منذ أن أعلن مجلس جامعة القاهرة, في31 يوليو1996 قراره بانشاء مكتبة مركزية جديدة بجامعة القاهرة, ثارت التكهنات حول مصير مكتبة جامعة القاهرة القديمة. التي شيدت في أبريل عام1931 داخل حرم الجامعة, وتم افتتاحها رسميا في27 فبراير سنة1932.ومع الافتتاح الرسمي للمكتبة المركزية الجديدة في2008, في اطار الاحتفال بمئوية الجامعة المصرية, لم يعد التساؤل حول مصير مبني المكتبة العريقة- المتسق معماريا مع كل المباني التي تم انشاؤها في تلك الفترة- والذي يضم بين جدرانه مجموعات كبيرة وقيمة من الكتب المطبوعة والمخطوطات والدوريات العربية والأجنبية والخرائط والنقود الأثرية والمعاجم والموسوعات والمراجع العامة والمتخصصة ومجموعات من الكتب النفيسة والنادرة ذات القيمة العلمية, شأنا يخص مجلس جامعة القاهرة وحده, فأصبحت القضية مطروحة علي مائدة البحث والنقاش ليس فقط بين أساتذة جامعة القاهرة والباحثين ممن يترددون علي المكتبة أو العاملين بها أو في وسائل الاعلام المختلفة, بل أيضا في الجلسات الخاصة لمن كانوا يوما ما طلبة بجامعة القاهرة, وكانوا من بين روادها أو حتي بين آخرين منهم ممن قادتهم خطاهم للمرور أمامها بالمصادفة في زمن تعاطي الملخصات وتحول البحث في المراجع والاطلاع لأسطورة أو موضة عفي عليها الزمن. في هذا السياق توالت الأنباء والتصريحات المتضاربة المنقسمة ما بين تحويل مبني المكتبة لمتحف يضم الوثائق والمخطوطات والكتب النادرة, وعرضها متحفيا وبين تفتيت وتقسيم المقتنيات و إخلاء المكتبة المركزية القديمة من300 ألف كتاب و16 ألف مخطوط, وبالتاليي تعريضها للضياع و التلف لمجرد تقسيم المبني لقاعات للندوات وإلغاء قاعات الإطلاع وتخصيص البدروم لمكتبات كلية الآداب, وإعادة تخطيط المبني هندسيا وإنشاء حاجز بالطوب في المبني التاريخي بهدف اعداد قاعات لمحاضرات كلية الآداب وتوفير مكان للإدارة العامة للمكتبات الجامعية بإداراتها التسع المسئولة عن المخزن الأجنبي والمخزن العربي الشرقي. في4 حجرات بالدورين الأول والثاني. في ذات السياق كشف الجدل بين أطراف القضية وحوارات الذكريات بين خريجي جامعة القاهرة والمترددين علي المكتبة عن عدد من الحقائق, ربما كان من أهمها الكشف عن كم المقتنيات النادرة التي ضمتها جدران المكتبة, والتي تعتبر ثروة تاريخية وثقافية لا تقدر بثمن من بينها مجموعة المستشرق زيبولد, وعالم الآثار يونكر والدكتور ماكس مايرهوف, ومجموعة الأمير إبراهيم حلمي, ومجموعة الأمير كمال الدين حسين أهديت إلي الجامعة في عام1933, والتي تقع في خمسة آلاف مجلد ومجموعة أحمد طلعت بك, وتحتوي علي طائفة كبيرة من المخطوطات العربية والفارسية والتركية, ومالا يقل عن عشرة آلاف مخطوط باللغتين التركية والفارسية وغيرهما من اللغات ومضابط مجلس الشيوخ المصري وجلسات مجلس النواب, وكذلك مضابط مجلس العموم البريطاني1700 مضبطة, وتتناول شئون المستعمرات البريطانية, هذا بالإضافة إلي وثائق الحملة الفرنسية, وميزانية مصر من عام1890 حتي عام1950 في أكثر من4000 وثيقة. كما تحتوي المكتبة أيضا علي المكتبات الخاصة لأفراد من الأسرة المالكة المصرية, بدءا من عهد محمد علي حتي الملك فاروق, بالاضافة إلي الكتيبات والملصقات والألبومات والعملات. والحقيقة أن هذه الأمثلة القليلة لبعض من مقتنيات هذه المكتبة العريقة الحافظة لجزء لا يستهان به من تراثنا الثقافي عبر عصور مختلفة والتي تروي خبياتها صفحات مهمة من تاريخنا يجب الحفاظ عليها وتأمينها وإتاحتها للباحثين, وما جاء علي لسان عدد من الباحثين ورواد المكتبة عن الغرف المغلقة بداخل المبني العريق وسوء حالة بعض المقتنيات وتهرئها وتساؤلات الكثير من الباحثين عن مصير المكتبات التي يتم اهداؤها وإذا ما كان الباحثون سيستطيعون الاستفادة بمحتوياتها أم أنها ستتحول لغذاء للقوارض والحشرات بسبب سوء تخزينها في غرف مغلقة, كانت الدافع لأن نحاول أن نتعرف علي حقيقة ما يدور وراء هذه الأبواب المغلقة منذ سنين ومصير الكتب والمخطوطات التي تم تخزينها منذ بدأت عمليات تطوير مكتبة جامعة القاهرة, ثم افتتاح المكتبة الجديدة التي أقيمت داخل الحرم الجامعي بارتفاع8 أدوار علي مساحة4000 متر. وقد حرصنا علي أن يتم هذا من داخل حرم المكتبة القديمة ذاتها, وعلي لسان المسئولين أنفسهم, و أن نطرح عليهم تساؤلاتنا, وأن ننقل لهم كل تحسبات من يشغلهم مصير هذا التراث خلال تحقيق الزميلة مي اسماعيل. ولعلنا نجد في السطور التالية إجابات شافية وافية تحفط لنا هذا التراث وتخرجه للنور.[email protected]