إن مصر فيما قبل ثورة25 يناير لم تكن متاحا لعموم فلاحيها سوي هامش ضعيف من المشاركة السياسية بعد أن تربعت طبقة كبار الملاك الزراعيين والرأسماليين علي قمة الهرم الاجتماعي. اضافة الي ممارسة الدولة ونخبتها الحكم بشكل اوتوقراطي, حيث تركزت سلطة صنع القرار واتخاذه في يد لوبي صغير امتلك السلطة والثورة, وارتبط بذلك غياب أي مشاركة سياسية حقيقية للفلاحين في ادارة شئون مجتمعهم وأصبحت المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي اجريت طوال العقود التي خلت مقصورة علي الطبقة المالكة فقط فهم الذين يرشحون أنفسهم وهم الذين ينجحون, أما بقية الطبقات فكانت ديكورا سياسيا يساقون للأدلاء بأصواتهم لانتخاب عدد من المرشحين لايمتون اليها بأي صلة ولا تربطهم بهم أي مصلحة. والأرجح أن ثورة25 يناير نجحت في إحداث نوع من التغيير وكسر التابوهات الجامدة في هذا البناء بما يتيح للفلاحين مشاركة سياسية ايجابية في صنع القرار, وكان بارزا, هنا, حضور الفلاح المصري في ثورة25 يناير, والذي تحول الي شلالات هادرة مع انطلاق الشرارة الأولي للثورة المصرية, ليشارك شبابه وشيوخه في هدم حصون الفساد والعطب الذي كان قد استشري في جسد الدولة المصرية بقراها ومدنها, اضافة الي مشاركته غير المسبوقة في حسم نتيجة الاستفتاء التي اجريت وقائعه في مارس الماضي جنبا الي جنب الشروع في تأسيس حزب الريف المصري ليكون منبرا لكل القري المصرية. وعلي صعيد ذي شأن فمن المتوقع أن يلعب فلاحو مصر دورا حاسما في الانتخابات البرلمانية التي تعيشها مصر, خصوصا أنهم يمثلون الاغلبية العددية ويشغلون موقعا مهما داخل البناء الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع, اضافة الي أن مصر ليس امامها من أجل تغيير واقعها المأزوم والانطلاق الي التقدم إلا تعظيم عملية المشاركة السياسية للفلاحين في الانتخابات المقبلة, وهذا ما أدركته القوي السياسية المختلفة والتي نجح بعضها في التخفيف عن كاهل الفلاحين ورفع جانب من الغلاء الذي عم المحروسة منذ تداعيات25 يناير, وكذلك عدد من مرشحي الرئاسة الذين انتبهوا مبكرا الي مغازلة طبقات الفلاحين عبر تقديم وعود بتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية لهم, وهكذا يبقي الفلاح المصري حصان طروادة لدي القوي السياسية والحزبية المتنافسة, وباعتباره العصب الحساس في الدولة المصرية.