لا أظن أن مصر علي طول تاريخها عايشت مشهدا فوضيا مثل ذلك المشهد الراهن الذي بلغت فيه مظاهر الانقسام والتفكك المجتمعي والإداري مرحلة يصعب السكوت عليها تحت أي ذريعة وباسم أي مسمي. فبئس الحرية وبئس الديمقراطية وبئس حقوق الإنسان إذا كان منتوجها غياب الأمن والاستقرار للوطن والمواطنين علي حد سواء. إن مشاهد الفوضي المتعددة تحت رايات سياسية ودينية وحقوقية بلغت معدلات غير مسبوقة في الأسابيع الأخيرة ولم تعد هذه المشاهد الفوضوية مجرد تهديد للدولة ونظامها الحاكم بل أصبحت تهدد المجتمع بكل أطيافه سواء في ضرب الاقتصاد وترويع المواطنين أو تهديد البنية الداخلية وهدم المكتسبات الثقافية والفكرية المتوارثة. أقول وبكل الوضوح: إن مصر تواجه عدوانا هو الأشد والأشرس علي طول تاريخها لأن العدوان ليس قادما من الخارج سواء بالتحريض أو التمويل فقط وإنما أدواته للأسف الشديد هم أبناء لنا وقعوا في فخاخ التطرف وجري استدراجهم للأخذ بالعنف والإرهاب سبيلا لفرض إرادتهم بدعاوي مغلوطة تحمل اسم الجهاد ويطلق علي مرتكبي الجرائم في وسائل الإعلام المغيبة اسم الجهاديين وهم في الحقيقة خوارج وإرهابيين متطرفين أبعد ما يكونون عن الدين والوطنية. إن الوطن يعيش هذه الأيام لحظات فارقة تستوجب انتفاضة مجتمعية واسعة يتصدرها المثقفون والمفكرون لدحر هذه الهجمة الشرسة التي لو قدر لها النجاح فإنها ستمثل كارثة سياسية وأمنية واقتصادية ثقيلة وستكون لها انعكاسات مأساوية علي المستويات الإنسانية والثقافية والحضارية. إن الوطن أكبر وأهم وأبقي من أي تيارات تتصارع علي الحكم تحت رايات الليبرالية أو داخل العباءات الدينية وعلي الجميع أن يتحمل كامل المسئولية لدرء خطر الفوضي والتسيب والانفلات والمبادأة بكل إجراءات المحاصرة والاحتواء لمجمل نزعات التطرف حتي يمكن اقتلاع شأفة الإرهاب تماما من فوق أرض مصر. خير الكلام: المعرفة توفر الشجاعة والجهل يصنع الخوف! http://[email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله