الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في محافظة قنا    أسعار الدولار اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025    وزير المالية: المتحف المصري الكبير يجسد رؤية الدولة في تحويل التراث إلى قوة دافعة للتنمية الاقتصادية المستدامة    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في محافظة قنا    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    أخبار مصر: تأثير زلزال تركيا على مصر، مفاجأة والد ضحايا جريمة الهرم بشأن زوجته، تصريح مثير من الخطيب عن سيد عبد الحفيظ    المتحدث باسم حماس: سلمنا 18 جثمانا إسرائيليا ويتبقى 13.. و10آلاف فلسطيني لا يزالون تحت الركام    ترامب يمتدح إيلون ماسك بعد أشهر من الخلاف: كانت لحظة غبية في حياته    انقلاب سيارة تحمل مواد غذائية على طريق المحلة – طنطا (صور)    حالة الطرق اليوم، كثافة مرورية متقطعة بهذه المحاور والطرق الرئيسية في القاهرة والجيزة    مواعيد عرض مسلسل 80 باكو على قناة MBC مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في محافظة قنا    خالد الجندي: في الطلاق رأيان.. اختر ما يريحك وما ضيّق الله على أحد    قد تكون سببًا في إنقاذك، فحص بسيط للعين يتنبأ بأمراض القلب وسرعة التقدم في العمر    رابط حجز تذاكر المتحف المصري الكبير.. احصل على تذكرتك    بيان هام من البحوث الفلكية بشأن زلزال مطروح    أعلى شهادات ادخار في البنوك 2025.. قائمة بأفضل العوائد الشهرية    موعد بداية شهر رمضان 2026 وأول أيام الصيام فلكيًا    د.حماد عبدالله يكتب: ماذا لو لم نقرأ التاريخ !!    سفير الصين يشيد بجهود مصر في اتفاق غزة ويؤكد التزام بكين الثابت ب"حل الدولتين"    رسميًا.. موعد امتحانات الترم الأول 2025-2026 (متى تبدأ إجازة نصف العام لجميع المراحل التعليمية؟)    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 28-10-2025.. كم سجل طن عز الآن؟    بعد حلقة الحاجة نبيلة.. الملحن محمد يحيى لعمرو أديب: هو أنا ضباب! أطالب بحقي الأدبي    مستشار وزير الثقافة: مصر تسجّل 10 عناصر تراثية في اليونسكو بينها السيرة الهلالية والأراجوز    القنوات الناقلة لمباراة النصر ضد الاتحاد في كأس خادم الحرمين الشريفين.. والموعد    بعد تسجيله أكبر قوة.. إعصار «ميليسا» يتحول إلى «كارثة محتملة» تهدد جامايكا (تفاصيل)    تحرك طارئ من وزير الشباب والرياضة بعد تصريحات حلمي طولان (تفاصيل)    استقبال رسمي مهيب، لحظة وصول شيخ الأزهر إلى قصر الرئاسة الإيطالي في روما (فيديو)    جامعة المنيا تستعرض إنجازات تطوير الطاقة الفندقية لدعم السياحة وجذب الطلاب الوافدين    زاهي حواس: المصريون القدماء عرفوا القائمة وتعدد الزوجات (فيديو)    موسكو تفند اتهام واشنطن لها بنيتها البدء بسباق تسلح نووي    #عبدالله_محمد_مرسي يتفاعل بذكرى مولده .. وحسابات تستحضر غموض وفاته ..فتش عن السيسي    الزناتي يشارك في احتفالية اليوبيل الماسي للهيئة القبطية الإنجيلية    «لاماسيا مغربية» تُبهر العالم.. وإشراقة تضيء إفريقيا والعرب    رئيس محكمة النقض يزور الأكاديمية الوطنية للتدريب    تصل إلى الحرائق.. 6 أخطاء شائعة في استخدام الميكرويف تؤدي إلى كوارث    دراسة| تأخير الساعة يرفع معدلات الاكتئاب بنسبة 11%    درس في المرونة وتقبل التغيرات.. حظ برج الدلو اليوم 28 أكتوبر    مفاجأة.. الزمالك يفكر في إقالة فيريرا قبل السوبر وتعيين هذا المدرب    عضو المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني يطمئن على الدباغ وكايد    «الداخلية» توضح حقيقة زعم أحد المرشحين بالأقصر تعنت مركز شرطة القرنة في الإفراج عن نجله    رياضة ½ الليل| الخطيب يعترف بالعجز.. موقف انسحاب الزمالك.. ثقة تخوف بيبو.. وصدمة قوية للملكي    شبانة عن أزمة دونجا: كل يوم مشكلة جديدة في الكرة المصرية    الداخلية تكشف حقيقة ادعاء محاولة اختطاف فتاة في أكتوبر    ذاكرة الكتب| تدمير «إيلات».. يوم أغرق المصريون الكبرياء الإسرائيلى فى مياه بورسعيد    من حقك تعرف.. ما هى إجراءات حصول المُطلقة على «نفقة أولادها»؟    تأييد المشدد 7 سنوات لمتهم بتزوير عقد سيارة وبيعها    تكريم أحمد مجدى بمهرجان الباطنة السينمائى الدولى فى نسخته الثالثة    عودة الحركة المرورية على طريق بنها شبرا الحر بعد حادث التصادم    أمن القليوبية يكثف جهوده لضبط المتهم بسرقة مشغولات ذهبية من عيادة طبيب أسنان    أبوريدة يحسم الملفات الحائرة بالجبلاية.. المفاضلة بين ميكالي وغريب لقيادة المنتخب الأولمبي    زلزال بقوة 6.1 يضرب غرب تركيا ويشعر به سكان إسطنبول    «العمل» تُحرر 338 محضرًا ضد منشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    «Gates»: انضمام «عز العرب» إلى عملائنا بمقر رئيسى في «Space Commercial Complex»    بعد مأساة الطفل عمر.. كيف تكشف لدغة ذبابة الرمل السوداء التي تُخفي موتًا بطيئًا تحت الجلد؟    انتبه إذا أصبحت «عصبيًا» أو «هادئًا».. 10 أسئلة إذا أجبت عنها ستعرف احتمالية إصابتك ب الزهايمر    حكم طلاق المكره والسكران في الإسلام.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل ويوضح رأي الفقهاء    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملامح الخريطة السياسية بعد الثورة
أحزاب البيزنس تتصدر المشهد.. والأمل في التعددية والحرية

شهدت الخريطة السياسية للأحزاب والتيارات والقوي السياسية في مصر تغيرات مستمرة ومتلاحقة في ما بعد ثورة25 يناير حتي الآن,
تغيرات قد تكون عشوائية أو طبيعية طمست ملامح تلك الخريطة. فعقب ثورة يناير حل الحزب الوطني وظهر عدد كبير من الائتلافات الثورية والأحزاب الدينية, وبعد ثورة30 يونيو وتشكيل البرلمان الجديد وهو الاستحقاق الثالث لخرطة المستقبل سقطت تلك الأحزاب وظهرت في صدر المشهد تيارات أخري لا سيما التيار اليساري الذي كشفت تراجعه الانتخابات البرلمانية الأخيرة, والتي شهدت ارتباكا شديدا وكان من الصعب التوقع والتكهن بنتائجها مع تراجع بعض الأحزاب القديمة وظهور أحزاب أطلق البعض عليها( أحزاب استثمارية) وعزوف المرشحين عن الانضمام للأحزاب وتفضيلهم خوض الانتخابات كمستقلين. ارتباك المشهد السياسي بسبب التغيرات التي طرأت في الخريطة السياسية يراه البعض طبيعيا بعد ثورتين شعبيتين ويرجعه البعض الي النخبة السياسية وأخرين الي انتشار المال السياسي.
.....................................................................
تشير الدكتور وفاء سمير أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية الي أن ثورة52 يناير جاءت خالية من القيادة الثورية التي تقود حركة الشارع, ومن التنظيم الذي يمثلها ويتحدث باسمها, وربما كان ذلك ميزة في البداية إلا أنه تحول بعد ذلك إلي ثغرة كبيرة في مسيرتها وحتي بعد نجاحها في الاطاحة برأس النظام بتنحي الرئيس المخلوع مبارك فلم تفرز ثورة52 يناير قيادة لها. وبالتالي غاب الحزب أو التنظيم الذي يجمع قواها باسمها بعكس الوضع في ثورة9191 و2591, ولقد ترك سقوط رأس النظام وغياب القيادة الثورية فراغا سرعان ما ملأته القوتان الأكثر تنظيما في ذلك الوقت بحكم الأمرالواقع وهي جماعة الاخوان المسلمين والقوة السلفية. مشيرة الي أن غياب القيادة الثورية فتح الباب واسعا فيما بعد أمام السلفيين الذين وقفوا ضد الثورة في البداية ثم ادعوا نسبها فيما بعد قبل ان يتمكنوا من اختطافها مع الاخوان, كما زادت السيولة الفكرية والتنظيمية الهائلة التي ضربت الشريحة الشبابية, فبالرغم من تفجيرها للثورة وتوحدها في معركة اسقاط النظام الا انه بعد الاطاحة برأسه نشطت عشرات الائتلافات الثورية فانقسمت علي نفسها سريعا ولم ترتب أولوياتها ولم يفرق بعضها بين أدوات الهدم والبناء في المعركة السياسية, وهو ما أتاح الفرصة لوجوه النخبة السياسية القديمة لاعادة انتاج وتدوير نفسها وعودتها الي صدارة المشهد السياسي, وبعد هدم الثورة للبنية السياسية القديمة بدأت تتضح ملامح المرحلة الجديدة, وعادة تعرف المجتمعات بعد الثورات ظاهرة التعدد الحزبي متمثلة في ظهور عدد كبير من الأحزاب(501 أحزاب سياسية) وذلك نتيجة لتغيير البنية القانونية وشروط تأسيس الأحزاب التي أصبحت بالاخطار الي جانب تفكك الأحزاب الكبيرة ليخرج منها أكثر من حزب يعبر عن نفس التيار, أضف الي ذلك التنوع الكبير في الخلفيات الفكرية للأحزاب من أقصي اليمين الي أقصي اليسار, وأحزاب تعبر عن الاسلاميين الجهاديين وأخري تعبر عن الشيوعيين. كما شهدت أيضا مرحلة ما بعد ثورة يناير تصاعدا كبيرا لجماعة الاخوان المسلمين وتراجع الحضور السياسي للقوي اليسارية بالرغم من أن السنوات التي سبقت الثورة شهدت زيادة معدلات الفقر وارتفاع وتيرة الاحتجاجات العمالية وهو مناخ مثالي لانتشار الافكار اليسارية الا ان الخطاب اليساري كان ومازال نخبويا يصعب علي فئات وشرائح المجتمع بشكل عام والبسطاء منهم تحديدا فهمه والتفاعل معه الي جانب الخلافات الداخلية داخل الأحزاب نتيجة للشللية والمصالح الشخصية, بالاضافة الي ضعف القدرات المالية للأحزاب, وصعد التيار السلفي كثاني أكبر قوة سياسية علي الرغم من وقوفها ضد الثورة وحتي قبل التنحي ظلت علي موقفها من الثورة.
وتضيف أن المرحلة الحالية بعد ثورة30 يونيو تشهد صعود لعدد من الأحزاب التي حجزت مقاعد لأنفسها في المرحلة القادمة نتيجة استراتيجيات وخطط ساهمت في تحقيق أهدافها لتوجد في البرلمان وأن تكون شريكا ومحركا للقوي السياسية, كما شهدت أيضا انهيار وسقوط لأحزاب لم تستطيع مواكبة المرحلة الحالية بسبب الضعف المادي لتمويل الحزب أو انتهاج سياسات ليست مناسبة لتلك المرحلة, ومن أهم الأحزاب التي صعدت حزب المصريين الأحرار وحماة الوطن ومستقبل وطن ثم يأتي حزب الوفد الذي حافظ علي مكانته في الحياة السياسية, الا أن حزب النور كان أكبر الخاسرين في المرحلة الحالية ومعه الأحزاب اليسارية وعلي رأسها حزب التجمع.
وتتوقع الدكتورة وفاء سمير أن يستغرق قيام حياة حزبية سليمة بعض الوقت حينما تتبلور ملامح الخريطة السياسية للقوي الحزبية المختلفة لتكون واضحة المعالم. لابد ان تتكون أحزاب حقيقية تمتلك مقومات فكرية وقدرات تنظيمية وامكانات مالية تعبر عن مختلف الشرائح الاجتماعية والفكرية للمجتمع المصري, ويستلزم ذلك التخلي عن الخلافات الداخلية والشللية والمصالح الشخصية ومحاولة استقطاب الكثير من الفئات خاصة الشباب والمرأة والأقباط.
المال السياسي
يري نبيل ذكي القيادي بحزب التجمع أن هناك عدة أسباب أدت الي حالة الارتباك التي تسود الخريطة السياسية الحزبية منذ ثورة25 يناير, ويتمثل السبب الرئيسي في المال السياسي الذي لعب دورا مؤثرا في الخريطة السياسية, وظهر ذلك بوضوح الانتخابات البرلمانية وتشكيل البرلمان الجديد والتي تنافس فيها عدد من رجال الأعمال في تمويل الحملات الانتخابية لبعض الأحزاب, حتي العمل السياسي داخل الحزب أصبحت تكلفته عالية بدءا من تكلفة مقرات للحزب بمختلف محافظات الجمهورية ومشاركة الأعضاء وتنقلاتهم والدعاية.
مضيفا أن هناك أيضا أحزاب تقاعست وقصرت في حق نفسها, حيث لم تهتم في السنوات الخمس الأخيرة بتوسيع العضوية والعمل علي توسع قاعدتها الشعبية والدفاع عن قضايا تهم المواطن وتبني رؤي وأفكار تساعد علي نهضة الوطن, وقد دفعت تلك الأحزاب الثمن في الانتخابات البرلمانية الأخيرة حيث كان من المنطقي أن تحصل تلك الاحزاب علي عدد من مقاعد مجلس النواب ولم تحصل عليها بسبب التقصير. بالاضافة الي تلك الأسباب فان الشارع السياسي يعاني بالفعل من ندرة القيادات السياسية الحزبية والتي تستطيع أن تلعب دور في تشكيل الخريطة السياسية واستقرارها.
وطالب نبيل ذكي بتغيير قانون الانتخابات من أجل عودة الاستقرار للخريطة السياسية, والعودة للقائمة النسبية المنقوصة, وهو ما يقوي الأحزاب ويقلل من تأثير المال السياسي, كما طالب من الاعلام القيام بدورا ايجابيا بعد أن اختلطت القيم وانتشرت الضبابية حولها.
تنمية الوعي السياسي
توضح الدكتورة سهير عبد السلام أستاذة الفلسفة السياسية وعميدة كلية الآداب جامعة حلوان أن الثورات يعقبها حالة من المخاض السياسي تتواجه فيها التيارات وتختلف المصالح, والتاريخ يؤكد ذلك فالثورات الكبري كالثورة الفرنسية أعقبها دماء ولكن سرعان ما تنتظم الأمور وتعود لنصابها الصحيح وهو المتوقع في المرحلة القادمة, ولا سيما أن مصر ظلت علي مدار أكثر من نصف قرن تعاني أحادية حزبية أو تعددية مكذوبة ولم تشهد قوي سياسية معارضة واضحة, فضلا عن اخماد الوعي السياسي وتعطيل التنمية الثقافية والاجتماعية وانتشار الجهل والبطالة كل ذلك أدي الي الواقع الحالي الذي يتميز بالضحالة الفكرية والسياسية, وعدم وجود قوي سياسية فعلية وحقيقية تستطيع تولي مقاليد الأمور وتولي ادارة الواقع السياسي, وظلت المؤسسة العسكرية أكثر مؤسسات الدولة انتاجا للقيادات المتوازنة والمدربة والقادرة علي تولي سدة الحكم, ولكن.. ماذا يمكن لحاكم مبدع أن يعمل في ماكينة غير منتجة ؟. موضحة أن قلة وجود كوادر سياسية قادرة علي أن تملأ حالة الفراغ السياسي بعد ثورة25 يناير يرجع الي غياب بعض رجال الدولة الذين كانت لديهم القدرة والسيطرة علي وسائل الاعلام والأحزاب السياسية وادارة الانتخابات ووضع السياسات, حيث قبع معظمهم خلف القضبان مما أدي لوجود فراغ سياسي شغله رأس المال والأحزاب الاستثمارية التي عملت خلال الفترة الماضية علي شراء الناخبين والانفاق علي حملات الدعاية وتحقيق الفوز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة لذا جاء برلمان2016 لا يجمعه نسيج واحد انما معبر عن طوائف عدة يغلب عليها الأثرياء. وتضيف أن النخبة السياسية خلال المرحلة الأخيرة فضلت الظهور الاعلامي والاثارة اللفظية والحماسة المزعومة علي النهوض بالواقع وتوعية الجماهير, فتبني كل منهم برنامج تليفزيوني يقدم من خلاله وصلة من العراك والأسلوب المتدني, وأصبح أصحاب الأصوات العالية هم الأكثر شهرة, وتحولوا من محللين للواقع حاملين للواء النهضة الاجتماعية الي متربصين صائدين للأخطاء هادمين لكل جديد, ونشروا الشك والتشكك في كل جاد وحقيقي مما أثر سلبا علي المجتمع بأكمله.
وتشير الدكتورة سهيرعبد السلام الي بعض الحلول التي من شأنها تصحيح الأوضاع منها تنمية الوعي السياسي للصفوة قبل العامة حيث أن تخبط الصفوة وعدم وعيها الكامل بما يحقق مصالح الشعب والبلاد أدي لتخبط العامة وعدم وجود القدوة والمثل الأعلي, وتبني الأحزاب السياسية لايديولوجيات سياسية جديدة قادرة علي ايجاد حلول للمشاكل الاجتماعية في تلك المرحلة, ووضع سياسات ديمقراطية في كافة مؤسسات الدولة في شكل قواعد عامة يلتزم الجميع بتنفيذها في الادارة وفي الجوانب التنفيذية والعلاقات بين الأفراد داخل المؤسسة بما ينمي الوعي الديمقراطي لدي الجميع, والاهتمام بالبعد الثقافي والتنويري داخل المؤسسات التعليمية سواء من خلال المقررات الدراسية أو الأنشطة اليومية للطلاب أو العلاقات بين الطلاب بعضهم البعض وبينهم وبين أساتذتهم, كما ينبغي أن تمتد التوعية الي الشوارع والحواري بين صفوف الشباب وهذا الدور يجب أن تلعبه وزارة الشباب من خلال مراكز الشباب دون توجيه سياسي لاتجاه معين دون الآخر والتدريب علي الممارسة الديمقراطية واحترام الآخر والانفتاح الفكري والثقافي.
التعددية الحزبية
يقول طارق تهامي سكرتير مساعد حزب الوفد ومساعد رئيس الحزب للشباب أن الثورات دائما ما يعقبها تغيرات في تركيبة المجتمع السياسي, وهذه التغيرات تستمر لفترة ولها أشكال مختلفة بعضها عنيف كما حدث في الثورة الايرانية والكوبية وفيها تظهر قوة منفردة بالعمل السياسي في الدولة, وبعضها عنيف ولكن لا ينفرد تيار بعينه بمقاليد الحكم كما حدث في الثورة الفرنسية, والشكل الآخر وهو ما نحن عليه هناك تيارات كثيرة وقوي سياسية تتصارع وهو أمر ايجابي, لآن هذا يعني أن هناك أملا بعد انجاز الاصلاح الثالث من خارطة المستقبل في تعددية حزبية حقيقية, وهذا الأمر يساعد عليه أن الرئيس عبد الفتاح السيسي ليس له حزب يتزعمه فهو رئيس لكل المصريين, فهو ليس طرفا في النزاع بين الأحزاب والقوي السياسية المختلفة. مضيفا أن التغير المستمر في خريطة القوي السياسية والحزبية رغم أنه يعطي ايحاء للناس بعدم الاستقرار, الا انه في الواقع اتجاه للاستقرار علي البعد عن التوجه السياسي الواحد واختيار التعددية الحزبية, والتنوع حتي داخل الائتلاف الواحد كما هو الحال داخل ائتلاف كتلة دعم مصر بمجلس النواب التي تضم تيارات وقوي مختلفة, وهو ما نريده بعد ثورتين شعبيتين.
مرحلة فرز
تبين الدكتورة هدي زكريا أستاذ علم الاجتماع كلية الآداب جامعة الزقازيق أن الثورات فعل نادر في حياة الشعوب لآن تكلفتها عالية, فهي تهد كل البني الثقافية والاجتماعية والسياسية لتبني من جديد وفقا لما يحقق أهداف ومطالب الثورة فالثورة الفرنسية ظلت14 عاما دون استقرار حقيقي ودون تحقيق مطالب الثوار, تم في تلك السنوات سفك دماء كثيرة حتي بين الثوار وزعمائهم, وتطورت لحرب أهلية, الي أن ظهر الشاويش نابليون بونابرت في نهاية المطاف ووقف أمام الثورة فالثورات لها فاتورة فادحة, ولابد من دفع ثمن التغيير للوصول للنضج السياسي وحالة الاستقرار في المشهد السياسي الداخلي.
تري أن البعض يظن عندما يري المراهقة السياسية عند النخبة والهبل الاعلامي في الفضائيات أن الأحوال في مصر تسودها الفوضي, ولكن اذا ما قارنا الأوضاع الراهنة مع الأوضاع اللاحقة لثورات أخري كثيرة نكون متفائلين ولدينا حالة من الثقة, أما ظهور حالة من القلق والتوتر هي مسألة طبيعية تحدث في أساسيات البناء السياسي الجديد, وما يحدث الآن فرز للشخصيات وللأحزاب والتي منها سوف يختفي لعدم وجود ايديولوجية وقضايا لها جمهورها عند الناس, والاختيار السياسي هو الذي سوف يفرز ويكون البقاء للأصلح.
وتضيف أمامنا مواقف صعبة ولدينا نعمة كبيرة متمثلة في الجيش المصري فعلينا ادراك هذه النعمة وعلينا أخذ الدواء المر للشفاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.