الكرش ظاهرة غير صحية لدي الإنسان فإما أن يكون ناتجا عن مرض وإما أن يكون سببه الإفراط في تناول الأطعمة وفي كلتا الحالتين يتطلب الآمر علاجا طبيا أو طبيعيا حفاظا علي اللياقة البدنية للجسد. ومن يتأمل جسد الوطن علي مدي السنوات الأخيرة سيجد أنه أصيب بثلاثة من الكروش السياسية أولها في عهد الحزب الوطني الذي كان يحكم البلاد في فترة الرئيس الأسبق حسني مبارك حيث تضخم الحزب وأصبح له كرش كبير وسيطر علي كل مفاصل الدولة في ظل غياب كامل لقوي المعارضة الهشة والضعيفة والعاجزة عن انتزاع حقوقها وكانت النهاية الطبيعية مع ثورة25 يناير ليسقط النظام لأنه لم يكن حريصا علي علاج هذا الكرش بإعطاء الفرصة لشركاء الوطن من المعارضين في بناء الدولة. أما الكرش الثاني فقد ظهر مع تولي تيار الإسلام السياسي للسلطة بعد ثورة25 يناير في عصر الرئيس السابق محمد مرسي وقد يقول البعض إن هؤلاء جاءوا باختيار شعبي عبر صناديق الانتخابات عكس الحزب الوطني الذي كان يمارس التزوير, وإن كان القول صحيحا فإن الممارسة كانت واحدة وهي الانفراد بالحكم مع عدم الحرص علي إعطاء الفرصة لمشاركة القوي المعارضة والتوافق معها وهو ما أدي الي ارتفاع وتيرة الغضب بالشارع ليسقط النظام بعد مليونيات30 يونيو ضد كرشه الكبير أيضا. أما الكرش الثالث فهو الكرش الليبرالي واليساري إن جاز التعبير الذي نعيش أعراضه الآن بعد أن أصبح يهيمن علي جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية في ظل غياب تيار الإسلام السياسي الذي كان يحكم البلاد بالأمس القريب ولم يصبح له دور حتي في صفوف المعارضة خاصة الذين لم يمارسوا العنف وهو ما يعني أن المشاركة يمكن أن تحقق التوازن في اللعبة السياسية وبالتالي نقلل من مخاطر الكرش وتداعياته. وكل ما أخشاه الآن هو الكرش الناتج عن سخونة التفاعلات والانتفاخات الاجتماعية تحت وطأة تراجع الاقتصاد وسوء الأحوال المعيشية وهذا أخطر بكثير من الكروش السياسية وأقصد كرش الإحباط. الجراح العالمي الدكتور مجدي يعقوب عضو في لجنة الخمسين لوضع الدستور.. هل يعقل؟.. هذه القيمة والقامة العلمية التي تكرس كل وقتها في إنقاذ حياة الأطفال المصابين بأمراض القلب يضيع جهده في مناقشات ومداولات حول مواد قانونية ودستورية؟ لمزيد من مقالات هانى عمارة