نائب محافظ سوهاج يفتتح أول مؤتمر للذكاء الاصطناعي بمشاركة 1000 شاب    نقابة المحامين توضح إرشادات يجب اتباعها خلال استطلاع الرأي بشأن رسوم التقاضي    بعد الزيادة.. مصروفات المدارس الحكومية والتجريبية لغات بالعام الدراسي الجديد 2025- 2026 (لكل الصفوف)    وزارة التضامن تقرر إضفاء صفة النفع العام على 3 جمعيات    ارتفاع جديد في سعر الذهب منتصف تعاملات السبت 21 يونيو 2025    البحوث الزراعية: استخدام المخلفات الزراعية يوفر العديد من فرص العمل و يخفض التلوث    وزير الإسكان ومحافظ المنيا يتفقدان محطتي مياه شرب العدوة الجديدة    وزير العمل ومحافظ كفرالشيخ يتفقدان الوحدة المتنقلة للتدريب المهني لتنمية مهارات الشباب    التخطيط تكشف ملامح "خطة المواطن الاستثمارية" لمحافظة الإسماعيلية لعام 2024/2025    وزير المالية: لا زيادة فى الضرائب بالموازنة الجديدة    جامعة سوهاج: قافلة بيطرية لقرية تونس ضمن «حياة كريمة» تفحص 760 حالة بالمجان    ضحايا الهجمات الصهيونية.. مقتل 430 ايرانيا وإصابة 3500 مدنى    مبابي يعود لقيادة هجوم ريال مدريد بمونديال الأندية في دور ال 16    الرئيس السيسى وملك البحرين يناقشان مستجدات الأوضاع ويحذران من اتساع دائرة الصراع    انطلقت اليوم.. سفير فلسطين بالقاهرة يتفقد لجان امتحانات الثانوية لطلبة فلسطين في مصر    اجرام الصهاينة ليس مع الفلسطنيين فقط…كبار السن دروع بشرية فى مواجهة الصواريخ الايرانية    الناشط الفلسطيني محمود خليل حرًا بعد احتجاز 3 شهور في الولايات المتحدة    نيويورك تايمز: خامنئي يعين من داخل المخبأ خلفاء محتملين في حال اغتياله    محمود عاشور حكما لVAR فى مباراة مان سيتى والعين الإماراتى بمونديال الأندية    تقرير| صن داونز على موعد مع التاريخ أمام بوروسيا دورتموند    إمام عاشور يغادر معسكر الأهلي المغلق في نيوجيرسي    البرازيل تتقدم بطلب رسمي لاستضافة كأس العالم للأندية    ضبط المتهم بإصابة مواطنين فى مشاجرة بالسادات    مراجعة ليلة الامتحان فى اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة × سؤال وجواب    إصابة 8 أشخاص فى انقلاب ميكروباص على طريق المنصورة جمصة بالدقهلية    المشدد 15 عاما لعاملين لاستعراضهما القوة وإصابة شخص بعاهة مستديمة بالقليوبية    وكيل الأزهر يطمئن طلاب الثانوية بشأن امتحان الفيزياء: «تتم دراسة ملاحظاتكم» (صور)    إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بأكتوبر    خبير دولى: إيران استعادت زمام المبادرة ووجهت ضربات موجعة لإسرائيل    رئيس وزراء صربيا يزور دير سانت كاترين بجنوب سيناء    حسام حبيب يطرح نسخة معدلة من "سيبتك"    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفي والإعلامى (4)    وزير الصحة يتفقد مستشفى مدينة نصر للتأمين الصحي ويوجه بزيادة القوى البشرية    طب قصر العيني" تعتمد تقليص المناهج وتطلق برنامج بكالوريوس الطب بالجامعة الأهلية العام المقبل    لتجنب الشعور بالألم.. كيف يعيش مرضى الضغط والسكري صيفا آمنا؟    بداية جديدة وأمل جديد.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    البابا لاوُن الرابع عشر: حرية الصحافة هي خير عام لا يمكن التخلّي عنه    "سينما 30" و"الإسكافي ملكا" الليلة بروض الفرج والسامر ضمن فعاليات مهرجان فرق الأقاليم المسرحية    «قصور الثقافة» تنظم أنشطة فنية وثقافية للأطفال احتفالاً ببداية الإجازة الصيفية    ضبط عددا من قضايا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    تفاصيل الكشف الأثري الجديد بتل الفرعون في محافظة الشرقية    جامعة كفر الشيخ الخامسة محليا في تصنيف التايمز البريطاني    رسميًا.. اليوم بداية فصل الصيف في مصر (تفاصيل)    وائل جسار يُقبل عَلَم المغرب في حفله ب مهرجان موازين    انطلاق انتخابات صندوق الرعاية الاجتماعية للعاملين بشركات الكهرباء    بمناسبة ذكرى ميلاد العندليب.. عبدالحليم حافظ في ضيافة مكتبة القاهرة الكبرى غدا    رئيس جامعة الأزهر: العقل الحقيقي هو ما قاد صاحبه إلى تقوى الله    رسالة أمل.. المعهد القومي ينظم فعالية في اليوم العالمي للتوعية بأورام الدم    ديمبلي يزف بشرى سارة لباريس سان جيرمان قبل مواجهة سياتل ساوندرز    «خلوا عندكم جرأة زي بن شرقي».. رسائل من وليد صلاح الدين ل مهاجمي الأهلي    جامعة القاهرة تطلق من المعهد القومي للأورام رسالة أمل فى اليوم العالمي للتوعية بأورام الدم    منى الشاذلي تتصدر تريند جوجل بعد استضافتها نجل حسن الأسمر: "كتاب حياتي" يُعيد الجمهور إلى زمن الأغنية الشعبية الذهبية    الرئيس الأمريكى يعلن توقيع إتفاق سلام بين رواندا والكونغو    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    تركي آل الشيخ يكشف سبب إقامة "نزال القرن" في لاس فيجاس وليس في السعودية    مؤمن سليمان يقود الشرطة للفوز بالدوري العراقي    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في مستهل تعاملات السبت 21 يونيو 2025    خطيب الجمعة بالأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المد الإسلامي ورهانات الخاسرين
نشر في المصريون يوم 25 - 04 - 2006


ثمة رهانات واسعة النطاق لنخب عربية وغربية على فشل تجربة الإسلام السياسي وأفولها في المرحلة القادمة، وتقيم هذه النخب دعوى الرهان على حجج ورؤى فكرية وسياسية مختلفة. فعلى الصعيد العربي لا يزال مفكرون في التيار اليساري يرون في الحركات الإسلامية قوة متحالفة مع الإمبريالية العالمية ضد المشروع التقدمي والطموح الاقتصادي العربي بالتحرر من التبعية والهيمنة الغربية وتسلط المركز الرأسمالي. أمّا الليبراليون العرب فيرون، تبعا لنخبة من المستشرقين الكبار، أنّ العالم العربي أمام خيارين متناقضين مختلفين؛ إما الأصولية الإسلامية وإمّا الليبرالية والفردية والحرية، وطالما أنّ الأصوليين أصحاب شعارات جوفاء فإنّ الواقع كفيل بكشف عجز المقاربة الإسلامية عن مواجهة مشكلات الواقع. وتتوافق رهانات نخب غربية واسعة مع الرؤى السابقة، إذ يرى مستشرقون وباحثون غربيون أنّ الانتشار والصعود الإسلامي لا يعكس إلا روح الإحباط وضعف المعرفة العلمية الموضوعية والواقع العام المترهل على الصعيد السياسي- الاقتصادي. وفي حال سيطر الإسلاميون على السلطة في دول عربية فلن تطول تجربتهم. مشكلة هذه الرهانات أنّها تختزل قراءة الحل الإسلامي بالحراك الذي يتم على السطح السياسي دون إدراك حقيقي للجذور الاجتماعية الراسخة له عربيا وإسلاميا، التي تجعل العلاقة بين المجتمعات العربية والإسلامية وبين المشروع الإسلامي علاقة عضوية. أمّا التنبؤ بفشل الحل الإسلامي قياسا على التجارب القومية والاشتراكية العربية فهو قياس مع الفارق؛ فتلك التجارب وليدة شروط تاريخية- نفسية مغايرة تماما لمقتضيات البيئة العربية- الإسلامية، التي ينطلق منها أصحاب المشروع الإسلامي. الملاحظة الرئيسة التي تغيب عن المبشرين بفشل الحل الإسلامي أنّ الشعوب العربية والمسلمة لا تبني علاقتها بالإسلام على حسابات الربح والخسارة الواقعية، وإنما هي صلة روحية، لها وشائجها غير المادية، وربما يؤدي إخفاق الحركات الإسلامية وعجزها أو أزمتها في دولة وظروف تاريخية- سياسية معينة إلى مراجعة لسمات تلك التجربة وترجيح مقاربة إسلامية على أخرى، لا الرجوع عن الحل الإسلامي أو رفضه من الأصل. ففي التجربة المصرية والجزائرية، على سبيل المثال، وجدت المجتمعات أنّ الحركات التي تتبنى الخيارات المسلّحة والمتشددة، في ردها على قمع السلطة، قد ورطتها في أزمات كبرى سياسيا واقتصاديا، وهو ما عزز التفاف الجماهير حول الحركات"المعتدلة"، ولم يؤد – في المقابل- إلى انحسار المد الإسلامي ذاته. وفي التجربة التركية لم تجُدِ كل محاولات"العلمنة القسرية" إلا في تأكيد الهوية الإسلامية للمجتمع وتعزيز حضور التيار الإسلامي وقدرته على تطوير مقاربته الأيدلوجية والتحلي بروح براغماتية أكبر. إلا أن الجذور الاجتماعية للمشروع الإسلام تتجاوز "الصلة الروحية" إلى خبرة تاريخية ممتدة مؤثرة وتراث عريض متراكم، عبر قرون طويلة، له حضوره في الواقع الشعوري والمعرفي للعرب والمسلمين. كما أن هناك تيارا واسعا من المفكرين والأدباء والعلماء والفقهاء والمثقفين والمؤسسات الدينية والاجتماعية وشبكات وعلاقات اجتماعية كلها مبنية على التواصل الكامل مع المشروع الإسلامي. إذاً، الحديث عن تجاوز الحل الإسلامي في المجتمعات العربية غير واقعي، وبدلا من ذلك لا بد من التفكير في ترشيد المقاربة الإسلامية وتطويرها، وهو ما يقودنا إلى مناقشة رهان خاسر آخر يتمثل بافتراض حالة من التناقض بين الديمقراطية وتطوير المجتمعات العربية والإسلامية وبين الحل الإسلامي. ويقوم - هذا الرهان- على عدم التمييز بين الخطابات الإسلامية على اعتبار أنّها في السياق العام تنبثق من خطاب تاريخي معادٍ لقيم الحداثة ويتخذ من الديمقراطية أداة للوصول إلى أهدافه السياسية بإقامة الدولة الإسلامية. يتجاهل هذا الرهان مقاربات فكرية وسياسية إسلامية على درجة من الاجتهاد والمعاصرة والتواؤم مع روح العصر ومقتضياته. بل نجد أنّ كثيرا من الحركات الإسلامية اليوم تطور رؤاها وتجدد مشاريعها السياسية وتقبل بكثير من القيم والأفكار التي كانت في السابق إمّا مرفوضة أو موضع جدل عنيف في الحراك الإسلامي الداخلي. وتؤكد الدراسة الجديدة الصادرة عن مؤسسة كارنيغي للسلام بعنوان: "الحركات الإسلامية والعملية الديمقراطية في العالم العربي: اكتشاف المناطق الرمادية" على أنّ الحركات الإسلامية قد طوّرت بالفعل خطابها السياسي باتجاه القبول بالقيم والمفاهيم الديمقراطية. وتستعرض الدراسة ما تسميه"المناطق الرمادية" في فكر الحركات الإسلامية، أي التي تمثل موضع جدل وخلاف غير واضح. وتتناول، في هذا السياق، عدة قضايا ومفاهيم: القانون الإسلامي، استخدام العنف، التعددية السياسية، الحقوق المدنية والسياسية، حقوق المرأة والأقليات الدينية، وتؤكد على وجود تطور في رؤية الحركات الإسلامية تجاه الموضوعات السابقة. وتصل – الدراسة- إلى أنّ الحركات الإسلامية المعتدلة سيكون لها دور كبير في صوغ المستقبل العربي على النقيض من الحركات الراديكالية، التي على الرغم من قدرتها على تحقيق الأذى ضد أناس كثيرين، إلاّ أنّها لا تمتلك أهدافا سياسية واقعية. وفي ظل ضعف التيار"الليبرالي" فإنّ إدماج الحركات الإسلامية الإصلاحية في الحياة السياسية سيساهم في تعزيز مسارها الواقعي ودعم الحياة الديمقراطية في العالم العربي. وإذا خرجنا من سياق الحركات إلى الخطاب الإسلامي ستكون الأمور أوضح تماما، إذ إن هناك تيارا فكريا عقلانيا يقدم مقاربة متقدمة على صعيد العديد من القضايا والمفاهيم، سواء على المستوى السياسي أو الثقافي الاجتماعي. لكن المشكلة الحقيقية ليست في الخطاب الإسلامي بقدر ما هي في النظم العربية الحالية، التي تمثل بحق حجر العثرة أمام طموح المجتمعات والشعوب العربية بالديمقراطية، وهي التي تؤدي بممارستها وفشلها في إدارة أزماتها إلى تعزيز حضور التيار المتشدد وإضعاف التيار الإصلاحي المعتدل. في المقابل، هناك رهانات ناجحة ومفيدة؛ الأول هو القبول بالحركات الإسلامية المعتدلة ومنحها الفرصة للاندماج في الحياة السياسية وتطوير مقاربتها السياسية والفكرية، والثاني تمكين التيار الإصلاحي المعتدل من الإمساك بمفاتيح الإصلاح الديني لتحقيق اختراق ثقافي واجتماعي وتعريف الوظيفة السياسية والاجتماعية للإسلام. والرهان الثالث تطوير المؤسسات الدينية وكليات الشريعة وبناء مؤسسات فقهية حديثة لضبط الفتوى وبث الروح في مفهوم الاجتهاد والتجديد. المصدر : العصر

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.