مع تزايد أعمال العنف في العراق, بينما القوات الأمريكية تشد رحالها خارج أرض الرافدين, ثمة تساؤلات ومخاوف عديدة حول مستقبل العراق ومدي قدرته علي الحفاظ علي أمنه ووحدة أراضيه بعد رحيل القوات الأمريكية. يزيد من حجم هذه المخاوف تصريحات عدد من كبار قادة الجيش العراقي, يشكون من عدم جاهزية القوات العراقية لملء الفراغ الذي سوف ينتج عن خروج القوات الأمريكية, رغم تصريحات رئيس الوزراء نور المالكي التي تؤكد أن القوات العراقية سوف تنهض بمهام حفظ الأمن بكفاءة رغم الحدود الشاسعة للعراق مع كل من إيران وسوريا, وتوقعه بأن تخفف إيران من تدخلها في الشأن العراقي بعد انسحاب القوات الأمريكية, لأن الوجود العسكري الأمريكي في العراق كان يشكل أحد مخاوف طهران الأمنية. ويعترف الأمريكيون بأن رئيس الوزراء العراقي حليف متعب شديد الاعتداد بنفسه, حريص علي صورته أمام العراقيين بأنه خلص العراق من الوجود العسكري الأجنبي, إلا أنهم يتشككون في مدي قدرته علي إحتواء القوات العراقية التي تم تدريبها والحفاظ علي الحد الأدني من تماسكها, رغم سلطاته الواسعة واحتفاظه بمنصبي وزيري الدفاع والداخلية, وحرصه علي الإبقاء علي بعض قوات الجيش تحت إمرته المباشرة, وقد يكون مضطرا للإبقاء علي بعض القوات الأمريكية لتحجيم تدخل طهران المتزايد في الشأن العراقي! لكن الواضح من تفاصيل المشهد العراقي, أن المالكي رغم سلطاته الواسعة ربما لا يكون قادرا علي الحفاظ علي تحالفه الهش والإبقاء علي أنصار الزعيم الشاب مقتضي الصدر داخل الحكم, إذا سمح بوجود قواعد أمريكية في العراق تبقي علي جزء من الوجود العسكري الأمريكي, خاصة أن الأمريكيين يصرون علي الإبقاء علي الحصانة القضائية للقوات الأمريكية التي تمنع مساءلة ومحاكمة الضباط والجنود الأمريكيين عن الجرائم التي يرتكبونها علي أرض العراق, وكانت سببا مباشرا في إسراف القوات الأمريكية في إستخدام القوة ضد المدنيين العراقيين, وسقوط مئات الآلاف من الضحايا بسبب حماقات وسوء معاملة القوات الأمريكية للعراقيين في مناطق أبو غريب والحديثة والأنبار التي تعرض فيها العراقيون لجرائم بشعة! وفي ظل هذه الظروف المعقدة خاصة بعد إتساع نطاق الإضطرابات في سوريا وزيادة التكهن بإمكانية سقوط حكم الرئيس بشار والخوف من إشتعال حرب طائفية في سوريا يمكن أن تمتد تأثيراتها إلي العراق, لا يبدو أمام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من حل آخر للحفاظ علي وحدة العراق, سوي تعزيز جبهته الداخلية, وتوطيد عملية المصالحة الوطنية, وإلتزام العدالة في توزيع ثروات البلاد علي كل الأقاليم دون تمييز طائفي. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد