اتفق المشاركون في اليوم الأول من فعاليات مؤتمر حرية الرأي والتعبير في النظام الإعلامي المصري الذي عقدته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ناومان الألمانية بفندق بيرميزا بالدقي اليوم الثلاثاء الموافق 14 أكتوبر 2014 بضرورة تطوير المنظومة الإعلامية لكفالة حرية الرأي والتعبير. واستهل فعاليات المؤتمر الاستاذ ياسر عبد العزيز الخبير الاعلامى الذى أكد على أهمية دور الاعلام فى الحياة السياسية المصرية باعتباره منبر للدفاع عن الحقوق والحريات العامة، ولهذا تأتى أهمية عقد هذا المؤتمر للتركيز على أهمية دور الاعلام. وأضاف عبد العزيز أن المؤتمر يعمل على استشراف رأى النخب السياسية والاعلامية بمستقبل الاعلام وأهمية الدور الملقى عليها بعد دستور عام 2014 وخاصة فى ضوء المجالس الاعلامية المنصوص عليها فى المواد( 211- 212). وأضاف عبد العزيز إلى أن الأوضاع التى يعيشها الاعلاميون حاليا متناقضة ، فنحن فى وقت فارق، حيث لدينا ثلاث اتجاهات لسير المنظومة الاعلامية الاولى دعوة مفتوحة تطالب تقييد الاعلام، الثانية تدعو لتطهير الاعلام حيث كثر الحديث عن الفساد – العمالة – الخيانة والثالث وهى الوحيدة القاصرة على تطوير الاعلام وبالتالى الدعوة لبناء نظام اعلامى رشيد وبنية أساسية تكفل حرية الأعلام. ومن جانبه أكد الاستاذ حافظ أبو سعده رئيس المنظمة أن مصر شهدت ثورة الخامس والعشرين من يناير لعام 2011 للثورة على الحكم الاستبدادى الشمولى الذى قبع فى السلطة لأكثر من ثلاثين عاما تم خلالها انتهاكات لحرية الرأى والتعبير من خلال حبس الصحفيين ومحاكمتهم على جرائم تتعلق بآرائهم ، وثورة الثلاثين من يونيه لعام 2013 ثورة قامت على الاستبداد الدينى، الذى عمد هو الآخر على قمع الحقوق والحريات العامة للمواطنين، وسعى للقضاء على أى دور للصحافة أو الأعلام فى مصر من خلال حملات ممنهجة لتشويه صورة الصحفيين والاعلاميين بل وصل الأمر إلى حصار مدينة الإنتاج الأعلامى، بما ينتهك حرية الرأى والتعبير بشكل عام. وأضاف أبو سعده أن المؤتمر الحالى يعتمد على مناقشة الموضوعات المتعلقة بدور الأعلام والمعايير المهنية التى يجب على الاعلام مراعاتها لضمان الحيادية والنزاهة وكذلك التشريعات التى يجب تعديلها لكى تتلاءم مع الدستور المصرى الجديد. فيما عبر د. رينيه كلاف المدير الاقليمى لمؤسسة فريدريش ناومان الألمانية أن المؤسسة تعمل منذ نشأتها على ضمان حرية الرأى والتعبير مشددا على أهمية هذا الأمر لدى دولة ديمقراطية. مضيفا أن مصر مرت بمراحل عديدة فى سبيل تحقيق الديمقراطية، وكان فيه سن دستور 2014 الذي شمل العديد من الضمانات لحرية الأعلام وإلغاء وزارة الاعلام ولهذا تأتى أهمية مناقشة ضمانات حرية الاعلام من خلال هذا المؤتمر مطالبا كافة المنظمات بفتح مناقشات ومناظرات مفتوحة لمناقشة ضمانات نزاهة الاعلام فى مصر. وأكد أ.عصام الأمير رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون على أن حرية الصحافة والأعلام هى حرية للمجتمع ككل، وضمانها يعنى ضمان باقى حقوق الفرد فى المجتمع، وبالتالى لابد من اتخاذ خطوات جادة لتطوير الاعلام المصرى وبناءه بشكل جديد يكفل حرية الرأى والتعبير ويعزز النظام الديمقراطى. وأضاف الأمير على أهمية الحوار المجتمعى والمجتمع المدنى باعتبارهم السبب وراء قيام ثورتي 25 يناير 2011 ومن بعدها 30 يونيه 2013، مضيفا على أن الدولة عمدت فى الدستور الأخير على النص على تطوير المنظومة الأعلامية، ولكن المعايير والآليات الخاصة التى تكفل هذا التطوير فهى مسئولية الأعلاميين أنفسهم وليس الدولة. وشدد الأمير على أهمية الاعلام فى النظم الديمقراطية ولكن هذا يجب أن يتم من خلال تقبل الأخر، والملاحظ لدينا أنه ليس هناك تقبل للأخر فى الأعلام المصرى حاليا، وهو الأمر الذى يظهر فى البرامج السياسية برفضهم تقبل الأخر فى حد ذاته، وهى أمر لا يحقق الحيادية والنزاهة للأعلام، وهنا يجب على الأعلام الابتعاد كل البعد عن مفاهيم العمالة والخيانة والتخلف باعتبارها مفاهيم تدل على عدم تقبل الأخر، مطالبا منظمات المجتمع المدنى بعمل العديد من الورش البحثية لتأصيل تطور الأعلام ، مؤكدا أن الاعلاميين أخذوا خطوات فى هذا الصدد لمخاطبة المجلس الأعلى للصحافة لتغيير شكل الصحافة والشروع الجدى لإنشاء نقابة الأعلام المسموع والمرئى والمساعى الحثيثة لإنشاء نقابة الإعلاميين وهم عقدوا جلسات فى هذا السياق مع نقابة الصحفيين، حيث شكل الاعلاميين ما يشبه بلجنة الخمسين ليضعوا التصورات ويرفعوها لرئيس الجمهورية باعتباره من يملك حق التشريع لإنشاء نقابة تخص الاعلاميين. وفى نهاية حديثه أكد الأمير أن الدولة المصرية لديها رغبة فى عدم تدخلها فى شئون العاملين تاركا لهم تنظيم أمورهم حيث أن العاملين فى الاتحاد والتليفزيون على قلب رجل واحد وخاصة أنهم ممثلين للشعب المصرى ومعبرين عن جميع الاطياف. وجاءت الجلسة الأولى بعنوان "الاعلام بين التشريع المصرى والمواثيق الدولية"، حيث تحدث أ. جمال الشاعر رئيس معهد الاذاعة والتلفزيون عن المادة 48 التى تنظم حقوق الاعلام أما المادة 70 و 72 تؤكد على أن حرية الصحافة والأعلام مكفولة وأن الأشخاص لديهم حق تملك وسائل الأعلام أما مادة 71 ترفض العقوبة على سلب الحريات و72 تتحدث عن استقلال المنظمات الاعلامية ولو لدينا اعلام حكومى منحاز للحكومة أو إعلام خاص ينحاز لرأس المال لذلك يجب أن يكون لدينا اعلام متنوع وشامل حكومى بالأضافة إلى خاص وإذا كان م تصور أن الاعلام الحكومى منحاز وعلاجه الخصخصة فأن الخصخصة سوف تؤدى إلى المزيد من المشاكل، نحن لدينا دستور قوى يقدم قوانين ومواد رائعة ولكن الاختلافات تكمن فى التفاصيل على سبيل المثال كيف يتم عمل مجلس أعلى لحقوق الأعلام وكيف يتم إدارة مؤسسات الأعلام وكيف يتم تحويل مواد الدستور إلى قوانين. وعندما نتحدث نحن نريد أعلام حر ليس معنى ذلك أن يكون ضد الدولة ولكن يكون لصالح المشاهد (الأفراد والمجتمع) نحن فى حاجة ماسة إلى مراعاة تفاصيل عمل القانون وكيفية تشكيل تلك المؤسسات ثم التنفيذ والرقابة ومراعاة عمل ميثاق الشرف الاعلامى حيث يتعظ الحكام ويصلحوا من أنفسهم ويوفروا على الشعب تكاليف الثورات الباهظة. وأضاف الشاعر أيضا أن الاعلامييين فى الوقت الراهن لديهم مجموعة من الأهدا من أجل إصلاح أعلام الدولة بكياناتها التشريعة والتنفيذية والقضائية وإصلاح الأعلام من أجل الاعلاميين وإصلاحه من أجل المواطنين. وأضاف أ. حافظ أبو سعده وقال أن لدينا دستور قوى به باب خاص بالحقوق والحريات جيد جدا حيث تتبنى مادة 93 أن كل ما وقعت عليه مصر من اتفاقيات دولية أصبحت جزء من الدستور المحلى وخاصتا المواد 96، 70، 71، 72 وهى تعتبر مواد حاكمة لمواد الرأى فى مصر لأزالة كل القيود التى تتمثل فى الجزء الخالص باللعقوبات السالبة للحريات أما فى الجانب الأخر فى حالة انتهاك الاعلام للحريات الشخصية والاعلام والسب والقذف يتم تعويض مادى أو إغلاق المصدر مثل باقى دول العالم. ومن جانبه أكد أ. عصام الإسلامبولي المحامي بالنقض على أن الدستور هو من أعطي الحرية، حيث وضع مجموعة من المعايير واالقيم للحياة الإعلامية، مضيفا أننا لدينا ترسانة هائلة من القوانين لا تقل عن 23 تشريع لذا مطلوب تعديل هذه التشريعات والنصوص القانونية لتتفق مع المواثيق والاتفاقيات الدولية. وشدد الإسلامبولي على أن النص القانوني الجنائي والجزائي لا بد أن تكون واضحة ولا تحتاج تفسير وخاصة فيما يتعلق بالإعلام لأهمية دور هذه المنظومة في عملية التحول الديمقراطي والحياة السياسية العامة. أما الجلسة الثانية فجاءت بعنوان "حرية الرأي والتعبير بعد 25 يناير و 30 يونيه: الانتهاكات والضغوط والاستحقاقات الدستورية" ، حيث أكدت د.عواطف عبد الرحمن الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة أن هناك العديد من المعوقات التشريعية والمهنية والمجتمعية التى تحول دون تحقيق حرية الرأى والتعبير. وأضافت عبد الرحمن أن المشهد الراهن لحرية الرأى والتعبير ليس حقا للأعلاميين فحسب وإنما حق أساسى لجميع المواطنين. وأضافت أن هذه الحرية هى التى تخلق دائما الصراع بين الأعلاميين والصحفيين من جانب والحكام من الجانب الأخر حيث أن مهمة الأعلاميين كانت دواما تقصى الحقائق والفساد فى حين أن مهمة الحكام هى الحفاظ على مصالحهم وعدم إظهار هذه الفسائد. وطرحت عبد الرحمن مجموعة من القوانين التى تجيز حبس الصحفيين بسبب آرائهم ، فضلا عن مجموعة المعوقات الاجتماعية التى تعيق عمل الصحفيين مثل وجود قلة تملك كل الايرادات السياسية والاقتصادية لا تملك حتى حقوقها الاساسية وهو الأمر الذى خلق نخبة سياسية ومجموعة أخرى تعيش فى القهر السياسى والظلم الاجتماعى والتبعية الاعلامية للغرب والصراع الذى تخوضه الثقافة العربية فى مواجهة التطبيع الغربى. وطرحت عبد الرحمن مجموعة من البدائل للتعامل مع الأزمة الاعلامية الراهنة وهى ضرورة لتنقية القيود التشريعية وتنقية القوانين المنظمة للعمل الاعلامى وأهمها العقوبات السالبة للحرية، وتفعيل النص الدستورى فى هذا الأطار، وتفعيل المؤسسات المهنية. وهنا بدا التحول حيث تم تقسيم الاعلام بين " الأعلام الفاسد " و " الأعلام المثير للفتنه" ثم جاء دستور 2012 ليكرس العداء الحرية الرأى والتعبير والصحافة أما بعد 30 يونيو وخروج الملايمين تم النص ضمن بيان عزل مرسى على وضع ميثاق شرف أعلامى يكفل حرية الأعلام وتحقيق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وأعلاء المصلحة العليا للوطن. وسرد قلاش التطورات التى لحقت بحرية الرأى والتعبير منذ أندلاع ثورة 25 حيث شهدت هذه المرحلة بالحذر أحيانا والتردد فى أحيان أخرى والتحفظ والميل إلى التضيق فىى كثير من الأحيان ولكن فى بصفة عامة تعرضت حرية التعبير لبعض الانتهاكات مثل التضيق على الاعلاميين والصحفيين والاحتجاز فى بعض مواقع الأحداث. مرورا بالمرحلة الثانية التى شهدت وصول الأخوان للسلطة وأضاف قلاش أن حرية الرأى والتعبير والاعلام والصحافة بعد 30 يونيه تواجه أزمة كبرى، حيث تعرض الصحفيون بعد أعتصام رابعة والنهضة ولجوء الأخوان إلى عمليات العنف إلى زيادة ممارسات استبدادية وانتهاكات عديدة طالبت عشرات الاعلاميين. وأختتم قلاش حديثه إلى أهمية طرح المبادرات لغلق الباب أمام ترزية القوانين بحجة فوضى الاعلام وطرح والتأكيد على أن الأعلام والصحافة هى أعز ما يملكه أى نظام وفقا لرأى الراحل كمال زهيرى وبالتالى الحاجة لتحقيق ثورة الشعب وحقه فى الحرية والعدالة. وجاءت الجلسة الثالثة بعنوان المجالس الأعلامية الجديدة … سلطات ديكتاتورية أم هيئات مستقلة ! حيث تحدث الأستاذ سيد الغضبان على ضمانة عدم سيطرة رأس المال على الأعلام يعتبر من أهم عناصر ضمان حرية الأعلام فرجال المال والأعمال أكثر خطرا لسيطرة الحكومة على الأعلام. وأشار الدكتور محمد هانى أن مشكلة المجلس الوطنى للأعلام هى ضيق الوقت وحيث تتوافر الرغبة لكن هى رغبة غير حقيقية وغير مفعلة، حيث أن الأعلاميون يعلمون ماذا يريدون لكنهم لا يعرفوا كيف يحققوا ذلك . فيما أكد الأستاذ يحي قلاش وكيل نقابة الصحفيين سابقا والمتحدث باسم اللجنة الوطنية للدفاع عن حرية الرأي والتعبير على ان حرية الرأي والتعبير أحد العناوين المهمة في ملف الحريات العامة التي تتحلي بها المجتمعات الديموقراطية، ولذلك يطلقون عليها "أواسط عقد الحريات". وحرية الصحافة والإعلام ومقدار احترامها وإحاطتها بالضمانات في أي مجتمع هي المقياس الرئيسي لما يتمتع به من حرية التعبير. اكد دكتور محمود علم الدين الأستاذ بكلية الأعلام جامعة القاهرة على وجود خلل فى المنظومة الاعلامية حيث هناك تراجع مهنى واصبح الاعلام قائم على التصدام وعدم الثقة بين الشعب والحكومة من جهة والشعب والاعلام من جهة اخرى، لذلك نحن فى حاجة ماسة لاعادة تصحيح العلاقة بالاعلام وكل من (الجمهور، والدولة، ومصادر التمويل) حيث نحتاج اعلام قابل للمحاسبة والمساءلة.