عندما يصبح الواقع صعبا، وتصبح الإرادة مهلهلة، ويسود اليأس النفوس، يخرج علينا من لا يدرك هذه الحقائق ليبلغنا بأننا مخطئون فيما نعتقد، فالحياة وردية وكافة أمورها يسرة وسهلة المنال، وكل ما عليك هو أن تحلم ونحن نلبى أحلامك فنظل نحلم ونحلم منتظرين تحقيق الحلم. ولكن يبدو أن الأحلام التى نحلمها كبيرة لا يستطيع الحاكم تحملها ولأنه يجب علينا أن نيسر الأحلام علينا أن نتنازل عن بعضها، فبدلا من أن نحلم بمسكن خاص لماذا لا يكون جماعيا، وبدلا من تعليم جيد، لماذا لا يصبح محو أمية فقط وبدلا من أن نأكل اللحوم يكفينا رؤيتها، وبدلا من أن نجد وسيلة مواصلات جيدة لماذا لا نستخدم الأرجل، فعلينا أن نعلن التحدى الحقيقى لأحلامنا لا لحكومتنا ونترك كل الأشياء حتى يستطيعوا تحقيق اللاشىء ونترك لهم المجال قليلا كى يستطيعوا أن يعبروا عن إنجازات اللاشىء وتصبح تصريحاتهم حقيقية لا وهمية وليست من درب الخيال. علينا أن نتحدى أنفسنا أولا لكى نثبت أننا لسنا فى حاجة لأى شىء ونقتنع اقتناعا شديدا بأن كل الأمور تسير على قدم وساق، وحتى نصل إلى هذه الدرجة من الطواعية يبقى الدور الأهم هو أن ننشئ أبناءنا على حب الوطن والانتماء وعدم الأحلام الكبيرة فننشئ جيلا راسخ المبادئ شديد العزيمة فى أن يتحدى نفسه فى إثبات أن الحكومة هى الأصح وأن ما تفعله حكوماتنا من اللاشىء هو لصالحنا جميعا وكى يستمر العطاء المثمر البناء أرى أنه على حكومتنا أن تصنع جهازا فإن لم تستطع صنعه عليها أن تكلف الصين بصنعه، ومهمة هذا الجهاز أن يجعلنا نرى كل ما حولنا جميلا، فمثلا أقوام القمامة على أنها باقات زهور، وتصريحات الحكومة على أنها إنجازات، والفساد المنتشر على أنه الإصلاح الحقيقى ويبقى شيئا واحدا وهو أن نظل بلا نوم حتى لا نحلم..