ألقت صحيفة اللوموند الفرنسية فى عددها الصادر صباح اليوم الأحد، الضوء على ملامح السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل منذ وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض، وذلك فى إطار الزيارة المقررة لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو لواشنطن غداً الاثنين. وأشار التقرير إلى أن أوباما بادر بالاتصال برئيس السلطة الفلسطينى محمود عباس بعد توليه منصبه بفترة قصيرة، فيما لم يقدم على استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلى إلا بعد 119 يوماً من توليه الرئاسة. ورأت الصحيفة أن واشنطن تسعى حالياً لتغيير موقفها من سياسة المساندة التامة لإسرائيل إلى سياسة صنع السلام فى المنطقة، مشيرة إلى أن إيران، وعملية السلام، ونزع السلاح النووى من منطقة الشرق الأدنى هى الملفات التى تمثل رهاناً كبيراً فى هذا المجال. وفى الوقت نفسه، تطرقت الصحيفة إلى موقف أوباما خلال الحرب فى غزة، حيث أشارت إلى أن إدارة أوباما اكتفت فى البداية بمتابعة ما يحدث دون التدخل فعلياً، وحتى القرارات التى اتخذتها حيال تمويل إعادة إعمار غزة أو موقفها من حركة حماس لم يتمكن من الكشف عن الاتجاه الذى تنوى أمريكا إتباعه. وقالت الصحيفة إن غزة ظلت بمنأى عن أى جدل، وهو الأمر الذى جعل دانيال ليفى المساعد السابق لإيهود باراك، يظن أن "غزة سيكون الاسم الذى لن نسمع به على الإطلاق". إلا أن الصحيفة تؤكد أن أوباما لم يتوقف عن التأكيد على مبدأ "إقامة دولتين"، مشيرة إلى أن مستشاره للأمن القومى جيمس جونز، لم ينف ما قاله لأحد الوزراء الأوروبيين من أن أوباما يتمنى إقامة دولة فلسطينية قبل انتهاء فترة رئاسته، وأنه سيكون أكثر "حزماً" تجاه إسرائيل مما كانت عليه إدارة بوش. وتشير الصحيفة إلى محاولات الأمريكان خلال الأيام الماضية قبل الزيارة لتبديد فكرة احتمال وقوع صدام "لا مفر منه" بين أوباما ونتانياهو، حتى إن دانيال ليفى قال "إن لم يخرج الاثنان من البيت الأبيض دون آثار كدمات، فستوصف المقابلة بأنها ناجحة"، نظراً لاختلاف أولويات الجانبين. وتقول الصحيفة إنه من ناحية، تتمثل النقاط التى تأمل واشنطن فى تحقيقها فى توقف الاستيطان وتفكيك المستعمرات العشوائية وإتاحة حرية التنقل للفلسطينيين. وكان جورج ميتشيل المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط، قد أضاف بعض الأفكار الأخرى، بحسب صحيفة "الواشنطن بوست"، مثل قيام الدول العربية بالسماح للطائرات التجارية الإسرائيلية بالمرور عبر أراضيها، أو فكرة التبادل الدبلوماسى أو وقف الحملات المناهضة لإسرائيل فى وسائل الإعلام والتعليم، وذلك فى مقابل قيام إسرائيل بوقف بناء المستوطنات. ويعبر دانيال ليفى عن تشككه حيال هذا الأمر الذى يقوم على فكرة "ما تفعله إسرائيل للفلسطينيين، سيفعله العرب لإسرائيل"، مشيراً إلى أن هذا الوضع سيؤدى بسهولة إلى تورطهم للأبد. ومن ناحية أخرى، يتوجه بنيامين نتانياهو إلى واشنطن بأولوية أخرى: "إيران"، حيث ترى إسرائيل أن التركيز على حل المشكلة الفلسطينية فى الوقت الذى تمثل فيه إيران خطراً "وجودياً" على الدولة الإسرائيلية، إنما هو درب من الانتحار. أما الإدارة الأمريكية فترى من جانبها، أن الالتزام القوى بحل الصراع الإسرائيلى الفلسطينى سيبطل أية حجج يتعلق بها كل من يرتاب فى النوايا الأمريكية والإسرائيلية. ويصف إليوت أبرامز المسئول السابق عن هذا الملف فى إدارة بوش والمدافع الشرس عن إسرائيل، تلك الرؤية الأمريكية بال"ساذجة"، مشيراً إلى أن ذلك يعنى أن حل قضية النووى الإيرانى تكمن فى الضفة الغربية. وتشير الصحيفة إلى موافقة الإسرائيليين "المكرهة" على أن تتبع أمريكا سبيل المفاوضات مع إيران. ويقال، بحسب ما جاء فى الصحافة الأمريكية، أن مدير السى آى إيه، ليون بانيتا، والذى كان فى زيارة إلى إسرائيل منذ أسبوعين، قد طالب بميعاد محدد لتلك المفاوضات. أما داخل الأوساط اليهودية، فقد ازدادت المخاوف خاصة بعد إشارة روز جوتمولر، المسئولة عن نزع السلاح فى وزارة الخارجية، إلى أن الولاياتالمتحدة تؤيد فكرة توقيع إسرائيل على معاهدة منع الانتشار النووى، على الرغم من أن أية حكومة أمريكية أو أوروبية لا تشير إلى إمكانيات إسرائيل النووية. ويقول إليوت أبرامز "إن التطرق للحديث عن السلاح النووى الإسرائيلى سيعنى تغيراً فى السياسة الأمريكية، وهو الأمر الذى ترفضه أية حكومة إسرائيلية أياً كانت".