تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات كليات الطب البيطري 2024 المرحلة الأولي بالنسبة المئوية    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بمدينة الخانكة    وزير الزراعة: تجاوز صادرات البطاطس 1.3 مليون طن للمرة الأولى    وزير السياحة: ارتفاع معدل إنفاق السائحين... وتوقعات بتجاوز حاجز 18 مليون زائر بنهاية العام    خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء.. " كامل الوزير" يستعرض خطة تطوير الطريق الدائري الإقليمي    اللحظات الأخيرة من إصلاح كابلات "جزيرة الذهب" استعدادا لإعادة التيار للجيزة    الحوثيون يعلنون عن خطوات تصعيدية جديدة ردا على الحرب فى غزة    رابطة العالم الإسلامي: مؤتمر "حلّ الدولتين" فرصة للوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ    إسرائيل تفرض رقابة عسكرية مُشددة على المُراسلين الأجانب الراغبين في دخول غزة    مقتل 4 على الأقل إثر خروج قطار يحمل نحو 100 راكب عن مساره جنوب ألمانيا    الاحتلال يقصف حَيَّيْ التفاح والشجاعية في مدينة غزة    تمارا حداد: الهدنة الإنسانية.. خطوة سياسية تكتيكية لشرعنة الحصار واستمرار الحرب على غزة    مستشار ترامب ل "الفجر": إيران تلقّت ضربة عسكرية مباشرة بأمر من ترامب بسبب برنامجها النووي    إدريس يشيد بالبداية المبهرة.. ثلاث ميداليات للبعثة المصرية فى أول أيام دورة الألعاب الإفريقية للمدارس    الصفاقسي التونسي يعلن تعاقده مع علي معلول.. والتفاوض مع لاعب الزمالك    جدول مباريات الزمالك في الدور الأول من الدوري المصري الممتاز موسم 2024-2025    الغندور يعلن رحيل نجم الزمالك.. ويكشف وجهته المقبلة    رضا عبدالعال: «القرعة ظالمة ومعمولة علشان الأهلي ياخد الدوري»    الأرصاد تحذر من ارتفاع الأمواج في عدد من الشواطئ (تعرف عليها)    إصابة 5 أشخاص بحادث انقلاب سيارة في البحيرة    صور حادث تصادم قطار خط المناشي بجرار زراعي في البحيرة    القبض على عاطلين متهمين بهتك عرض زميلهم بشبين القناطر    السيطرة على حريق اندلع بمحيط فيلا في منطقة الشيخ زايد    في أولى جولاته الميدانية.. مدير أمن سوهاج الجديد يتفقد عددًا من المواقع الشرطية بالمحافظة    أحمد نبيل: تعليم الأطفال فن البانتومايم غيّر نظرتهم للتعبير عن المشاعر    «السياحة والآثار» تواصل استعداداتها لإدراج منطقة «تل العمارنة» الأثرية بقائمة التراث العالمي    ثقافة الفيوم تناقش التحولات الاجتماعية في الرواية المصرية بعد ثورة 23 يوليو.. صور    متخليش الصيف ينسيك.. فواكه ممنوعة لمرضى السكر    معاناة حارس وادي دجلة محمد بونجا.. أعراض وأسباب الإصابة ب الغيبوبة الكبدية    شروط القرض الشخصي لأصحاب المهن الحرة في البنك الأهلي    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. استشهاد 4 فلسطينيين فى قصف الاحتلال على خان يونس.. هزات أرضية وصلت ل3.8 درجة بمقياس ريختر فى ميانمار.. مقاتلون سابقون فى طالبان نقلوا لبريطانيا حفاظا على سلامتهم    طه عزت: الموسم المقبل بلا تأجيلات.. وهناك تنسيق مع حسام حسن بسبب الأجندة الدولية    عقب مصرع مدير أمن الوادي الجديد.. وفاة رقيب شرطة متأثرا بإصابته فى حادث المنيا    دفاع أحد ضحايا سفاح المعمورة بعد الحكم بإعدامه: طالبنا بتعويض مدنى مليون جنيه    مدرب بيراميدز عن موعد مباراة دجلة: اللعب فى حرارة 45 درجة تهديد لصحة اللاعبين    ثروت سويلم: لا يوجد خلاف بين اتحاد الكرة ورابطة الأندية.. ولا تأجيلات فى الدورى    أخبار × 24 ساعة.. توقعات بارتفاع الحد الأدنى لتنسيق كليات علمى من 1 ل2%    أم وابنها يهزمان الزمن ويصنعان معجزة فى الثانوية العامة.. الأم تحصل على 89% والابن 86%.. محمد: ليست فقط أمى بل زميلتي بالدراسة.. والأم: التعليم لا يعرف عمرا وحلمنا ندرس صيدلة.. ونائب محافظ سوهاج يكرمهما.. فيديو    إيهاب توفيق يشعل المهرجان الصيفي للموسيقى بالإسكندرية (فيديو وصور)    المعهد القومي للكبد: مصر حققت إنجازًا عالميًا في القضاء على فيروس "سي"    «قالوا لي إني ميتة».. أنوار تروي مأساة 9 سنوات انتهت باختفاء الزوج ووقف المعاش    حددت شروطا للظهور به وارتدته وخلعته قبل 11 عاما.. قصة سما المصري مع الحجاب بعد «فيديو البكاء»    تنسيق الثانوية العامة 2024 علمي علوم بالنسبة المئوية المرحلة الأولى (جدول)    سعر الدولار فى التعاملات الصباحية اليوم الاثنين 28-7-2025 فى البنوك    الباذنجان مهم لمرضى السكر والكوليسترول ويحمي من الزهايمر    بعد توقف 11 عاما.. رئيس حقوق الإنسان بالنواب يُشارك في تشغيل مستشفي دار السلام    رغم ارتفاع درجات الحرارة.. قوافل "100 يوم صحة" تواصل عملها بالوادى الجديد    رفضت عرسانًا «أزهريين» وطلبت من زوجها التعدد.. 19 معلومة عن الدكتورة سعاد صالح    في الحر الشديد.. هل تجوز الصلاة ب"الفانلة الحمالات"؟.. أمين الفتوى يوضح    محافظ الوادي الجديد ينعى مدير الأمن الراحل إثر حادث سير بالمنيا    جامعة أسيوط تشهد فعاليات اللقاء العلمي "GEN Z ANALYSTS" بكلية التجارة    هل الحر الشديد غضبًا إلهيًا؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    بتوجيهات شيخ الأزهر.. قافلة إغاثية عاجلة من «بيت الزكاة والصدقات» في طريقها إلى غزة    البابا تواضروس يصلي القداس مع شباب ملتقى لوجوس    محافظ الغربية يكرم أوائل الثانوية الأزهرية بالجمهورية من أبناء المحافظة    مصر تنتصر ل«نون النسوة».. نائبات مصر تحت قبة البرلمان وحضور رقابي وتشريعي.. تمثيل نسائي واسع في مواقع قيادية    وزارة التربية والتعليم تعلن بدء تحويلات المدارس الدولية IPS    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فصل من رواية أثر النبى لمحمد أبو زيد
نشر في اليوم السابع يوم 19 - 07 - 2010

كنت قد أنهيت السنة الأخيرة لى فى الجامعة، وبدأت رحلة البحث عن عمل، عندما عرض على حجازى أن أعمل معه فى محل عصير محمدين بشارع حسن محمد بفيصل:
تاخد فلوس حلوة، وتشوف بنات ع الفرازة لم يفهم حجازى شيئا من كلامى الذى طال، حتى أصابنى الملل، عن المستقبل، عن الأحلام، عن أشياء لم أعد أذكرها ولا أريد.
حجازى الذى استقبلنى منذ أربع سنوات فى محطة باب الحديد، أدرك أننى تغيرت، لم أكن وقتها أعرف ماذا أريد، هو نفسه تغير، لم يعد حجازى " بتاع زمان"، كما قلت له، لم يعد يحكى عن أصدقائه: حسن الأسمر وحمدى باتشان، وشقيقه من الأب أميتاب باتشان، كما كان يقول.
الشيخ حجازى، الذى عرفته طفلا، حلق لحيته وشاربه، لبس خاتما ذهبيا حوالى 3 جرامات بفص أزرق كبير فى بنصره، حين اتصل بى عرفت أنه يعمل فى مجال التمثيل، ويشوف أحمد زكى وعلا رامى وأيضا كمال أبو رية، وعرف أننى يجب أن أسكن فى القاهرة بعد شهرين، لأن الدراسة الجامعية ستبدأ، ولن أتمكن من السكنى فى المدينة الجامعية.
بعد شهرين إلا يوما واحدا وجدته ينتظرنى فى محطة باب الحديد، اخترق بى القاهرة، لتصافح الملامح التى أدمنتها فيما بعد ابتداء من دار السلام والمطرية والحلمية وغمرة.
مشينا من محطة البحوث حتى منتصف شارع ناهيا، وأنا أرمق ابتسامة فخر، تليق بمرشد سياحى عاش فى بلاد البندر، على شفتيه، وهو يمسك يدى لنهبط السلم الكهربائى فى المترو.
فى شارع متفرع من ناهيا، لا أذكر اسمه الآن، فى بيت من ثلاثة أدوار، فى حجرة علوية أمامها منشر غسيل لأصحاب البيت سكنت معه.
يخرج حجازى ويتأخر طويلا، يتركنى واقفا وحيدا على السطح، يقول إنه ذاهب إلى الاستوديو لأن عنده تصوير مع عبد المنعم مدبولى فى فوازير عمو فؤاد، أهز رأسى بالموافقة والمعرفة، وأنا أدرك أنه يعمل مع نقاش فى شارع مجاور، لم أسأله مرة كيف يكون ممثلا ورغم ذلك يسكن فى حجرة بأربعين جنيها؟!، تصير عشرين بعد أن أدفع أنا النصف، خالية من الأثاث إلا من بطانية قديمة مفروشة على الأرض بدلا من السرير، وصورتين كبيرتين لبروس لى وحكيم على الحائط، كان يعرف أننى متواطئ معه فى كذبته، وأننى لن أفضحه فى البلد عندما أعود فى الإجازات.
يحاول حجازى أن يقنعنى بالعمل معه كومبارس فى أوقات فراغى، فأجرة اليوم الواحد تمثيل 15 جنيها، يذكرنى بالفيلم الذى ظهر فيه بظهره، أو بالمسلسل الإذاعى الذى كان يقوم فيه بدور (ضجيج فى المقهى).
سيحاول إقناعى بكتابة خطاب لأهله فى البلد، لا يظهر فيه الكذب بقدر الإمكان، نبشرهم بمستقبل قد يكون، ولا يربطهم أمام التليفزيون فى انتظار المسلسل الذى لن يظهر فيه، أن أقنعهم أن أفلامه التى يقوم ببطولتها توزع فى الدول العربية فقط، لأن الخليجيات يحببن طلته، خطاب يحاول إقناعهم بإرسال بعض النقود حتى يظهر بمظهر لائق أمام عادل إمام ووحيد سيف وسيد زيان، خاصة بعد أن اشترى حجازى بدلة سوداء من الوكالة بثلاثين جنيها، واستطاع أن يخفى الرتق أسفل الجيب بلصق بادج أزرق.
بعد أن أنتهى من الخطاب، علينا أن نتمشى فى الشوارع قليلا، يمسك لسانه قليلا عن ذكر حكاياته الخرافية فى التمثيل أمامى، وأمنع نفسى عن إظهار الشفقة عليه أمامه، نعود قبل السابعة ليلحق ميعاد مروة بوجهها الطفولى وليمونتا صدرها اللتان لم تنضجا بعد، وهى تنشر على السطح، والتى سيؤكد لها أن فيلمه القادم سيكسّر الدنيا، فيما أجلس خلف الباب الخشبى أرمقهما ولا أتكلم.
سيحاول حجازى فى المرات القادمة أن يؤكد لى أنه سيستطيع بالفعل أن يصبح أحد نجوم السينما، لكن رسوبه فى اختبارات معهد السينما الذى حاول الالتحاق به أكثر من مرة لم يشفع له، وقراءته الخاطئة لهاملت شكسبير أكدت لى أننى سأستيقظ ذات صباح ولن أجد ملابسه ولا صورتى بروس لى وحكيم على الحائط، فقط سأنتظر مروة عندما تصعد لتلم الغسيل بعد المغرب لأسلمها ورقة تركها بين خشبتى الباب.
تصرف حجازى كبطل فى فيلم عربى قديم، أثقلته الهزائم، فجمع ملابسه وصور أبطاله واختفى، ربما يكون قد شعر أنه بطل حقيقى لأول مرة فى فيلم، وترك رسالة لحبيبته، لكنه لم يعدها بشىء.
سأكمل أنا السيناريو، سأدفع الإيجار وحدى حتى أجد شقة دار السلام فأنتقل إليها ربما هربا منها، ومن هزائم حجازى إذا حدثته نفسه بالعودة.
عندما قابلته بعد أن أنهيت سنواتى الدراسية عرفت أنه عاد مرة أخرى إلى حجرة بولاق الدكرور، وسيخطب مروة، وأرانى خطابا منها، كُتب فى ورقة مقطوعة من أجندة "شركة المقاولات لصاحبها السيد الضوى سنة 1993"، وفيه إجابة عشرين سؤالا، فى الأخير قالت إنها لا تحب ولن تحب أحدا لأن "قلبها انجرح مرة، أوبمعنى أصح سلمت قلبى مرة لوحش خاين، فمش ممكن هسلم قلبى تانى، وعلى فكرة: مش بقصد اللى ف بالك، إنما قصدى إن الحب ضعف ضعف ضعف، وأما رأيك فى إن صاحبة الأجندة أجمل إنسانة رأيتها فى حياتك، فأنت بتجامل، لأنه لو كان صح ما كنتش غلطت، وعموما أنت عارف وضعك كويس فى قلبى والسلام ختام وليس بين الأحباب ختام"، ورسمت قلبا يخترقه سهم برأسين وكتبت فى الناحية اليسرى: ريرى.
لم أخبره أن الخط المكتوب به الخطاب خطة، ولا أن مروة عزلت مع أهلها إلى عزبة النخل وتزوجت شخصا عائدا من الكويت أعجب بنهديها، ووظف أخوها فى مصنع الرشيدى الميزان بالسيدة زينب.
لم أسأل حجازى عن السينما، لكنه تطوع وطلب منى أن أكتب خطابا جديدا بأسلوبك الحلو إلى أهله نكذب فيه كذبات بيضاء جديدة.
* تصدر قريبا عن دار شرقيات بالقاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.