خريطة أولية للتيارات السياسية المصرية مختار شعيب لعل أهم تيار حرك مياه الاصلاح في المرحلة الراهنة بدأ منذ العام1995 عقب انتخابات مجلس الشعب وهو تيار الوطنية المصرية الذي يتشكل أساسا من النخبة الاصلاحية الجديدة في صفوف الحزب الوطني الديمقراطي. وبدأ هذا التيار خطواته بدراسة ما تبناه الرئيس حسني مبارك من خطوات عملية في مسار الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي, بالاضافة إلي دراسة التجارب الدولية في المجالات نفسها. وكان هناك سؤال أساسي سيطر علي هذا التيار وهو من أين تبدو خطوات الاصلاح, وكانت البداية بإصلاح كيان الحزب الوطني الفاعل الأساسي لهذه العملية, بهدف بلورة رؤية حقيقية للإصلاح تكون قابلة للتطبيق من خلال آليات ومؤسسات قادرة علي التنفيذ. ومن ثم كان لابد من البدء بإصلاح الحزب الوطني الديمقراطي اصلاحا جذريا ليس فقط لإطاره الفكري ولخطه السياسي وتوجهاته الأساسية وإنما اصلاح مؤسسي شامل علي أسس جديدة تعتمد الحوار الفعال والديمقراطية وسيلة للوصول إلي هذه الغاية. وبالاضافة إلي هذه العملية التي شهدت انطلاقتها في سبتمبر2002 ومازالت مستمرة تم وبالتوازي معها انتاج سياسات اصلاحية جديدة في مختلف المجالات بهدف خلق أجواء للاصلاح مواتية وبناء سياسات اصلاحية جديدة في مختلف المجالات تسهم بشكل كبير في بناء مصر الحديثة القوية. كما أن التفاعل الخلاق والبناء بين الحزب وحكومته اسهم في تطبيق سياسات الاصلاح علي أرض الواقع. ويعد هذا التيار هو الأبرز والأكثر تأثيرا في الحياة السياسية المصرية وتنطلق أيديولوجيته الاصلاحية من فكر وطني مصري شامل يعتمد من الأفكار الليبرالية والعروبية والاشتراكية والإسلامية ما يناسب الواقع المصري أساسا له في اطار من الاعتدال والوسطية. أما التيار الثاني الاصلاحي في الحياة السياسية المصرية فهو التيار الليبرالي والذي يتشكل أساسا من نخب حزبية الوفد, والغد, وأحزاب صغيرة أخري بالاضافة إلي نخبة مثقفة تقود الرأي العام في هذا الاتجاه. ومشكلة هذا التيار أنه يسوده الانقسامات والصراعات الشخصية والحزبية وأيضا الفكرية بين تياراته فهو ليس تيارا واحدا في الحالة المصرية وهو ما أفقده فعاليته حتي الآن في الحياة السياسية المصرية, والمكون الأساسي لسياسات الاصلاح التي يطرحها هذا التيار تعتمد فكرة الحرية والديمقراطية علي النمط الغربي, وبمعني آخر ليبرالية سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية, وهو الأمر الذي يصطدم مع مقاومة شديدة من بعض التيارات السياسية والفكرية الأخري علي الساحة المصرية كما يصطدم بتوجه رأي عام مناهض لهذه الأفكار إلي حد ما. أما التيار الثالث الاصلاحي في الحياة السياسية المصرية فهو التيار العروبي وهو الذي ينطلق من أفكار القومية العربية في تبني سياسات الاصلاح في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, وقد أسبغ هذا التيار علي هذه السياسات المرجعية الاشتراكية وفلسفة القومية العربية إلي حد كبير, ومشكلة هذا التيار أنه يتسم بالضعف العام وسط الجماهير ويتشكل أساسا من الحزب الناصري والتيارات الناصرية والعروبية الأخري التي تتسم بالتشرذم والصراع فيما بينها. أما التيار الرابع فهو التيار اليساري الذي ينطلق من المرجعية الاشتراكية في وضع سياسات الاصلاح في المجالات السياسة والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وإن كان يتبني فكرة الديمقراطية في مجال الاصلاح السياسي. ومشكلة هذا التيار أنه يتسم بالضعف الشديد في أوساط الجماهير. أما التيار الخامس علي الساحة المصرية فهو التيار الإسلامي الذي ينطلق من الرؤية الاسلامية في طرح سياسية للاصلاح في مختلف المجالات خاصة الثقافية والسياسية والاجتماعية, ويتردد في اعتماد الآليات الديمقراطية لتداول السلطة ويطرح بدلا منها فكرة الشوري. ورغم أن هذا التيار له شعبية في أوساط تيار من الجماهير إلا أنه أقل فاعليه وتأثيرا وجماهيرية أيضا عن تيار الوطنية المصرية الذي يقود حاليا سياسات وعمليات الاصلاح التي تتم في مصر. عن صحيفة الاهرام المصرية 2/10/2007