أسعار الدولار اليوم السبت 8 يونيو 2024    جنون أسعار الفراخ اليوم السبت 8 يونيو.. ولا عزاء لأصحاب المزارع    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 8-6-2024 في البنوك    احذر.. الحبس وغرامة 50 ألف جنيه عقوبة فتح محل دون ترخيص    الجيش الإسرائيلي: تم تحديد هدف جوي مشبوه في المنطقة الشمالية من هضبة الجولان    رئيسة وزراء الدنمارك تتعرض لاعتداء في كوبنهاجن    مواعيد مباريات اليوم السبت 8 يونيو 2024 والقنوات الناقلة    القنوات الناقلة لمباراة الأهلي والاتحاد السكندري في دوري السوبر المصري لكرة السلة    أحمد أبو مسلم: كيف شارك الشناوي مع منتخب مصر؟    اليوم.. طلاب القسم العلمي بالثانوية الأزهرية يؤدون امتحان اللغة الأجنبية بالشرقية    للحجاج.. تعرف على سعر الريال السعودي اليوم    الأمم المتحدة تطالب الحوثيين بالإفراج "غير المشروط" عن موظفيها المختطفين    طقس اليوم 8 يونيو| الأرصاد: الموجة مستمرة وأمطار علي هذه المناطق    فريق بحث لحل لغز العثور على 3 جثث ل سودانيين فى أسوان    من جديد.. نيللي كريم تثير الجدل بإطلالة جريئة بعد إنفصالها (صور)    «اهدى علينا شوية».. رسالة خاصة من تركي آل الشيخ ل رضا عبد العال    مواعيد مباريات يورو 2024.. مواجهات نارية منتظرة في بطولة أمم أوروبا    سوق السيارات المصرية: ارتفاع متوقع في الأسعار لهذا السبب    مصافحة شيرين لعمرو دياب وغناء أحمد عز ويسرا.. لقطات من زفاف ابنة محمد السعدي    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع    "المهن الموسيقية" تهدد مسلم بالشطب والتجميد.. تفاصيل    دعاء ثاني أيام العشر من ذي الحجة.. «اللهم ارزقني حسن الإيمان»    الفرق بين التكبير المطلق والمقيد.. أيهما يسن في عشر ذي الحجة؟    كريم محمود عبدالعزيز يشارك جمهوره صورة من محور يحمل اسم والده الراحل    نجيب ساويرس ل ياسمين عز بعد حديثها عن محمد صلاح: «إنتي جايه اشتغلي إيه؟»    حاول قتلها، زوجة "سفاح التجمع" تنهار على الهواء وتروي تفاصيل صادمة عن تصرفاته معها (فيديو)    الجيش الأمريكي يعلن تدمير مسيرات وصواريخ للحوثيين على خلفية تصعيد جديد    رئيس البعثة الطبية للحج: الكشف على 5000 حاج.. ولا حالات خطرة    مفاجأة.. مكملات زيت السمك تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    شلبي: نسخة إمام عاشور بالزمالك أفضل من الأهلي.. نجوم الأبيض "الأحرف".. وسنفوز بالسوبر الأفريقي    بعد الزيادة الأخيرة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من المنزل    عشرات القتلى والجرحى في هجمات على مقاطعتين أوكرانيتين ضمّتهما روسيا    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    البيت الأبيض: لا نسعى إلى صراع مع روسيا لكن سندافع عن حلف "الناتو"    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف هبة راشد.. طريقة عمل الجلاش باللحم والجبنة    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كوت ديفوار بهدف ميسي    «صفقات سوبر ورحيل لاعب مفاجأة».. شوبير يكشف ملامح قائمة الأهلي الصيف المقبل    نيجيريا تتعادل مع جنوب أفريقيا 1 - 1 فى تصفيات كأس العالم    حزب الله اللبناني يعلن استهداف تجمعا لجنود إسرائيليين في مثلث الطيحات بالأسلحة الصاروخية    فريد زهران ل«الشاهد»: ثورة 1952 مستمدة من الفكر السوفيتي وبناءً عليه تم حل الأحزاب ودمج الاتحاد القومي والاشتراكي معًا    حظك اليوم برج الأسد السبت 8-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    هيثم الحاج علي: 30 يونيو أرست العدالة الثقافية في مصر    أخبار × 24 ساعة.. إجراء 2 مليون و232 ألف جراحة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    أطول إجازة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي على طريق جمصة بالدقهلية    كيف توزع الأضحية؟.. «الإفتاء» توضح ماذا تفعل بالأحشاء والرأس    موعد أذان الفجر بمدن ومحافظات مصر في ثاني أيام ذى الحجة    ربة منزل تنهي حياتها شنقًا بعد تركها منزل زوجها في الهرم    إصابة 5 أشخاص بحالات تسمم بعد تناول سندوتشات حواوشى بالمحلة    «الاتصالات»: نسعى لدخول قائمة أفضل 20 دولة في الذكاء الاصطناعي بحلول 2028    أستاذة اقتصاديات التعليم لإكسترا نيوز: على الطلاب البحث عن تخصصات مطلوبة بسوق العمل    الكشف على 8095 مواطناً خلال قافلة طبية بقرية بلقطر الشرقية بالبحيرة    أخبار مصر: 4 قرارات جمهورية هامة وتكليفات رئاسية حاسمة لرئيس الحكومة الجديدة، زيادة أسعار الأدوية، أحدث قائمة بالأصناف المرتفعة في السوق    "هتتطبق يعني هتتطبق".. برلماني يعلق علي زيادة أسعار الأدوية    جامعة طنطا تطلق قافلة تنموية شاملة بمحافظة البحيرة بالتعاون مع 4 جامعات    أوقفوا الانتساب الموجه    "الهجرة": نحرص على المتابعة الدقيقة لتفاصيل النسخة الخامسة من مؤتمر المصريين بالخارج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نوال السعداوى تكتب: نقد النقد الأدبى

ظاهرة لاحظتها فى مجال النقد الأدبى أو المؤتمرات الأدبية للرواية أو القصة أو الشعر أو المسرح أو السينما أو التليفزيون وأعمال الدراما، أغلب الرجال من النقاد والأدباء من كبار السن تجاوزوا الستين أو السبعين أو الثمانين من عمرهم، وأغلب الأديبات أو الشاعرات أو الكاتبات من الشابات فى ربيع العمر، نادرا ما أرى أديبة أو شاعرة تجاوزت الستين أو السبعين فى هذه المؤتمرات أو المهرجانات، يذكرنى ذلك بالأمم المتحدة حين كنت أعمل مستشارة بها منذ عشرين عاما وأكثر، كان أغلب المستشارين أو المديرين رجالاً عجائز تركوا الزوجة والأسرة فى وطنهم البعيد، يخططون لعقد المؤتمرات فوق جبال سويسرا أيام الصيف،
وفى الشتاء ينعقد المؤتمر فى جنوب إسبانيا حيث الشمس الدافئة، يرشحون لحضور المؤتمر معهم مرؤوساتهم من موظفات الأمم المتحدة الشابات أو السكرتيرات فى ربيع العمر، تصبح الرحلة مزيجا من العمل والترويح عن النفس، التعويض عن الزوجة الغائبة أو الحب، يجدد الرجل منهم شبابه دون الحاجة إلى ابتلاع حبوب الفياجرا، وما يمكن أن تسببه من مضاعفات للقلب المنخفض الدقات أو ضغط الدم المرتفع المعدلات.
فى مجال الفكر والأدب ترتفع قيمة الرجل مع النضوج وتقدمه فى السن، عكس ما يحدث للمرأة، تنخفض قيمتها مع نضوجها الفكرى وتقدمها فى العمر، نادرا ما أرى كاتبة عجوزاً فى مؤتمر أدبى، دائما أرى الأدباء العجائز والنقاد الذكور تحوطهم الشابات الكاتبات أو هاويات الأدب، ليست هذه ظاهرة جديدة بل قديمة لكنها تتخذ أشكالا متغيرة، فى ربيع عمرى كان يطاردنى العجائز من الأدباء والنقاد، أدركت بالطبع أغراضهم غير الأدبية، أصدهم عنى فيغضبون كأنما خدشت حياءهم أو رجولتهم، يتجاهلون كتاباتى أو يتناولونها بالقدح والذم، قليل منهم من يرى الكاتبة إنسانة مبدعة مفكرة وليست أنثى فريسة صيده، رغم ملابسى البسيطة العملية، وجهى المغسول دون ألوان ولا مساحيق، صوتى الخالى من الميوعة، نظرتى المباشرة فى العيون، مشيتى المستقيمة، خطوتى الثابتة على الأرض، لا أتأرجح فوق كعب عال رفيع.
كنت واحدة من هؤلاء الأديبات الشابات فى منتصف القرن العشرين، رفضنا المفهوم الذكورى للأنوثة، خلقنا مفهوما أكثر رقيا لمعنى المرأة أو الرجل أو الإنسان، أشاعوا أننا ضد الأنوثة، أصدر أحد النقاد اسمه جورج طرابيشى كتابا كاملا ضد بطلات رواياتى، بعنوان «أنثى ضد الأنوثة» أى امرأة عدوة الرجل، وقال آخرون إننى طبيبة جراحة «تستأصل بالمشرط من جسد الرجل قلبه أو كبده دون أن يطرف لها جفن.
أغلب نقاد الأدب هاجمونى أو تجاهلوا أعمالى، لم يرشحنى أحد لجائزة لحسن حظى، أغلب الجوائز الأدبية مشبوهة سيئة السمعة، تتبدد الطاقة الإبداعية فى التنافس على الجوائز، أعظم المبدعين والمبدعات فى التاريخ لم يحصلوا على جوائز أو مناصب عالية أو أموال كثيرة، أغلبهم مات فى السجن أو فى المنفى أو فقيرا مغمورا وحيدا، لا يمشى فى جنازته أحد إلا كلب وَفِىُّ، يبقى معه بعد أن يتخلى عنه الأهل والوطن والأصدقاء، لا يحصل الأديب العظيم أو الأديبة العظيمة فى الشرق أو الغرب على جائزة صغيرة أو كبيرة، منها جائزة نوبل بالطبع، يكفى الضجيج الكبير الذى يعقب أى جائزة محلية أو دولية، منها الجائزة الأمريكية أو الخليجية وروابط النفط، تنكشف لعبة المصالح والعلاقات السياسية والشخصية على رأسها العلاقات الجنسية وروابط الدم.
لم تكن الأحوال فى بلادنا وصلت إلى هذه الردة التى شملت كل المجالات، بما فيها الأدب والنقد والجوائز الأدبية، غاب الضمير مع تزايد الردة فى نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، انتشر الفساد مع التجارة بالأخلاق، تضخم الفقر وانكمش الفكر، رأيت أديبات شابات يغازلن النقاد المعروفين الكبار السن، من أجل مقال ينشر، أو ترشيح لجائزة أو مؤتمر خارج القطر، تغطى الواحدة منهن رأسها بحجاب، تكشف عن خصرها فوق حزام البنطلون الجينز، عيناها مكحلتان، نظرتها مليئة بالإغراء، تفتح جفونها أو تغلقها أو تتركها مواربة مثل شق الباب، مفتوح ومغلق، نعم ولا، على طريقة الجارية الخبيرة باصطياد الرجال، المراوغة الأنثوية المتوارثة منذ العبودية، يقع الصيد السمين فى الشبكة، ناقد عجوز ثرى فوق السبعين أو الثمانين، تناوله كتابها الجديد مع شهقة شبق، وصوت مشروخ، وانكسارة الجفن الأعلى، أناملها ناعمة أظافرها مطلية بالأحمر القانى، أو لون الدم الطبيعى.
يحتضن الناقد الكبير كتابها فى النوم، فى الصباح تظهر صورتها فوق مقال طويل بقلم الناقد العظيم، تصبح الفتاة كاتبة مرموقة بين ليلة وضحاها، تصبح روايتها أو ديوانها الشعرى أو كتابها النقدى عن المسرح أو السينما عملا جميلا غير مسبوق، تحصل على الجائزة المرموقة المحلية أو العربية أو الدولية، تسافر معه إلى المؤتمر الأدبى الدولى أو مهرجان الشعر أو المسرح أو السينما وأعمال الدراما فى التليفزيون.
ليست هذه الظاهرة المريضة من خصوصيتنا الثقافية أو هويتنا القومية بل هى ظاهرة عالمية فى الغرب والشرق، فى ظل جميع الحكومات والأديان والقوميات، طالما أننا نعيش فى عالم واحد يحكمه النظام الأبوى الطبقى الذكورى نفسه، عالم السوق والتجارة بكل شىء حتى الجوائز الأدبية، يرتفع المال والسلطة والذكورة على أى شىء آخر، يمكن للعجوز الثرى أن يغتصب فتاة فقيرة تحت ستار الأدب أو الفن أو العرف أو القانون أو الشرع.
مع تزايد الفقر فى بلادنا والبطالة، أصبحت الفتاة تصل إلى الأربعين وأكثر من عمرها دون زوج، تقول الإحصاءات إن فى مصر 9 ملايين من البنات العانسات، وملايين من عوانس الرجال، يتخرج الشباب والشابات فى الجامعات دون ثقافة عميقة أو علم، لا يحصلون على عمل يكفل لقمة العيش النظيفة، تبدو الكتابة أو النقد الأدبى وسيلة سهلة للرزق والوصول، لا تحتاج إلا لورقة وقلم.
لكن الكتابة الحقة تحتاج إلى موهبة وجهد كبير، أسهل من الكتابة لدى البنات قليلات الموهبة الكسولات، إقامة علاقة مع كاتب ثرى أو ناقد أدبى مرموق، متزوج أو غير متزوج لا يهمها، يمكن للفتاة المبتدئة فى الكتابة أن تحصل على الجائزة تلو الجائزة، تطمع الفتاة فى المال أو الشهرة الأدبية أو مجرد المأوى أو الطعام الجيد وملابس أنيقة أو هدايا، رغم تشدقها بالتحرر والفيمينيزم تؤمن بأن الوسيلة تبرر الغاية، مع الردة المتزايدة ضمر الضمير لدى الرجال والنساء، يحقق الرجل طموحه الأدبى ببيع عقله للسلطة الحاكمة، تحقق المرأة طموحها الأدبى عن طريق بيع جسدها، أو بيع مذكراتها الجنسية فى سوق النشر الحرة، حرية الفساد والربح السريع، تعرية الجسد باسم التقدم والحداثة، أو تغطيته باسم التدين والعفة.
لا ينجذب الرجال عادة إلى عقل المرأة، ذكاء المرأة ضدها، يتربى الذكر فى حضن أمه ترضعه مفهوم الرجولة الفج، يشتهى الرجل الأنثى الأدنى منه، يخاف المرأة ذات العقل الأذكى منه، تصل الفتاة الأقل إبداعا إلى المال والمجد دون جهد، إلا ما تبذله لإظهار أنوثتها وفنون الإغراء، وبعض القصص المثيرة تكتبها عن الحب والغرام، وفنون اللذة الشبقية، انتشرت هذه الكتابات الأدبية فى السنين الأخيرة حيث تتهم النساء المستقيمات بالاسترجال، تردد ما يقوله النقاد أو الناقدات الحافظات لدروس أساتذتهن الرجال.
انتشر الفساد الأدبى فى هذا القرن الواحد والعشرين مع تزايد الردة الثقافية، لا تختلف الثقافة عن السياسة والاقتصاد والدين، يتقبل المجتمع هذه الردة تحت اسم الواقعية أو البراجماتية أو الهرمونات، تدخل الجينات واكتشافات العلم الجديدة هذا السباق لتبرير الفساد، تزدهر بورصة الأدب مثل بورصة التجارة بالجنس والسياسة والسوق الحرة، ليس فى عمليات البيع والشراء شىء اسمه مبادئ أو أخلاق.
أصبحت المرأة المحجبة المكحلة الخليعة أكثر قبولا فى المجتمع من المرأة السافرة المستقيمة الرصينة، أصبحت كاتبة الشهوات العابرة والنزوات الجنسية أكثر قبولا لدى النقاد من الكاتبة المتعمقة فى العلاقات الإنسانية، أصبح التهكم على الأخلاق المستقيمة سمة العصر، أصبح انعدام الضمير عاديا فى الحياة اليومية وفى الكتابات الأدبية على حد سواء.
أصبح الأدب النسائى أو ما تكتبه المرأة هو الأدب الأنثوى، يربط النقاد بين أدب المرأة وبين هرمون الأنوثة «الأيستروجين»، يقولون إن المرأة تكتب من مخدعها، تمسك قلم الكتابة كما تمسك قلم الحواجب وأحمر الشفاه، إن كتبت المرأة عن الحرب أو الحب فهى تكتب بنصفها الأسفل وليس بعقلها فى النصف الأعلى، إن نظرة المرأة الكاتبة للعالم لا تخرج عن تكوينها البيولوجى، خاصة النقطة أسفل بطنها أو ما يسمى فرجها، وإن كانت المرأة رئيسة دولة فهى لا تخرج من غرفة نومها وإن انقلب العالم، أو حاصر قصرها جيش الأعداء، إلا بعد أن تضع الروج والريميل ومساحيق المكياج.
فقدت المرأة احترامها القديم كإنسانة كاملة الأهلية، وللحديث بقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.