الناظر للمشاهد التى عرضتها أغلب الوسائل الإعلامية، التى لم تتطهر بعد، خاصة أثناء تغطيتها اعتصام ميدان التحرير فى الأسبوع الماضى بعد المجزرة البشعة التى ارتكبها الأمن فى حق زهرة شباب هذا الوطن، خاصة وهم يضعون على الشاشة صورة للتحرير وأخرى للعباسيّة فى محاولة لتصوير الأمر وكأن هناك وجهتى نظر إحداهما اسمها «الثورة»، وهى أنها ذات المحاولات المستميتة التى يقوم بها المجلس العسكرى جاهداً منذ استيلائه على الحكم بعد رحيل «مبارك» عن طريق التشدّق بعبارات أشبه ب«هؤلاء مصريون وهؤلاء مصريون»، لكن يبدو أن غباء هؤلاء صوّر لهم أن مجرد كتابة كلمة «مصرى» فى خانة الجنسية تعنى الانتماء لهذا الوطن بحق، وأنساهم غباؤهم كذلك أن مبارك وجمال وعز والعادلى وكل هؤلاء المجرمين وغيرهم مصريون، لكنّ الفارق بيننا «الثوّار» وبينهم «القتلة» أننا ننتمى حقاً إلى هذا الوطن، ونضحى بكل ما نمتلك من أجله، أما هم فكل ما يعنى لهم الانتماء لمصر هو حجم الرصيد فى البنك ومقدار النهب والسرقة، لهذا ليس كل المصريين سواء، فالذى يساوى بين من قدّم آلاف الشهداء والمصابين والمعتقلين ثمناً للحريّة، وبين من قدّم دموعه وأحزانه على فراق المجرم مبارك ورفاقه، هو تماماً كمن يساوى بين أهل الجنة وأهل النار، أو بين الأحرار والعبيد، صحيح أن كلاهما «آدمى» من لحمٍ ودم، لكن غير صحيح بالمرة أنهما متساويان، فالثورة التى صنعناها أصبحت –رغماً عن أنف الجميع- حقيقة واقعيّة لا تقبل النقد أو الشك، ولن نسمح أبداً بالتعامل معها على أنها مجرد «وجهة نظر»، خاصةً إن كان من يروِّج لهذا هو الإعلام الرسمى للدولة الذى يروج لأكذوبات الاستقرار والعجلة والتنمية والانفلات الأمنى، وغير ذلك من الكلمات التى لا يكف المجلس العسكرى وكذّابو زفّته عن التشدّق بها، ونزلوا إلى جانب رفاقهم من أفراد الأمن المتخفين فى زى مدنى ليعلنوا تأييدهم للمجلس العسكرى الذى يقتلنا ليل نهار، ويترك المجرمين الحقيقيين يعيثون فى مقدّراتنا فساداً، كلاهما مشاركٌ للمجلس فى جرائمه ويده ملوّثة بدماء أبناء مصر الشرفاء الأطهار ولا أدرى هل يدركون حقّاً أن الصمت من فعلِ الشيطان، فما بالهم إن تكلّموا زوراً وادّعوا علينا وعلى الثورة ما ليس فينا؟!!