إذا سألت أي مصري هذه الأيام: ماذا تتمني؟ سيجيبك: أريد استقرار البلد, وسيوضح لك أن الاستقرار سيأتي معه بهدوء الشارع, وعودة الانضباط, وإعادة عجلة الاقتصاد إلي الدوران من جديد, وهكذا أصبح الاستقرار والهدوء واستعادة الأمن, هي أولويات المواطن المصري هذه الأيام. ولن يعود هذا الاستقرار المنشود إلا بالسير قدما في تطبيق خريطة الطريق, التي اختارها الشعب في الثالث من يوليو الماضي, وهاقد قطعنا الشوط الأول في المشوار الطويل, وأصبح لدينا دستور, وسيتبع ذلك الخطوة الثانية, وهي الانتخابات, وسواء كانت الانتخابات البرلمانية هي التي ستجري أولا, أو الانتخابات الرئاسية, فإن الأهم من ذلك أن يشعر الناس بأن بلدهم عاد ليصبح بلدا طبيعيا من جديد. وبالتالي, فإن من الضروري الآن الاصطفاف خلف الداعين إلي التوافق الوطني, واستكمال خريطة الطريق, والابتعاد عن دعاة الشغب والعنف والهدم, وبطبيعة الحال, فإن من طبائع الحياة الاختلاف, ففي الاختلاف رحمة, لكن أن يتحول الاختلاف إلي شقاق واقتتال في الشوارع وتحطيم للمنشآت, وإيقاف لحركة سير العمل, فهذا هو الحمق بعينه. تعالوا نختلف, لا مانع, لكن شريطة أن لا يؤدي هذا الاختلاف إلي هدم البلد. هيا نذهب جميعا للتصويت علي الدستور, فإن كانت الأغلبية تريده فأهلا وسهلا, وهنا سيكون علي الأقلية احترام رأي الأغلبية, لأن هذه هي الديمقراطية التي نتغني بها جميعا, ونتمناها كلنا.. واذا حدث العكس, فأيضا أهلا وسهلا, المهم أن نتحرك, وأ لا نظل هكذا معلقين بين السماء والأرض. والمتابع لأحوال المصريين الآن, سيلحظ أن شركات كثيرة ومصانع قد توقفت عن العمل, وأن الآلاف يخرجون كل يوم من سوق العمل, كما أن الملايين قد تضرروا من توقف حركة السياحة, إلي جانب مظاهر كثيرة أخري لوقف الحال.. فإلي متي هذا النزيف؟ تعالوا نبدأ مشوار الحياة الطبيعية بأي شكل, ثم نحسن بعد ذلك شروط الحياة, المهم أن نغادر جميعا حالة الجمود هذه, وكما يقولون, فإن الحركة بركة, ومصر ليست دولة ضعيفة أو هشة, كما يزعم المغرضون, بل هي فقط في حالة تشتت وارتباك, وآن الأوان لنأخذ هدنة, فليكن التصويت علي هذا الدستور بداية الانطلاق, وإلا سنكتشف بعد فوات الأوان, أننا ضيعنا وطنا لن نجد له مثيلا في أي مكان ولا زمان! لمزيد من مقالات راى الاهرام