على مدى أربعة أيام تجولت (الأهرام) بوعى حرصها على تماسك الوطن وعقل وعين الباحث عن الحقيقة, فى قرى المنيا التى شهدت حوادث الفتنة الطائفية خلال الأشهر الأخيرة.. كان السؤال لماذا أصبحت المنيا مشهدا دائما للفتنة والعنف؟ وكانت الإجابة حاضرة رغم صعوبتها فى قرى لا تعرف سوى الجهل والفكر المتشدد والوعى الذى يصنعه من صنعوا يوما مشاهد العنف الدينى الفارقة فى تاريخ مصر. قرى لا يعرفها الكثيرون وربما يستغربون أسماءها «كوم اللوفى»، »طهنا الجبل«، «نزلة أبويعقوب»، ثلاثة مشاهد للفتنة القابلة للاشتعال فى أى وقت.. استمعنا إلى الحكايات المريرة والخوف حتى من الكلام، رائحة الدخان وسخونة النيران المختبئة تحت رماد المصالحات العرفية الظالمة للجميع مازالت حاضرة فى المكان، بينما الحضور الأمنى بات ملحوظا أيضا. بين شائعة أن قبطى يبنى كنيسة وآخر يبنى حضانة تفجرت الفتنة فى قرية كوم اللوفى وقرية نزلة أبويعقوب, وشجار عادى بين صبية تحول لواقعة قتل فى قرية طهنا الجبل، تتحرك الفتنة وتتعدد الروايات التى استمعنا إليها كلها ورصدناها صوتا وصورة. فى المنيا حاورنا جميع الأطراف شيخ المسجد ومطران الكنيسة, من يرون أنفسهم مضطهدين لأنهم أقلية ومن يرون أنفسهم أصحاب القرى بحكم أغلبيتهم، شيوخ معروفون بالاسم كنجوم للمصالحات العرفية, وقساوسة يرفضونها ولا يطالبون سوى بتفعيل القانون. وفى خلفية المشهد الحزين تعلو الصلبان والقباب لا للتعانق كما اعتدنا ولكن لتعبر عن هويتها الدينية. رحلة فى قرى يلفها الإهمال والنسيان والطرق الرملية والترع تملؤها مخلفات تراكمت عبر سنوات، قرى أبسط من أن يذكرها مسئول, وحكايات عن دار حضانة تسببت فى إشعال عنف, وشائعة كنيسة أشعلت قرية، وقسيس شاب صام عن الكلام غضبا أو حزنا، وشيخ يعلن أن قريتهم دار إسلام، وفى الوقت نفسه يؤكد أن بلدتهم لم تعرف التطرف يوما.. تفاصيل وحكايات الفتنة فى المنيا رصدناها فى هذا التحقيق.