شوقي علام مفتي الجمهورية السابق يؤدى اليمين بالجلسة الافتتاحية لمجلس الشيوخ    عبير الشرقاوي ترد على تجاهل ذكر والدها: نقابة المهن خسرت كتير    «قناة السويس» تتابع جودة الخدمات الغذائية المقدمة لطلاب المدينة الجامعية    الري: مستمرون في إدارة إيراد نهر النيل بمرونة واستعدادات مكثفة لموسم السيول    إنشاء 3 كليات جديدة بجامعة بنها الأهلية    الرئيس السيسي يوجه برصد أي شكاوى تتعلق بجودة الخدمات في المطارات والتعامل معها    المشاط: أكثر من 700 مليون دولار محفظة ضمانات وكالة (ميجا) للقطاع الخاص    مدير الصليب الأحمر: الدمار في غزة يعقّد التعرف على الرفات    اليونيسف: الوضع في غزة كارثي والمساعدات لا تكفي    الجنائية الدولية ترفض استئناف إسرائيل في قضية غزة    قبل توروب.. ما مصير انطلاقة الأهلي في آخر 10 سنوات بدوري أبطال أفريقيا؟    أمن الجيزة تضبط مصور بحوزته طائرة "درون" بدون ترخيص بالوراق    29 مليون جنيه حصيلة قضايا الاتجار في العملات ب «السوق السوداء»    موجة صيف متأخرة.. تحذير هام من «الأرصاد» للمواطنين    مصرع 3 أشخاص وإصابة 14 آخرين إثر اصطدام سيارتين على طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي    ضبط محطة وقود لتصرفها في 13 ألف لتر سولار.. وتحرير محاضر لتعطيل أجهزة ATG بالبحيرة    100 مُغامر من 15 دولة يحلقون بمظلاتهم الجوية فوق معابد الأقصر    تعاون مصري أممي لتوثيق التراث الزراعي وتطوير المتحف    منتج "أوسكار عودة الماموث": الفيلم تجربة سينمائية ملهاش كتالوج |خاص    الصحة: ارتفاع معدلات الولادات القيصرية إلى 88% بالإسكندرية    المستشفيات التعليمية تتوسع في خدمات كهرباء القلب إلى بنها ودمنهور لتخفيف العبء عن المرضى    «الصحة» تواصل برنامج «درّب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بالمنشآت الصحية    تعرف على موعد تأخير الساعة في مصر 2025 وسبب اختيار يوم الجمعة لتطبيق التوقيت الشتوي    بعد نجاتها من حادث سير.. نجوى إبراهيم تكشف تطورات حالتها الصحية (فيديو)    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    أعضاء مجلس الشيوخ يؤدون اليمين الدستورية.. اليوم    تعرف على عقوبة عدم التصويت في الانتخابات البرلمانية    استقرار نسبي في أسعار الفراخ اليوم السبت 18 اكتوبر 2025فى المنيا    جولة لمدير الرعاية الصحية بالأقصر بوحدة طب أسرة طيبة لمتابعة خدمات المواطنين    ترامب يدعو كييف وموسكو إلى التوقف عند هذا الحد وإنهاء الحرب    «الحوض والظهر».. المعد البدني السابق للأهلي يكشف سبب إصابات أشرف داري    رئيس صريبا: قمة بوتين وترامب في المجر أهم قمة في القرن 21    ترامب يدعو أوكرانيا وروسيا إلى وقف الحرب فورا    طريقة عمل البطاطا الحلوة بالبشاميل، تحلية مغذية ولذيذة    أنغام تُشعل أجواء قطر بأمسية غنائية استثنائية (فيديو)    ذات يوم.. 18 أكتوبر 2006.. وفاة الكاتب المفكر محمد عودة.. «الفقير» الذى اغتنى بلمة المريدين ومؤلفات ومواقف تحمل أمانة الكلمة وضميرا يقظا لم تخترقه أى إغراءات    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    تشييع جثمان تلميذ الإسماعيلية ضحية زميله اليوم من مسجد المطافي    الأهلى يضع «عبدالمنعم» ضمن المرشحين لدعم الدفاع فى يناير    تشكيل الهلال المتوقع لمواجهة الاتفاق في الدوري السعودي    تعرف على سعر حديد التسليح اليوم السبت    لا ترهق نفسك بالتفاصيل غير الضرورية.. خظ برج الجدي اليوم 18 أكتوبر    اليوم.. الحكم على 37 متهما بقضية "خلية التجمع"    الصين توافق على محادثات تجارية جديدة مع الولايات المتحدة في أقرب وقت ممكن    مواعيد مباريات اليوم السبت 18 أكتوبر والقنوات الناقلة    استقرار أسعار اللحوم في المنيا اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-10-2025 في محافظة قنا    تعادل مثير بين سان جيرمان وستراسبورج في الدوري الفرنسي    تفكك أسري ومحتوى عنيف.. خبير تربوي يكشف عوامل الخطر وراء جرائم الأطفال    المصري هيثم حسن يقود تشكيل ريال أوفييدو أمام إسبانيول في الليجا    انخفاض كبير في عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب والسبائك اليوم السبت بالصاغة    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    القطط فى مصر القديمة.. الرفاق الذين أصبحوا آلهة    القنوات الناقلة مباشر ل مباراة الزمالك ضد ديكاداها في الكونفدرالية.. والمعلق    ترامب يوقع أوامر بفرض رسوم جمركية جديدة ودعم إنتاج السيارات داخل الولايات المتحدة    حمزة نمرة لبرنامج معكم: الفن بالنسبة لي تعبير عن إحساسي    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخطاء علمية فى وصف الجماعات الإرهابية
نشر في اليوم السابع يوم 15 - 03 - 2018

نظرًا لما تحدثه الجماعات الإرهابية من إرعاب وتدمير وتخريب وسفك لدماء الأبرياء، فإن الغضب الكامن فى صدور الشرفاء المستنكرين لهذه الفظائع التى يرتكبها هؤلاء المجرمون، يدفع كثير منهم إلى الوقوع فى أخطاء علمية عند التحدث عن هؤلاء المجرمين، ولعل ما يدفعهم إلى الوقوع فى هذه الأخطاء هو البحث عن أشد الأوصاف لهؤلاء الأشرار جزاء ما يرتكبونه من جرائم، لكنهم لا يدركون أنهم بهذه الأوصاف يخففون عنهم من حيث يريدون تحقير شأنهم والتشدد فى وصفهم.

ومن هذه الأخطاء أن يوصَف هؤلاء الإرهابيون بأنهم خوارج أو بغاة أو خارجون عن ملة الإسلام، فهذه الأوصاف وإن كانت فى ظاهرها تبلغ المنتهى فى النيل من هذه الجماعات المجرمة فى ظن الناطقين بها، فإنها فى الحقيقة تخفيف لا يستحقه هؤلاء المجرمون، فوصفهم بخوارج العصر أو البغاة غير دقيق، وهو تخفيف لا يستحقونه، ذلك أن البغى له معنى معين وضوابط محددة فى الفقه الإسلامى، فهو الخروج عن طاعة ولى الأمر ورفض الاعتراف به، ولا يوصَف البغاة بذلك إلا إذا تحقق فى شأنهم جملة من الشروط، أهمها: امتلاكهم شبهة قوية فى الظاهر يجعلونها دليلًا لخروجهم على ولى الأمر، كشبهة الخروج على سيدنا على حين قَبِلَ تحكيم أبى موسى الأشعرى وعمرو بن العاص بينه وبين معاوية، رضى الله عنهم جميعًا، حيث رأى الخارجون عليه أن فى ذلك مخالفة لكتاب الله عز وجل الذى يقول فيه: «إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ».

ويُشترط كذلك أن يكون للخارجين على ولى الأمر قوة ومِنعة تمكِّنهم من قتال جيش الحاكم الذى خرجوا عليه، وأن يكونوا متحيزين بمكان ما يسيطرون عليه ويمنعون الحاكم ومَن معه من دخوله أو إنفاذ قوانينه فيه.

والمتابع لجماعات الإرهاب المتعددة المنتشرة فى بلاد العرب والمسلمين، بل فى العالم شرقه وغربه، لا يرى اكتمال هذه الشروط فيها، فكل جماعة من هذه الجماعات يتوافر فيها بعض هذه الشروط وينتفى عنها بعضها الآخر، ومن ثم فلا يصح إطلاق وصف الخوارج أو البغاة عليهم، فضلًا عن أنه يمنحهم تخفيفًا لا يستحقونه أصلًا.

ووجه التخفيف الذى يترتب على وصف هؤلاء المجرمين بالبغاة أو الخوارج، أن للبغاة فى شريعتنا أحكامًا معينة، منها أنهم لا يقاتَلون ما لم يبدءوا هم بالقتال، حتى لو أعلنوا خروجهم على الحاكم، وامتلكوا القوة وتحيزوا، وهذا ما فعله الإمام على مع الخارجين عليه حين كانوا يعرِّضون به كلما رأوه قائلين: «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»، حيث قال لهم: «كلمة حق أريدَ بها باطل، لكم علينا ألا نمنعكم مساجد الله ولا نبدؤكم بقتال»، وهناك ضابط آخر فى قتال الخوارج، وهو أنه إذا كان قتال، فإنه يبدأ متدرجًا من الأخف إلى الأشد، فإن كان شرهم وخطرهم يندفع بالوعظ والإرشاد وتصحيح فهمهم للشبهة أو الشبهات التى جعلتهم يرفضون طاعة الحاكم، فلا يجوز قتالهم، وإلا فتهديدهم باستخدام القوة، فاستخدامها استخدامًا متدرجًا من الضرب إلى الإصابة بالجروح والكسور دون الإجهاز على الجريح منهم بالقتل، ودون إتباع المدبر الذى يفر من ساحة القتال، فإن لم تنكسر شوكتهم إلا بالقتل جاز القتل.

ومن ثم، فإن التعامل مع الخوارج أو البغاة إنما هو لكسر شوكتهم وإضعافهم وليس لإفنائهم، فالبغاة فى نظر الإسلام، مع بغيهم، فريق من المسلمين ليس مطلوبًا القضاء عليهم وإنما كف شرهم ومنع أذاهم متى أمكن ذلك، فالله سبحانه أثبت فى قرآنه صفة الإيمان للفئة الباغية، يقول الله عز وجل: «وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِى تَبْغِى حَتَّىٰ تَفِىءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا»، فوصف المولى تعالى الطائفتين المتقاتلتين بالمؤمنين ولم يجردهم من الإيمان، ولا أظن أن مَن يصفون الإرهابيين بالخوارج أو البغاة يرضيهم هذا النوع من التعامل مع هؤلاء المجرمين!

وبالإضافة إلى ذلك، فإنه أحيانًا يصف بعض الناس هؤلاء المجرمين بالكفر، رغبة فى مجازاتهم بخستهم وحقارتهم، لكن الكفر وإن بدا فى ظاهره وصفًا ينال منهم، إلا أنه فى الحقيقة قد يمكِّنهم من الإفلات من العقوبة إذا ما أمسك بهم رجال الجيش أو الشرطة وأحيلوا للمحاكمة، حيث يمكنهم قبل النطق بالحكم عليهم إعلان توبتهم ونطقهم بالشهادتين، وهنا يلزم القاضى الحكم ببراءتهم، لأن الإسلام يَجُبُّ ما قبله، ولا أظن أيضًا أن المطالبين بتكفيرهم يريدون أو يقبلون إفلات هؤلاء المجرمين من العقاب بهذه الحيلة!

وعلى ذلك، فإن التوصيف الشرعى اللائق بهؤلاء الذى لا ينبغى أن يوصفوا بغيره، هو أنهم محاربون لله ورسوله، أو مفسدون فى الأرض، أو قطاع طريق، وإنما كان وصف الإرهابيين بالمحاربين لله ورسوله المفسدين فى الأرض هو الوصف المناسب لهم، لأنه الوصف الذى يمكِّن من التعامل مع هؤلاء الإرهابيين بما يتناسب وهول الجرائم التى يرتكبونها، ويفوِّت عليهم فرصة الإفلات من العقاب بأى حيلة كانت، لأن مجرد اجتماع المفسدين وعزمهم تنفيذ جرائم ضد الآمنين يجيز البدء فى التعامل معهم كمجرمين، وإن لم يرتكبوا جرائم بالفعل، وإذا ما ثبت لهم وصف الإفساد فى الأرض، يحق للقاضى عندئذ أن يُنزل بهم أشد عقوبة وردت فى شريعة الإسلام دون نظر لنوع الجرائم التى ارتكبوها، يقول الله تعالى: «إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ»، كما أن إعلانهم التوبة بين يدى القاضى غير مقبول ولا يعفيهم من العقاب؛ وذلك لقول الله تعالى بعد الآية السابقة مباشرة: «إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ»، فتوبتهم مقبولة متى كانت قبل وقوعهم فى قبضة رجال الأمن، أما بعدها فلا، بخلاف التوبة من الكفر، فهى مقبولة حتى بين يدى القاضى، ولا شك أنهم لا يستحقون ذلك بعد ما ارتكبوه من فظائع، ووصفهم بالخوارج كذلك مانع من التعرض لهم ما داموا لم يستخدموا القوة بالفعل، وبالإضافة إلى ذلك، فإن وصفهم بالمفسدين فى الأرض يمكِّن من معاقبة مَن ساعدهم أو تستر عليهم وليس مَن اشترك فى تنفيذ الجرائم فقط، كما يمكِّن وصفهم بالمفسدين فى الأرض قوات الجيش والشرطة من مباغتتهم دون إنذار، واستخدام القوة اللازمة للقضاء عليهم دون اشتراط تدرج فى استخدامها متى تأكد أن هؤلاء إرهابيون أفرادًا كانوا أو جماعات، ولا يمكِّن أى مصطلح آخر يطلق عليهم من ذلك.

لذا، وجب التوقف عن وصفهم بالخوارج أو البغاة أو الكفار، فالوصف الأليق بهم الذى يترتب عليه العقوبة الأشد فى شريعة الإسلام هو وصفهم بالمفسدين فى الأرض المحاربين لله ورسوله، وهذا العقاب هو ما يثلج صدورنا وصدور ذوى شهدائنا الأبرار، فضلًا عن أننا من الناحية العلمية لا نملك وصفهم بوصف ثم نخرج عن ضوابطه المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله، كما هو الحال فى وصفهم بالخوارج أو البغاة.
* * * * *
إضافة تعليق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.