تستعين التربية بواجبات عديدة، تحمل منهجا قويا للإصلاح، وسندا متينا يقضى على ظلمات الجهل والضلال، ويرسى قواعد الأخلاق، ويضبط مقاييسها، ويعطى المدد الذى لا يغلب، والنور الذى لا يخبو، ويواجه تحديات الفكر المنحرف، والآراء المتطرفة، والأمراض المعاصرة، والشباب ذخيرة الوطن وسلاحه الفتى، ولن ينعم بحياة مشرقة بالفضائل والآداب، حافلة بالاستقامة والفلاح، مزدانة بالحكمة والموعظة الحسنة، إلا إذا منحته أهم الواجبات ثمرات التربية الدينية، ليتمكن من العيش لرسالة جليلة، والعمل لغاية رفيعة، تحارب أعداء الحق والخير والرحمة، وتؤكد أن من يؤثر العنف والبطش والقتل، والتعصب والبغض والحمق، والسفه والتخريب والبغى عاقبته الفشل والخسران، فحشد السماحة والرحمة والعدالة الذى يسمو فى الدين يحاربه، وشرف النبل واللطف وحسن المعاملة يهزمه، ونبذ الاسلام كل ألوان التعصب المقيت، وضروب العنت والسفه المنكرة ويحطمه ويسحقه، إن أهم الواجبات يجب أن يقوم بتعليم قوى متين للدين الرشيد، والتوعية بوجوهه الصحيحة، والاحتفال بالتراحم والتعاطف والتواد، فيثبت بحق أن الاسلام دعوة سلام ورحمة وعدل وخير يقول الله لرسوله : »وماأرسلناك إلا رحمة للعالمين« ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : »لن تؤمنوا حتى ترحموا« ويقول أيضاً : من لا يرحم من فى الأرض لا يرحمه من فى السماء«. وحين يعتصم الشباب بالدين الرشيد يسكن فى قلوبهم العلم والحلم، وفى خلقهم الإيناس والبر، وفى طبعهم السهولة والرفق، ويدركون أن عليهم دائما توقير جوانب الرحمة واللين، لأنها أساس النجاح والفلاح يقول الحق سبحانه : »فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك«. والتوقير الجليل يقودهم جميعا إلى استنكار قتل الأبرياء، ونشر الافتراءات، وتخريب المنشآت، ويدلهم على أن الإيمان بالمنهج السديد الذى دعا إليه رب العالمين هو الطريق الذى لا طريق سواه إلى الرشاد والسلام والأمن والنجاة يقول هذا المنهج : «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن..» إن التربية الدينية التى يعنى بها أهم الواجبات تنهى عن ترويع الآمنين فى أى وقت يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : «لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً» ويقول أيضاً «من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهى وإن كان أخاه لأبيه وأمه» أما شريعتنا السمحة فتمتلئ بأحكام تعظم الرحمة، وتجل الخلق الكريم، وتصون الإخاء الصادق، وتحفظ الرفق والبر، وفى منهجها الهادى يحرم القتل والتخريب والإيذاء والتضليل. وأرى أن أهم الواجبات يطالب الآن الأزهر الشريف بدعم كبير عن طريق لجنة عليا لتجديد الخطاب الدينى وحماية الشباب تضم عدداً من كبار العلماء برئاسة شيخ الأزهر، تقدم العون فى تجديد الخطاب الدينى، وترعى مسيرته الشريفة، وتكشف ضروب الزيف والفساد وكل الأباطيل، ومايصنع مع بعض الشباب لكى يعادى الحق والعدل والأمن، ويبغض ماحث عليه الدين الوسطى الرحيم من التواد والتعاطف والتراحم، وإجلال الحكمة والموعظة الحسنة. ولا يقف الأمر عند هذا الحد فقد آن الأوان لكى يشترك فى العناية بالتربية الدينية المسجد والأسرة والمدرسة والجامعة ورعاية الشباب والأحزاب وأجهزة الإعلام بكل مايستطاع، إلى جانب مناهج واعية مسئولة، يعول على وجهها الصحيح، المبسط الخالى من التعقيد، القريب من القلب، الفياض بضروب العلم والإيمان والسماحة. وكل ذلك كفيل بحفظ الدماء، ومنع أى تخريب أو ظلم أو عدوان، ومهما صنع الشر فإن إغراءاته ومؤامراته لن تنال شيئاً، فالفوز للتربية الرشيدة السمحة، وماتحظى به من الاستقامة والعدالة والرشد، وأنوار العقيدة والتقوى والصلاح والأمن، ومساندة الفهم الصحيح، وقوة الحق المبين. لمزيد من مقالات د. حامد محمد شعبان