وزير الشئون النيابية يشارك في حفل استقبال العام الجامعي الجديد بجامعة حلوان    أحمد موسى: الدولة أنفقت مليارات لتطوير "القنطرة غرب" وتحويلها لمركز صناعي    سامسونج تطلق الدورة السابعة من برنامج «الابتكار» لتأهيل الشباب المصري رقمياً    "الفرقة 98" الإسرائيلية تكثف عملياتها في مدينة غزة    ألونسو: لهذا السبب أستبدل فينيسيوس.. ومبابي مركزه مختلف ضد إسبانيول    إصابة 5 في تصادم ملاكي بتوك توك ببني سويف    تفاعل كبير مع ورشة هشام سليمان وسامح الصريطي في التمثيل ضمن فعاليات بورسعيد السينمائي    كارول سماحة تفجر مفاجأة عن وفاة زوجها وليد مصطفى    "نور مكسور".. تفتتح آخر حكايات "ما تراه ليس كما يبدو" وبداية صادمة لرحلة نور إيهاب    «تنسيقي محافظة الأقصر» يبحث استعدادات تنفيذ التجربة «صقر 162» لمجابهة الأزمات والكوارث    "الثانية خلال أسبوع".. جلسة مرتقبة بين محمود الخطيب وياسين منصور ..ما القصة؟    زمالك 2009 يهزم المقاولون العرب بهدف نظيف في بطولة الجمهورية    اليابان: قوات أمريكية تواصل التدريب على نظام الصواريخ المضادة للسفن    رئيس النواب الأمريكي يحذر من كارثة ستواجه بلاده مطلع أكتوبر المقبل    سوريا.. قسد تستهدف بقذائف الهاون محيط قرية شرق حلب    وزير كندي: مجموعة السبع تنوي التحرك بشكل حاسم لإنهاء الصراع في أوكرانيا    أنغام تطرح أحدث أغانيها بعنوان سيبتلى قلبى بتوقيع تامر حسين وعزيز الشافعى    الحبكة المقدسة.. الدين في السينما الغربية    اللواء إبراهيم هلال ل"الساعة 6": حل القضية الفلسطينية يحتاج قرارات مُلزمة    "فستان قصير وجريء".. مي عمر بإطلالة جريئة    مواقيت الصلاة اليوم السبت 20سبتمبر2025 في المنيا    عالم أزهري يوضح سبب ذكر سيدنا إبراهيم في التشهد    على هامش فعاليات مؤتمر ومعرض هواوي كونكت 2025.. وزير الصحة يلتقي مسئولي «ميدبوت» للتعاون في تطوير التكنولوجيا الطبية والجراحة الروبوتية ( صور )    التشكيل الرسمي لقمة مان يونايتد ضد تشيلسي في الدوري الإنجليزي    محمد لطفي يطمئن جمهوره: "أنا زي الفل وما نشر عن حالتي الصحية كذب    وزير فلسطيني سابق: إسرائيل لم تعد تتمتع بدعم حقيقي سوى من ترامب    وزير الري يتفقد الموقف التنفيذي ل"مشروع تنمية جنوب الوادي" في أسوان    نقابة "العلوم الصحية" تنظم حلقة نقاشية مع الخريجين والطلاب    تجديد حبس البلوجر محمد عبد العاطي 45 يوما لنشره فيديوهات خادشة للحياء    بعد الاختبار الطبي.. رمضان صبحي ضمن قائمة بيراميدز لمواجهة الأهلي السعودي (خاص)    غياب عربي عن القائمة.. تعرف على أكثر الدول طلبًا لتذاكر كأس العالم 2026    محمود محيي الدين: يجب أن يسير تطوير البنية التحتية التقليدية والرقمية جنبًا إلى جنب    «الصحة» تبحث التعاون مع مستشفى رينجي الصينية بمجالات التكنولوجيا الطبية    فيديو قديم يُثير الجدل بالشرقية.. الأمن يكشف كذب ادعاء مشاجرة بين سيدتين    بطلق ناري في الظهر.. الأمن يكثف جهوده لكشف لغز مقتل خمسيني بطما    تحت شعار «عهد علينا حب الوطن».. بدء العام الدراسي الجديد بالمعاهد الأزهرية    أكاديمية الشرطة تنظم دورة لإعداد المدربين في فحص الوثائق    9 كليات بنسبة 100%.. تنسيق شهادة قطر مسار علمي 2025    لتحسين البنية التحتية.. محافظ القليوبية يتابع الانتهاء من أعمال رصف الطرق بمدن المحافظة    المجلس التنفيذي لمحافظة أسوان يوافق على تخصيص أراض لإقامة مشروعات خدمية وشبابية وتعليمية    الدوري الإنجليزي.. محمد قدوس يقود تشكيل توتنهام ضد برايتون    مؤتمر فليك: سنحضر حفل الكرة الذهبية من باب الاحترام.. ويامال سيتوج بها يوما ما    إحالة رمضان صبحي للمحاكمة الجنائية بتهمة التزوير داخل إحدى لجان الامتحانات    محافظ الأقصر يكرم عمال النظافة: "أنتم أبطال زيارة ملك إسبانيا" (صور)    «الكازار» تعتزم إطلاق مشروعات جديدة بمجال الطاقة المتجددة في مصر    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    حملات موسعة لإزالة الإشغالات واستعادة المظهر الحضاري بشوارع الزقازيق    سؤال برلماني لوزير التعليم بشأن تطبيق نظام البكالوريا.. ويؤكد: أولادنا ليسوا فئران تجارب    أحمد السبكي: المرحلة الثانية للتأمين الصحي الشامل ستشهد إشراك أكبر للمستشفيات الجامعية وللقطاع الخاص    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    طريقة عمل العيش الشامي في البيت، توفير وصحة وطعم مميز    كتائب القسام تنشر صورة وداعية للمحتجزين الإسرائيليين    القومي للمرأة ينظم لقاء حول "دور المرأة في حفظ السلام وتعزيز ثقافة التسامح"    كسوف الشمس 2025 في السماء.. تفاصيل موعد البداية والنهاية ووقت الذروة (الساعة)    «الداخلية»: ضبط 3 متهمين بالنصب على صاحب محل بانتحال صفة بالقاهرة    مدير مدرسة بكفر الشيخ يوزع أقلام رصاص وعصائر على تلاميذ الصف الأول الابتدائي    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"رجوع الشيخ":
مرايا الذات المتكسرة

حين أشاهد نفسي في المرايا التي تعكسني، حين أشاهد نفسي فيها من الخلف، أو خلال سيري، أو من الجانب، عندها أشعر برعب أنني أتعايش مع ذاتي. عندما أشاهد نفسي من الخلف في المرايا يبدو لي أن لي وجودا آخر، أي رعب هذا أننا لا نستطيع أن نري كل مرة سوي جانب واحد من جسدنا؟ ماذا يمكن أن يقع في الجانب الذي لا نراه عندما لا نراه؟" هكذا تُعدُّ المرايا تيمة أساسية في أعمال بورخيس، تيمة تجلت في شعره وسرده معا، وهكذا وظفَّها محمد عبد النبي في روايته "رجوع الشيخ" الصادرة مؤخرا عن دار روافد. تدور الرواية حول كاتب يسعي لأن يكتب نصه الأكثر حميمية في رواية غير مكتملة، ولا ينوي أن يكملها، لأن إيتالو كالفينو أخبره أن "ليس ثمة مكان أفضل لحفظ السر من رواية غير مكتملة".
منذ الصفحة الأولي يطالعنا أحمد رجائي الذي أعطاه اسم الشيخ تمييزا له عن أحمد رجائي الذي يمثل انشطار الذات، فشيخه يسعي للعودة إلي صباه في تماس واضح مع النص الأشهر في التراث العربي "رجوع الشيخ إلي صباه"، فأحمد رجائي تفتحت حواسه، وتلمس رغبات جسده من خلال صفحات هذا النص التراثي، ومن هنا تسعي الذات الساردة إلي الرجوع إلي الصبا، رغبة في استكناه حياة غابت تفاصيلها في ذاكرة شذرية لا تحتفظ بالكل كاملا، فلم يجد أمامه سوي الانشطار إلي آخر أعطاه ذات الاسم، ليعيد له تلك التفاصيل:"ربما كان خطأ أحمد أنه رغب دائمًا وأبدًا أن يري الكل المحيط الشامل. لكن الجيل التالي لحسن الحظ تجاوز هذا العيب الخطير، ولم يعد ينتبه إلا للتفاصيل الصغيرة، المنفصلة تمامًا عن كل ما يضمها ويحنو عليها".
يقدم لنا عبد النبي نصا مفتوحا يتناص مع نصوص عديدة تراثية وحداثية، فهو يتناص بالضرورة مع كتاب "رجوع الشيخ إلي صباه " كما أشرنا سابقا، كما يتناص مع "ألف ليلة وليلة"، ثم أخيرا يتناص مع عوالم بورخيس، وأقول عوالم بورخيس وليس فقط نص "الآخر"، حيث يحكي بورخيس كيف أنه ذات صباح في بوسطن وهو جالس بجانب نهر تشارلز يلتقي بشاب ويكتشف أنه هو نفسه، مراهق تقريبا. كلاهما يعيشان في أزمنة مغايرة و لكنهما يجتمعان هناك، إلي جوار نهر تشارلز، في فضاء واحد".
لم تكن تلك القصة هي السردية الوحيدة التي استلهمها محمد عبد النبي، فتيمات مثل المتاهة والمرايا التي تكررت في جُلِّ أعمال بورخيس تتجلي بوضوح في نص "رجوع الشيخ ". ثمة متاهة يجيد صنعها الكاتب ليوقع فيها قارئه الافتراضي الذي يحاول جاهدا أن يفك شفرات ذلك النص المتخم بالدلالات. نص "رجوع الشيخ" من النصوص المفتوحة علي عوالم وحكايات شذرية وتفاصيل تجعل القارئ يدور في متاهة لا تنتهي.
يجيد عبد النبي نسج علاقة تبدو شائكة بالمرآة، حيث المرآة هي انعكاس للذات، وفيها يتجلي العالم. مرآة تتكسر و تتشظي من أول النص حتي آخره؛ لتعكس كل شظية جانبا من وجود الذات الساردة التي تتشظي هي الأخري إلي ذوات عديدة تتصارع، وتحاول السيطرة علي مقاليد ومقدرات السرد، فشخصية البطل الذي يظن القارئ أنه البطل منذ بداية الرواية نكتشف أنه هو ذاته أحمد رجائي الصغير، وربما هو ذاته الناقد الذي اكتشف أن كاتبا صغيرا استولي علي أفكاره وحولها لنصوص سردية، وليس من المستبعد أن يكون هو مني التي تشارك أحمد رجائي الصغير محاولات كتابة الرواية.
يفيد عبد النبي من فكرة الميتا سرد، حين يتخذ الكاتب الكتابة والحديث عن عمل إبداعي موضوعا للرواية، وهي حيلة لم تعد جديدة، فقد جربها روائيون كُثر منذ كونديرا في "خفة الكائن" إلا أن عبد النبي يجيد الغوص داخل شخوصه، فهو يعتمد علي مستويات من العالم النفسي للشخوص، وليس مجرد سرد حكايا. هو منذ الصفحة الأولي يخبرنا أنه روائي يحاول كتابة رواية يكون هو بطلها، ويبرر ذلك أن ذاته هي الأقرب بالنسبة له، بل هي أكثر ما يعرفه من الحياة، لذا يجد لنفسه مبررا أن يكتب حكايته في دفترين اشتراهما لهذا الغرض، ويخبرنا فيما يشبه النبوءة أنه حين تكتمل روايته سوف يموت هو، لذا يسعي جاهدا إلي تضليل القارئ بألاعيب سردية حتي لا يكتمل النص. السرد في النص له علاقة حميمية جدا بالمرايا. مرايا الإنسان والأشياء داخل العالم. و من كثرة حضورها في وجدانه وفكره فهو يخشاها كثيرا، مراياه المتشذرة قاسية جدا؛ لأنها تكشف عن رعب العالم، مراياه محدقة و مرعبة، فهو يضعنا من خلالها أمام قسوة العالم و رعبه: "ربما كان يخشي الألم، ألم انتزاع الروح من البدن، أو كان يخشي المجهول..ومن بعيد أمسك بالمرآة، وراح ينظر إليها، وأدرك أنه لم يكن يخشي المجهول ولا الألم بقدر ما يخشي مفارقة أحمد، يخشي ضياع وجهه الوحيد الذي يعرفه".
كذلك تكشف الرواية المتخمة بالدلالات والإحالات عن صورة المثقف الفوضوي، والمثقف الملتزم بقضايا الوطن، فأحداث يناير 1977، تحيل بالضرورة إلي ثورة يناير 2011. كما أن النص يطرح أسئلة وجودية واضحة تكشف عن قلق الإنسان، وتساؤلاته حول الوجود والعدم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.