سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فى المؤتمر الختامى لمشروع "نحو إعلام ديمقراطى حر".. إعلاميون وأكاديميون يطالبون بسرعة إصدار قانون الحق فى المعرفة وتداول المعلومات.. وجدل حول إنشاء كيان للرقابة على المؤسسات الإعلامية
- حافظ أبو سعدة: تأخر إطلاق قانون "تداول المعلومات" يسمح بزيادة معدلات الفساد - يحيى قلاش: غير منطقى بعد ثورتين أن يظل الإعلام محكوما بقوانين نظام مبارك اتفق المشاركون فى أولى أيام المؤتمر الختامى لمشروع "نحو إعلام ديمقراطى حر" والذى نظمته المؤسسة المصرية للتدريب وحقوق الإنسان فى أحد الفنادق بالدقى، على أن حق الجمهور فى المعرفة وتداول المعلومات من الحقوق الرئيسية التى يجب أن تقوم الدولة والنقابات ومختلف الجهات المعنية بالتشريع بإصدار القوانين التى تكفلها بشكل صريح وواضح كما يكفلها الدستور. وأكد الحضور، خلال جلسات اليوم، أن اصدار قانون يكفل حق المعرفة وتداول المعلومات الخطوة الأولى فى حماية الجمهور من الفوضى الإعلامية التى يتعرض لها حاليا من تزييف أو حجب المعلومات أو تداولها بشكل غير موزون، إلا أنهم اختلفوا فى وجود كيان يقوم بالرقابة على أداء وسائل الاعلام، والذى تطرحه المؤسسة من كنتاج لمشروعها الذى استمر عام ونصف، حيث انقسم الحضور بين مؤيد لوجود كيان مستقل يضع مجموعة من المعايير التى يقرر عبرها التزام المؤسسة الاعلامية من عدمه بالمهنية، ومعارض أعربوا عن تخوفاتهم أن يتحول الرقيب إلى متحكم فى شكل المعلومات والاستيعاض عنه بزيادة وعى الجمهور والاكتفاء بتجريم حجب المعلومات من خلال القانون. وضع الإعلام يحتاج إطلاق حزمة من التشريعات ترأس الجلسة الأولى الدكتور محمود علم الدين، رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، والذى شدد على أن الوضع الحالى للإعلام يحتاج بشكل سريع إلى إطلاق حزمة من التشريعات المرتبطة بالإعلام، وسرعة تشكيل الثلاث هيئات التى أقرها الدستور، وهى المجلس الاعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للاعلام والاعلاميين، مشيرا إلى أن جميع وسائل الإعلام تستخدم مساحة الحرية المتاحة بشكل سئ جدا ولا يخدم حرية الحق فى المعلومات. وقال علم الدين: إن حقوق الجمهور تنقسم إلى عدد من الحقوق المختلفة وهى المعرفة، والتعبير عن الآراء واحترام كرامته الإنسانية والحق فى الخصوصية، ومع انتشار الإنترنت أصبح على الحكومة أن تكفل أيضا الحق فى الانترنت والحقوق الرقمية، وأخيرا الحق فى الرد والتصحيح وهو ما يحكمه القانون. وتحدث علم الدين عن أن الحقوق السابقة غير متوافرة بشكل كبير، وأن حق النسيان على سبيل المثال التى باتت تقره المحاكم الأوروبية فى طلب الأفراد بحذف المعلومات عنها على شبكة الإنترنت غير موجود فى الشرق الأوسط بأكمله. تأخر إطلاق قانون تداول المعلومات يسمح بزيادة معدلات الفساد من جانبه، قال حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن عدم وجود تشريع صريح حتى الآن لمنح حق المعرفة وتداول المعلومات يسمح بزيادة معدلات الفساد وقضايا الرشوة فى مصر، مضيفا "عدم وجود القانون يسمح للموظفين والمسئولين بالتعتيم على المعلومات وبالتالى لا يفرض عليهم عرضها إذا طلبتها وسائل الإعلام أو حتى المواطنين وبالتالى يفتح الباب لارتكاب جرائم فساد دون الكشف عنها". وأضاف حافظ، خلال مؤتمر "نحو إعلام ديمقراطى" الذى تنظمه المؤسسة المصرية لحقوق الإنسان والمنعقد الآن بأحد الفنادق بالدقى، أن حق الجمهور فى المعرفة وتداول المعلومات أحد أهم الحقوق الأساسية للجمهور فى العالم، وهو حق أقره الدستور المصرى والمواثيق الدولية لكنه لم يتم إلى قانون حتى الآن. وتابع أبو سعدة "لن نستطع أن نرسخ هذا الحق فى دولة تغلق كل مفاتيح المعرفة وتداول المعلومات والمكبلة بالكثير من المواد فى قانون العقوبات، فالأصل فى الحق هو الحرية والإباحة وأن التقييد لاعتبارات معينة مثل الأمن القومى هو الاستثناء، حتى الدول الأخرى التى تحمى سرية معلومات معينة، يحدد قانونها مدة زمنية محددة أقصاها 50 عاما، ويبقى بعدها للجمهور الحق فى الاطلاع عليه". وشدد أبو سعدة، خلال كلمته على أن يتضمن القانون تجريم من يشارك فى منع الوصول للمعلومات، قائلا " المعلومات الأساسية موجودة لدى موظفى الدولة المصرية وهو الذى يملك منح المعلومة أو منعها، لكن الأصل دارى على شمعتك، حتى لا يخضع للنقد أو التقييم، وهو ما يعطى مجالا واسعا للتعتيم كغطاء لعمليات فساد واسعة، بل أصبحنا نكتشف فى بعض القضايا أن المعلومة تباع للأشخاص". واعتبر أن الحق فى الخصوصية هو ثانى الحقوق التى نحتاج إلى فتح النقاش حولها فى مصر، فعلى الرغم من إقرار القانون لحق الرد والتصحيح على سبيل المثال إلا أن تنفيذه لا يساوى الاغتيال المعنوى الذى يحدث للأشخاص، مشيرا إلى أن من حق الجمهور أن تعرض وسائل الإعلام ما تحصل عليه من معلومات بشكل كامل ومتوازن دون تلوين أو نقص، فضلا عن الحفاظ على حرمة الحياة الخاصة. واعتبرت أمينة خيرى، الكاتبة الصحفية، أن الجمهور لم يعد متلقيًا فقط بل أصبح فاعلا وصانعا وناقل للأحداث، مطالبة بإنشاء ديوان لتلقى شكاوى الجمهور من تجاوزات الإعلام تقيم أداءه بناءا على الدقة والنزاهة والتوازن. وقالت: إن الفكرة ليست بالجديدة وأن كل المؤسسات فى الدول الغربية تعتمد على وجود مراقب داخلى يكون همزة الوصل بين صانع الخبر ومستهلكه ويتلقى الشكاوى، ويراقب التزام العاملون بالمؤسسة بميثاق الشرف الضمنى التى تحدده فى بداية عملها، مضيفة "بمعنى أن يعلم الإعلامى أنه قابل للمحاسبة ورفع مستوى وعى العاملين بهموم الجمهور المتلقى، وهو الأمر الذى يتميز عن وجود كيان حكومى أو حتى مستقل يراقب الوسائل حتى لا ننصب أنفسنا مراقبين على الأخرى". "مفيش وسيلة إعلامية ملهاش وجهة نظر" واختتم الجلسة الإعلامى جمال عنايت، الذى أوضح أن كلمة الجمهور خادعة وأن أغلب الإعلاميين لا يعلموا الجمهور ولا احتياجاته، مضيفا "من حق الجمهور عمل احترافى مستوفى لشروط المهنة، الحيادية كذبة كبيرة، مفيش وسيلة إعلامية ملهاش وجهة نظر". وأشار عنايت إلى أن عدم توفير المعلومات يضع الإعلاميين فى مأزق، فيدفع بهم إلى الاستعجال والرغبة فى امداد الوسيلة بأى معلومة والتجهيل والاعتماد على السوشيال ميديا، مضيفا "عقل الجمهور المصرى بات فى يد عدد من وكالات الاعلان وأصحاب رأس المال، ولا يوجد لدينا أجهزة حقيقية لقياس رأى الجمهور" على حد قوله. ضد ميثاق الشرف الصحفى "الموحد" وترأس الجلسة الثانية، الناشر هشام قاسم، والذى أعلن فى بداية كلمته رفضه أن يكون ميثاق الشرف الصحفى الوسيلة الوحيدة فى حماية حق الجمهور فى المعرفة أو فى التزام وسائل الاعلام بالمهنية فى طرح المعلومات، قائلا "أنا من أشد أعدائه ولست من المدرسة التى تعتقد أن وجود ميثاق موحد تستطيع أن تحمى الجمهور". وأوضح قاسم المنعقدة، أن الجمهور لا يحتاج إلى حماية بل يحتاج إلى وعى، قائلا " فكرة تأسيس كيان لتنفيذ هذا الميثاق أو للرقابة لا أعتقد أنها ستستطيع أن تحدث فارقا فى الفوضى الإعلامية الموجودة حاليا، والتى لن تتغير من وجهة نظرى إلا فى وجود بيئة مواتية يحدث فيها تنافس وأن يكون هناك معايير تعلن عنها كل مؤسسة وتلتزم بها، على أن يكون هناك آلية محاسبة داخلية إذا تم الخروج عنها". واعتبر قاسم أن المنافسة هى التى ستكشف للقارئ من يحترم حقه فى المعرفة والتغطية المتوازنة أم لا، مشككا فى أن يكون للمجالس والهيئات الاعلامية التى أقرها الدستور أى دور حقيقى على أرض الواقع، قائلا "مش شايف أى مهنة اخرى تدار من خلال هيئات وإنما من خلال القانون المصرى والمهنية". يحيى قلاش: غير منطقى أن يظل الإعلام محكوما بقوانين نظام مبارك بينما، اعتبر يحيى قلاش نقيب الصحفيين، أن الإعلام يحكمه فوضى تشريعية تسبب فراغا كبيرا بين العاملين فى المجال بوسائله المطبوعة والمرئية، مضيفا: "لم يعد هناك أى ضوابط تحكم العمل الإعلامى الآن، وليس من المنطقى عقب ثورتين أن نظل تحت رحمة قوانين نظام مبارك دون تغيير أو تطوير". وقال "قلاش" خلال الجلسة الأولى من مؤتمر "نحو إعلام ديمقراطى حر" الذى تنظمه المؤسسة المصرية للتدريب وحقوق الإنسان، المنعقدة بأحد فنادق الدقى الآن، إنه لا حديث عن إعلام حقيقى إلا بالحديث عن تشريعات جادة وحقيقية، مشيرًا إلى أن وجود آلية لإقرار حق الجمهور فى المعرفة أمر لا يقتصر على الإعلاميين فقط، وإنما أيضا المواطنين، وأن غياب ذلك على مدار كل القوانين الحالية يؤدى إلى اتساع مساحة انتشار الإشاعات والتجهيل . وأوضح قلاش أن النقابة تعرضت لهجوم شديد حينما اعترضت على المواد الخاصة بحبس الصحفيين فى قانون الإرهاب وأنها اتهمت بأنها مؤيدة له، واعتبرها المهاجمون تبحث عن حق خاص، رغم أنها كانت تدافع عن حق الجمهور فى المعرفة وليس فقط الصحفيين، مضيفا "تاريخ الصحافة المصرية عمرها من أعمار بعض الدول، ولا يجب أن نترك الوضع كما هو الآن، فلا أتصور أن فضائية فى أى دولة فى الخارج يستطيع المذيع أن يتحدث وحده لساعات ويسب ويقذف دون أن يوقفه أحد". وأضاف قلاش أن الحديث عن كلمة الجمهور سلاح ذو حدين، لأن البعض قد يستخدمها لتقييد الإعلام من واقع أن ما تعرضه الوسيلة مثلا لا يتناسب مع الجمهور، مؤكدا أن هذا الخلاف لن يفضه سوى وجود تشريعات واضحة متقدمة، ونقابات إعلامية تلم شمل الإعلاميين، وتقبل فكرة أن حرية الإعلام والصحافة أحد الحريات العامة. وتابع: "لما كنا بنتكلم فى لجنة الخمسين على سبيل المثال عن تشكيل الهيئات الصحافة الوطنية والإعلام والمجلس الأعلى للإعلام، كنا بنواجه باستغراب أننا نضع ممثلين للرأى العام". الأصل هو إباحة المعلومات وقالت دكتورة ليلى عبد المجيد، عميد كلية الإعلام السابق، أن القانون الجنائى يجرم الممارسات الإعلامية التى تمثل زيف أو تدليس فى تقديم المعلومات، لكن لا يتم تطبيق القانون غالبا، مشيرة إلى أن فى كثير من الأحيان الإعلام يلعب دور تزييف الوعى من خلال نقله لصور نمطية ويتسبب فى خلق سوء فهم، مؤكدة على أن الأصل هو إباحة المعلومات وعدم وضع كلمات فضفاضة لحجبها مثل "الأمن القومى". واعتبرت أن حق الرد على سبيل المثال رغم اقرار القانون به إلا أن اغلب الوسائل الاعلامية لا تنفذه بالشروط نفسها التى يتحدث عنها القانون، واقترحت عبد المجيد أن يكون هناك مدونات سلوك خاص بكل وسيلة تحدد العقوبات حال ما إذا تم الوقوع فى اخطاء واستمرار النقد الذاتى داخل المؤسسة . ضد حبس الصحفيين من جانبه قال الإعلامى خالد تليمة، أن ذهنية الحكم فى مصر تنتمى لعقود سابقة فى أحسن التقديرات الخمسينات والستينات، وأنه لا يشعر أن يتم تحويل المواد الموجودة فى الدستور إلى قوانين بنفس الطموح. وتابع "على الرغم من إقرار الدستور مثلا بحق المعرفة وعدم حبس الصحفى، فإننا وجدنا واضعى قانون الإرهاب يضمنوه بحبسه وهو ما أثار الجماعة الصحفية".