اختتم معرض المنتجات المصرية اعماله كما بدأ، لم يعرف مكانه أحد.. ولم يزره الماني وتجاهله المصريون والعرب المقيمون في هذا البلد وكأنه معرض سري وهو ما يثير التساؤل الي متي نقوم بخطوات غير مدروسة قد تسئ الي البلد خاصة ان الغرض من المعارض الخارجية ليس فقط "ارتزاق" الهيئة المنظمة بل الحفاظ علي صورة المنتج وليس الإساءة له ولصانعيه. يذكر ان هذا المعرض أقيم بمناسبة اختيار مصر كضيف شرف الدورة الثامنة للملتقي العربي الألماني وكما هو معروف ان صناعة المعارض هدفها الترويج للسلع سواء للبيع أو البحث عن وكيل لها أو جلب اتفاقيات للتصدير وهو ما يتطلب أن تكون هذه السلعة مناسبة لاحتياجات البلد وظروفه واحترام مواصفات السوق وهو الأمر الذي لم يحدث اطلاقا في معرض المنتجات المصرية في برلين.. الذي قدم الحلاوة العسلية المصرية للالمان والذين لا يحبون السكر الزائد علما بان "الحلاوة المصرية حلاوتها زايدة كتير". وانتهز هذه الفرصة للاشادة بالمنتجات المصرية الرائعة التي عرضت في معرض برلين.. وألاحظ هنا بصفتي مراقبة علي مدي ثلاثين عاما مدي التقدم في انتاج السجاد اليدوي والكليم والموبيليا المصرية والاقطان والمفروشات والملابس والفيرفورجيه ومنتجات خان الخليلي.. وملابس الفلكلور واكسسواراتها والفضيات والجلود وباختصار كل منتج مصري كان علي ارفع مستوي دون مجاملة ولكنه لم يأخذ حظه كما اشيد بالصناع المصريين الذين تنبهوا الي مسألة "الفينيشينج" وهي كانت بمثابة عقدة لدي الصناعة المصرية والتي تخلصنا منها الي حد كبير. الشروط الغائبة ولكن هناك شروط عامة غابت عن ذلك المعرض منها علي سبيل المثال وليس الحصر: 1- اختيار الموعد من الصعب اقامة معرض اثناء اداء الامتحانات او الاستعداد لها حيث تنشغل الاسر بتوفير الجو المناسب للابناء سواء بالدروس وتكثيفها او الالتزام بمراقبة المنزل وما الي ذلك.. وبعدها تدخر الاسر اموالها لمكافأة نفسها علي العمل الجاد برحلة سياحية وبالتالي فشهر يونيه غيرمؤهل لاقامة معرض اجنبي بالمانيا. 2- عدم الحاق معرض كبير علي هامش نشاط آخر فالمعرض في حد ذاته هو حدث قائم بذاته اي نشاط مهم يجب ان تركز عليه وسائل الاعلام بانفراد.. وهو ما لم يحدث في معرض المنتجات المصرية. 3- مكان اقامة المعرض يتمتع بلد مثل برلين بخاصية تجارية يتميز بها دون غيره من بلاد العالم وهي تعدد المراكز التجارية بها في كل حي من الاحياء السكنية فلا يوجد حي سكني في برلين غير ملحق به مركز تجاري وجاء ذلك المعرض المصري ليقام في اطراف البلد وفي مكان لا يعرفه احد بل انه مكان يحرم علي الجمهور دخوله لانه خاص بأزياء لاصحاب البوتيكات المصدرين للخارج.. ولم يقف الاختيار عند هذا الحد بل ان قاعة العرض كانت في الدور الثاني ليتحمل العارضون "رذالة" الصعود بمعروضاتهم وليصعب علي الزوار ان وجدوا التعرف علي المكان بل ما يزيد الطين بلة ان القاعة كانت في خلف المبني والمخجل ان الزائر لا يجد في رحلته الشاقة للبحث عن اثر المعرض سوي امرين اما ان يضرب الودع لمعرفة مكان صالة العرض او تدبير لافتة موضحا عليها بالاسهم ان المعرض يسار في يمين ثم للخلف در حيث مخازن الأزياء.. هذه مهزلة لا يمكن لمصري يحرص علي سلعة بلده او سمعته ان يتحملها. 4- يجب وضع خطة مدروسة عن البلد المضيف للمعرض وظروفه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المناخية وما الي ذلك.. ثم الاستعانة بهيئة اعلانية مهمتها الاعلان لدي المهتمين والشركات ورجال الأعمال والمستثمرين لفترة لا تقل عن 6 أشهر بأنه في اليوم الفلاني سوف يقام المعرض ويقدم لهم الدعوات في وقت مناسب ويستقبل ردهم علي الدعوات لقياس النبض لضمان نجاح المعرض ورجوعا للمعرض الفاشل، فلقد فوجئ العارضون بأنه لم يعلن عن معرضهم.. ولم يسوق أحد له، وبالطبع فهناك الكثير من العناصر الأخري التي لم تتم مراعاتها، في معرض منتجاتنا المصرية. الخسارة كانت النتيجة أن احد العارضين الكبار كاد يبكي أمامي قائلا ليست الخسارة فقط فيما دفع للمعرض ولكن الخسارة الادبية في سمعتي بالسوق المصري وأنا عائد بالكونتينر محملة كما هي وحقيبتي خالية من أي تعاقد او حتي طلبية مستقبلية، وصبر العارضون علي أمل أن يكون هجوم الزوار في عطلة الاسبوع ولكنها جاءت ولم يزر المعرض احد وقد كانت فكرة الشركة المنظمة للمعرض ان تقوم فرقة للفكلور المصري من خلال تأدية عروضها مساء في أحد شوارع برلين كاعلان عن المعرض المصري واذا كان صحيحا ان الموسيقي والرقص هما لغة تفاهم الشعوب، إلا أنهما لا تعلانان بالطبع عن موعد المعرض كما انها ليست الكتيب أو الكتالوج المطبوع عن المعرض واقسامه ومنتجاته.. وهو ما افتقر له المعرض. من المسئول؟ حاولت لقاء رئيسة الشركة المسئولة عن اقامة المعرض مرتين قمت فيهما بزيارة المعرض ولكن لم يحالفني الحظ، فلم يكن أمامي سوي السفير المصري في برلين محمد العرابي الذي أكد براءته من ذلك المعرض وقال: لقد قمت بتقديم النصيحة خلال ثلاث زيارات قامت بها المسئولة عن تنظيم المعرض حيث قلت لها بالحرف الواحد: المكان لايعرفه أحد بل انه مخصص لغير الجمهور، كما انه بعيد جدا عن قلب المدينة وعلي الرغم من وجهة نظري طلبوا مني ان يكون المعرض تحت رعايتي فوافقت لانه معرض مصري اولا واخيرا كما طلب مني توزيع بعض الدعوات لحضور الافتتاح وقمت بذلك واذا لم يحضر العدد الذي قدمت له الدعوي فمرجعه ان المكان غير لائق باقامة معرض وغير مؤهل له ولقد حضرت انا وزوجتي حفل الافتتاح كما قمت بزيارة المعرض مرة اخري ولكننا لم نقصر ابدا نحوه او في تنظيمه ويشير السفير محمد العرابي الي ان المعروضات كانت محتجزة في الجمارك وهو ما كان سيعرقل الافتتاح وقمت بتسخير اتصالاتي للافراج السريع عن البضاعة ونجحنا في ذلك كما قمت بتوجيه رسالة عنه الي المحال التجارية في محاولة لحصول العارضين علي بعض التوكيلات ولكن طبيعة الالمان التي كان يجب مراعاتها انهم يميلون كثيرا الي التنظيم المرتب والمتأني ويتساءل السفير العرابي: لماذا لم تقم هيئة المعارض في مصر بالاشراف علي المعارض خارج مصر من اجل انجاحها خاصة ان المنتجات المصرية اصبحت علي مستوي عال من الجودة والتنافسية؟