ما يقع من تفجيرات وأحداث دامية داخل العالم الإسلامي وخارجه كالذي حدث مؤخرا في مصر بمحافظة الإسكندرية مما ذهب ضحيتَه أعداد غفيرة من المدنيين الأبرياء الآمنين الذين سفكت دماؤهم بغير جرم اقترفوه لا يمكن أن يصدر عن مسلم يعلم حقيقة الإسلام وما يأمر به ، وإنما صادر من جناة مجرمين يريدون زعزعة الأمن والأمان وبث الفرقة داخل أبناء الشعب المصري . وما شهدته محافظة الإسكندرية من استهداف لمواطنين عزل وأطفال رضع كانوا يؤدون طقوسهم الدينية فى أحد كنائس الإسكندرية فجر السبت، الأول من يناير 2011، وأسفر عن سقوط عدد كبير من المواطنين الأبرياء بين قتلى وجرحى ، يعد جريمة أخلاقية لا يقبلها أى دين سماوي ، حيث أن الأديان السماوية كلها والإسلام بصفة خاصة تؤكد احترام حق الحياة الإنسانية، وتحرم أشد التحريم الاعتداء عليها، وتقرر بكل وضوح أن الأصل في الدماء العصمة والحرمة إلا من أهدرها بإجرام أو فساد في الأرض ، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب " . ان المتأمل والقارئ لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم يجد أن شريعة الإسلام كما تحرّم قتل الأبرياء المدنيين تحرّم ترويع الآمنين، وتخويف المسالمين؛ لأن حق الإنسان شرعا أن يصبح ويمسي آمنا على نفسه وأهله وماله ودينه، وسائر حرماته وخصوصياته، ويعتبر الإسلام الأمن من أعظم نعم الله على الإنسان، والاعتداء عليه مما يوجب سخط الله في الآخرة، وعقوبته في الدنيا ، ويبرز ذلك جلياً في تذكير المولي سبحانه وتعالي لأهل قريش بعظيم منته وفضله بالأمن والأمان عليهم بقوله: "الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" "سورة قريش "آية (4) ، وقد أعلن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع على رءوس الأشهاد أن دماء الناس وأموالهم وأعراضهم حرام عليهم بعضهم على بعض، دائمة الحرمة إلى يوم القيامة. والمتابع لغزوات النبي صلى الله عليه وسلم يعرف توصيات الرسول لأصحابه بعدم قتل النساء والصبيان والشيوخ والرهبان المتفرغون للعبادة في صوامعهم وليس هذا التحريم مقصورًا على المسلمين، بل يشملهم ويشمل غيرهم ممن ليسوا من أهل الحرب لهم ، وهذا ما جعل المؤرخين المنصفين من الغربيين يقولون: ما عرف التاريخ فاتحًا أعدل ولا أرحم من العرب، يعنى المسلمين. وأكثر من ذلك أن الإسلام يحرم الاعتداء على الحيوان الأعجم، فما بالك بالإنسان المكرم؟ وفى الصحيح، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ". وقد أكد النبى صلى الله عليه وسلم عمومية الحكم بتحريم تخويف المسلم أو ترويعه، ونهى عن إدخال الرعب عليه بأي وسيلة، فقد كان الصحابة رضى الله عنهم يسيرون مرة معه فى سفر، فاستراحوا ونام رجل منهم، فقام بعضهم إلى حبل معه فأخذه، وأمرره على جسد أخيه النائم ففزع، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً) رواه أبو داود. وروى ابن عمر رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أخاف مؤمناً كان حقاً على الله أن لا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة) رواه الطبرانى. بل لقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الإشارة بالسلاح وقال: (من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه، حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه) رواه مسلم. فهذا تحذير من الإشارة بأى آلة مؤذية قد تؤدى الإشارة بها إلى القتل، كالسكين والآلات الأخرى الحادة، حتى لو كانت الإشارة مجرد مزاح، وفى هذا تأكيد على حرمة المسلم، والنهى الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه. ومن هذا المنطلق فإننا ندعو كل القوى السياسية والشعب المصري للوقوف جميعا ضد التحديات الهائلة المفروضة على مصرنا الحبيبة والترابط والتماسك حتى لا يصل المغرضون إلى غرضهم وهو الوقيعة بين أبناء الشعب المصري مسلمين ومسحيين وزرع الفرقة التي يسعى البعض لزرعها بينهم، والالتفاف حول وحدتهم ومصالحهم العليا التى لن تتأتى إلا من خلال الوقوف صفاً واحداً ضد الإرهاب الذي لا يميز بين عرق أو طائفة أو دين. ______________ رئيس تحرير صحيفة الفيومي * [email protected]