كنا نسمع قديماً استشهادات في كيد النساء مثل " كيد النسا غلب كيد الرجال " و " إن كيدهن عظيم " وهكذا ، لكن الحقيقة أن مهارة الكيد عند المرأة اليوم أصبحت نادرة الوجود والاستعمال ! وعلى عكس ما يظن البعض أن الكيد ضرر ، بل الحقيقة أن المرأة عندما فقدت نعمة الكيد ، فقدت معها الكثير أيضاً من الإيجابيات التي تستحوز على قلب الرجل بمهارة عالية تتقلص فيها الصعوبات التي نواجهها اليوم في المجتمع . ولا يتخيل الكثير من الناس – الذين لا يقرأون – أن هناك كتب صنفت في مهارات المرأة بوجه عام وكيد النساء بوجه خاص ، سواء كانت هذه الكتب ترصد واقع ذكاء المرأة الفريد من نوعه في بعض الفترات الزمنية التي كان نضج المرأة فيها يدل على حسن رأيها . وعلى سبيل المثال، فإن كتاب مثل "عيون الأخبار" للإمام " ابن قتيبة " ، إذا فكرت أن تقرأه ؛ فستشعر بإحساس مسيطر أن النساء اللواتي نعيش معهن اليوم هن جنس آخر غير الذي قد كان عليه الأمر فى زمانه ! والكتب في هذا الموضوع لا حصر لها ، فهناك " ألف ليلة وليلة " و " تاريخ آداب العرب " و" الأذكياء " و" أخبار النساء " والكثير فعلاً في المكتبة العربية الذي يعد مدرسة كاملة للمرأة . والعجيب أنني في كل مرة أسمع امرأة تشتكي من أي شيء أردد على مسامعها جملة " أين ذهب كيد النساء ؟! " . لقد اختص الله المرأة بنعمة هي الوحيدة من نوعها بين الخلق " وهي نعمة الكيد " تستطيع – لو عرفت – أن تفعل ما لا يتخيله الرجال .. وفي صعيد مصر موال يقول فيه الحادي : كيد النسا أوزيد يميل منهن :: لو عنتر بن شداد يشوف العذاب منهن لهن فعل عجيب زالت الجبال منهن :: والعقل لو غاب يكون السبب منهن ويروى الإمام بهاء الدين العاملي في كتابه " الكشكول " أن رجلاً من الأعراب أقسم ألا يتزوج حتى يجمع حيل النساء ويدونهم في كتب ، فجاب البلاد أعواماً وصنف مجلدات كثيرة في حيل النساء ومكرهن . وفي طريق عودته مر على قرية واستضافه أهلها، فسألته امراة أمير القرية : ما كل هذه الكتب ؟ فأخبرها وقال : هذه الكتب جمعت فيها حيل النساء من كل مكان .. فقالت : أكتبت مكائد النساء كلها ؟ قال : نعم ! فمكرت به وأوقعته في شراك حبها ، ولما تمكنت منه قالت : أتزعم أنك كتبت حيل النساء ومكرهن ؟ والله لو عشت عمر نوح ، وأوتيت ملك قارون ، ورزقت صبر أيوب .. ما حصرت عشر معشار ما للنساء من المكر والدهاء ! وما شهرزاد منها ببعيدة ! وتحليلاً للواقع ، فإن المرأة حينما بدأت تزاحم الرجل في طباعه وفكره ومهاراته – تحت غطاء المساواة – فقدت بدورها مهاراتها الشخصية ، وأصبح الرجل هو الأقوى ، فقط لأنها ليست مثله ، وليست في ميدانه . والله خلق كلاً من الرجل والمرأة بمهارات خاصة به ومختلفة ، وإلا تصارعا وأصبحا أعداء . وهنا يتجلى قول امرأة عمران حينما نادت ربها " .. وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى .. " ، فالذكاء لا يتعلق برجل أو امرأة ، إنما بنوع الذكاء نفسه ومعرفة كل إنسان وقدره . خلاصة القول : لقد خلق الله الرجل قوياً ليقود الحياة ويتحمل مسئوليات من حوله ، لكنه خلق له المرأة لتقوده وتمتلك قلبه وكيانه ، فإذا تقاوت المرأة نداً للرجل كسرت ، لأن كل ما تحمله المرأة من قوة يكمن في ضعفها ! ومن باب إحقاق الحق ، فإن من صفات الله المطلقة ( العدل والحكمة ) ، فلما أعطى الله المرأة فن الكيد والتمنع والدهاء اللطيف ، أعطى الرجل أيضاً مهارة إسمها القهر . * * * أراكُم بَينَ أسْطُرٍ قَادِمَة . مُحَمَّدُ المَهْدِي استشارى التحليل النفسى والعلاقات الزوجية