بدأ مركز الصورة المعاصرة نشاطه في القاهرة عام 2004 بالعديد من البرامج والفعاليات الفنية، تنوعت بين الورش التدريبية والمعارض والأنشطة المشتركة مع المراكز الثقافية الأخري، لكن مع عام 2009 تراجعت أنشطة المركز عن الساحة الثقافية، حتي اختفت تماماً مع بدايات 2010. البريطانية "مايا يانكوفيتش"، مديرة المركز حاليا، تبرر خفوت أنشطة المركز طوال الفترة الماضية نتيجة لعدة أسباب أهمها تغيير الفريق المسئول عن إدارة المركز، وانتهاء إيجار مقر المركز القديم في شارع صفية زغلول، لكن الآن مع انتقال مقر المركز إلي شارع عبد الخالق ثروت تبدو "مايا" أكثر تفاؤلاً. رغم أنها عند لقائها كانت تجلس وحيدة في المركز، لكنها كانت واثقة من أن الفريق الجديد الذي بدأ عمله شهر أكتوبر الماضي سوف يساعد في عودة المركز إلي خريطة الفعاليات الثقافية في القاهرة.
تأسس مركز الصورة المعاصرة بمبادرة فنية غير ربحية قام بها مجموعة من الفنانين شكلوا فيما بعد مجلس أمناء المركز الذي يتكون من رنا النمر، بول عبود، هبه فريد، توماس هارتويل، باري ايفرسون، ومها مؤمن. مسئولية مجلس الأمناء تنحصر في وضع أهداف وسياسات المركز، والتي تركز في مجملها علي العمل خارج المنطق المؤسسي "للمنصة". توضح مايا يانكوفيتش هذه الهدف بجملتها "لسنا مجرد جاليري لعرض الأعمال الفنية". فهدف المركز الأساسي هو خلق بيئات تعزز الأفكار والممارسات والمناقشات ذات الصلة بالفن المعاصر..لهذا فالدورات التدريبية التي نظمها المركز لا تقتصر فقط علي دورات تعليم التصوير الفوتوغرافي أو الورش التدريبية علي ممارسة التقنيات الفنية المختلفة، بل تمتد إلي تنظيم الورش النقدية حيث سبق للمركز أن نظم ورشتين للنقد الثقافي أشرف عليهما فخري صالح وخالد فهمي وشارك فيهما عدد كبير من الصحفيين والفنانين والكتاب.
رغم تفاؤل "مايا" إلا أن المركز في مقره الجديد يبدو وكأنه يعاود الإنطلاق من نقطة الصفر، ربما يكون هذا نتيجة لطبيعة الدور الذي اختار مركز الصورة المعاصرة أن يلعبه بعيداً عن القيود التي قد تفرضها طبيعة العمل المؤسسي. حالياً يركز نشاط المركز علي برامج استضافة الفنانين والتي بدأت في صيف 2010 مع استضافة الفنان الأسباني فرانسيسك رويز الذي قام بالتعاون مع عدد من الفنانين المصريين الشباب بتنظيم ورشة كومكس مبتكرة من نوعها، كما يستضيف حالياً المركز الفنان الأسباني إنياكي جارمنديا. ولأن الصورة هي موضوع المركز الرئيسي فقد أطلق المركز مؤخراً واحداً من مشاريعه المبتكرة وهو "وكالة الصورة البديلة" والذي يجمع بين فنانين شبان ومصورين صحافيين ومدونين، حيث بدأ المشروع بورشة تدريبيه شارك فيها صحفيين وفنانين في محاولة للبحث عن القواسم المشتركة والفجوات بين مجالات التصوير الفوتوغرافي الصحفي والفني والتدويني، حيث حاول المشاركون في الورشة البحث عن إجابات لأسئلة من نوع :"ما هو الأثر السياسي للصورة؟ وما هي أبعادها الأخلاقية؟ وما هو التصوير الصحافي بعيدًا عن كونه مجرد رسمًا توضيحيًا للأخبار؟ وما هي القواسم المشتركة والاختلافات بين استخدام الصورة كأداة فنية وبين التدوين والتصوير الصحفي؟ وكيف يؤثر الوقت والسياق والمجال علي طريقة استقبالنا للصورة؟ وكيف يؤثر استخدام الصورة في المدونة علي السياق المكتوب والعكس؟" علي أن يتم نشر الصور في مطبوعة خاصة بالمركز.
علي الرغم من أهمية المشاريع والمعارض السابقة إلا أن برنامج المركز خلال الفترة الماضية يخلو من أنشطة المركز التي حاول من خلالها سابقاً الاندماج ببيئته المحيط به، من خلال الخروج بالأعمال الفنية من حيز جدران المركز إلي الشارع كما تجلي ذلك في معارضه التي أقامها في الشارع في السنوات الماضية وجهوده التنموية. وهو ما تبرره "مايا"، البريطانية، بأنها حالياً لا تسطيع القيام بمثل هذه الأنشطة حالياً، وإن كانت ترغب في عودة هذا النوع من أنشطة المركز في المستقبل "حينما يصبح معي فريق قوي يجيد تحدث العربية التي لا أتقنها حالياً". حينما بدأ مركز الصورة عمله كان لديه الكثير من المشاريع الطموحة أهمها مشروع أرشيف الصورة، لكن حتي الآن لم يتقدم هذه المشروع والسبب كما تقول مايا "مشروع الأرشيف ضخم جداً ويحتاج لإدارة منفصلة، وتمويل كبير". يعتمد المركز في تمويله علي الدعم المقدم من مؤسسة فورد، ورعاية السفارات الأوربية للمشاريع التي ينظمها خصوصاً تلك التي تعتمد علي مشاركة فنانين أوروبيين، إلي جانب دخل الدورات التدريبية، ورغم هذا فتمويل المركز من النقاط التي لا تزال تقلق مايا وتحاول حلها من خلال البحث عن مصادر تمويل جديدة ومختلفة.