أن أذهب كل أسبوع للعملاق (نجيب محفوظ لابنى على رأيه تحقيق أدبي) أقدمه لصفحة الأدب! شىء مدهش كلما تذكرته!! فقد كنت أوائل الثمانينيات مجرد قزم فى عالم الصحافة، فما بالك بعالم عمالقة الأدب! لكن أن يساعدنى نجيب محفوظ لأوقع بتوفيق الحكيم؟ وأخرجه عن صمته! ليشارك برأيه فى واحد من تلك التحقيقات؟ فهذا على رأى الست «شويكار» شىء لا يصدقه عقل! ذهبت إليه بمكتبه فى «الأهرام»، «الدور 6» دور عمالقة الفكر والأدب فى مصر والعالم العربى والدموع فى عينى استغيثه فى حوار مع الصامت فى هذا الوقت توفيق الحكيم، وإذا به يضحك من براءتى ويبدو أنه أصيب بعدوى التحدى وقال: لن يتحدث إلا بمقلب ندبره سويا!! نظرت إلى قامتى وقامته وابتسمت؟ وبالفعل شىء لا يصدقه عقل؟ أنا ونجيب محفوظ نعمل مقلب فى توفيق الحكيم؟ اتفقت مع عملاق الأدب أن ألحقهم فى الأسبوع القادم على مقهى الشانزليزيه بالإسكندرية، حيث ينقلون نشاطهم واجتماعاتهم اليومية مع بداية موسم الصيف، وسيبى الباقى علىَّ قالها وتركنى. دخلت المقهى ومعى المصور لأجد توفيق الحكيم يجلس بجانب نجيب محفوظ، وأول ما رأنى كأنه رأى الثعبان الأقرع زعق فى وجهى مافيش صحافة وإذا بنجيب محفوظ يهدئ من روعه قائلا:دى جايه عشانى مش عشانك، ولم يتردد أجلسنى فى الوسط بينى وبينه ومن حولنا كوكبة من تلاميذ نجيب محفوظ. وقال.. افتحى الكاسيت وإذا به يدير الحوار معى عن المرأة!! واشتعلت المعركة الكلامية، وإذا بتوفيق الحكيم يلقى بأذنه ثم يتنحنح وفجأة يقاطعنا معترضا وفى مداخلة بدون فاصل أخذ يواصل والكاسيت شغال! ونجيب محفوظ يضحك ويحذره بعدم التراجع، وعدم العودة للصمت الرهيب، ولم يتراجع وأنا أشد فى شعرى من الفرحة، ومثل ارشميدس وجدتها ثم حملت الكاسيت بالمقلب، وسلمت على نجيب محفوظ وهو يضحك فعلناها!! نجحنا!! لقد كان تحدى لى أنا شخصيا!! أيام عشتها قزم فى بلاد العمالقة.