تعاني الخريطة الحزبية المصرية, برغم مرور ثلاث سنوات علي ثورة يناير, حالة سيولة عالية وعملية مخاض صعب, وتشترك الأحزاب القديمة وعددها24 حزبا مع الأحزاب الوليدة بعد الثورة وعددها58 حزبا , في ضعف التنظيم والتمويل والخبرة السياسية, وهو ما يجعل هذا العدد الكبير كضجيج بلا طحن, إذ لا يوجد بينها حزب واحد يستند إلي قاعدة جماهيرية تجعلها معبرا عن الشارع. وتنقسم هذه الأحزاب إلي خمسة تيارات أساسية هي: الأول: تيار الوطنية المصرية الإصلاحي, وهو يعتمد من الأفكار الليبرالية والعروبية والاشتراكية والإسلامية ما يناسب الواقع المصري أساسا له في إطار من الاعتدال والوسطية, ويمثله العديد من الأحزاب الشبابية الجديدة التي نشأت بعد الثورة وعددها26 حزبا, منها الاتحاد للنهضة المصرية, والعربي للعدل والمساواة, والإصلاح والتنمية, والحرية, والقومي المصري, وأحزاب ثوار التحرير, وشباب التغيير. الثاني: التيار الليبرالي, ويتشكل أساسا من نخب أحزاب الوفد, والغد, والجبهة الديمقراطية, والمصريين الأحرار, والعدل, ومستقبل مصر, وأحزاب صغيرة أخري بالإضافة إلي نخبة مثقفة تؤثر في الرأي العام, ومشكلة هذا التيار أنه تسوده الانقسامات والصراعات الشخصية والحزبية وأيضا الفكرية بين مكوناته فهو ليس تيارا واحدا في الحالة المصرية, وهو ما أفقده فعاليته حتي الآن في الحياة السياسية المصرية. الثالث: التيار العروبي, وهو ينطلق من أفكار القومية العربية في تبني سياسات الإصلاح في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, وقد أسبغ هذا التيار علي هذه السياسات المرجعية الاشتراكية وفلسفة القومية العربية إلي حد كبير, واستطاع وبفضل دوره في ثورة30 يونيو أن يعيد الزخم الشعبي له الأمر الذي قد يمكن هذا التيار من العودة بقوة إذا توحدت أحزابه في كيان واحد, وهي الناصري والكرامة أو الوفاق القومي. الرابع: التيار اليساري, وهو ينطلق من المرجعية الاشتراكية في وضع سياسات الإصلاح, ومشكلة هذا التيار أنه يتسم بالطابع النخبوي وبالضعف الشديد في أوساط الجماهير. ويشمل بالاضافة إلي التجمع و اليساريون الديمقراطيون والتعاون والتنمية والعدالة والتنمية و العمال المصري و الاشتراكيين الثوريين والحزب الشيوعي المصري والتحالف الشعبي. أما الخامس فهو: التيار الإسلامي الذي ينطلق من الرؤية الإسلامية في طرح رؤيته للإصلاح في مختلف المجالات وتمثله أحزاب الحرية والعدالة والوسط والإصلاح والنور والوطن والبناء والتنمية والحضارة ومصر القوية ومجتمع السلام والنهضة الإسلامية والسلامة والتنمية والنهضة المصري, ويتردد معظم هذه الأحزاب في اعتماد الآليات الديمقراطية لتداول السلطة ويطرح بدلا منها فكرة الشوري, ويمثل السلفيون معادلة مهمة في الحياة السياسية بأحزابهم النور والإصلاح والوطن, وهي أقوي من تيارات سياسية كثيرة, خصوصا لجهة انتشاره في محافظات الوجه البحري وبعض محافظات الوجه القبلي, لكن البرنامج الانتخابي لهذه الأحزاب يثير تساؤلات كثيرة, وكما تبرز الجماعة الإسلامية لكن ليس من المتوقع أن تحقق نجاحا كبيرا, إذ يبقي بعض أعضاء الجماعة يحملون للمصريين خطابا متعصبا يثير قلق البعض.