فى ابريل 1955 التقى الرئيس جمال عبدالناصر رئيس مجلس الدولة الصينى شو إن لاى، على هامش المؤتمر الآفروآسيوى فى باندونج بإندونيسيا، وبحثا إقامة علاقات دبلوماسية بين مصر والصين، وفى العام التالى تم تبادل السفراء.. ذلك اللقاء له أبعاد رمزية مازالت تمثل أساسا قويا للعلاقات بين القاهرةوبكين، وكانت أحد عوامل رفع مستوها إلى الشراكة الاستراتيجية، خلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للصين فى ديسمبر 2014. إعلان القاهرة وهناك محطات رئيسية فى مسيرة العلاقات المصرية- الصينية، وأحداث تاريخية سبق بعضها إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية، التى ستكمل عامها ال60 فى مايو المقبل، تؤكد أن القاهرةوبكين تمسكتا منذ البداية بمساندة كل منهما الآخر، فإضافة إلى العلاقات التاريخية، التى كان طريق الحرير أحد عوامل قوتها، حيث كانت تجارة الحرير الصينى تمر إلى أوروبا عبر مصر، فقد تواصلت الروابط بين البلدين، والمواقف القائمة على المبادئ فى العصر الحديث. ففى 27 من نوفمبر 1943 شهدت القاهرة توقيع وثيقة تعتبرها الصين إحدى أهم وثائق فترة الحرب العالمية الثانية، حينما وقع كل من رئيس الوزراء البريطانى فى ذلك الوقت ونستون تشرشل، والرئيس الأمريكى فرانكلين روزفلت، وقائد الجيوش الصينية تشان كاى شيك، على «إعلان القاهرة» للضغط على اليابان حتى تعيد الأراضى الصينية التى احتلتها، ثم عندما تأسست جمهورية الصين الشعبية عام 1949 واختارت الاشتراكية نظاما للحكم رفضت الولاياتالمتحدةالأمريكية الاعتراف بالجمهورية الجديدة، وأعاقت مساعيها لاسترداد مقعد الصين فى الأممالمتحدة، وفرضت عليها عزلة سياسية وحصارا اقتصاديا وطوقتها عسكريا، وبعد 6 سنوات من إعلان جمهورية الصين الشعبية لم يتجاوز عدد الدول التى تعترف بها، وتقيم معها علاقات دبلوماسية 23 دولة، معظمها دول اشتراكية وآسيوية مجاورة للصين، ومن هنا كانت إقامة مصر علاقات دبلوماسية مع الصين أمرا مهما بالنسبة لبكين، حيث إن مصر من الدول صاحبة الحضارة، وهى أول دولة عربية وإفريقية تقيم علاقات مع الصين، وقد سبق الإعلان الرسمى عن العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين تواصلا بين البلدين على عدة مستويات، فقد بدأ الاتصال فى ابريل 1953، عندما بعثت مصر أحد رجال الأعمال إلى الصين ليبحث المسائل التجارية بين البلدين، ويعرض على الجانب الصينى استيراد القطن المصرى، وهو ما وافق عليه رئيس مجلس الدولة الصينى شو إن لاى. بعد اللقاء التاريخى بين عبدالناصر وإن لاى فى باندونج وبحثهما إقامة العلاقات الدبلوماسية، واتفاقهما مبدئيا على تطبيع العلاقات الثنائية تدريجيا، بدءا بالتجارة، تسارعت وتيرة اللقاءات بين المسئولين من مصر والصين، ففى مايو 1955 زار وزير الأوقاف أحمد حسن الباقورى بكين، ليكون أول وزير مصرى يزور الصين رسميا، وقد استقبله شو ان لاى، وأكد له أن حكومة الصين تدعم النضال العادل لمصر والدول العربية ضد عدوان إسرائيل. تبادل السفراء كانت الخطوة الأخيرة قبل إعلان إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين إصدار مجلس الوزراء المصرى فى 16 من مايو 1956 قرارا بسحب اعترافه ب»حكومة تايوان»، والاعتراف بجمهورية الصين الشعبية، ووهو ما جعل رئيس مجلس الدولة الصينى شو إن لاى يبعث رسالة للرئيس جمال عبدالناصر فى 18 من مايو، أعرب فيها عن ترحيبه الحار ب»قرار مصر الودى». وفى الثلاثين من مايو أصدرت حكومتا الصين ومصر بيانا مشتركا بإقامة العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء بشكل رسمى. تاريخ لا ينسى شهدت العلاقات المصرية- الصينية أحداثا مهمة ارتبطت بتواريخ لا ينساها الجانبان، مثلت اختبارات متتالية لقوة ومتانة هذه العلاقات، وقد نجحت كل من القاهرةوبكين فى اجتياز هذه الاختبارات، انطلاقا من المبادئ والأسس التى تقوم عليها العلاقات الثنائية بين الصين ومصر: * 15 أغسطس 1956: أصدرت الحكومة الصينية بيانا أبدت فيه تأييدها التام لمصر فى تأميم قناة السويس. الأول من نوفمبر 1956: أدانت الحكومة الصينية فى بيان لها العدوان الثلاثى على مصر. 3 نوفمبر 1956: احتشد آلاف الصينيين فى الميدان السماوى «تيانآنمن» دعما لمقاومة الشعب المصرى للعدوان الثلاثى. ديسمبر 1963: رئيس مجلس الدولة الصينى شو إن لاى يزور مصر، فى بداية جولة شملت 14 دولة من آسيا وافريقيا وأوروبا، وكانت أول زيارة يقوم بها مسئول صينى لقارة إفريقيا. 1966- 1969: خلال فترة الثورة الثقافية التى دشنها الزعيم الصينى ماوتسى تونج سحبت الصين سفراءها من المنطقة العربية، وكانت مصر الدولة الوحيدة التى استثنتها الصين من هذا القرار. مارس 1986: الرئيس الصينى لى شيان نيان يلقى كلمة فى جلسة مشتركة لمجلسى الشعب والشورى، خلال زيارته للقاهرة كأول رئيس صينى يزور مصر. 8 أكتوبر 1991: افتتاح الخط الجوى بين بكينوالقاهرة رسميا. ابريل 2000: خلال زيارته للإسكندرية قال الرئيس الصينى الأسبق جيانج تسه مين إن الصين كان لها سفير فى مصر عام 137 قبل الميلاد. يناير 2004: الرئيس الصينى السابق هوجينتاو يزور القاهرة، والإعلان عن إقامة منتدى التعاون الصينى العربى، عقب اجتماعه مع أمين عام جامعة الدول العربية.