تابعت كما تابع الجميع تلك الأخبار التى تداولتها الصحف والمواقع الإلكترونية عن المعركة التى نشبت مؤخرا بين إحدى الممثلات وبين ممثل آخر قام بخداعها ليعرض لجمهوره رد فعلها عندما يقوم بترويعها ويضعها فى موقف تتصور فيه أنها تشرف على الموت غرقا أو تمزيقا بأسنان سمكة قرش وهمية. والحقيقة أنى –وعلى غير عادتى- بحثت عن مواعيد إذاعة هذا البرنامج -الذى يتعارض موعد إذاعته الأول مع أذان العشاء والثانى مع أذان الفجر- وكنت أريد أن أعرف ما الذى يريده صاحب البرنامج، وهل هدفه يستحق أن يثير خوف ورعب ضيوفه إلى هذا الحد؟.. وللأسف فقد وجدت أن هذا الشاب –صاحب التعليقات التى تشغل حيزا أكبر من الحدث نفسه رغم أنها محشورة حشرا معيبا فى سياق البرنامج- وجدته يرتكب جريمة لن أقول إنها جريمة أخلاقية كما قال البعض، بل أقول إنها جريمة دينية متكاملة الأركان لا يرتكبها إلا شخص يجهل عواقبها. لماذا هى جريمة؟ لقد حرصت الشريعة الإسلامية على حفظ النفس وصيانتها وحمايتها من الاعتداء عليها، وحتى ترويعها، ودعت إلى كافة الوسائل المؤدية إلى المحافظة عليها، فحرّم النبى صلى الله عليه وسلم تخويف المسلم وترويعه، ونهى عن إدخال الرعب عليه بأي وسيلة، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يسيرون مرة مع النبي في سفر، فاستراحوا ونام رجل منهم، فقام بعضهم إلى حبل معه فأخذه، وأمَرَّهُ على جسد أخيه النائم ففزع، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا" (رواه أبو داود). وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أخاف مؤمنًا كان حقًا على الله أن لا يؤمّنه من أفزاع يوم القيامة"، (رواه الطبراني)، وروي عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه أن رجلا أخذ نعل رجل فغيبها وهو يمزح فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تروعوا المسلم فإن روعة المسلم ظلم عظيم" (رواه البزار والطبراني)، وروي عن أبي الحسن رضي الله عنه قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقام رجل ونسي نعليه فأخذهما رجل فوضعهما تحته فرجع الرجل فقال: نعلي، فقال القوم ما رأيناهما، فقال هو ذه، فقال: "فكيف بروعة المؤمن" فقال: يا رسول الله إنما صنعته لاعبا، فقال: "فكيف بروعة المؤمن" مرتين أو ثلاثا. (رواه الطبراني). ونَهى النبى عن الإشارة بالسلاح وقال: "من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه، حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه" (رواه مسلم). وقال الإمام النووي رحمه الله: "في الحديث تأكيد على حرمة المسلم، والنهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه. وقوله صلى الله عليه وسلم: "وإن كان أخاه لأبيه وأمه" مبالغة في إيضاح عموم النهي في كل أحد، سواء من يتهم فيه ومن لا يتهم، وسواء كان هذا هزلاً ولعبًا أم لا؛ لأن ترويع المسلم حرام بكل حال، ولأنه قد يسبقه السلاح". كلمة أخيرة: عندما شاهدت ما شاهده الجميع من تفاصيل تلك الجريمة البشعة، شعرت فى قرارة نفسى بالشفقة على هذا الشخص الذى يضحك وكأنه سعيد بمخالفته لأوامر الدين، وكلما كان يزداد ضحكا وسعادة بصراخ الضيف المسكين كنت أزداد شفقة عليه. لمزيد من مقالات عماد عبد الراضى