مدبولي: نعمل مع الوزارات المعنية على تسهيل إجراءات التسجيل العقاري للوحدات السكنية    تعاونيات البناء والإسكان تطرح وحدات سكنية ومحلات وجراجات للبيع بالمزاد العلني    برنامج الأغذية العالمي: الوضع الإنساني بقطاع غزة كارثي.. ومخزوننا الغذائي بالقطاع نفد    بيروت ترحب بقرار الإمارات بالسماح لمواطنيها بزيارة لبنان اعتبارا من 7 مايو    رئيس حزب فرنسي: "زيلينسكي مجنون"!    فاركو يسقط بيراميدز ويشعل صراع المنافسة في الدوري المصري    سيل خفيف يضرب منطقة شق الثعبان بمدينة طابا    انضمام محمد نجيب للجهاز الفني في الأهلي    أوديجارد: يجب استغلال مشاعر الإحباط والغضب للفوز على باريس    زيزو يخوض أول تدريباته مع الزمالك منذ شهر    إسرائيل تدرس إقامة مستشفى ميداني في سوريا    التموين: ارتفاع حصيلة توريد القمح المحلي إلى 21164 طن بالقليوبية    الزمالك: نرفض المساومة على ملف خصم نقاط الأهلي    الشرطة الإسرائيلية تغلق طريقا جنوب تل أبيب بعد العثور على جسم مريب في أحد الشوارع    حرس الحدود بمنطقة جازان يحبط تهريب 53.3 كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    استشاري طب شرعي: التحرش بالأطفال ظاهرة تستدعي تحركاً وطنياً شاملاً    المخرج طارق العريان يبدأ تصوير الجزء الثاني من فيلم السلم والثعبان    البلشي يشكر عبد المحسن سلامة: منحنا منافسة تليق بنقابة الصحفيين والجمعية العمومية    ترامب يطالب رئيس الفيدرالي بخفض الفائدة ويحدد موعد رحيله    الهند وباكستان.. من يحسم المواجهة إذا اندلعت الحرب؟    حادث تصادم دراجه ناريه وسيارة ومصرع مواطن بالمنوفية    التصريح بدفن جثة طالبة سقطت من الدور الرابع بجامعة الزقازيق    ضبط المتهمين بسرقة محتويات فيلا بأكتوبر    تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال    مفتي الجمهورية: نسعى للتعاون مع المجمع الفقهي الإسلامي لمواجهة تيارات التشدد والانغلاق    23 شهيدًا حصيلة الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم    مديرية العمل تعلن عن توفير 945 فرصة عمل بالقليوبية.. صور    رسميًا.. إلغاء معسكر منتخب مصر خلال شهر يونيو    مورينيو: صلاح كان طفلًا ضائعًا في لندن.. ولم أقرر رحيله عن تشيلسي    فيبي فوزي: تحديث التشريعات ضرورة لتعزيز الأمن السيبراني ومواجهة التهديدات الرقمية    كلية الآثار بجامعة الفيوم تنظم ندوة بعنوان"مودة - للحفاظ على كيان الأسرة المصرية".. صور    نائب وزير الصحة يُجري جولة مفاجئة على المنشآت الصحية بمدينة الشروق    مصر تستهدف إنهاء إجراءات وصول السائحين إلى المطارات إلكترونيا    الداخلية تعلن انتهاء تدريب الدفعة التاسعة لطلبة وطالبات معاهد معاونى الأمن (فيديو)    رابط الاستعلام على أرقام جلوس الثانوية العامة 2025 ونظام الأسئلة    رغم توقيع السيسى عليه ..قانون العمل الجديد :انحياز صارخ لأصحاب الأعمال وتهميش لحقوق العمال    في السوق المحلى .. استقرار سعر الفضة اليوم الأحد والجرام عيار 925 ب 55 جنيها    صادرات الملابس الجاهزة تقفز 24% في الربع الأول من 2025 ل 812 مليون دولار    كندة علوش: دخلت الفن بالصدفة وزوجي داعم جدا ويعطيني ثقة    21 مايو في دور العرض المصرية .. عصام السقا يروج لفيلم المشروع X وينشر البوستر الرسمي    إعلام الوزراء: 3.1 مليون فدان قمح وأصناف جديدة عالية الإنتاجية ودعم غير مسبوق للمزارعين في موسم توريد 2025    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : انت صاحب رسالة?!    تقرير المعمل الجنائي في حريق شقة بالمطرية    بالفيديو.. كندة علوش: عمرو يوسف داعم كبير لي ويمنحني الثقة دائمًا    بلعيد يعود لحسابات الأهلي مجددا    بدء الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تجديد الخطاب الدينى    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    غدا.. الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" للموهوبين بالبحيرة    وزير الصحة يبحث مع نظيره السعودي مستجدات التعاون بين البلدين    في ذكرى ميلاد زينات صدقي.. المسرح جسد معانتها في «الأرتيست»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 4-5-2025 في محافظة قنا    الرئيس السيسي يوافق على استخدام بنك التنمية الأفريقي «السوفر» كسعر فائدة مرجعي    دعوى عاجلة جديدة تطالب بوقف تنفيذ قرار جمهوري بشأن اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير    الأزهر للفتوى يوضح في 15 نقطة.. أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها دون علمه؟ الأزهر للفتوى يجيب    خبير تغذية روسي يكشف القاعدة الأساسية للأكل الصحي: التوازن والتنوع والاعتدال    الإكوادور: وفاة ثمانية أطفال وإصابة 46 شخصا بسبب داء البريميات البكتيري    تصاعد جديد ضد قانون المسئولية الطبية ..صيدليات الجيزة تطالب بعدم مساءلة الصيدلي في حالة صرف دواء بديل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» تحقق من «أرض الأزمات»: الفتنة فى المنيا «مشتعلة» ساعد الله من أخمدها
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 08 - 2016

6 حوادث طائفية تشهدها المحافظة فى أقل من شهرين.. جلسات الصلح بدأت منذ 40 عاما.. والأحداث فى تزايد
قبطى: الحراسات على الكنائس «مناظر».. فاروق: الأحداث لها بعد اجتماعى خطير على الأجيال القادمة.. رمزى: الفقر والبطالة يمثلان بيئة حاضنة للتطرف.. والفتنة الطائفية ممنهجة وليست حادثا فرديا والحل فى التنمية.. محافظ المنيا: السبب قلة الوعى وزيادة السكان
مواطن: التعامل الأمنى حوّل الخلافات العادية إلى قضايا أمن دولة.. وآخر يسأل: ما المشكلة فى بناء الكنيسة أليست مثل المسجد؟.. والنمنم: نعترف بأن لدينا إشكالية عدم قبول الآخر
ومكاريوس: يجب أن يشعر المواطن بالقانون أيا كان دينه لأن «البيت اللى بيتحرق بيت مصرى»
تزايدت النعرات الطائفية فى عدد من مناطق الجمهورية خلال الفترة الماضية، وتعالت أصوات دعاة الفتنة، وبدا مشهد الكراهية واضحا على بعض الوجوه، خاصة فى محافظة المنيا التى شهدت 6 حوادث بين مسلمين ومسيحيين فى شهرين، سقط فيها قتلى ومصابون وأتلفت بعض المنازل.
هناك من حمل الأجهزة الأمنية جزءا من المسئولية، واعتبر التعامل الأمنى الحذر مع أى نزاع أحد طرفيه مسيحى، يعقد الأزمة ويحول الحادثة العادية إلى قضية أمن دولة، وبعض الخبراء قالوا إن فرض سياج من التعتيم حول أى حدث طائفى، حصر المعلومة فى يد مصدر وحيد هو المسجد أو الكنيسة، وترك لكل منهما تفسير الحدث من وجهة نظره الخاصة، مما فتح الباب واسعا أمام التأويلات المختلفة.
من جهته، حذر أستاذ علم الاجتماع الدكتور أحمد فاروق، من تداعيات وقائع الفتنة الطائفية وتكرارها على المستقبل، وأنها يمكن أن تؤثر على الأجيال القادمة، كما وجه آخرون اللوم للدولة فى التعاطى مع الأحداث السياسية التى تشهدها مصر خلال السنوات الثلاث الماضية، مرجعين ارتفاع وتيرة الأحداث الطائفية إلى حالة العنف السياسى التى أعقبت تنحية الإخوان عن الحكم فى عام 2013، وتساءل البعض: «ما الأزمة فى بناء الكنيسة مثل المسجد؟».
وزير الثقافة حلمى النمنم، اعترف خلال زيارته الأخيرة لمحافظة المنيا بوجود إشكالية فى قبول الآخر، محملا أقباط المهجر وبعض المسيحيين مسئولية «النفخ» فى الفتنة، فيما حمل المحامى إيهاب رمزى، الفقر والجهل والبطالة مسئولية ما يجرى، مطالبا بتحرك سريع لتنمية الصعيد.
«الشروق» ترصد فى التحقيق التالى أسباب اندلاع تلك الأحداث وتداعياتها، وطرق التعاطى الرسمية والأهلية معها.
ما الأزمة فى بناء الكنائس؟
تساءل بولس ويصا (50 عاما) ، من أبناء قرية كوم اللوفى، وصاحب منزل محترق فى الأحداث الطائفية الأخيرة: «إيه المشكلة فى بناء كنائس مثل بناء المساجد، الدولة واحدة ولا يجوز التمييز، الدستور والقانون عاجزان عن حماية حقوقنا فى وطننا، ولا بد من تمكيننا من إقامة وإنشاء دور عبادة مثلنا مثل باقى المواطنين المسلمين، وإلا فأين حقوق المواطنة وحقوق الإنسان؟»، مضيفا: «الحراسات على الكنائس مناظر لا حاجة لنا بها».
وزير الثقافة حلمى النمنم، قال خلال زيارته الأخيرة لمحافظة المنيا، ولقائه بالأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا، بعد أحداث قرية الكرم: «نقر ونعترف أن لدينا إشكالية عدم قبول الآخر، والآخر ليس بالضرورة مسيحيا أو يهوديا، بل يمكن ان يكون مسلما ومسلما آخر ينتمى لفصيل مختلف فكريا، كثير اختلفوا وحولوا الاختلاف فى الرأى إلى دماء، ودعاء أن يهلك الله الظالمين، وكل طرف يرى الحق معه ويرى الآخر ظالما»، مضيفا: «أقباط المهجر يستغلون أحداث الفتنة، وبعض المسيحيين لم يعودوا يقبلون الآخر وينفخون فى الفتنة».


عنايات شاهدة الاثبات فى واقعة سيدة الكرم

«الشروق» فى مناطق الفتنة
خلال التجول فى القرى الملتهبة، اعترف الجميع بوجود مشكلة فى محافظة شهدت 6 أحداث طائفية فى أقل من شهرين، ففى مركز أبوقرقاص، انطلقت أحداث قرية الكرم، حيث بدأت بمشاجرة بين مسلمين وأقباط بسبب شائعة وجود علاقة غير شرعية بين شاب قبطى وسيدة مسلمة متزوجة، وبانتقال الأمن لمكان الأحداث تمت السيطرة عليها، وإلقاء القبض على عدد من المتهمين.
بعد الأحداث بأربعة أيام أصدرت مطرانية المنيا بيانا ذكرت فيه تعرية سيدة قبطية من ملابسها، وطردها من منزلها، اعتقد الجميع أنه حدث جديد وليس حدث الكرم، وتداعت الأحداث من جديد حتى وصلت إلى النيابة، واختلف الروايات حول التعرية من عدمه، ومازالت قيد التحقيق.
فى قرية الكرم، لا تجد مظاهر للثروة أو التنمية، القرية لا يتجاوز سكانها 8 آلاف نسمة 5% منهم أقباط، بالقرب منها قرية منهرى وهى قرية أغلب سكانها من المواطنين الأقباط، بسؤال أقباط الكرم حول أحوالهم المعيشية، أكدوا أنه لم تحدث لهم أى مشكلة منذ نشأة القرية.
وقال رضا موسى عياد، مدرس قبطى من أبناء الكرم: «نعم القرية شهدت فتنة طائفية كبيرة سببها تصريحات رجال الدين وتدخلهم فى الأحداث، التى بدأت بين جاريين أحدهما قبطى والآخر مسلم، فصدور بيان المطرانية أشعل الأحداث»، فيما جاء الرد من بعض المسلمين الغاضبين، قائلا: «نحن نعيش معا فى القرية منذ أكثر من 60 عاما، متجاورين ومتشاركين، ورفضنا الهجرة إلى القرية المجاورة ذات الأغلبية المسيحية، لماذا نترك بلد نشأنا وتربينا فيه؟».
وأوضح مينا إسحاق (45 عاما)، من أبناء قرية الكرم، أن تعامل الأمن مع الشجار الذى يقع بين قبطى ومسلم يحوله لقضية أمن دولة، مما حمل هذه المنازعات العادية بين جارين الصبغة الطائفية.
وأكد محمد حسين، من أهالى الكرم، أن ما أشيع عن قتل وحرق الأقباط ليس حقيقيا، فمعظم القرية من المسلمين ويتعاملون مع الأقباط كإخوة، قائلا: «لم يتعرض للتعدى إلا عائلة الشاب المتهم بإقامة علاقة غير شرعية مع سيدة مسلمة، ولم يتعد على أسرة الشاب إلا أسرة وعائلة زوج السيدة المسلمة، والقضية عرض وشرف فى الأول والآخر، ولو بين طرفين مسلمين أو حتى شقيقين من عائلة واحدة لوصلت للذبح، فالشرف لا يضاهيه شىء، ولم يتدخل المسلمون والمسيحيون من باقى القرية فى القضية، إلا أن أقباط المهجر أشعلوا القضية وتاجروا بها».


حريق الاباء اليسوعيين

جلسات التصالح
ولم تمض أيام على انطلاق جلسات التصالح العرفية والرسمية لإنهاء أزمة قرية الكرم، لتشتعل منطقة جديدة بحدث طائفى جديد، وتحرق منازل جديدة، ففى 27 يونيو الماضى، اشتعلت أحداث طائفية فى قرية كوم اللوفى بمركز سمالوط، والتى كثيرا ما شهدت حوادث قتل وحرق بسبب مشاجرات الطائفية، وهو المركز الذى ينتمى إليه الشبان الأقباط ال21 الذين قتلوا بدولة ليبيا على يد داعش.
البداية بتلقى الأجهزة الأمنية بلاغا باندلاع أحداث طائفية بقرية كوم اللوفى بسبب إشاعة تحويل منزل إلى كنيسة، الأمر الذى دفع نحو 300 مسلم من أهالى القرية للتجمهر أمام المنزل، وقيام البعض بإشعال النيران فيه، مما أدى إلى امتداد النيران لمنزلين مجاورين واحتراق محتوياتهما بالكامل، وتعويض المحافظة للمضارين، والقبض على عدد من المتهمين، وإحالتهم للنيابة العامة للتحقيق.
وفى قرية «كوم اللوفى»، أكد حسين على موافى (48 عاما)، موظف بالوحدة المحلية، أنهم بمجرد علمهم بقيام جارهم القبطى ببناء كنيسة بدون ترخيص، توجهوا إلى قسم الشرطة وحرروا محضرا، وتعهد صاحب المنزل بأنه حضانة وليس كنيسة، وبعد 3 أيام فوجئوا بميكروفون ينادى فى المساجد بأن المبنى كنيسة، فتجمع بعض الأهالى ونشبت الأزمة، وطال الحرق المنازل المجاورة للكنيسة المزعومة، وسارع بعض المسليمن إلى إطفاء النيران، وخشى معظم الأقباط الظهور.


حريق الدراجة بابو يعقوب

وشهدت قرية طهنا الجبل، مقتل ابن كاهن وإصابة 2 آخرين فى مشاجرة نشبت بين مسلمين وأقباط، بسبب مرور طفل مسلم يقود عربة كارو، وبرفقته 3 أطفال آخرين فى شارع مكتظ، ووقعت بينهم وبين أطفال أقباط مشادة كلامية، حيث طلب الأول من طفل صغير عمره 5 سنوات، إفساح الطريق للمرور بالعربة، فقام بعض الموجودين بالشارع بالاعتداء عليه بالضرب، واستدعى الصبى عددا من أقاربه، ووقعت مشاجرة أسفرت عن مقتل شخص يدعى مارى (22 عاما)، نجل القس متاوس نجيب، راعى كنيسة مارى مينا بقرية طهنا الجبل، وأصيب كامل حنا، والد كاهن كنيسة مارمينا العجايبى بالقرية، وابن عمه ملاك عزيز حنا، وتم نقلهما إلى مستشفى الراعى الصالح بمركز سمالوط بشمال المنيا، وإصابة عزة جمعة، ونقلها للمستشفى العام.
زيارات البرلمان
زار وفد من نواب البرلمان القرية، ووفد من منظمات حقوقية، وكشفت المشاهدات الأولية أن القضية جنائية ولا علاقة لها ببناء كنيسة، فالقرية هادئة والأقباط يعيشون فى أحسن حال، وهم على مسافة قريبة من قرية دير جبل الطير، التى تشهد احتفالات سنوية برحلة العائلة المقدسة، وأن بقال القرية التموينى هو القبطى الوحيد.
وقال مصطفى حسين، عمدة القرية: «أن ما نسمعه فى الإعلام شيب رءوسنا، والله صاحب البقالة التموينية القبطى الوحيد فى القرية، وفاتح ليل نهار، والحادث بسبب أولوية المرور وليس لبناء كنيسة، لأن القرية بها مجمع خدمى وكنيسة على أعلى طراز، فكيف تكون المشاجرة على كنيسة، هناك من يلعب بنا، فأبناؤنا يتلقون الدروس هناك، ومعظم طلاب مدارس الراعى الصالح والراهبات من المسلمين».
وفى عزبة عاصم، بمركز المنيا، وبسبب نزول شاب مسلم بدون ملابس أمام سيدات قبطيات، يغسلن الأوانى بالبحر اليوسفى المار أمام منازل القرية، وقعت مشادة كلامية بين السيدات القبطيات والشاب، تحولت إلى معركة استعانت خلالها السيدات برجال أقباط، ما نتج عنه إصابة 9 أشخاص بينهم 5 مسلمين و4 أقباط.
وقد أوضح الأنبا نادى، كاهن كنيسة قرية أدمو، أن الأزمة التى نشبت بعزبة عاصم التابعة للقرية ليست طائفية، مشيرا إلى أنها مشكلة بسيطة بسبب الجيرة، وتم حلها بمركز الشرطة، وعقد التصالح بين أطرافها، مضيفا: «يجب ألا تستخدم نار الفتنة فى مثل تلك الأحداث لأنها ستحرق الجميع».


مجدى رسلان المحامى

إغلاق المساجد ومدارس تحفيظ القرآن
قال مجدى رسلان، المحامى والحقوقى: «لا يصح أن ننفى وجود فتنة طائفية فى المنيا، الفتنة موجودة بدليل ما نسمعه، ولكن من يشعلها ويزكيها؟»، وأضاف: «البسطاء يغضبون عند سماعهم إغلاق وزارة الأوقاف لبعض المساجد والزوايا، وقيام وزارة التضامن بغلق مدارس لتحفيظ القرآن الكريم لجمعيات محسوبة على التيار الإسلامى، أضف إلى ذلك لماذا لا نسمع المدافعين عن الحريات عندما أجبر الأئمة على الخطبة المكتوبة وكأنهم تلاميذ؟!، وعندما تمنع صلاة التراويح فى كثير من المساجد؟ وعندما يمنع الاعتكاف إلا بتصريح؟ كل هذه الإجراءات استغلها الإخوان لتزكية الفتنة بالبلد، وحرق الأخضر واليابس».
ومن جانبه، أكد عضو مجلس النواب عن ملوى، وأحد أعضاء اللجنة البرلمانية المشكلة لدراسة الفتنة الطائفية بالمنيا، أحمد شمروخ، أن جميع الحوادث التى شهدتها المحافظة جنائية تبدأ بخلاف شخصى يتحول لطائفى بعد إصباغه بصبغة دينية، مضيفا أن الخلافات تبدأ عادية لكن سلوكيات المجتمع، وغياب الوعى الدينى يحول الأمر لخلاف طائفى، مؤكدا على أن هذه الحوادث غريبة على المنيا.
ولفت عضو مجلس النواب، إلى أن الأقباط فى المنيا من حقهم أن يأخذوا موقفا تجاه الأحداث التى تتكرر لنفس السبب تقريبا، مشيرا إلى أن بعض وسائل الإعلام ساهمت فى تنامى الأحداث وإثارتها بسبب التناول الخاطئ، وأن دخول بعض الشباب صغير السن فى مثل هذه الخلافات يفاقمها، لأن تصرفاته تتسم بالتهور.
وأوضح النائب أن الجلسات العرفية يطلبها الطرفان ولا تفرض عليهم كما يدعى البعض، وأن الجلسة الأخيرة التى حضرها فى قرية أبويعقوب، وغاب عنها رجال الكنيسة والمحافظ كانت بطلب من الطرفين وموثقة، لافتا إلى أن صدور قانون دور العبادة الموحد سيسهم فى الحد من مثل هذه الظواهر.
إهمال دولة
ولخص النائب بمجلس النواب أشرف شوقى، قضية الفتنة الطائفية فى المنيا بأنها نتيجة «إهمال الدولة، وتنامى البطالة»، قائلا: «ماذا تنتظرون من المنيا التى تفتقد أبسط الخدمات؟»، رافضا تهوين الأوضاع، قائلا: «نعم نحن فى أزمة كبيرة، والسبب الإهمال الذى دام سنوات وخلف الكثير من المشكلات، أولها ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب، واختفاء المشاريع الاستثمارية، وغياب دور المثقفين فى التوعية، وتغليب العصبية، وانتشار الأسلحة فى القرى، ونهب حلم المنطقة الصناعية».
وأكد شوقى أن الحل فى بناء المشروعات، وإقامة المصانع، لاستيعاب طاقات الشباب الهائلة: «لا بد من تحرك سريع وقوى، لا يعتمد على خطة خمسية، لأن الانتظار خطر».
من جانبه رفض إيهاب رمزى، المحامى بالنقض، وعضو مجلس النواب السابق، وصف أحداث الاعتداءات الأخيرة فى المنيا ب«الفردية»، مؤكدا أن هذه الحوادث ممنهجة بدليل تكرارها أكثر من مرة، مؤكدا أن كل الأحداث تنشأ على أساس شائعات ووقائع غير حقيقية دون التأكد منها، موضحا أن مساحة المنازل التى أشيع تحويلها إلى كنائس تتراوح بين 60 إلى 85 مترا، وبالتالى لا تصلح لأن تصبح كنيسة.
وقال رمزى: «الفتنة والعنف ليسا جديدين على المنيا، فالمحافظة لها تاريخ منذ سنوات مع المتشددين، فمن قتل الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، ورئيس مجلس الشعب الأسبق رفعت محجوب، كانوا من المنيا، ومعظم قيادات جماعة الإخوان من المنيا»، مشيرا إلى أن نصيب المحافظة من الاعتداءات التى أعقبت فض اعتصامى رابعة والنهضة، كان كبيرا.
ولفت إلى ضرورة توجه الدولة إلى محافظة المنيا ورفع مستوى المعيشة فيها، وإقامة مشروعات اقتصادية وتنموية، وجذب المستثمرين إليها، لتخليصها من الفقر والبطالة، قائلا: «المنيا أرض خصبة لزرع الأفكار الطائفية، وعمل أى شىء مقابل المال».
وأوضح الدكتور أحمد فاروق، أستاذ علم الاجتماع، وعميد كلية الآداب جامعة المنيا، أن المحافظة تعيش فتنة هى جزء من «مخطط صهيونى» لتفتيت مصر، فهذه الأفعال من إخراج جهات أجنبية، بعد أن أفشل المجتمع المصرى مخططات الإرهاب، فبدأت تلك الجهات «اللعب على وتر الفتنة الطائفية لإحداث حالة من عدم الاستقرار، يعقبها مطالبة منظمات حقوق الإنسان الدولية بسرعة التدخل لحماية أقباط مصر».
وقال فاروق إن هذه الأحداث لها بعد اجتماعى خطير على الأجيال القادمة، مناشدا العقلاء بوحدة الصف، قائلا: «سيرنا وراء تلك الفتن، يخلق أجيالا بينها صراعات تحرق الوطن».
دولة القانون
وناشد الأنبا مكاريوس، أسقف عام المنيا وأبوقرقاص، المصريين بالتكاتف من أجل تغيير الأفكار الخاطئة، قائلا: «يجب أن يشعر المواطن المصرى أيا كان دينه بوجود دولة القانون، وليس التصالح والطبطبة وما شبه ذلك، مضيفا: «المواطنون فى المنيا يتعاملون بكل نبل مع بعضهم، وهناك درجة كبيرة من الاحترام فى تعاملاتهم، وهذا لا ينفى وجود بعض الأزمات».
وطالب مكاريوس، بضرورة ترسيخ عقيدة «لما بيت يتحرق يبقى ده بيت مصرى، أيا كان مالكه مسلما أم مسيحيا، أيضا لما حد يموت يبقى اللى مات مصرى، بغض النظر عن ديانته».
وقال طارق نصر، محافظ المنيا، إن تطبيق القانون هو الحل للقضاء على تلك المشكلات، موضحا أن بيت العائلة ولجان المصالحات ليس لهما علاقة بالإجراءات القانونية التى يجب تطبيقها، مطالبا وزارة الأوقاف والمطرانيات بتفعيل الخطاب الدينى من خلال خطباء المساجد والآباء الكهنة، ممن لهم قبول عند المواطنين.
وأرجع المحافظ السبب الرئيسى لاشتعال الفتن الطائفية بالصعيد إلى قلة الوعى، وزيادة معدلات الأمية، والوقوع فى هوة التطرف، وارتفاع معدلات السكان التى ساهمت فى تدنى مستوى المعيشة، واتساع نطاق المحاجر فى المنيا، ما أدى إلى انتشار عمالة الأطفال، مشددا على ضرورة ترسيخ مبدأ المواطنة بين جميع المواطنين.
وقال اللواء فيصل دويدار، مدير أمن المنيا الجديد، إنه «جاء لمحاربة الفتنة الطائفية، وأن دولة القانون ستقضى على أى تمييز، ولن يسمح باستغلال الأحداث لأى طرف مهما كان، ولا فرق بين مسلم ومسيحى أمام الدستور، والكل فى خدمة القانون».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.