حسب الدعوة التي أطلقها مركز الصورة المعاصرة فقد كان يوم الأحد الماضي موعد افتتاح معرض الأثر الورقي للفنان الأسباني فرانسيسك رويز. المكان المحدد كان مقر المركز بشارع عبد الخالق ثروت لكن المعرض نفسه لم يكن هناك بل كان موزعاً في أماكن متفرقة في أرجاء منطقة وسط البلد. انقسم المعرض إلي خطين متوازين، الأول في مقر مركز الصورة المعاصرة حيث تراصت عشرات الجرائد علي الأرض كأنها معروضة أمام كشك للجرائد، لكن هذه المرة لم تكن عناوين الجرائد هي بطلة المشهد بل الحجارة التي يتم رصها فوق الجرائد، حيث يخرج مربع حوار من كل حجر ليتحول العمل إلي ما يشبه قصة مصورة، أبطالها الحجارة التي تتبادل الحوار أو تعلّق علي عناوين الجرائد. يحذر أحدها مثلاً: "مش كل الطوب عنده ضمير"، وآخر يعلق علي كل الحوار الدائر: "ماتركزش قوي معانا إحنا جايين نهرج". استعان رويز بمحمد عبد الكريم ومحمد عبد الله لكتابة الحوار باللغة العربية، مع توافر ترجمة إنجليزية بالطبع لمن لا يجيد العربية. الخط الثاني من المعرض يعود فيه رويز إلي مجاله الأثير القصص المصورة/ الكومكس حيث يجد الزائر صفحتين تشكلان جزءاً من قصة مصورة موزعة في أرجاء منطقة وسط البلد. في القصة نقابل تان تان، بطوط، سمير، والمواطن المطحون وكلهم أبطال قصص مصورة عربية وغربية، والجميع في رحلة بحث عن تاريخ القصص المصورة المصرية، تنتهي المغامرة وهم في طريقهم إلي مكتبة أم الدنيا بوسط البلد، مع ملحوظة في النهاية "ابحث عن العدد التالي في مكتبة أم الدنيا"، هناك يجد القارئ العدد الثاني الذي يقوده بدوره إلي العدد الثالث المخفي في مكان آخر، وهكذا حتي تكتمل القصة. يتحدث فرانسيسك وفي يده علبة سجائر المارلبور الأمريكية عن تأثره بأفكار حركة الأممية المواقفية التي ظهرت في الخمسينات والستينات، لكن تأثره يبدو منصباً علي التقنيات الفنية والممارسات الثقافية التي خرجت من رحم تلك الحركة أهمها استخدام العلامات التجارية والمنتجات الثقافية الرأسمالية مع العبث في مضمونها لتحويلها إلي صورة مناقضة لأصلها. يتضح هذا في استخدام رويز لشخصية "تان تان" الذي يمثل الحقبة الاستعمارية الغربية، بطوط الذي يمثل أيقونة الكومكس الأمريكي، شخصية سمير ابنة المرحلة الناصرية، والمواطن المطحون من مجلة فلاش ابن فترة الثمانييات والتسعينيات، جميعها تلتقي في قلب القاهرة التي مرت بكل الفترات السابقة، في محاولة للبحث عن تاريخ ربما لا يزال في طور التكوين.