في مايو عام 1956، تصافحت الصين الآسيوية ومصر الافريقية- صاحبتا الحضارة العريقة- والتقت ارادتهما المشتركة على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وأصبحت مصر أول دولة عربية وإفريقية تقيم العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية. الأمر الذى فتح فصلا جديدا في تاريخ العلاقات بين البلدين وشجع بصورة كبيرة حركات التحرر والنهضة فى كل من آسيا وإفريقيا بما يعنى تجاوز حدود العلاقات الثنائية بين الصين ومصر. يستشهد السيد سونج أى قوه سفير الصين في القاهرة بمثل يقول: «عندما تشرب الماء لا تنسى من حفر البئر» مضيفا أنه يجدر بنا أن نخلد ذكرى شخصين عظيمين - تشو أن لاي رئيس الوزراء الصيني الراحل وجمال عبد الناصر الرئيس المصري الراحل. فأول لقاء بينهما والذي كان في مؤتمر باندونغ المنعقد في إبريل عام 1955 كان بمثابة لقاء بين صديقين، حيث أسهم حديث القلب إلى القلب الذي كان يدور بينهما في وضع حجر الأساس لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد سنة واحدة من ذلك اللقاء. ويقول ان مفهوم التنمية الذي تتبناه مصر ويتمثل في شق قناة السويس الثانية وتطوير محور قناة السويس يتلاحم مع الفكرة الاستراتيجية التي طرحتها الصين لإحياء طريق الحرير. وأشار إلى أن إستراتيجية بناء «الحزام مع الطريق» التي طرحتها الحكومة الصينية ستخلق فرصا لا مثيل لها لتعزيز العلاقات بين الصين ومصر. وقال في تصريحات ان لدى الصين ومصر إمكانات كبيرة للتعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والاتصالات والتصنيع مما يسهم في ازدهار البلدين وان تحقيق الحلم الصيني في التنمية سوف يزيد رفاهية الشعبين المصري والصيني وأضاف ان البلدين ينتميان الى الدول النامية ويمران حاليا بمرحلة مهمة مما يستلزم تعزيز جهود التعاون بما يخدم الشعبين ويسهم في قضية السلام والتنمية على الصعيد العالمي وقال السفير الصيني ان مصر والصين تنتميان الى الدول ذات الحضارات العريقة وتجمعهما علاقات صداقة حيث كانت مصر اول دولة عربية وإفريقية أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين الجديدة. وأشار الى انه منذ تبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين قبل 58 عاما ظل البلدان يتبادلان الدعم والتنسيق وان الصين تدعم بكل ثابت الحكومة المصرية ومسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي وأوضح ان مصر دولة إقليمية كبيرة تتمتع بنفوذ عالمي و ان الصين تحرص على تطوير العلاقات مع مصر من منظور استراتيجي طويل المدى. وقال السفير الصيني ان بلاده شهدت تغييرات تاريخية منذ 65 عاما ونجحت في تحقيق التنمية التي تتفق مع ظروفها الخاصة بما يسهم في تحقيق السلام والتنمية للعالم. وتبلغ قيمة الاستثمارات الصينية بمصر نحو 500 مليون دولار، ويتوقع أن يصل حجم التجارة البينية بين البلدين بنهاية العام الحالي إلى 11 مليار دولار بزيادة مليار دولار عن العام الماضي. ويؤكد أن علاقات التعاون والصداقة بين الصين ومصر شهدت تقدما مستمرا بعد إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. حيث ظلت الصين تتمسك بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي كمبادئ أساسية لادارة علاقاتها مع مصر، وتدعم بكل حزم القضايا المصرية والعربية العادلة في مواجهة الاعتداءات الخارجية والحفاظ على سيادة الوطن وسلامة الأراضي. وعندما تعرضت مصر للعدوان الثلاثى فور إعلان حكومتها تأميم قناة السويس في يوم 20 نوفمبر عام 1956، سارع تشو أن لاي رئيس الوزراء الصيني الراحل بالاتصال هاتفيا بالرئيس جمال عبد الناصر، حيث أعرب عن دعم الشعب الصيني الكامل لقضية مصر العادلة وأعلن تقديم معونات مالية إلى مصر. وكان ما قدمته الصين حكومة وشعبا من المساعدات الداعمة للعدل في وقت الضيق وفي المراحل الاولى بعد إقامة العلاقات يلعب دورا كبيرا فى تعزيز الصداقة بين البلدين . ويشير الى أن الصين ترى دوما مصر صديقا حميما لها, ففي ديسمبر عام 1963 بدأ السيد تشو آن لاي جولة شملت 14 دولة من آسيا وإفريقيا وأوروبا، فى أول زيارة يقوم بها مسئول صينى لقارة إفريقيا – وكانت مصر أول محطة في هذه الزيارة، حيث لقى تشو أن لاي استقبالا حارا من قبل حكومة مصر وشعبها، مما سطر صفحة مشرقة في تاريخ الدبلوماسية الصينية والعلاقات الصينية الافريقية. وكانت مشاهد هذه الزيارة حدثا طيبا تناقلته الألسن وعاش في ذاكرة الشعب الصيني والأصدقاء المصريين. ويضيف أن الصين ظلت تساند مصر حكومة وشعبا في جميع المناسبات التاريخية الحاسمة التي مرت بها مصر وتقدم لها الدعم المعنوى والمادى. فى الوقت نفسه ظلت مصر تلتزم كل الالتزام بسياسة الصين الواحدة وتؤيد الصين في قضية تايوان وغيرها من القضايا المهمة المتعلقة بسيادة الصين وسلامة أراضيها. ويقول السفير الصيني انه في عام 1999 كانت إقامة علاقات التعاون الاستراتيجي الصينية - المصرية نتيجة حتمية للتطور المستمر للعلاقات الثنائية، فأصبحت مصر أول دولة إفريقية وعربية تقيم هذا النوع من العلاقة مع الصين، الأمر الذى يشكل معلما آخر في تاريخ العلاقات بين البلدين ويثبت دعائم تطوير العلاقات الثنائية في القرن الجديد. و قال انه خلال الفترة التي شهدت فيها مصر تغيرات عنيفة لم تنسحب أي شركة صينية من مصر، وبالعكس قدم الجانب الصيني معونات إلى مصر. ويختم السفير الصيني قائلا ان المثل المصري يقول “الإنسان يخاف الزمن والزمن يخاف الهرم”، كما يقول المثل الصيني إنه «مثلما يكشف الطريق الطويل أصالة الحصان تكشف المهمة طويلة المدى معدن الإنسان».