنه أضاع موارد هائلة على الدولة يمكن أن تصب فى مصلحة الشعب ، والسبب يكمن فى الإبقاء على هذا القانون «سيئ السمعة» الذى عفا عليه الزمان ، وتخلصت منه الدول ، وفى بلدنا لم يترك مكانا فى مصر إلا وطبعه بسلبياته وأضراره ، والحكومات تلو الحكومات لا تحرك ساكنا وتركت الدراسات الهامة قابعة داخل الأدراج تعلوها كومات من التراب . ذلك القانون الذى تجرع فيه ملاك هذه العقارات الألم منذ قيام النظام الاشتراكى بتخفيض الايجارات للعقارات المبنية ثلاث مرات متتالية ، لم يكتف بذلك بل أنشأ لجان تحديد الايجارات، والتى كان من دورها معاينة المبنى ثم (تسعير) القيمة الإيجارية ، وما اكتنف ذلك من فساد لهذه اللجان ، وهكذا استقر هذا الوضع وتم تثبيت هذه الايجارات الهزيلة حتى يومنا هذا، ومنذ قيام ثورة يوليو مضى 64 عاما وجنيهات الايجارات الشهرية كما هى !! تزداد الاسعار اشتعالا كل يوم ، كل السلع والخدمات بلا أى استثناء، ويتواكب مع ارتفاع الاسعار ارتفاع الدخول أيضا ، الا تلك الايجارات الملاليم التى تسبب عبئا ثقيلا على الفئة الاضعف دائما !! وحتى يومنا هذا، هناك شقق وصلت القيمة الايجارية الشهرية لها الى 60 قرشا، هناك محلات مستأجروها من التجار يتكسبون الملايين والايجار الشهرى عدة جنيهات لا تتعدى اصابع اليد الواحدة، عيادات لأطباء من المشاهير تصل قيمة الكشف الذى يحددونه للمرضى الى 500 جنيه ويراجعونه دائما ليتم رفع القيمة كلما اقتضت الحاجة الا الايجار الذى يدفعه هذا الطبيب لمالك العقار قد لا يزيد على 10 جنيهات شهريا فى ارقى الشوارع بوسط البلد بالقاهرة !! آلاف ، بل ملايين القصص .. لكل وحدة سكنية او غير سكنية، تجارية أو حكومية، قصص لا يمل من ترديدها الملاك الغلابة. جمعية المضارين «جمعية المضارين من قانون الايجار القديم» واحدة من الكيانات التى تم تأسيسها للتعبير عن ملاك العقارات القديمة والدفاع عن حقوقهم ، وتكوين فرق عمل للتواصل مع المسئولين ونواب البرلمان لوضع حل لهذه المأساة الممتدة منذ أكثر من 6 عقود وجمعوا توكيلات من الملاك فى مختلف محافظات الجمهورية ووكلوا عنهم مجموعة من المهتمين بالشأن الاقتصادى والخيرى ، ومنهم المحاسبة رضا سيد عبد العظيم عبد النبى مديرة الإدارة وعضو لجنة الائتمان بأحد البنوك القومية ، والمهندس الاستشارى سيف الله سامى أبو النجا صاحب فكرة «الإيجار بالإنصاف» ورئيس مجلس إدارة جمعية المعماريين المصريين ، والمحاسب محمد عبد الخالق بركات الرئيس التنفيذى لإحدى الشركات المساهمة وتمتلك عائلته عقارات مؤجرة وقضى معظم حياته مدافعاً عن حقوقهم فى مختلف قضايا الإيجارات ، والمهندس مجدى بدير حجازى الذى يقول : قام عدد من الملاك بتشكيل لجنة منهم ، وحرروا لهم توكيلات وثقوها فى مكاتب التوثيق فى شتى انحاء الجمهورية ، للدفاع عن حقوقهم ، ومطالبة الدولة باستعادة ادارتهم أملاكهم ، وقد رأت هذه المجموعة ، بعد دراسة وافية ، استعانت خلالها بكل الإحصاءات الرسمية ، والرؤى الاقتصادية ، بل إمتدت نظرة هذه المجموعة الى حل مشكلة الاسكان تماما فى مصر ، من خلال إجراءات وتشريعات تتناسب مع طبيعة المشكلة ، والحل الهاديء السريع لها ، فى اطار الدستور ، وبما لا يعرض حياة الأسر قليلة الموارد لأى ضغوط قد لا تتحملها ، فى ظل غلاء معظم مناخ الحياة . وقد تمت طباعة خمس ورقات لتوزيعها على أعضاء البرلمان ، وكل المعنيين بهذا الشأن ، الورقة الاولى تتحدث عن فكرة التوكيلات فى التاريخ المصرى الحديث . الثانية تحتوى على القانون المقترح ، أما باقى الورقات ، فتتحدث عن فوائد صدور هذا القانون للدولة والأفراد . وقال إن المجموعة قامت بالتنويه إلى ان املاك الاوقاف المؤجرة يمكن ان تجلب دخلا للدولة قد يصل الى 50 مليار جنيه فى حالة تأجيرها بأسعار السوق ، وهذا المبلغ يكفى لتغطية ايجارات غير القادرين بأكثر من عشر مرات ، بالإضافة للمبالغ التى ستحصلها الدولة كضرائب عقارية وضرائب مترتبة على تأجير الثروة العقارية ويقول رئيس جمعية المضارين المهندس أشرف السكرى : تخطت مساوئ الإبقاء على قانون الإيجارات القديم المخالف للشرع والدستور حدود اللامعقول ، وتتلخص فى وجود 8 ملايين شقة مغلقة أو خالية «طبقا لتقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء» ، مما تسبب فى غلاء الإيجارات وزيادة أسعار شقق التمليك لأرقام فلكية ، وشيوع جريمة ابتزاز بعض المستأجرين لملاك العقارات بطلب «خلو رجل» مقابل ترك الشقة ، واشتعال نار البغضاء والصراعات والقضايا بين المالك المقهور والمستأجر المتمتع بملك المؤجر بأجرة بسيطة لعشرات السنين وتوريثها لأبنائه من بعده والتعدى على حقوق المواريث بمنع ورثة المالك من حقوقهم المشروعة فى سكنى عقاراتهم الموروثة وفى تقاضى حقهم فى إيجار المثل العادل وفى حقهم فى تداول وبيع ملكهم المورث . وتقول المحاسبة رضا سيد عبد العظيم عبد النبى عضو لجنة الائتمان بأحد البنوك القومية والتى وكلها عدد من الملاك لبيان وجهة نظرهم أمام الجهات المعنية : تحقق الدولة إيرادات هائلة لوزارة الأوقاف وبعض الوزارات التى تمتلك أصولا عقارية ضخمة حال تأجيرها بالقيم الإيجارية العادلة والسوقية ، إيرادات هائلة من العملات الأجنبية بعد إنهاء عقود الإيجار القديم لمقار البعثات الدبلوماسية ثم تأجير هذه المقار بالقيم الإيجارية الحقيقية العادلة (إلا فى حالة المعاملة بالمثل) وإنعاش قطاع هام من قطاعات الاقتصاد القومى بضخ ثروة عقارية هائلة فى شرايين الاقتصاد المصرى بعد فتح ملايين الوحدات المغلقة ، وكذلك سيتم خفض أسعار تمليك الوحدات السكنية حسب نظرية العرض والطلب ، ويتضمن مشروع القانون الذى اقترحناه إنشاء صندوق لدعم المستأجر غير القادر من الضرائب العقارية وضريبة الثروة العقارية المحصلة يكون الغرض منه دعم المستأجر غير القادر على دفع القيمة الحقيقية للإيجار العادل للوحدة التى يقطنها (توصيل الدعم لمستحقه فقط) كما تفعل سائر الدول المتحضرة. وتضيف : تلك الإجراءات تضمن عودة النظام الطبيعى لخدمة السكن وهو «نظام التأجير» والذى سيعطى الحرية للأفراد لنقل محل سكنهم بالقرب من مقار عملهم ، مما يعود بالإيجاب على التوفير فى المحروقات المدعومة والمساهمة فى حل الاختناقات المرورية. حق السكن المحاسب مراد منير - ناشط فى مجال الإيجار القديم ويدافع بكل الوسائل عن حقوق الملاك - وهو أدمن جروب «حق السكن» على موقع التواصل الاجتماعى الفيسبوك، يقول : منذ أكثر من عامين فكرت كثيرا فى حل هذا اللغز الذى يطلقون عليه «الملف الشائك» أو «القضية ذات البعد الاجتماعي»، وقمت بعمل دراسة تفصيلية عن القانون وعن كيفية الحل عن طريق تقدير التكلفة التقديرية التى تحتاجها الدولة لدعم المستأجر محدود الدخل، وقد ثبتت ضآلة التكلفة اذا قورنت بالعوائد الضخمة التى تنتظرها الدولة من ضرائب عقارية مفقودة بسبب هذا القانون، علاوة على استثمارات بالعملة الصعبة قد تنهمر علينا من كل دول العالم وخاصة من اشقائنا العرب للاستثمار فى الكارت الرابح وهو السوق العقارى فى مصر ولكن هذه المرة فى مواقع وعقارات لا تقارن بأى استثمار عقارى فى أى مواقع أخرى . ملاك على الورق يقول احمد طه من المحلة الكبري: إنه يمتلك هو وشقيقه وشقيقته 13 عقارا بالايجار القديم فى أرقى مناطق تجارية بالمدينة حيث أسعار متر الأرض أو متر البناء ملتهبة، لقد ورث الثلاثة أشقاء تلك العقارات عن والدتهم رحمها الله، تزوجت شقيقتهم فى مسكن زوجها، أما هو وشقيقه فكلاهما يعيشان بل يتنقلان بين شقق الايجار الجديد !! العائد الزهيد ويقول أحمد بكرى من أسوان أحمد عمره 27 سنة - إنه ورث عن والده 4 عقارات كبيرة على النيل بأسوان ايراد العقارات الأربعة 1500 جنيه شهريا !! وهذا العائد الزهيد تضاءل شيئا فشيئا مع ارتفاع الأسعار كل يوم، ويضيف : لم أحصل على دعم حينما تقدمت لطلب شقة مدعمة من اسكان محدودى الدخل ، والسبب اننى صاحب عقارات ! محل الكاوتش أما «أبو سليم» من الجيزة فيقول : أملك منزلا عمره 150 سنة فى البراجيل انهار منذ 20 عاما !!وكانت به محلات انهارت ايضا الا احدها مساحته ضئيلة جدا - والمستأجر يستغله فى تصليح كاوتش السيارات، وايجاره الشهرى جنيه ونصف فقط لا غير، لايقوم المستأجر بدفع الأجرة منذ 25 عاما، ودأب على ارهابى ببلطجية يستأجرهم كلما اقتربت من العقار أو الأرض، لا يمكننى حتى من الاقتراب من ملكى حتى استطيع ان ابيع ارض العقار . مهاجرون هذا عن أحوال ملاك الايجار القديم الذين يعيشون فى مصر ولم يتحملوا البعد عن وطنهم آلام بالهجرة للخارج، فماذا عن الملاك المصريين الذين اتيحت لهم الفرصة بالهجرة خارج البلاد بل والتجنس بجنسيات مختلفة ؟؟!! تدويل الملف كريم عبد الفتاح، مصرى مقيم بأسبانيا ويحمل الجنسية الاسبانية، يمتلك عقارا بحى الزيتون، العقار «شبه منهار» فى وسط منطقة سكنية مزدحمة ، يقول : أمتلك وحدة سكنية خاصة بى فى هذا المنزل ، وكلما حضرت للزيارة وأقيم أثناءها فى هذه الوحدة ، تبدأ معاناتى من اللحظة التى تبدأ فيها اقامتى ، فالمشاكل لا تنتهى مع المستأجرين واستفزازاتهم ، ومع الصيانة وفواتير المياه وغيرها من المنغصات التى منعتنى مؤخرا من تكرار الزيارة، لأننى لا أحصل من العقار على اى عائد مناسب لقيمته الحقيقية، وفى المقابل لم أتمكن من الحصول على قرار ازالة من الحى للعقار . ويضيف كريم عبد الفتاح أنه هو أول من بدأ فى تدويل ملف الايجار القديم، حيث تقدم بمستندات وأوراق كثيرة قام بترجمتها الى الاسبانية والفرنسية تخص عقاره وتخص قوانين الايجارات القديمة ، كما جمع كل الاتفاقيات الدولية التى وقعتها مصر وخاصة مع الاتحاد الاوروبي، ووكل ثلاثة محامين فى اسبانيا يدرسون تلك الاوراق بعناية فائقة، ويقول : بدأنا بالفعل تقديم شكوى للبرلمان الاوروبي، ونمهد لدعوى سيتم رفعها باسمى واسم ابنى المولود بأسبانيا وغير مزدوج الجنسية مثلى ، حيث سنختصم وزارة الخارجية ممثلة فى سفارة مصر بأسبانيا أملا فى توجيه القضية للتحكيم الدولى للحصول على تعويضات كبيرة !! الموقع الفريد الدكتور ماجد يوسف، واحد من ملاك عقار فى شارع طلعت حرب ، وهو مقيم منذ فترة طويلة بالولايات المتحدة ومعه الجنسية الامريكية ، يقول : أحد الأماكن التجارية التى يتم تأجيرها بالعقار هو مساحة كبيرة فى هذا الموقع الفريد تؤجر كصيدلية كبيرة، وبعد الزيادات كلها التى تحصل عليها اصحاب العقارات القديمة جدا الخاصة بالاماكن التجارية فقط، وصلت القيمة الايجارية الشهرية لهذه الصيدلية الى 1400 جنيه، ومنذ 10 سنوات اكتشفت أن المستأجر يقوم بالتأجير من الباطن لهذه الصيدلية بمبلغ 150 الف جنيه شهريا !!! ولا استطيع اثبات ذلك أمام القضاء رغم محاولاتى المستميتة للإثبات، يستكمل حديثه متسائلا: هل تعلم مأمورية الضرائب العقارية بذلك ؟! معرض الدكتور داود يوسف، طبيب عيون يقيم بلندن ويحمل الجنسية الانجليزية يقول : ترك لى والدى عقارا بشارع 26 يوليو بجوار دار القضاء العالى ، وفى هذا العقار معرض مساحته 900 متر على عدة أدوار، وبعد الزيادات الرهيبة التى طرأت على ايجارات الاماكن التجارية فى العقارات القديمة وصلت القيمة الايجارية للمعرض من 800 جنيه وهو الايجار الاصلى الى 3000 جنيه شهريا وايجاره الواقعى هو 300 الف جنيه شهريا . ترميم مكلف وتقول ملك عبد النبى ، وهى سيدة مسنة تتجاوز الثمانين من عمرها وتتنقل على كرسى متحرك، تركت مصر وهاجرت الى امريكا وتجنست بالجنسية الامريكية بجانب جنسيتها المصرية : أمتلك عقارين احدهما بالمعادى بالقاهرة والاخر بحى الجمرك بالاسكندرية، والأخير عقار قديم جدا ولا أعرف اسم الجد الذى بناه، فهو مبنى من سنة 1870 ، وفى سنة 1921 أحفاد المالك الاصلى صدر لهم قرار بترميم العقار المذكور وقاموا بتجديد شامل ، وفى سنة 1975 صدر قرار ثان من الحى بالترميم للمرة الثانية ووقتها كانت تكلفة الترميم تقدر بالآلاف، قام المالك وقتها بالترميم على نفقته الخاصة أيضا، ولكن أثناء الترميم تهدمت دورات مياه ووقعت على السكان وتم استدعاء المطافئ لإنقاذهم والحمد لله لا يوجد اى ضحايا، وعند الانتهاء من الترميم تم تمكين المستأجرين مرة اخرى من وحداتهم، فى ذلك الزمن كانت لجان تحديد الايجارات لازالت تعمل، فبعد المعاينة ثبت ان المالك قام بعمل تحسين كبير للمبنى وعلى ذلك أصدروا قرارا برفع الايجار الشهرى للوحدة من جنيه واحد الى 2 جنيه مرة واحدة !! وفى سنة 2002 صدر للمرة الثالثة قرار لإزالة الدور العلوى للعقار لتخفيف الأحمال على باقى الأدوار ، ثم ترميم ما تبقى من أدوار، فى هذه المرة كانت المقايسة بتكلفة هذه الأعمال بمئات الآلاف !! وفى هذه المرحلة كنت أنا المالكة الحالية للعقار، فرفضت المثول لتنفيذ قرار الحى وطعنت فى القرار ومنذ ذلك الحين والمحامون من ناحيتى يترافعون من أجل الغاء قرار التنكيس والترميم ويطالبون بتحويل هذا القرار لقرار ازالة المبنى دون جدوى!