لورانس داريل-جون شتاينيبك كشفت الأكاديمية السويدية المنظمة لجائزة نوبل لأول مرة حيثيات فوز الكاتب الأمريكي جون شتاينبك متغلبا علي أقرانه من كبار الأدباء منهم روبرت جريفز و لورانس داريل سنة 1962، وكان فوز شتاينبك وقتها قد أثار موجة عارمة من الغضب في الأوساط الأدبية، لدرجة وصفه بأكبر سقطة في تاريخ الجائزة. أعيد فتح ملفات الجائزة طبقا لقواعد بروتوكول لجنة تحكيم نوبل التي تسمح بفتح الملفات التي مر عليها خمسين عاما، وأدي ذلك إلي كشف وجود قائمة قصيرة للجائزة في ذلك الوقت تضمنت 66 أديبا منهم إلي جانب داريل و شتاينبيك و داريل الفرنسي جان أتوي والدانماركية كارين بليكسين اللتين اختارتهما اللجنة كمرشحين محتملين للفوز بالجائزة المثيرة للجدل. وبالرغم من إشادة لجنة تحكيم الجائزة بشتاينبك لأن: بكتاباته تمزج بين الواقع و الخيال، بالإضافة إلي أنها تجمع بين روح الدعابة والحرص علي المفاهيم الاجتماعية الراسخة«، إلا أن الوثائق التي تم الكشف عنها حديثا تبين أنه تم اختياره باعتباره الأفضل من بين الأكثر سوءا، فقد كتب هنري أولسون عضو اللجنه آنذاك : لم يظهر أمام اللجنة أي مرشح محتمل يستحق الجائزة، مما وضعنا في مأزق لانحسد عليه«، كما كتب الصحفي السويدي كاج شيلر في جريدة سفنسكاا أنه تم رفض روبرت جريفز لأن بالرغم من كتابته العديد من الروايات التاريخية، إلا أنه كان يُنظر اليه في المقام الأول كشاعر، وبدا أولسن مترددا في منح أي شاعر أنجلو ساكسوني جائزة نوبل قبل وفاة الشاعر عيزرا باوند، اعتقادا منه أن الأدباء الآخرين لم يصلوا إلي مستواه والإتقان في كتابة الشعر، وأن رفض باوند جاء بسبب موقفه السياسي! استبعاد بسبب الوفاة أما كارين بليكسين صاحبة رواية بخارج أفريقياا فقد تم استبعادها بعد وفاتها في سبتمبر نفس العام، كما قررت اللجنة أن داريل :لم يكن له أفضلية هذا العاما كما ورد في الملفات، كما صرح شيلر للجارديان قائلا: يبدو أنهم لم يعتقدوا أن رباعية الإسكندرية كانت كافية، لذا قرروا وضع فوزه في الاعتبار مستقبلاس وكان داريل قد سبق استبعاده في سنة 1962 بسبب أنه:س مشكوك في ذائقته الأدبية.. بسبب انشغاله الجنوني المتعلق بتعقيدات جنسيةس هكذا كتبوا، ولم يكن واضحا لماذا استبعدوا أنوي، إلا أن يكون السبب هو فوز الشاعر الفرنسي سان جون بيرس بنوبل سنة 1960، مما اعتبروه تمثيلا لفرنسا في قائمة الفائزين، كما كشفت سفنسكا داجبلادت أن جان بول سارتر كان ضمن من نظروا بجدية في إمكانية فوزه بالجائزة و بالفعل حصل عليها سنة 1964. كل ذلك ساعد شتاينبك علي تثبيت أقدامه في الحصول علي الجائزة الموعودة التي سبق ترشيحه لها ثماني مرات، ورأي كثيرون أن العمل الذي كان وراء ترشيحه هو بعن الفئران والإنسانا التي نشرت سنة 1938، وبالمهر الأحمرا سنة 1945، وبعناقيد الغضبا سنة 1939، وباللؤلؤ= سنة 1947، وب نحو الشرق من عدنا سنة 1961« ، إلا أن الأمين الدائم للأكاديمية السويدية أندر أوسترلينج أن أحدث رواياته عندئذ بشتاء السخطا الصادرة سنة 1961: ا أظهرت أنه بعد بعض الإبطاء في الكتابة خلال السنوات الأخيرة، استعاد شتاينبك مكانته وقدرته علي كشف الواقع الاجتماعي، وتلك هي الواقعية الحقيقية التي وضعته في مصاف أسلافه سنكلير لويزو وأرنست هيمنجوايا كما كشفت سفنسكا داجبلادت. كتب أوسترلينج: ما بين جريفز و شتاينبيك كان الاختيار غاية في الصعوبة فقد كان جريفز الأقدم، وفي نفس الوقت الأقل حبا في الظهور، في حين كان شتاينبك الأكثر شعبية، فمنذ ترشيح شتاينبك و بالرغم من أنه ظهر لي أن لديه الفرصة الأكبر في جمع أكبر تأييد من أعضاء اللجنه، إلا أنني شعرت بأن لدي مطلق الحرية في منحه الأسبقية. ذلك الاختيار، علي أي حال، لاقي انتقادا وتم وصفه بأنه: بأحد أفدح أخطاء الأكاديمية السويدية في الصحف السويدية آنذاء، كما تساءلت النيويورك تايمز: لماذا منحت لجنة نوبل الجائزة لكاتب ذي موهبة محدودة ، في أفضل كتبه، يستخف بعشر معدل التفلسف، و نعتقد أن من المثير للاهتمام أن التكريم لم يمنح لكاتب تنعكس أهميته علي عمل قدم بالفعل انطباعا أكثر عمقا علي الأدب في عصرنا« ، شتاينبك نفسه حين تم سؤاله إن كان يستحق نوبل أجاب: ببصراحة،لا . نوبل بدوافع سياسية وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد نشرت مقالا كتبه جوزيف أبستين الأسبوع الماضي يعترض من خلاله حول عدم فوز أدباء كبار أمثال تولستوي و مارك توين بجائزة نوبل، بينما اقتصر منحها علي أدباء غير معروفين، وتجاهل كثيرين من بينهم أيضا هنري جيمس وأنطون تشيكوف، وجوزيف كونراد، وجيمس جويس، و توماس هاردي، وجورج لوي بورخيس، و فلاديمير نابكوف، هؤلاء الأدباء العظماء يضمهم نادي عدم الفائزين بنوبل رغم أنهم كانوا علي قيد الحياة منذ بدء إعلان الجائزة سنة 1901، وتم استبدالهم بآخرين منهم سولي برودوم، فريدريك مسترال، جيوزية كاردوتشي، بول هيز، كارل سبيتلر، وكلهم لا يتوافقون مع المفهوم العام للنجوم الأدبية، التي لا ننكر فوز بعضهم بنوبل أمثال: دبليو بي بيتر و تي إس إيليوت، وتوماس مان، وبوريس باسترناك، إلا أن معظم الفائزين طواهم النسيان، و منهم من تم تصنيفهم كنجوم من الطراز الأول في بلادهم مثل جون شتاينبك، و بيرل باك، و سنكلير لويس، ناهيك عن إدراجهم في قوائم الجوائز العالمية، إلا أن فوزهم بنوبل بمثابة صك الختم علي تفوقهم الأدبي. وجائزة نوبل في الأدب مثل جائزة نوبل للسلام كثيرا ما تم منحها وفقا لدوافع سياسية، ففي فترة من الفترات ذهبت إلي منشقين سوفييت مثل باسترناك، و الكسندر سولز، ونتزين، وماركسيين خاصة المناهضين للولايات المتحدةالأمريكية من بينهم جونتر جراس، وداريو فو، وجوزيه ساراماجو، كذلك من الأسباب الغامضة لمنح الجائزة الدوافع الجغرافية السياسية للجنة المانحة للجائزة، ففي وقت ما تحتم منح الجائزة للهند الشرقية، أو أمريكا اللاتينية و أيسلندا، و في العام الماضي تم منحها للكاتب الصيني مويان، مما يدعو إلي سهولة توقع منحها العام القادم للفنان الشاعر الأوغندي كوامي تسوريز، أو البحث عن شخص غير معروف أو ليس له وجود علي الإطلاق. وما يضيف إلي قيمة الجائزة ارتفاع عائدها المادي الذي بلغ العام الحالي 1.2 مليون دولار، مما حدا بصول بيلو يوم علمه بحصوله علي الجائزة سنة 1976، أشار إلي اقتسامها بين أطفاله من زوجاته السابقات، وبالرغم من أن جائزة نوبل في الأدب تمنح لأحياء، إلا أن الكثير منهم تسلموها قبل نهاية حياتهم بقليل أو بعدها، فكانت بمثابة الشهرة و الثروة الظاهرية الزائلة، ولن يكون حال الأدب أسوأ دون نوبل في الأدب التي لا تضع معيارا صحيحا للإنتاج الأدبي ولا تمنح الاحترام للأدب ذاته، و أفترض عدم وجود طريقة للقضاء عليها أفضل من تحويلها لي أضحوكة، بمنحها لمن لا يستحقونها أكثر ممن منحت لهم في الماضي، ولا يبقي لإنقاذها سوي لائحة مرشحين محتملين قد لن يحصلوا عليها تتضمن أمثال بوب ديلان و جويس كارول أوتس و غيرهم .