فور نشر صفحة دنيا الثقافة السبت الماضي23 فبراير تحقيقا بعنوان: إغلاق المكتبة يهدر تراثها.. مراجعها النادرة في بدروم! ثار جدل واندلع غضب بين بعض أساتذة جامعة الإسكندرية. وكانوا أكثر إيجابية وخوفا علي كنوز مكتبة الإسكندرية وتراثها ومراجعها النادرة التي ترقد في بدروم!! الغريب في الأمر أنه فور النشر اهتزت أسلاك التليفون وكان المتحدث مع الزميل حسن إمام, مسئولة الإعلام بجامعة الإسكندرية فاطمة مصطفي, وطلبت منه مقابلة الدكتور المسئول عن المكتبة المركزية لجامعة الإسكندرية فقال لها عبر الهاتف حق الرد مكفول وعلي الجامعة أن ترسل ما تريد وصفحة دنيا الثقافة سوف تنشر الرد بالكامل... حدث ذلك السبت الماضي23 فبراير ومضي أربعة أيام ولم يأت رد جامعة الإسكندرية؟.. ومازلنا ننتظر!!. دنيا الثقافة في البداية يري الدكتور السعيد الورقي, أستاذ الأدب العربي بكلية الآداب جامعة الإسكندرية, أن إغلاق المكتبة المركزية للجامعة أبوابها منذ سنتين غباء ثقافي, لافتا إلي أن جامعة الإسكندرية مؤسسة مثلها مثل سائر مؤسسات الدولة عشوائية في كل شيء.. فمصر دائما لا تحركها قيادة ولا مؤسسات, بل هو الحراك الذاتي, وإن كانت مصر لا تجوع لا معرفيا ولا حياتيا. ووصف الورقي إغلاق المكتبة المركزية لجامعة الإسكندرية بالجريمة العلمية وعدم قدرة القائمين عليها الآن علي اتخاذ القرار.. ويقول الدكتور بهاء حسب الله الأستاذ بكلية الآداب: إن الذي لا يعلمه الكثيرون أن مكتبة جامعة الإسكندرية التي أنشأها بوعيه الخاص عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين قد تربي عليها ثقافيا وأكاديميا جيل بأكمله من مثقفي الثغر والمحافظات المجاورة كالبحيرة وكفر الشيخ, وهو الجيل الذي أفرز شعراء الاسكندرية وأدباءها وأساتذة جامعتها الكبار وكان موقعها القديم بمنطقة الشاطبي بوسط المدينة إلي جوار كليات جامعة الاسكندرية دافعا لأن يرتادها المئات من طلاب العلم والباحثين والشغوفين بالتراث, كما أن محتواها العلمي والأدبي بصفة خاصة جعلها قبلة لكل المثقفين, والذي لا يعلمه الكثيرون أيضا أن مكتبة جامعة الاسكندرية كانت تضم وهذا ما سعي اليه طه حسين عشرات من المخطوطات النادرة لأدباء مصر وشعرائها, وخاصة في فترة التاريخ العربي الوسيط, وهي الفترة التي تكونت فيها الشخصية المصرية القديمة, وسطع نجمها, وأقصد به التاريخ الفاطمي والأيوبي والمملوكي, فقد كانت بها نسخ أصلية ومصورة لدواوين تميم بن المعز وابن سيناء الملك وبهاء الدين زهر والقاضي الفاضل وظافر الحداد وابن قلاقس والشاب الظريف وطلائع بن رزيك كذلك الشعراء القادمون الي مصر أمثال عمارة اليمني ومحمد بن هانئ وابن الساعاتي وابن مماتي.. وغيرهم بالعشرات, كذلك كانت المكتبة زاخرة بكتب المصنفات التراثية النادرة لتلك الفترة الوسيطة, الي جانب علوم النفس والاجتماع والجغرافيا. ويضيف الدكتور بهاء حسب الله قائلا: وقد اختفت هذه المكتبة العريقة في حقبة التسعينيات وما بعدها في ظروف غامضة لا يعلمها احد, فمرة يقال إن المكتبة تحت الفرز, ومرة يقال: المكتبة ستنقل الي مكتبة البلدية لأن مبناها قديم ومتآكل, وتأثر بعوامل التعرية, ومرة يقال: إن تراث مكتبة الجامعة سينقل الي مكتبة الاسكندريةالجديدة, وهكذا إلي أن اختفت المكتبة بأثرها وتلاشي دورها تماما وخسرتها الإسكندرية كلها.. المهم ان يغيثنا أحد في وسط هذه المتاهة التي تعيشها مصر كلها, والمهم أن تتحرك وزارة التعليم العالي لنجدة هذا التراث الفريد, وهذه الكنوز التي في طريقها للضياع, وصدقوني ان التراث الذي بهذة المكتبة لا يقل عن التراث المحفوظ بمكتبتي البلدية والاسكندريةالجديدة. يقول الدكتور فتحي أبو عيانة أستاذ الجغرافيا جامعة الاسكندرية: هذا المبني موضوع في خطة الترميم منذ سنوات عديدة, وقصور الموارد المالية هو السبب, ولو توافرت الموارد المالية منذ وقت طويل لكانت الحال غير الحال.. ولابد ان يتعاون المجتمع المدني ورجال الأعمال وأصحاب الشركات والخريجون القدامي الذين تسمح ظروفهم بالمشاركة في تكوين جمعية أصدقاء المكتبة الرمزية لجامعة الاسكندرية.. مشيرا الي أن المكتبة تحتوي علي عدد كبير من رسائل الماجستير والدكتوراة وآلاف الرسائل, وآن الأوان لاستخدام تكنولوجيا المعلومات لتحويلها الي كتب الكترونية مع حفظ حقوق الملكية الفكرية لأصحاب الرسائل وأصحاب الكتب المنشورة, فلابد أن نجد حلا قانونيا لها؟ وفي هذه الحالة يتم تحويلها إلي كتب الكترونية ويسهل التعامل معها. ويقول الدكتور محمد زكريا عناني: هذه المكتبة قد عاصرتها خلال مرحلة الدراسة بكلية الآداب, وفي محرابها تعلمت كيف يجد الدارس المبتدئ مادته من خلال قاعة المطالعة المفتوحة ثم عدت إليها بعد سنوات التلقي خارج مصر, فراعتني حالة التردي التي تتجاوز الوصف, وكانت وسيلة إحضار الكتب من المخازن لاتزال علي حالها ب السبت! والمخازن ألقيت علي أرضيتها اللوحات النادرة التي رسمها الرسامون العالميون لمصر وآثارها, واختلط الحابل بالنادل, إذ سرقت أو نزعت العديد من بطاقات الكتب, فلم يعد من المستطاع التعرف علي ما تريد, وكان هذا مجرد إنذار لما حدث بعد ذلك.. مشيرا الي المكتبة التي أنشئت مع الجامعة(1942) والتي ضمت أكثر من مائة وخمسين الف مجلد صدر لها قرار بالنقل لتحمل هذه المجلدات في الكراتين ويضيع منها ما يضيع وينهب ما ينهب؟ والأكثر من هذا أن مرحلة النقل واكبتها عملية التخلص العلني مما اعتبر غير ذي أهمية وخاصة الكتب الأجنبية الاستشراقية وكثير منها تم بيعه بقروش معدودات ولم يدرك الذين ارتكبوا هذه الجريمة ندرة المجلدات التي اعتبرت من الدشت, وأذكر أنهم عرضوا علي أن أقر مسألة التخلص من آثار المستشرقين فاستنكرت أن أتخلص من مؤلفات بروكلمان وبلاشير ويلاوروزنتاك ونولدكه ودوزي و... لماذا؟ لأن المكان كما قالوا لن يتسع لها, ولأنها في نظرهم مما لا يستفيد منه إلا القلة القليلة من الناس, كأن مكتبة الجامعة يجب أن تقتصر في رأيهم علي كتب التسلية وما أشبه. لافتا إلي انه كانت هناك قرابة الف وخمسمائة مخطوطة, صنع لها الدكتور يوسف زيدان بارك الله فيه فهرسا شاملا في مجلدين.