هناك من يتجاسر ويعلن عدم التزامه بالدستور والقانون ويحتمى فى ذلك بالأغلبية من البسطاء، بدغدعة مشاعرهم الدينية، فيقول إنه لا يعتدّ بكل ذلك ولا حتى برأى الأغلبية إذا كان الأمر متعلقاً بما يسميه وجوب الامتثال لأحكام الإسلام، أو لشرع الله، أو لما اتفق عليه السلف الصالح! وهو يعلم أن لكلامه فعل السحر على جماهيره، وهو موقن بأنها انتهاكات واضحة المفتَرَض أن يحاسبه عليها القانون. وقد يتجاوز هذه الأقوال إلى اتخاذ إجراءات تتصادم مع صريح الدستور الحامية لحريات الرأى والتعبير والبحث العلمي، ويسعى مع غيره لتحريك الدعاوى بتهم لا تزال سارية من العصور الغابرة قبل الدستور الجديد، والمفروض أنها واجبة الإلغاء لتصبح السيادة للدستور الذى نال موافقة ساحقة فى الاستفتاء. ولكن مجلس النواب لم يقم بعد بهذا الإصلاح، وهو ما أوصلنا إلى حالات صارخة يصدر فيها حكم غليظ بحبس أطفال أقباط بتهمة ازدراء الإسلام، رغم الفتنة الرهيبة التى يمكن أن تثيرها التهمة! ثم أحكام متتالية ضد مفكرين وأدباء وفنانين! ولا يطرف لأجهزة الدولة جفن وهى ترى البيانات الدولية بأسماء مرموقة تدين هذا العدوان على الحريات. هذه هى الأوضاع المقلوبة التى نعيشها قسراً: يتقدم أنصار الحريات بتضحيات لترسيخها، فيأتى من لا يمكنه أن يحقق أغراضه إلا فى ظل هذه الحريات ولكن ليستخدمها فى إدانة من دفع ضريبة إقرارها! والأكثر إثارة للدهشة أن أعداء الحريات يجدون منبراً على شاشات التليفزيون وصفحات الصحف. ومع إشهارهم العداء الصادم مع اختيارات الشعب منذ 30 يونيو، إلا أن جهات التحرى تتغاضى عنهم، رغم أن كل المعلومات المطلوبة متوافرة دون جهد فى التحرى! كما تسكت أيضاَ جهات التحقيق وتوجيه الاتهام. والموضوع أكثر بياناً من أن يقال إنه أخطر من قضايا أخرى تتصدر الأولويات. هذا اتجاه لا يقف عند حدّ كلما سنحت الفرصة، لذلك لم يبددوها أيام الإخوان وشكَّلوا ميليشيات جابت البلاد وحاصرت المحكمة الدستورية العليا، واحتلت محيط مدينة الانتاج الإعلامي، وتهجمت بالسلاح على صحف وأحزاب، واقترفوا القتل بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. ولولا يقظة الشعب لكان علم داعش يرفرف فوق رءوسنا! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب