يعد التاريخ المصري أقدم تاريخ تم تدوينه بسجلات التاريخ الإنساني كله ، و للمصري القديم السبق و الريادة بكافة أبجديات الحياة البشرية ، فقد كان أول من عرف الزراعة و الإستقرار و النظم الإجتماعية التي كانت النواة لما يسمي بالمجتمع و ما عرفه البشر بمختلف بقاع الأرض فيما بعد. فالأخلاقيات ، عرفها الإنسان القديم قبل نزول الأديان السماوية بآلاف السنوات ، و التي تم وضعها لتنظيم العلاقات والتعاملات بين الناس، بعدما استقر الإنسان على ضفاف وادى النيل وعرف الزراعة وبنى البيوت ووضع القوانين التى تحميه وتضمن حقوقه بين الآخرين بعد أن انتهى عصر البدائية والهمجية الذي كان الإنسان فيه أشبه بالحيوان المفترس الذى يلتهم كل من يعترض طريقه أثناء رحلة البحث عن الطعام حتى وإن كان من يجاوره فى الكهف الذى يسكنه ! إذ كانت هناك، ومنذ قديم الأزل، مجموعة من القيم الأخلاقية التى اكتسبها الإنسان يوماً بعد يوم فاستتبت وتأصلت وباتت أشبه بالقوانين العرفية التى يحترمها ويقدسها الجميع بشكل ودى، ومن يتخطاها أو يخرج عنها لا يستطيع أن يواجه المجتمع أو حتى يرفع رأسه خجلاً من كونه خارجاً عن العادات والتقاليد التى كانت أقوى وأشد صلابة من القوانين المكتوبة . و قد وضع المصريون القدماء "قوانين الماعت ال 42 " التي وُجدت مدونة بالكامل فى كتاب "الخروج الى النهار ", الذى سبق ظهور الوصايا العشر بحوالى 2000 سنه ، و التي لم تأت من فراغ فقد سبقتها تعاليم "بتاح – حتب" تلك التي كانت دليلاً مبيناً على اعلاء قيمة الفضيلة فى مصر القديمة منذ فجر تاريخها . في "عصر ما قبل التاريخ " بدأ استقرار المصرى الأول في وادى النيل ( حوالي 6000 ق.م ) حين عرف الزراعة ، واستأنس الحيوان ، واستقر في مجتمعات صغيرة متعاونة، حيث تكونت في مصر آنذاك دولتان، في الدلتا والصعيد ، ذلك قبل أن يتوحدا سنة 3100 ق.م. تحت سلطة مركزية يرأسها الفرعون ،بعهد (مينا) موحد القطرين . و قد ترك لنا أجدادنا الأوائل من الرسوم و الكلمات المدونة علي جدران المعابد و المقابر المصرية القديمة ما يؤكد إيمانهم الراسخ بالبعث و الخلود و الحساب بالحياة الآخرة ، كما تميزوا بالتسامح فيما يخص العقيدة ، حيث كان لكل إقليم معبوداته الخاصة ما يدل على سمو التفكير لدى المصريين القدماء. وفي "العصر التاريخى الثانى" و الذي عرف بعصر الأسرات ، وينقسم هذا العصر الي 30 أسرة ملكية وثلاث دول ، نعمت مصر خلالها بحكومة مركزية قوية ، كما مرت أيضاً بفترات اضمحلال وتفكك ببعض الأوقات. و قد كان لموقع مصر الجغرافي المتميز الذي يربط بين قارتي آسيا وإفريقيا ويرتبط بقارة أوروبا عن طريق البحر المتوسط و كذلك لخيراتها الوفيرة ، تبعات قد أثقلت كاهلها ، جراء كثرة الأطماع التي كانت سبباً دائماً لتوافد المحتلين من كافة أنحاء الأرض. ( مصر القديمة) نجح المصري القديم في المحافظة على الملامح العامة لتاريخه عبر العصور المختلفة الطويلة على الرغم من تأثر مصر أحياناً بعوامل التمزق والاضطراب الداخلي أو التأثيرات الخارجية من غزوات وهجرات أجنبية ،لكنه استطاع تجاوز هذه المحن ، و تلك الصعاب منذ العصر الحجري الحديث و حتى الغزو المقدوني لمصر عام 332 ق م ،إذ كانت الهوية المصرية من التماسك بحيث لم يقو أي محتل أجنبي أن يعبث بها أو يغير قط ملامحها.
"عصر الأسرات " " العصر العتيق " من (3100 - 2686) قبل الميلاد و هو العصر الذي يحدد بداية التاريخ ويعرف ايضا بالعصر الثيني نسبة الى مدينة ثيني التي تقع بالقرب من أبيدوس بصعيد مصر، ويشمل الأسرتين "الأولى والثانية " تميز هذا العصر ببداية استقرار وحدة مصر السياسية ، وبمعرفة الكتابة، وظهور المصادر التاريخية المكتوبة لأول مرة ، كما يعتبر عصر التكوين بالنسبة لنظم الحكم والأدارة وأختيار عاصمة ادارية للبلاد . "الدولة القديمة": وتشمل الأسر من 3-6 ( حوالي 2690 - 2180 ق.م ) وهو عصر الأمن الداخلي الكامل، حيث تمكنت مصر أن تصل إلي قمة مجدها في علوم الطب والفلك والهندسة وهو عصر بناة الأهرام. " عصر الإضمحلال الأول ": تبع الدولة القديمة عصر اضمحلال شمل الأسرة من 7- 10 ( حوالي 2180 - 2060 ق.م )، فسادت الفوضى وعمّ الاضطراب وانحدر الفن برغم ازدهار الأداب، وتمكن أمراء طيبة أن يوحدوا البلاد ثانية وينهضوا بها. "الدولة الوسطى": وتشمل الأسر من 11- 14 ( حوالي 2060 - 1710 ق.م ) حيث اهتم الملوك بالسياسة الخارجية ، وسيطروا علي النوبة السفلى ونفذوا مشروعات ري ضخمة . "عصر الإضمحلال الثانى " ويشمل الأسرات 15-17 ( حوالي 1710 - 1560 ق.م ) وقعت فيه مصر تحت احتلال الهكسوس ، الي أن تمكن أمراء طيبة من تحرير البلاد بقيادة سقنن رع وابنيه كامس ثم أحمس الذين يعتبرون مؤسسى الدولة الحديثة . "الدولة الحديثة أو عصر الإمبراطورية ": تشمل الأسرات 18-20 ( حوالي 1580 - 1085 ق.م) وخلالها امتدت سيادة مصر من شمال سوريا وبلاد النهرين الي الشلال الرابع في السودان، وكانت طيبة عاصمة للإمبراطورية وهناك شُيدت أعظم المعابد وأروع المقابر. تبع ذلك "عصر الإضمحلال الثالث " ويشمل الأسر 21- 25 ( حوالي 1085 - 663 ق.م ) حكم فيها البلاد ملوك من أصل ليبى منهم شيشنق ويوكوريس وآخرون من أصل نوبى أشهرهم يعنخى . كما غزاها الأشوريون فثار المصريون وحرروا البلاد من سيطرتهم بقيادة بسماتيك الأول الذى أسس الأسرة 26 ( حوالي 663 - 529 ق.م) وأرجع لمصر قوتها وبدأ عصر النهضة, ثم استولي الفرس علي البلاد ونجحت بعض الشخصيات القوية في طردهم، لكنهم سرعان ما عادوا طوال الأسرات 27-30. و كانت نهاية تاريخ مصر القديمة بغزو الإسكندر الأكبر لمصر وطرد الفرس منها 332ق.م .