أثناء رحلتي إلي مدينة اسطنبول كان شغلي الشاغل أن أعرف لماذا يعد السيد أردوغان رئيس وزراء تركيا علي التدخل في الشأن الداخلي المصري ويطلب في عنجهية يحسد عليها من السلطات المصرية إطلاق سراح الرئيس السابق محمد مرسي.. ثم يتجه من فوره إلي مجلس الأمن طالبا منه التدخل في مصر!! وأهم من ذلك أنه أرسل وفدا قضائيا تركيا لمعرفة الظروف والملابسات التي صاحبت استقالة النائب العام السابق الذي كان يقال إنه نائب خاص لرئيس الجمهورية المعزول.. أيا كان الأمر كان ذلك موقفا غريبا من السيد أردوغان الذي كان قد كسب شعبية في مصر بسبب خلافاته مع السيد شيمون بيريز حول حزب حماس.. كان ذلك في مؤتمر دافوس الاقتصادي بكل عامين! الغريب والعجيب أن بعضا من الرد الشعبي المصري تمثل في إعلان حملة إرادة التي تطالب بمقاطعة المنتجات التركية, واعتبار أن السيد أردوغان يحلم بحكم مصر كقائد عثماني جديد! ونسي أن تركيا لم تعد الباب العالي كما كانت ومصر لم تعد من الأمصار كما كان يحلو للأتراك العثمانيين أن يسمونها! الحق أنني ذهبت من فوري إلي ميدان تقسيم الذي اشتهر بأنه المكان الذي اكتظ بالمعارضين الأتراك لسياساتن أردوغان والتقيت بأحد المعارضين الذي أكد أنهم وإن كانوا يعدون بالمئات فالعدو يتضاعف أكثر و.أكثر في الليل وأنهم يعترضون علي سياسات أردوغان التي تهدف إلي التآلف مع إسلامي العالم سواء في سوريا أو في مصر وقال إن هذه السياسة سوف تؤدي إلي أن تلقي تركيا حتفها! الأخطر من ذلك أن المعارض التركي قال لي: إن أردوغان رفض أي تدخل أجنبي في تريكا بينما سمح لنفسه أن يتدخل في سوريا ويقوم بتسليح المعارضة السورية, كما سمح لنفسه أن يتدخل في الشأن الداخلي المصري, وهو أمر ترفضة العلاقات الدولية التي تعارف عليها المجتمع الدولي. الذي يدعو إلي الدهشة أنني علمت أن ابن الرئيس المعزول محمد مرسي كان يشمله السيد أردوغان باستضافته, والمعية التي تحيط به وأن أطرافا من أركان حكم أردوغان قد درست معه الأمر, وأن الشكوي التي يريد أن يتقدم بها إلي القضاء جاءت كاقتراح تركي ناهيك عن دعم تركيا المادي له وكذلك المعارضة السورية التي تقف في حي رابعة العدوية وتمثل أكثر من نصف المؤيدين للرئيس المعزول. تركت ميدان تقسيم الذي أخبرني معارض آخر أن بعض المحافظات التركية الأخري تشهد عددا لا بأس به من المعارضين ليساسة أردوغان التي ستؤدي بتركيا إلي التهلكة, أو اتجهت إلي حديقة جنري ووجدتها مرتعا للمعارضة السورية, وقد انقسمت بين تأييد أردوغان ومعارضته, العجيب أن أردوغان نسي تماما أنه عندما ذهب إلي المغرب لم يستقبل هناك كرئيس دولة وإنما تم استقباله كرئيس لحزب ذي توجه إسلامي.. هذا ما قاله لي د.عبدالرحيم المنار مدير مركز دعم القرار السياسي في المغرب.. والشيء نفسه حدث في مصر عندما جاء السيد أردوغان لتهنئة الرئيس المعزول.. وفي تصريحاته أكد أنه يمثل دولة علمانية وإن كانت لها خلفية إسلامية. لكن هذا لم يروق نظام الإخوان فوجد الرجل نفسه وحيدا في المطار في طريقه للعودة إلي بلاده!ومهذا معناه أن أردوغان لم يصل إلي الدول العربية بالشكل الصحيح وتجربته في الحكم لم يفهمها الناس في العالم العربي! ولأمر ما لا تجد جريدة عربية في كل أنحاء تركيا, فقط فضائية واحدة ناطقة بالعربية لكنها فقدت مصداقيتها لأنها لا تفعل سوي الترويج لسياسات التدخل في الشأن الداخلي التي يدعمها السيد أردوغان بنفسه! والحق أن السيد أردوغان نسي شيئا مهما, أو لعله تناساه عن عمد وهو أن تدخله في الشأن الداخلي المصري لا مبرر له حتي وأن زعم أنه رجل قيم وليس رجل مصالح.. لأنه في مصر هو إرادة شعبية طلبت بل أمرت الجيش المصري أن يحمي البلاد من شرور الإرهاب والعنف أو من ثم مصر لا تعرف الانقلابات العسكرية كما عرفتها تركيا قبلا.. وإذا كان لدي السيد أرودغان حساسية من الجيش. بدليل أنه أقال عددا من قيادات الجيش التركي.. فهذه هي مشكلته! وليس من حقه أن يصدر قلقه وعدم ارتياحه إلي مصر.. أما إذا كان يخاف من تكرار سيناريو مصر في تركيا.. فهذا أمر لا نؤيده ولا نعارضه.. فقط نود صادقين أنو تظل تركيا علي الحياد وتنسي أن تتدخل في الشأن الداخلي الصمري.. لأنم أحدا لا يريد ذلك وليعلم السيد أردوغان أنه لا يمثل في نظر المصريين سوي الدولة التي كانت مريضة في العثمانية الأولي وتقالبت عليها الدول الأوروبية, أما حلم العمق الاستراتيجي الذي تحدث عنه وزير خارجيته السيد أوجلو.. فهو حلم بعيد المنال بعدما سمح السيد أردوغان لنفسه أن يتدخل هنا.. ويتدخل هناك فحصد من الأعداء الكثير ومازال يحصد!! صحيح أن تركيا حققت علي يد السيد أردوغان طفرة اقتصادية وتنموية.. لكن سياسات تركيا الخارجية( الإقليمية والدولية) لم تجن سوي الحنظل! فالاتحاد الأوروبي وضع شروطا صعبة لانضمام تركيا إليه.. كما عارض البعض أن تصبح تركيا الدولة الإسلامية الوحيدة في نادي الدول المسيحية! أما العلاقات الإقليمية فقد شهدت انتجار السياسة التركية جراء محاولة تركيا التدخل في الشأن الداخلي السوري والمصري والبقية تأتي! لقد شهدت هذه المرحلة تعثر سياسة العمق الاستراتيجي التي تحدث عنها وزير خارجية تركيا.. واعتقد أن حلم السيد أردوغان في حكم العالم الإسلامي وإعادة تجربة العثمانيين تحت اسم العثمانية الجديدة قد أهال عليه السيد أردوغان التراب بنفسه لأنه نسي أن بلاده مازالت تترنح بين علمانية الغرب وبين إسلام الشرق! وهو ما انعكس علي تخبط قراراته التي تقف مرة مع الشرق ومرات أخري مع الغرب. باختصار أن مغالطات تركيا الخاصة بالسياسة لن يبررها بعض النجاحات التي حققتها تركيا في الاقتصاد.. لأن بالسياسة والاقتصاد ترقي الأمم لا بواحدة دون الأخري. والحق أن تركيا قد أخطأت في سياستها أولا برهانها علي الإخوان فتألفت معهم في سوريا ومصر وحماس.. مما جعلها تخسر اليوم وغدا.. وتدخلها السافر في الشز المصري الداخلي فحكمت علي نفسها بأن تكون قزما بعد أن راود الكثيرين ومنهم السيد أردوغان حلم العثمانية الجديدة. }} الساكت عن الحق:يجب أن نخرج بالملايين لدعم القوات المسلحة والشرطة في حربها ضد العنف والإرهاب, وأن نترجم في أرض الواقع الشعار الذي يقول: الجيش والشعب يد واحدة! لمزيد من مقالات د. سعيد اللاوندي