مع كل إرتفاع فى سعر صرف الدولار أمام الجنيه فى السوق الموازية تخرج أصوات تطالب البنك المركزى بالتدخل، وتبدأ عملية تسخين إعلامية فى سياسة قطيع غير مبررة، والهدف من هذا هو حث البنك المركزى على التضحية بجزء من أموال الإحتياطى للدفع بها فى السوق لتدخل بعد ذلك لجيوب تجار العملة، وتبدأ مرحلة مضاربة جديدة. والأمر المريح أن البنك المركزى يدرك ذلك جيدا، ولا يتدخل إلا للضرورة القصوى، بينما يعمل من خلال أدواته والأليات التى أطلقها من تلبية الطلب الحقيقى للإستيراد، وتشجيع البنوك على فتح الإعتمادات للسلع الحيوية والإستراتيجية المهمة، فلم نشهد إختناقا فيها، وهذا هو المهم. سياسة المركزى الحكيمة فى إدارة الإحتياطى، أو فى إدارة السياسة النقدية ككل كانت سببا فى عدم إنفلات الأسعار فى السوق المصرية على الرغم من كل الضغوط السياسية والظروف الأمنية التى نمر بها، فالمركزى يمسك بلجام السوق بأسلوب السهل الممتنع، ويقوم بإدارة السياسة النقدية دون تشنج أو إنفعال. والأكثر أهمية أن المركزى لم يعزل الجهاز المصرفى عن السياسة الإقتصادية ككل ، حيث أكد من خلال قراراته التى أطلقها أنه الذراع التى تساعد الإقتصاد للتحرك من خلال مبادراته لإنعاش السوق مثل مبادرة التمويل العقارى والتى تجر فى معهاأكثر من مائة صناعة، أو التسهيلات التى قدمها لقطاعى السياحة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بما يحث البنوك على توجيه التمويل لهذه القطاعات بما يزيد من جانب العرض، وبما يعنى فى نهاية المطاف تحقيق إستهداف السياسة النقدية للتضخم. حقيقة أن هناك نجاح كبير للسياسة النقدية، ولكن إستمرار الإعتماد عليها كبديل للسياسة المالية هو تحميل للسياسات النقدية بأكثر مما هى مسئولة عنه، والمطلوب مزيد من التفعيل للسياسات المالية، ولن يكون ذلك إلا بحل مشكلات مزمنة وفى مقدمتها سياسات الدعم.