كانت أوروبا الأكثر تأثرا بالصدمات الاقتصادية التي أعقبت انهيار' ليمان براذرز' في سبتمبر2008, ولم تسلم حتي أقوي اقتصادياتها من عاصفة الركود التي اجتاحت منطقة اليورو. وانكمشت وتراجعت اقتصادات ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ووقعت الكارثة التي لاحقت المنطقة مع انهيار الاقتصاد اليوناني بسبب' معلومات مزيفة' حول ميزانية أثينا ودخول أيرلندا مرحلة الكساد. وخلال السنوات الخمس الماضية, مرت دول الاتحاد الأوروبي بأعنف أزمة اقتصادية مزلزلة في تاريخها نتج عنها آثار سياسية واجتماعية لم ترها القارة العجوز منذ أكثر من80 عاما أيام الكساد العظيم. ووصلت أزمة الديون السيادية إلي مستوي هدد وجود الاتحاد. وحاول الأوروبيون مسارعة الزمن عبر عقد اجتماعات طارئة لقادته ووزراء ماليته لوضع خطط الإنقاذ والاصلاحات الاقتصادية وللإشراف علي تحقيق التقشف. ومثلت سياسات التقشف الحل السحري الذي فرضته المانيا بالقوة الجبرية علي الدول المأزومة ثم امتدت هذه السياسات لتشمل حتي الدول الكبري مثل أسبانيا وايطاليا وبريطانيا وفرنسا. علي المستوي السياسي, تزعزع استقرار8 دول من أصل17 دولة في منطقة اليورو خاصة في اليونان وإيرلندا وإيطاليا والبرتغال وأسبانيا وسلوفينيا وسلوفاكيا وهولندا. فقد وقعت اليونان في حالة من الفوضي السياسية واستمرت مفاوضات شاقة لتشكيل الحكومة بزعامة انطونيو ساماراس. وفي ايطاليا, تسبب ارتفاع نسبة الدين إلي1900 مليار يورو, وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف ديون اليونان والبرتغال وأيرلندا مجتمعة, في الإطاحة بالملياردير القوي ورئيس الوزراء سلفيو برلسكوني في نوفمبر.2011 وعلي المستوي الاجتماعي, تسببت خطط التقشف في طرد180 ألف عامل في اليونان لأول مرة منذ100 عام علي سبيل المثال وشردت أكثر من6 ملايين عامل في أسبانيا. ووصلت البطالة إلي مستويات قياسية تاريخية حيث بلغت19 مليون عاطل في منطقة اليورو بدولها السبعة عشر, وهي نسبة مرعبة, بينما وصل عدد العاطلين في الاتحاد الأوروبي ككل26 مليون شخص. وارتفعت نسبة البطالة في اليونان وأسبانيا بشكل خاص لتسجل يفوق نسبة ال50%. وتشير أسوأ التحليلات الاقتصادية الحسابية إلي أن صقور التقشف تمكنوا من كبح جماح أزمتي الديون السيادية والنمو بصعوبة وبتكلفة عالية. كما لم تر دول الاتحاد الأوروبي مثل هذا الكم من الإضرابات والمظاهرات ضد تسريح العمال والتقشف وتدخل الترويكا الأوروبية في شئون بلادهم الداخلية. ومازال الحديث عن انهيار الاتحاد قائما خاصة في ظل السياسات الحالية حيث كشفت منظمة استطلاع الرأي' يوروبارومتير' زيادة نسبة العداء بين الشعوب الأوروبية للاتحاد الذي يبلغ عامه العشرين في نوفمبر المقبل- حيث وصلت إلي حوالي72%.