أعتقد أن أكبر جرائم النظام السابق هو قتل معاني «الكرامة» لدى فئة من الشعب المصري، فتراهم يرون «الجبن» و«المشي جنب الحيط» يعني «حياة هادئة»، و «أن أحصل على طعامي مخلوطا بالذل» يعني «الاستقرار»، وأن «قبولي بالظلم للآخرين طالما كنت بعيدا» يعني «الأمان»، وأن تملق «الظالمين» يعني «حياة سهلة ومصالح لا تترك» ... العبيد في بلادي منتشرون، وإن كنت قد قرأت قديما أن العبيد في أميركا كانوا يرقصون ويحتفلون عندما يموت أحدهم! لأنه تحرر الآن وصار بلا قيود فلا داعي إذاً للحزن! في بلادنا هناك وبكل أسى من يعشق العبودية. تحرر يا أخي ولا تكمل هذه الحياة المهينة، فوالله الذي لا إله إلا هو لا شيء يعدل العيش بكرامة، طعمه رائع والسير فيه ممتع رغم كل الآلام والمصاعب وأن الحياة بدون «كرامة» لهي حياة مهينة وتافهة ومؤلمة، وإن كنت ترتدي أفخر الثياب، وتجلس في أفخم الأماكن، كل ما هناك أنك لم تجربها قبل ذلك، جرب العيش ب«كرامة» ولو مرة في حياتك القصيرة، جربها ولن تندم، لا والله لن تندم! *** في صباح الخميس التالي لموقعة الجمل، كنت أسير مع صديق فقابلنا أحد أصدقائه الذين لا أعرفهم، حضر للتو للميدان بأدوية وتجهيزات طبية، قام البلطجية بأخذها منه خارج الميدان المحاصر وإلقائها في النيل، كان متوترا وطلب الانفراد بصديقي وقال له الإعلام يقول أن الميدان كله إخوان، وأن الثوار يريدون أن يغادروا، وأن الإخوان يمنعونهم، هكذا أرادها إعلام مبارك، قال له صديقي لاتخف، وسام ليس من الإخوان والميدان يمتلئ بكل الاتجاهات، وأن الإخوان كغيرهم يدافعون عن الميدان بجوار باقي الثوار، وإن كانوا الأكثر بطبيعة الحال! لا أتعجب من اتهام أذناب النظام السابق وأجهزته الأمنية للإخوان، هو نفس السيناريو الذي حاولوا عمله من قبل، وفشلوا فيه ويحاولوا أن يستكملوه الآن! يبدوا أنهم في النزع الأخير، ويجربون آخر الأسلحة، وعلى الإخوان أن يعودوا للثورة وللثوار الحقيقيين قبل فوات الآوان. اثبتوا بالله عليكم وتوحدوا، فعدونا متحد على الباطل، ونحن نرغب في الحق والحق سينتصر، ولو بعد حين! *** أذكر الجميع بعدم المغالاة في الأشخاص! أنا من مؤيدي الدكتور البرادعي، وهذا موقف مبدئي وحتى من قبل الثورة. ولو كان مرشحا، لاخترته مباشرة، وقد هوجمت كثيرا بسبب ذلك. لكن أقول: ليس كل مايقوله الدكتور صواب، وهو إنسان له صوابه وخطؤه، ويميزه أن صوابه أكثر من خطئه. أيضاً أنا انتخبت الدكتور أبو الفتوح ومازلت مقتنعا بخياري، وللدكتور أيضاً صوابه وخطؤه، لكن صوابه أكثر... أنت مخلوق رائع وإنسان متميز فلا تؤله البشر، ولا تتعصب لهم ولا تعطهم هالة تقديس لم يعطها الخالق لهم... مع خالص احترامي وتقديري للدكتور البرادعي وللدكتور أبو الفتوح، وهما يملكان صفات مشتركة أجدها فيهما معا وتشعرني بالطمأنينة! *** كنت أسير في الميدان مؤخرا، بائع الشاي يحدثني - بفهم نادر- عن «التكاتف الثوري» و«التنازلات السياسية» و«ضغط الشارع» ... بائع البطيخ بملابسه البسيطة يحدثني عن غضبه من «الإخوان» رغم تصويته لهم، وعن أهمية كتابة «الدستور» قبل انتخاب «الرئيس» .. شخص أخر بسيط (65 سنة) يحتضنني دون سابق معرفة ويقول: «أرجوكم تعالوا إلى الميدان ومحدش يمشي!» اختلاف في بعض وجهات النظر واتفاق شامل على الوقوف في وجه النظام السابق. لا أخافك يا أيها «الفريق» كما لم أكن أخاف من «سيدك» القابع في «طرة»، ما أنت إلا «أداة» يحركها حفنة «جبناء»، وهؤلاء البسطاء الذين قابلتهم في الميدان سيكتبوا نهايتك ونهاية «أسيادك»! الفاهمون «كثير» والثائرون مازالوا أحياء والمستعدون للتضحية - وأنا منهم- أكثر مما تعتقد! سننهزم إذا أعطينا «الخصم» أكبر من حجمه، وإذا تخيلنا سيناريوهات «مرعبة» غير واقعية، وسننتصر «بسهولة» إذا آمنا بأننا على «الحق» وأن الخصم «جبان» و«خائف» و«مرتعش». وإذا تخلصنا من «الخونة» بيننا ... سننتصر بإذن الله، فهي معركة «نفسية» بامتياز... ونحن إن شاء الله «مكملون»... دمتم بخير!