6 مرشحين يتنافسون على الإعادة في دائرة ملوي    6 مرشحين يتأهلون لجولة الإعادة في دائرة بندر ومركز المنيا البرلمانية    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    تعرف على أسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه اليوم الأربعاء 12-11-2025    سعر الذهب العالمى يتراجع.. ومحليا عيار 21 يسجل هذا الرقم    البيضة ب 3 جنيهات.. أسعار البيض فى كفر الشيخ الأربعاء 12 نوفمبر 2025    حملة ميدانية لإعادة الإنضباط ورفع الإشغالات بمدينة شبرا الخيمة    وزير السياحة والآثار: افتتاح المتحف الكبير أثار شغف المصريين والسائحين بالحضارة المصرية القديمة    وزير العدل الجزائرى يدعو لمواكبة التطور الكبير فى تقنيات الذكاء الاصطناعى    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    الفصل المقبل في أوروبا.. تقرير يرصد التقدم والعثرات بمسار توسيع الاتحاد الأوروبي    الكويت: المحكمة الجنائية الدولية أداة رئيسية فى مبدأ مكافحة الإفلات من العقاب    العراقيون يترقبون الإعلان عن نتائج غير نهائية للانتخابات التشريعية    لابورتا عن رحيل ميسي عن برشلونة: لا أشعر بالندم    الأهلي يضع تجديد عقد ديانج في صدارة أولوياته.. والشحات يطلب تمديدًا لعامين    زيركزي يدرس 5 عروض للرحيل عن مانشستر يونايتد في يناير    موعد مباراة منتخب مصر وأوزباكستان وديًا فى معسكر الإمارات    وصول بعثة يد سموحة للإمارات لمواجهة الأهلى فى نهائى كأس السوبر    العثور على سيدة مشنوقه داخل منزلها فى ظل ظروف غامضة المنوفية    حبس الأنفاس.. لحظة انهيار عقار مكون من 8 طوابق بجمرك الإسكندرية "فيديو"    المشدد 15 و10 سنوات للمهتمين بقتل طفلة بالشرقية    السعودية تستخدم الدرون الذكية لرصد المخالفين لأنظمة الحج وإدارة الحشود    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    خالد النبوى يهنئ محمد عبد العزيز على تكريمه بمهرجان القاهرة السينمائى    متحدث الوزراء: 19 ألف زائر يوميا للمتحف المصرى ونستهدف 30 مليون سائح سنويا    محمد محمود عبدالعزيز يحيي ذكرى وفاة والده: بتوحشني وهتفضل واحشني    فيلم «السلم والثعبان: لعب عيال» يكتسح شباك تذاكر السينما في 24 ساعة فقط    خالد سليم ينضم لأبطال مسلسل ست الحسن أمام هند صبرى فى رمضان 2026    الحبيب الجفرى: مسائل التوسل والتبرك والأضرحة ليست من الأولويات التى تشغل المسلمين    دار الإفتاء توضح حكم القتل الرحيم    ما الحكم الشرعى فى لمس عورة المريض من قِبَل زوجة أبيه.. دار الإفتاء تجيب    وزير الصحة: مبادرة إنهاء قوائم الانتظار انتهت من 2.95 مليون حالة بتكلفة 29.44 مليار جنيه    طريقة عمل كفتة الفراخ بخطوات بسيطة وطعم لا يقاوم (الخطوات والمقادير)    قصر العينى يحتفل بيوم السكر العالمى بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    وفاة سيدة خنقا على يد زوجها بالمنوفية    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    كمال شعيب: قرار سحب أرض الزمالك "باطل".. وسنستعيد حق النادي بالقانون    محافظ الفيوم يشهد الندوة التوعوية"دور الرقابة الإدارية في الوقاية من الفساد ومكافحته"    مصر وجنوب إفريقيا يبحثان التعاون في صناعات السيارات والحديد والصلب والمناطق اللوجيستية    وزير الخارجية يزور مقر اتحاد الغرف والبورصات التركية (TOBB) في أنقرة    تعرف على أكبر نتائج مباريات كأس العالم للناشئين بعد ختام دور المجموعات    ضبط 314 طن لحوما مجمدة منتهية الصلاحية في الشرقية    وزير الصناعة يتفقد أجنحة شركات السيارات والمكونات في معرض"MEA Industry"    مخلصين جدا وعندهم ولاء.. ما هي أكثر الأبراج وفاء فى العلاقات؟    اليوم.. عزاء المطرب الشعبي إسماعيل الليثي    5 عروض مسرحية بينها 2 لذوي الهمم ضمن فعاليات اليوم الثاني ل «القاهرة للطفل العربي»    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    محافظ أسيوط يحضر برنامج تدريب الأخصائيين على التعامل مع التنمر    أونتاريو الكندية تستضيف اجتماعا لوزراء خارجية الدول السبع    المصرية جمانا نجم الدين تحصد لقب أفضل قنصل لعام 2025 في المملكة المتحدة    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    محافظ الغربية: رفع درجة الاستعداد القصوى لانتخابات مجلس النواب 2025    وزير الدفاع الإسرائيلي يقرر إغلاق إذاعة الجيش بحلول 1 مارس 2026    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 12 نوفمبر 2025    مباحث الجيزة تكتشف جريمة بشعة داخل شقة مهجورة فى بولاق الدكرور    بيزيرا: لم أقصد الإساءة لأحد.. وأعتذر عن الخطأ غير المقصود    الصحة: لقاح الأنفلونزا لا يسبب الإصابة بالعدوى وآمن تماما    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«سجن النسا».. الإجابة المثلى
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 07 - 2014

عن مسرحية «سجن النساء» للكاتبة الكبيرة فتحية العسال التى فقدتها الحياة الأدبية والسياسية منذ شهور قليلة كتبت مريم نعوم سيناريو وحوار مسلسل «سجن النسا»، ومريم ناعوم حققت خلال السنوات القليلة الماضية اسمًا لامعًا صار علامة من علامات الجودة، كما حققت لاسمها أيضًا مخرجة هذه الدراما المميزة «كاملة أبو ذكري». أيّ أن متن هذا العمل الإبداعى الفاتن هو منتج نسوى من الألف وحتى الياء.
احتل المسلسل مكانة مميزة فى قلوب المشاهدين والنقاد على حدّ السواء، وارتفع كنجم ساطع أعلى المسلسلات الرمضانية المتعددة وظل مثل قصيدة آسرة ولافتة للانتباه أو لحن استثنائى فاتن يصعب تكراره. فبشاعرية شديدة الرهافة حبست مبدعات العمل الظلمَ وتخلف المجتمع الذكورى والفقر والمرض والجهل والظلامية خلف جدران السجن.
صحيح أن أجساد النساء سجنت فى زنازينه المظلمة، لكن حكاياتهن وأرواحهن انطلقت حرة لتستكشف العالم، وشبكات علاقات البشر، وجشع الذئاب من الرجال، وانحراف الساقطات من النساء، وأسباب تجبر بعض عباد الله على بعض، وقصص الفقراء الذين يمثلون ملح هذه الأرض.وصحيح أن الرجال خارج جدران هذا السجن على رغم أنهم وفقًا للمسلسل هم السبب الرئيسى لدخول النساء إليه باستغلالهن واللهو بمقدراتهن الاجتماعية والاقتصادية حتى ينتهى مشوار المرأة معهم بإلقائها فى دهاليز السجن المعتمة لتقتر فيه ندمها..صحيح أن الرجال تحايلوا للفوز بحرياتهم، ولكنهم سجنوا أنفسهم وعلقوا إلى الأبد على سلم الرذائل بدرجاته المختلفة.
مسلسل «سجن النسا» الإضاءة فيه مائلة إلى اصفرار الخريف حين يصيب الجدبُ قطبًا من أقطاب الحياة باستبعاده والتنكيل به، بنعومة ينبعث اللون الأصفر من رداء السجَّانات ومن الطرقات الفقيرة المتربة ومن البنايات التى تجثم على سكانها ومن شحوب النسوة الحزانى اللاتى تمنحن كل ما لديهنَّ دون انتظار كلمة شكر واحدة.وتفاصيل مشاهد المسلسل جديدة ولا تستطيع اقتناصها إلا روحٌ مبدعةٌ كبيرة، والحوار يجمع بين العمق والبساطة والأصالة لأنه نابع من طين الأرض وعبقها ولذلك وصل ببساطة إلى قلوب الملايين.
بكل هذه المقومات لهذا العمل الرائع وأكثر يعتبر «سجن النسا» هو الإجابة المثلى للرد على بعض الأسئلة السلفية التافهة التى عادت للظهور على سطح بركة الرجعية فى الآونة الأخيرة.
فلقد حدث وأن صحونا منذأيام على جملة خرقاء مكتوبة بكل ركاكة ممكنة لأحد الكتاب السلفيين، تدعى أن المرأة كائن غير مؤهل للفعل الإبداعى وخصوصًا الكتابة. وحدث أن مرت فى النهر مياه كثيرة منذ ردد ذكور القبيلة هذه الفكرة شديدة القِدم، والتى بناء عليها حبسوا المرأة فى الحرملك قرونًا طويلة، ولم يسمحوا لها بالقيام إلا بوظائف محددة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، والمدهش أن هذه الوظائف كانت من أجل متعته وراحته بالطبع.
الكاتب السلفى لا يعرف أن العالم قام بثورات علمية وتكنولوجية وأنثروبولوجية أثبتت بقياساتها الحديثة أن المرأة لا تقل ذكاء عن الرجل ومن ثم قوضتْ نظرية أرسطو وجعلتها من أساطير الأولين.. تلك النظرية التى كبَّلت المجتمعات لقرون طويلة دامغة إياها بدمغها الأرسطى والتى كانت تدعي: (الرجلُ إنسانٌ كاملٌ خُلق بيد الإله، والمرأةُ منتوجٌ اشتقاقيٌّ منه، وعاءٌ لخصوبته المنوية. يسيطر الرجل على المجتمع لأنه يمتلك ذكاءً أعلى من المرأة).
مسكين المبدع السلفى حفيد أرسطو ومسكين «أرسطو».. ماذا لو أتيح له الآن أن يطلع على نتائج العلم الحديث؟
الكاتب السلفى لا يعرف أيضًا أن آخر حرملك قد سقط مع سقوط الإمبراطورية العثمانية التى كانوا يطلقون عليها: رجل العالم المريض، وأن العالم قد تخلص من التفرقة العنصرية والتمييز فى كل بقاع العالم على أساس الجنس أو الدين، ولم تبزغ شمس الألفية الثالثة إلا وقد سُنت القوانين التى تجرم كل أشكال التمييز.
حدث قديمًا وأن ردد الرجل الأبيض الفكرة الركيكة نفسها مع تبديل كلمة المرأة بكلمة الزنجي، حيث كرر أيضًا بكل صلافة أن الزنجى غير قادر على التفكير أو الإبداع، ولذلك استغله واستخدمه عبدًا من أجل راحته وإشباع جشعه وتاجر فيه بيعًا وشراء، وما زال الغرب حتى هذه اللحظة يكفر عن جريمته العنصرية، وقد نجد نصف آثاره الأدبية الآن تؤرخ وتدين كل جرائم الغرب إزاء الإنسانية.
وحدث قديمًا وأن ردد «هتلر» الفكرة الركيكة نفسها مع تبديل كلمة المرأة بالإنسان غير الآري، حيث كرر أيضًا بكل صلافة أن الجنس الآرى الألمانى هو الجنس البشرى المتفوق دون بقية أجناس البشرية. وكانت النتيجة أن فقد العالم ملايين الأرواح فى الحرب العالمية التى هى أشرس حرب عرفها العالم حتى الآن.
الآن توجد عقوبات رادعة على مَن يردد أفكار النازية أو الأفكار الداعية للتفرقة العنصرية والتمييز على أساس اللون أو الجنس أو الدين. وجرّب أن تقول كلمة: «نازي» الآن أمام الألمانى ليهيج مثل هياج الأخرس عندما يحكون على أنوفهم أمامه.
أظن أنه يستحيل أن يردد أيّ كاتب حقيقى فى العالم هذه الفكرة الموتورة الآن، كما أظن أنه ليس عدلاً أن تقوم المرأة المبدعة بتضييع وقتها للرد على فكرة تم تقويضها علميًا وتطبيقيًّا منذ عقود، ليس عدلاً لأنها أثبتت أنها مؤهلة للكتابة ومثابرة أكثر حتى من الرجل إذ إنها حققت خلال فترة قصيرة وبعد خروجها من محبسها الطويل مكانة أدبية عوضت بها ما فاتها، وأصبحت أسماء المبدعات لا يمكن ببساطة حصرها الآن.
وهنا تكون الأعمال الفارقة مثل «سجن النسا» هى الرد الأمثل.
وأخيرًا أظن أن القضاء هو الجهة المعنية بالرد على هذه الدعاوى التافهة والتى تعود بنا بخطوات واسعة إلى الوراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.