أكد الباحث والمفكر اليمنى إسماعيل عبد الحافظ العبسى أن التفسير الذى أعده المسلمون للقرآن الكريم بعد وفاة الرسول - عليه الصلاة والسلام - ليس صحيحاً بشكل تام، وإنما يتفق مع مصالحهم وأغراضهم السياسية، مضيفاً أن بعد وفاة الرسول بدأت الصراعات السياسية بين المسلمين، لذا قام المفسرون بتفسير القرآن وتأويله حسب مصالحهم. جاء ذلك خلال الندوة التى نظمها المركز الثقافى اليمنى مساء أمس، الخميس، لمناقشة كتاب جديد صدر للباحث بعنوان "براءة القرآن من تشابه التفاسير.. دعوة لتحرير فكر العقيدة" والتى شارك فيها مجموعة من المفكرين والباحثين منهم: الدكتورة إلهام صالح أستاذة بجامعة عدن، د. محمد تاج الدين من السودان. وأوضح العبسى أن المسلمين فى عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لم يفكروا فى تفسير القرآن الكريم، ولكن بعد وفاة الرسول أصبحت الحياة السياسية مجزئة بين أطراف متنوعة، فجاء تفسير القرآن لخدمة مصالح المفسرين. وكشف العبسى أن القرآن الكريم هو امتداد طبيعى للكتب السماوية السابقة، فهو خلاصة ما جاء فى التوراة والإنجيل، وأضيف عليهما الفرقان الذى لم يكن موجوداً فى الكتب السماوية السابقة. وأشار إلى أنه حاول فى كتابه أن يجد إجابة لبعض التساؤلات فى ذهنه منها: هل يمكن تكوين حكومة سياسية إسلامية من القرآن؟، مضيفاً أنه فشل فى التوصل لإجابة بسبب تنوع التفاسير المختلفة للقرآن وعدم دقتها، موضحاً أن هناك أخطاء فى التفاسير المختلفة للقرآن منها: علاقة القرآن بالكتب السماوية السابقة، المفهوم الخاطئ لمعنى قراءة وترتيل القرآن. وأشار إلى أن كتاب "براءة القرآن من التفاسير المتشابهة" يمثل دعوة جريئة لإعادة تحرير فكر العقيدة بشكل كامل، كما أنه يعيد النظر فى جملة من المفاهيم التى تعلقت بالقرآن الكريم وتم فهمها فهماً خاطئاً. من جانبه شدد الدكتور محمد عوض "أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر" على أن كل فريق سياسى بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام حاول استغلال تفسير القرآن لصالح منهجه السياسى، وأن كل قبيلة كانت تفهم القرآن على قدر معرفتها واستيعابها للغة العربية واستخداماتها المختلفة، مضيفاً أن تعدد القبائل العربية وتفسيرها المختلف للقرآن حسب معرفتها للغة العربية انعكس على التفاسير المختلفة للقرآن أيضاً. وأضاف أن بعض الكلمات التى كان يصعب على العرب فهمها فى القرآن كانوا يفسرونها من خلال استخدامها فى الشعر العربى، وهو ما تثبته واقعة شهيرة لعبد الله بن عباس رضى الله عنه، حيث قال: "لم أدرك معنى فاطر السماوات والأرض" إلا حينما اختصم إلى أعربيين فى بئر فقال أحدهما: "أنا فطرتها"، ففهمت حينئذ موضع قوله تعالى: "فاطر السماوات والأرض"، كذلك قول بن عباس أيضاً "ما كنت أدرى معنى قوله تعالى: (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق) حتى سمعت بنت ذى يزن تقول لزوجها: "تعال أفاتحك: أى أحاكمك". الجدير بالذكر أن مؤلف الكتاب إسماعيل عبد الحافظ العبسى هو مفكر إسلامى يمنى يعمل سيناريست ومخرج تلفزيونى فى قناة اليمن الفضائية منذ تخرجه فى كلية الإعلام بجامعة الرياض عام 1990، كما أن له العديد من الأعمال البرامجية والدرامية، وله رواية تحت الطبع ومجموعتان قصصيتان.