من المرجح ألا يكون حظ قرارات قمة الاتحاد الافريقى الرابعة والعشرين بشأن تمكين المرأة وتنمية افريقيا أفضل فى التنفيذ على أرض الواقع من حظوظ قرارات القمم السابقة. فحال المرأة لم يتغير كثيرا وكذلك مستوى معيشة الأفارقة رغم أن كل القمم حملت عناوين مثل: الزراعة والأمن الغذائي..افريقيا خالية من الصراعات بحلول عام 2010.. توفير فرص عمل وتنمية الريف ..استئصال الفساد...إلخ. فالحروب الأهلية لم تنته تماما والفقر ونقص الغذاء وسوء التغذية مازال يفتك بنصف سكان القارة وأمراض خطيرة مثل الايدز والايبولا والسل والملاريا تودى بحياة مئات الآلاف سنويا والفساد يضرب فى كل جنباتها.وزاد الوضع سوءا اتساع نطاق الإرهاب وتعدد جماعاته ليستنزف جزءا معتبرا من ميزانيات الدول التى تعانى أصلا من العجز ولا تلبى احتياجات المعيشة اليومية،فما بالك بالانفاق على مشروعات التنمية. فيما يتعلق بالمرأة الإفريقية التى جعلتها قمة أديس أبابا عنوانها، ومن قبل طالبت قمة شرم الشيخ عام 2008 بالارتقاء بوضعها وتمكينها اقتصاديا، مازالت محرومة من تملك الأرض ولا يحق لها أن ترث أباها أو زوجها ولا تهتم الغالبية العظمى من الوالدين بتعليمها ويتم تزويجها فى سن مبكرة جدا وكثيرا دون رغبتها فى الزواج أو الزوج وفقا للتقاليد التى تعارفت عليها القبائل خاصة فى دول جنوب الصحراء..تمارس أعمالا شاقة من الزراعة والرعى والتجارة حيث تشكل 70% من العاملين فى الزراعة وتنتج 90% من الغذاء، وهى أول من يعانى ويلات الحروب مشردة ولاجئة وراعية لأطفالها الكثيرين فى غياب زوج مقتول أو منخرط فى الحرب أو هارب من المسئولية. أكثر من ذلك أن 56% من الافريقيات مصابات بالايدز وتفقد امرأة جنينها كل دقيقة وتموت واحدة من كل 16 مقابل واحدة فقط من 3800 فى الدول المتقدمة.. يموت12 ألف طفل يوميا بالايدز والملاريا والحمى الصفراء والفيروسات الكبدية ومازال معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة هو الأعلى فى العالم بنسبة 16% مقابل 6 فى الألف بالدول المتقدمة وترتفع النسبة فى دولة مثل سيراليون الى 27%. وهناك 47 مليون طفل افريقى لا يحصلون على فرصة التعليم الابتدائى سنويا.ربما كان التقدم الوحيد فى دنيا المرأة هو ارتفاع نسبة مقاعدها فى المجالس البرلمانية من 7% عام 1990 الى 17% عام 2007 وكذلك توليها منصب الرئيس فى ليبيريا وافريقيا الوسطي.وفى مجال الأعمال برزت والدة رئيس كينيا وابنة رئيس أنجولا وسيدة نيجيرية ضمن 55 مليارديرا افريقيا خلال عام 2013 لأسباب من بينها المحاباه والفساد. وفيما يخص التنمية أقرت قمم 2003 و2004 و2006 و2008 و2014 برنامجا شاملا للتنمية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي، ومازال نحو 300 مليون افريقى يعانون نقص التغذية والجوع رغم أن 70% من الأفارقة مزارعون وتكفى الأراضى الصالحة للزراعة لانتاج غذاء يعادل ضعف احتياجات سكانها لو أحسن استغلالها.وفى قمة 2004 أقر القادة خطة لتوفير فرص عمل جديدة وتنمية الريف، وبقى نصف الشباب عاطلين عن العمل وتصل نسبتهم فى بعض الدول الى 75% حيث تقدر الاحصائيات أن 6% فقط من الأفارقة فى دول جنوب الصحراء الأربع والثلاثين لهم وظائف ثابتة. لم تنفذ مبادرة الشراكة من أجل تنمية افريقيا (نيباد) منذ اطلاقها قبل 12 عاما حيث كان من المفروض أن تخفض نسبة الفقراء الى النصف بحلول عام 2015 وذلك لعدم توافر التمويل اللازم بينما يوجد لافريقيا 200 مليار دولار استثمارات فى الخارج لم تنجح الحكومات فى جذب ولو جزء منها بسبب تفشى الفساد وغياب الديمقراطية وعدم الاستقرار، لتبقى 19 دولة افريقية من أصل 22 دولة فى العالم كله معرضة للمجاعة.ومازال 188 مليون افريقى يعيشون داخل عشش من الصفيح ومساكن عشوائية من بينهم 166 مليونا فى دول جنوب الصحراء. كما يعيش نحو 70 % من سكان تلك الدول بلا كهرباء و56% منهم دون مياه شرب نظيفة أو صرف صحي. وذات يوم أعلنت مجموعة جلوبال باسيفيك الاستشارية أن الطبقة المتوسطة فى دول افريقيا جنوب الصحراء لا تزيد نسبتها على 5% من عدد سكانها مما يعنى أن الأفارقة ينقسمون بين قلة تتمتع بثراء فاحش وأغلبية عظمى تصارع الفقر.ربما كان التحسن الوحيد فى مجال الاتصالات بفضل انتشار الهاتف المحمول ورخص ثمنه وقلة تكلفة بنيته الأساسية. أما عن الفساد فقد بلغ حجم الأموال التى تم تهريبها بين عامى 1970 و2010 الى خارج القارة 683 مليار دولار،ما يعادل نحو مرة ونصف المرة حجم ديونها الخارجية. وأما الصراعات العرقية والدينية التى تعوق التنمية والاستثمار وجذب رءوس الأموال من الخارج فمازالت تمسك بتلابيب دول عديدة مثل السودان وجنوب السودان والصومال ونيجيريا وافريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية ومالى وليبيا بينما يقف الاتحاد الافريقى عاجزا عن فضها سياسيا أوعسكريا لأنه لم يتم تنفيذ مقررات قمة 2003 بإنشاء قوة تدخل سريع لحفظ السلام وفض النزاعات تتكون من 15 ألف جندى يرابطون فى قواعد اقليمية بحلول عام 2005 ويتم توسيع نطاقها ليشمل كل أنحاء القارة بحلول 2010. لمزيد من مقالات عطيه عيسوى