رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد افتتاح مبنى خدمات ومكتبة كنيسة المقطم    محافظ شمال سيناء: كل الخدمات في رفح الجديدة بالمجان    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    صعود جديد في سعر الفراخ البيضاء اليوم الخميس 25-4-2024 داخل بورصة الدواجن والمحال    بنك ناصر: إتاحة التمويلات الشخصية لموظفي البنوك وكبرى شركات القطاع الخاص بشروط ميسرة    لمدة 6 ساعات قطع مياه الشرب بمنطقة « أ » بحدائق الأهرام مساء يوم الجمعة    وزيرة البيئة: إصلاح نظام تمويل المناخ ضرورة قصوى    ميناء العريش: إنشاء رصيف تجاري بطول 242 مترا لاستيعاب جميع السفن (فيديو)    سعر الذهب في مصر اليوم الخميس مع منتصف التعاملات    محافظ الفيوم: إنجاز عدد من المشروعات الخدمية بالفترة المقبلة    الصحة الفلسطينية تحذر من اقتراب توقف مولدات الكهرباء بمستشفيات غزة    انقطاع خدمة الإنترنت الثابت فى وسط وجنوب غزة    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    1118 مستوطنًا يقتحمون المسجد الأقصى.. وآلاف آخرين يؤدون صلوات عند «البراق» (فيديو)    روسيا تلوح باستهداف الأسلحة النووية للناتو حال نشرها في بولندا    تعديل موعد مباراة الأهلي وبترو أتليتكو بكأس الكؤوس الأفريقية    كولر يدرس استبعاد ثنائي الأهلي من مواجهة مازيمبي.. تعرف على السبب    انطلاق فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية الجديدة    ضبط 4 أشخاص كونوا تشكيلًا عصابيًا تخصص في السرقات بالجيزة    لخلافات بينهما.. مسن ينهي حياة زوجته بقطعة خشبية في المنيا    موعد إعلان أرقام جلوس الثانوية الأزهرية 2024    تحقيقات تسريب الكلور داخل حمام سباحة الترسانة: «الحادث ليس الأول من نوعه»    رفع 2000 حالة إشغال متنوعة وتحرير 10 محاضر تموينية في الجيزة    حبس المتهم باستعراض القوة وإطلاق الرصاص وترويع المواطنين بالقليوبية    بنات ألفة لهند صبرى ورسائل الشيخ دراز يفوزان بجوائز لجان تحكيم مهرجان أسوان    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    بدء مطاردة الأشباح.. تفاصيل مسلسل البيت بيتي 2 الحلقة الثانية    بخصوص «تغطية الجنازات».. «سكرتير الصحفيين» يكشف نقاط الاتفاق مع «المهن التمثيلية»    شقو يكتسح شباك تذاكر أفلام السينما.. بطولة عمرو يوسف وأمينة خليل    فحص 260 مواطنًا في قافلة طبية مجانية بالإسكندرية    مصرع شخصين وإصابة 8 آخرين فى حادث سير بين تريلا وميكرباص بصحراوى البحيرة    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    انطلاق فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بمدينة مصر للألعاب    رئيس البرلمان العربي يهنئ مصر والسيسي بالذكرى الثانية والأربعين لتحرير سيناء    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    أمريكا تطالب إسرائيل بتقديم تفاصيل حول تقارير المقابر الجماعية بغزة    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    سقوط عصابة تخصصت في سرقة الدراجات النارية بالقاهرة    «الصحة»: فحص 6 ملايين و389 طفلا ضمن مبادرة الكشف المبكر عن فقدان السمع    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    الأهلي يصطدم بالترجي التونسي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    حمزة العيلى عن تكريم الراحل أشرف عبد الغفور: ليلة في غاية الرقي    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الفوقية لمشروع محطة الحاويات بميناء دمياط    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    لبيب يرافق بعثة الزمالك استعداداً للسفر إلى غانا    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    مدحت العدل يكشف مفاجأة سارة لنادي الزمالك    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلماء أكدوا ضرورته وحددوا ضوابطه
تفسير عصري للقرآن‏..‏ يكشف الجديد من أسراره

القرآن الكريم هو كلام الله المنزل من لدنه تعالي علي قلب رسوله الكريم محمد صلي الله عليه وسلم بلسان عربي مبين‏.‏ وهو معجزة الإسلام الباقية علي مر العصور‏.‏ والنبي صلي الله عليه وسلم هو مبلغ الكتاب الكريم إلي البشرية كلها إلي يوم الدين‏.‏
وقد أمرنا الله عز وجل بتدبر آيات القرآن الكريم‏,‏ لأنه صالح لكل زمان ومكان وسيبقي كذلك إلي يوم القيامة‏.‏
ولا ينكر منصف أن القرآن الكريم فيه من المعاني والحقائق والأسرار ما يتكشف علي مر العصور ولم يكتشفها المفسرون في العصور السابقة وبمرور الزمن يجدها المعاصرون في القرآن الكريم‏.‏
فهل نحن في حاجة لتفاسير جديدة ومعاصرة تربط معاني القرآن الكريم بالواقع الحالي لنكتشف الكثير من المعاني التي لم تكن موجودة قبل ذلك‏,‏ ولم ترد في التفاسير القديمة ؟
وإلي أي حد يمكننا اعتبار قوله تعالي‏:'‏ سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق‏'‏ دعوة دائمة لفهم متجدد وتفسير عصري لحقائق القرآن الكريم ؟
طرحنا القضية علي العلماء وكانت ردودهم التالية‏.‏
الاجتهاد في إطار قواعد الدين الدكتور إسماعيل الدفتار أستاذ الحديث بجامعة الأزهر يقول‏:‏ القرآن الكريم أنزله الله عز وجل تبيانا لكل شئ وهدي وبشري للمسلمين‏,‏ وعلماء الإسلام يتدبرون آياته وكلماته مع علمهم باللغة العربية ودلالاتها وبأسباب النزول وكذلك ما يتعلق بمعاني الآيات من توجيهات أو تكليفات الرسول صلي الله عليه في السنة النبوية الشريفة‏.‏
ومن كل ذلك أدرك علماء الإسلام أن إستجابتهم للرسول صلي الله عليه وسلم أعطتهم معني الحياة الإنسانية الراقية التي تهذب النفوس وترتقي بالسلوك الإنساني وتنظم وتحدد أجمل العلاقات بين الناس بعضهم البعض‏..‏
كما أن علماء الإسلام علي مر العصور قد علموا أن للقرآن الكريم حرمة كبيرة لأنه الكتاب الذي قال عنه الله عزوجل‏'‏ إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون‏'.‏
فلكي يفهموا ويصلوا إلي الوعي بالمبادئ والأهداف المنشودة عليهم أن يعدوا أنفسهم الإعداد السليم‏,‏ لكي يكونوا علي مقدرة من إدراك التفسير الصحيح لما جاء في كتاب الله عز وجل‏,‏ وعليهم ألا يحكموا ببوادر الرأي في تفسير آيات القرآن الكريم بل يتحققوا من النصوص في الكتاب الكريم والسنة النبوية الشريفة‏,‏ ويفتشوا عن الواقع والأحداث التي نزلت فيها آيات القرآن الكريم‏.‏
وعليهم أيضا أن يستخدموا الفكر والعقل في استنباط المدلولات التي تعطيها تلك الآيات دون أن يجعلوا الخواطر الأولية والبوادر الطارئة كأساس يطلبون تطويع الآيات لهذه الرغبات وتلك الخواطر لأنهم يدركون أن من قال في القرآن الكريم برأيه وإن أصاب فقد أخطأ بمعني أننا لا نضع الرأي أولا ونحاول تفصيل تفسير لمعني تلك الآيات‏.‏
وأما أن كل عصر بحاجة لتفسير فذلك هو الأسلوب الذي يتناسب مع الناس ومع تطورات الحياة فهذا هو المطلوب أما أن يزعم زاعم أنه يجتهد كما اجتهد السابقون ويأتي بإجتهادات لا تتفق مع منطق الكلمات العربية ولا مع رأي ودلالات إرشادية وإنما هي محض الظن والتخمين فهذا يعتبر من المحظورات‏,‏ فالاجتهاد ينبغي أن يكون علي الأصول والقواعد التي تحددها ثوابت الدين الإسلامي‏.‏
فإذا كان الناس في الحياة عندما يبنون نظاما إجتماعيا أو سياسيا أو قوميا فإنهم يتفقون علي إطار يفكرون ويتحركون في حدوده‏,‏ وبالتالي فمن باب أولي أن الله عز وجل جعل للدين إطارا شاملا ومنهجا كاملا وأن أي اجتهاد يخرج عن هذا الإطار فهو محظور ولست بهذا أعارض التطور في الأسلوب وطريقة العرض وإدراك ما تتسع له بعض العبارات أو الكلمات لتشمل مدلولات جدت وتجددت في ساحة الحياة‏.‏
فالقرآن الكريم وسعت كلماته وآياته كل ما يتطور في الحياة‏,‏ وهذا قول الله تعالي‏'‏ سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق‏'‏ والذي يقرأ كتب التفسير القديمة مثل تفسير الإمام الغوطي يجد في مقدمته أن الإمام الغوطي أشار في كلماته إلي أنه يبذل أقصي ما يستطيع حسب حصيلته العلمية وحسب إدراكه لواقع الحياة بين الناس ولعل الله عز وجل يخرج للناس في مستقبل الحياة من يجعلهم يكملون ويستكشفون ما خفي علي السابقين‏.‏
ويضيف أنه قد تنوعت تفاسير الأقدمين بحسب الغرض من التفسير‏,‏ فبعضهم كان يريد بيان الجمال في أسلوب القرآن الكريم‏,‏ وبعضهم كان يريد أن يوضح كيف استدل فقهاء مذهبه علي الأحكام الفقهية أو علي بعض الأحكام الاعتقادية فتنوعت المناهج في تفسير القرآن الكريم‏,‏ ولا مانع من أن يجتهد المجتهدون الذين يحق لهم الاجتهاد في العصور المتلاحقة بالنسبة لما يرونه من مصالح الناس يربطونها الرباط الصحيح بالأحكام التي قررها القرآن الكريم ووردت في السنة النبوية الشريفة‏..‏
حقائق عسكرية وطبية ودبلوماسية وصناعية
أما الدكتور محمود مهنا أستاذ التفسير ونائب رئيس جامعة الأزهر بأسيوط فيقول‏:‏ أمرنا الله عز وجل بتدبر آيات القرآن الكريم ونحن في حاجة ماسة لتفاسير جديدة تكشف الكثير من المعاني في كل العلوم‏,‏ فلا بد أن نقف أمام تلك المعاني الخاصة بالعلوم المختلفة والتي وردت في القرآن الكريم لأن تلك المعاني التي أدركناها وعرفنا المقصود منها حتميا تحمل معاني أخري لم نتوصل لها حتي اليوم فمثلا في الزراعة نجد أن سيدنا يوسف عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام قد حل مشكلة مصر الإقتصادية عندما أوصي الناس بالزراعة في قول الله تعالي‏'‏ تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون‏'‏
وفي العلوم العسكرية نجد أن القرآن اشتمل علي معان لم تكتشف في الماضي وما زالت هناك معان لم تكتشف حتي اليوم‏,‏ ولا بد أن نقف تلك الآيات عند الحديث عن العلوم العسكرية في القرآن الكريم مثل قول الله تعالي‏'‏ فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم‏'‏ وقوله أيضا‏'‏ ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد‏'.‏
وقد طالب الله سيدنا داود عليه السلام بصناعة الدروع في قول الله تعالي‏'‏ أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير‏'.‏ والمقصود من ذلك أن نقول أن معاني العلوم العسكرية في القرآن الكريم تؤدي لوجود أخلاق حتي لا يزداد الظالم ظلما ولا الفاجر فجورا‏,‏ كما أننا لو نظرنا للفعل المضارع‏'‏ ترميهم‏'‏ في قول الله تعالي‏'‏ وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول‏'‏ نجد أن لفظ ترميهم ينطبق علي كل الأسلحة الحديثة والمعاصرة التي تستخدم في الحروب مثل المدافع والصواريخ والطائرات فكل تلك الأسلحة ترمي الذخيرة‏.‏ وكذلك ففي علم الأجنة نجد أن القرآن الكريم حمل لنا معاني لم تكتشف حتي اليوم وقد أسلم عدد من الأطباء الألمان المتخصصين في علم الأجنة عندما توصل العلم لمعاني موجودة في القرآن في قول الله تعالي‏'‏ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين‏'‏ وقوله أيضا‏'‏ ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون‏'‏ وقولة تعالي أيضا‏'‏ ألم يك نطفة من مني يمني‏'.‏
وفي مجال العلاقات الدولية نجد هناك معاني إشتملت علي ذلك في قول الله تعالي‏'‏ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين‏'.‏
وقد أرسي الإسلام مبادئ وقواعد الحرية وكان سابقا علي كل الأنظمة الحديثة في ذلك ونجد قول الله تعالي‏'‏ لا إكراه في الدين‏'‏ وقوله أيضا‏'‏ ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا‏'.‏
والمقصود من ذلك أن القرآن الكريم معجزة الله الخالدة يتحدي الزمان والعلم لأنه صالح لكل زمان ومكان وكل عصر يحتاج لعلماء مخلصين ينقلون معاني القرآن ومعجزاته‏.‏
ضوابط لا غني عنها في المفسر
ويقول الدكتور محمد عادل عبدالعزيز الأستاذ بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر‏:‏ هناك ضوابط يجب أن تتوافر فيمن يقوم بالتفسير من أهمها أن يكون حافظا للقرآن الكريم مجودا لأحكامه وقراءاته وعالما بأصول العقيدة والفقة والمحكم والمتشابه وعلوم البلاغة من بيان وبديع ومعاني وعالما بالناسخ والمنسوخ وأسباب نزول الآيات وملما باللغة العربية ومشتقاتها من نحو وصرف‏.‏
وكذلك عالما بالسنة النبوية الشريفة وعلومها لأن في القرآن الكريم ما جاء عاما قد تخصصه السنة ثم ينظر فيمن كتب قبله ويستنبط ما يراه بشرط ألا يكون سبقه أحد في علوم الطب أو الزراعة أو الصناعة أو غيرها من العلوم لأن كل تلك العلوم موجودة في القرآن الكريم لأنه صالح لكل زمان ومكان وسيبقي صالحا ليوم القيامة‏.‏
وفيه الكثير من المعاني التي تكتشف علي مر العصور وكانت موجودة ولم يكتشفها المفسرون في العصور السابقة وبمرور الزمن يجدها المعاصرون موجودة في القرآن الكريم منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان‏,‏ وهذا يدل علي أننا في حاجة لتفاسير جديدة ومعاصرة تربط معاني القرآن الكريم بالواقع الحالي لنكتشف الكثير من المعاني التي لم تكن موجودة قبل ذلك ولم ترد في التفاسير القديمة
إبراز الإعجازاللغوي في القرآن
يقول الدكتور أحمد الجمل الأستاذ بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر‏:‏ يحمل القرأن الكريم الكثير من المعاني والدلالات اللفظية التي تكتشف عبر العصور وستظل هناك معاني تكتشف إلي يوم الدين‏.‏ ومن نماذج الإعجاز اللغوي أن المسلم المتدبر في آيات القرآن الكريم يقف عند كلمة‏'‏ الحيوان‏'‏ في قول الله تعالي‏'‏ إن الدار الآخرة لهي الحيوان‏'‏ وقد يقول في نفسه ما علاقة الحيوان الذي يمشي علي أربع بالدار الآخرة‏..‏ المقصود من ذلك ضرورة وجود تفاسير حتي تنقل المعاني التي قد تتجدد وتستجد‏.‏
وعند البحث في كتب التفاسير التي لو رجعنا إليها لوجدنا معني كلمة الحيوان في تفسير الطبري أنها حياة لا موت فيها‏,‏ وفي تفسير ابن كثير أنها الحياة الحق التي لا زوال ولا إنقضاء لها‏,‏ وفي تفسير القرطبي أنها دار الحياة الباقية التي لا تزول‏,‏ وفي تفسير البغوي أن الحيوان بمعني الحياة الدائمة‏,‏ وفي تفسير البيضاوي أن الحيوان مصدر حي سمي به ذو الحياة وأصله حييان وقلبت الياء الثانية واوا وهو أبلغ من الحياة‏.‏ ومن هذه التفاسير يعلم المسلم أن معني الحيوان في الآية يعني الحياة والفرق في المعني بين الكلمتين تمثل في النون المسبوقة بألف المد وكما هو معرف أن كل زيادة في الكلمة تعطي زيادة في المعني والمقصود بها هنا حقيقة الشئ فالإسم بدون الألف والنون يدل علي صورة الشئ والفرق بين حقيقة الشئ وصورته كالفرق بين حقيقة الشخص وصورته في المرآة‏.‏
فالحياة صورة أما الحيوان فهي حقيقة الحياة فالله سبحانه وتعالي ذكر كلمة الحياة خمس مرات عند الحديث عن الحياة الدنيا كما في قوله تعالي‏:'‏ ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون‏'(‏ البقرة‏179),‏ وذكر كلمة الحياة إحدي وسبعين مرة مقترنة بكلمة الدنيا‏,‏ كما في قوله تعالي‏:'‏ وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب‏'(‏ العنكبوت‏64),‏ وذكر كلمة الحياة مرة واحدة مع الدار الآخرة وأتت بلفظ الحيوان في قوله تعالي‏:'‏ وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون‏',‏ وهذا يعطينا دلالة عظيمة‏.‏ علي أن الحياة الدنيا صورة من صور الحياة‏,‏ أما الحياة في الدار الآخرة فهي الحيوان أي حقيقة الحياة‏.‏
الأمر ينطبق أيضا علي لفظ الرحمن والرحيم فصورة الرحمة نجدها في صفة‏'‏ الرحيم‏'‏ التي يتصف الإنسان بها‏,‏ أما حقيقة الرحمة فنجدها في‏'‏ الرحمن‏',‏ وهنا يبرز الفرق بين‏'‏ الرحمن‏'‏ و‏'‏ الرحيم‏'‏ من الناحية الصرفية‏,‏ وهو النون المسبوقة بالألف المد التي تدل علي ذات الشيء وحقيقته‏,‏ ونجد ذلك أيضا في‏'‏ القراءة‏'‏ و‏'‏ القرآن‏'‏ فالقراءة صورة‏,‏ لأن أي كلام مكتوب هو صورة للقراءة‏,‏ وبزيادة الألف والنون يكون لفظ‏'‏ القرآن‏'‏ الذي يدل علي حقيقة القراءة‏,‏ وقياسا علي ذلك‏'‏ الفرق‏'‏ و‏'‏ الفرقان‏',‏ و‏'‏ الرضي‏'‏ و‏'‏ الرضوان‏'.‏ فالمؤكد أن الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم يحمل إعجازا في المعاني ستكتشف عبر العصور لنجد أنه كلما تقدم العلم وتقدمت البشرية في أي مجال فإن ذلك حمله القرآن الكريم ليظل عبر العصور المعجزة الخالدة‏.‏
المرجعية الأولي في الإسلام
الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوي الأسبق بالأزهر يقول‏:‏ القرآن الكريم المرجعية الأولي في الإسلام ثم يأتي بعد ذلك روايات السنة الصحيحة والمشهورة كتفسير وبيان للقرآن الكريم وهنا يكون دور السنة البيان والتطبيق وما عدا ذلك فهي أراء سواء كانت للصحابة رضي الله عنهم أو لمن بعدهم‏,‏ فلا يفرض علي القلوب والعقول والرقاب غير القرآن الكريم وبيانه في صحيح السنة النبوية الشريفة‏.‏
وهذه المرجعية نزلت لجميع الخلق في جميع الأزمنة والأمكنة فالرسالة الإلهية تخاطب كل الناس في كل العصور وفي مختلف الظروف ومن هنا فإن كل زمان يعود إلي متخصصين في التعامل مع القرآن الكريم يعلمونه بتخصصهم وقدراتهم وينقلونه إلي معاصريهم بأدوات العصر وإمكانات البيئة وقدرات البشر‏.‏
ولذلك نجد كثيرا من الحرج حينما تتعامل العقول المعاصرة مع بعض التفاسير القديمة وليس ذلك حرج بين المفسرين المعاصرين والقرآن لكنه حرج بين المفسرين المعاصرين والمفسرين القدماء‏.‏
وسبب هذا الحرج عدم إدراك أن التفاسير القديمة كانت تلائم ذلك العصر وتتماشي مع الظروف في ذلك الوقت فإذا أمكن الإستفادة بها فلا مانع‏,‏ وطالما أن القدماء من المتخصصين في العلوم الشرعية قد قدموا لمعاصريهم التكاليف الشرعية بما يقدرون عليه فلا ضرر أن يقدم المفسرون المعاصرون ما يرونه جديدا من خلال قراءات معاصرة تتماشي وتتفق مع ثوابت الدين الإسلامي‏.‏
ويقوم بها المتخصصون من علماء الدين الذي يسعون لخدمة الإسلام من خلال نقل معاني القرآن الكريم للمعاصرين بطريقة تساعد علي اكتشاف المعاني الجديدة والمعاصرة التي لم ترد في التفاسير القديمة ويكون ذلك متوافقا مع السنة النبوية الشريفة ومع ما حملته التفاسير القديمة من معاني لأننا أيضا لابد أن نقف باحترام أمام التفاسير القديمة التي قام بها علماء المسلمين وسخروا جهدهم وطاقاتهم وقدراتهم العلمية لخروج هذه التفاسير التي علمت القدماء ومازال يتعلم منها المسلمين‏.‏
تفسير القرآن بالسنة النبوية
أما الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق فيقول‏:‏ السنة النبوية الشريفة جاءت موضحة ومفسرة لما جاء عاما في القرآن الكريم‏,‏ فالسنة والقرآن بمثابة ثوابت الدين الإسلامي التي نرجع إليها وتكون تلك الثوابت هي المحددة والموجهة لما ينبغي أن يكون عليه الإنسان‏,‏ وقد قال الرسول صلي الله عليه وسلم في خطبة الوداع‏':‏ تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي‏'.‏
وعند تفسير القرآن الكريم لا بد أن نرجع للسنة النبوية وهذا ما قام به قدماء المفسرين‏.‏ ولو رجعنا للتفاسير القديمة سنجد إستشهاد المفسرين بالأحاديث النبوية الشريفة والكثير من مواقف الرسول صلي الله عليه وسلم وهم في ذلك إستعانوا بالسنة لتقريب وتوضيح المعاني حتي تصل لمعاصريهم‏..‏
وفي الوقت الحالي هناك لجنة للسنة في المجلس الأعلي للشئون الإسلامية ومجمع البحوث الإسلامية وهذا يساعد المفسرين علي معرفة الأحاديث الصحيحة من غيرها‏.‏
والمؤكد أن القرآن الكريم ما جاء عاما في مكان فإنه يفسر في مكان آخر فإن لم يكن موجودا فإن السنة قد شرحته ووضحته كما أن كثيرا من المفسرين القدماء قد رجعوا إلي أقوال الصحابة‏,‏ وما من قضية في الماضي أو الحاضر أو المستقبل إلا وجدت في القرآن الكريم وهذا قول الله تعالي‏:'‏ ونزلنا إليك الكتاب تبيانا لكل شئ‏'.‏ ويوجد في القرآن ما يدل علي أن السنة قد تفسر القرآن وذلك في قول الله عز وجل‏'‏ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم‏'‏ وقوله أيضا‏:'‏ وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا‏'‏ وقوله أيضا من يطع الرسول فقد أطاع الله ونحن في حاجة دائمة والأمة الإسلامية في حاجة لمن يتدبر آيات القرآن الكريم من العلماء الذين يربطون ما جاء في القرآن وما حملته السنة النبوية الشريفة وربط ذلك بالواقع الحالي حتي نصل لكنوز المعاني وأسرار العلوم التي تكتشف ثم نجدها في القرآن الكريم منذ قرون ولكن لم يصل لها أحد‏.‏
الجديد يأتي بالتأمل والبحث وإعمال العقل
الدكتور حامد أبوطالب الأستاذ بجامعة الأزهر يقول‏:‏ كلما مرت الأيام وتقدم العلم وتقدمت البشرية نجد أن القرآن الكريم حاملا لكل ما توصلت له البشرية في مختلف العلوم وهذا نوع من الإعجاز لأن القرآن الكريم كتاب الله عز وجل وكلامه وحمل القرآن الكريم لونا من ألوان الإعجاز تمثل في الحديث عن قضايا لم يكن للسابقين عهدا بها ثم إكتشفت تلك المسائل التي كان يتكلم عنها القرآن‏,‏ أن المعجزة الكبري أن القرآن الكريم عند الحديث عن بعض المعاني نجد أنه يفرض التأمل والبحث والتفكير وإعمال العقل مثل قول الله تعالي‏:'‏ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لاتعلمون‏'‏ الإعجاز هنا في قوله‏'‏ ويخلق ما لا تعلمون‏'‏
وهذا يدل علي أن هناك الكثير من المسائل التي لم تكتشف ويحمل القرآن الكريم معاني لها ويجب علي العلماء عند القيام بتفسير القرآن الكريم أن يمعنوا النظر والتدبر في آيات القرآن وربطها بالواقع الحالي وبذلك نكتشف الكثير من المعاني التي لم نكن نعهدها من قبل والأمر كله يرتبط بتجليات إلهية يقذفها الله عز وجل في قلب عالم معين ليكتشف لنا الكثير‏,‏
وهذا كان واضحا في خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله فقد كان يلفت نظرنا إلي لفتات ولمحات ربانية ترتبط بالواقع الذي نعيشه‏.‏
وهذا يؤكد أن أسلوب التفسير يحمل جانبا كبيرا من القدرة علي توصيل المعاني الموجودة في القرآن وإذا كان كل عصر يختلف عن الآخر في أشياء كثيرة وكذلك البشر يختلفون فهذا يؤكد علي أن القرآن الكريم في حاجة لمن يعرفه ويدركه بروح العصر وأسلوب العصر حتي يصل لعامة الناس في كل زمان‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.