ربما تكون أصعب أزمة فى حياة نجمنا العالمى المحبوب محمد صلاح. الكثيرون انتقدوا رد فعله الغاضب، ورأوا فيه تصرفًا لا يتسم بالاحترافية بعد التصريحات التي أدلى بها للصحافة الإنجليزية، وفيها يعترض على معاملة مدرب كرة القدم لفريق نادى ليفربول أرنى سلوت له. وقال إنه لا يقبل هذه المعاملة بعد كل ما قدم لناديه الذى تمسك بوجوده فيه رغم كل العروض المغرية التى تلقاها. صلاح لمن يقرأ شخصيته، وطريقة تفكيره بعيد كل البعد عن العشوائية فى التصرف، أو اتخاذ القرارات. هو شخص يتمتع بعقلية حكيمة، منظمة، تجيد ترتيب أولوياتها، تحافظ على القيم الأصيلة التى يؤمن بها، ولا تغريه الأموال أو المكاسب التى يجرى وراءها الكثيرون. لذلك أنا شخصيا لا أشك فى أنه تعرض لضغوط نفسية مقصودة من أشخاص بأعينهم لهم مصلحة فى أن يبتعد صلاح عن ناديه الذي بنى شعبيته، وساهم هو في حصده للألقاب وإعادته لمنصات التتويج، تميمته التى صنع فيها مجدا لم يصل إليه لاعب آخر. سبق أن تعرض صلاح لضغوط كثيرة، قاوم، صبر، كافح، واستمر، نجح، كسر كل الأرقام القياسية، واجه كل المؤامرات التى استهدفته من منطلق إيمانه الشديد أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا. وقد أحسن صلاح عمله وأتقنه، كما قام بكل الأعمال الإنسانية التى ترفع من قيمته عند الخالق الأعظم. مؤسسة خيرية باسمه فى بلدته نجريج، بر بوالديه وعائلته. توعية للشباب من مخاطر الإدمان. بالإضافة إلى أنه -ربما دون أن يقصد- أصبح الملهم لشباب مصر والوطن العربى، بل والعالم كله. هناك بوادر لحل الأزمة تبدو فى الأفق، فقد عاد صلاح إلى تشكيل نادى ليفربول فى لقائه أمس مع نادى برايتون فى مباريات الدورى الإنجليزى. كذلك خرج جمهور صلاح العريض فى أنحاء العالم وخاصة ليفربول ومصر بفيديوهات مؤثرة تستعرض إنجازات وأمجاد صلاح مع نادى ليفربول. ومن مصر سجل النجم أحمد السقا رسالة مؤثرة إلى نادى ليفربول. من المؤكد أن كل هذا شكل تيارا لم يستطع قيادات ليفربول تجاهله. فكيف يسيرون ضد مشاعر وآراء الملايين من محبى صلاح فى ليفربول والعالم كله؟ من المفارقات الغريبة أن يسجل صلاح قبل أن تظهر تلك الأزمة فى الأفق إعلانا مع ابنته الصغرى «كيان» يحكى لها فيه حكاية قبل النوم، عن ولد صغير من قرية صغيرة فقيرة، كان عنده حلم، كافح كثيرا لتحقيقه، كل مرحلة يقابل عقبة كبيرة ويتجاوزها ويمضى فى طريقه، ويكمل، ثم تقابله عقبة ثانية يتجاوزها بالصبر والعمل الشاق، ويكمل، وهكذا، عقبة وراء عقبة، وخطوة وراء خطوة. حتى جاء النجاح أخيرا، فأصبح يتطلع إلى نجاح أكبر، وراء نجاح أكبر وأكبر، إلى أن حقق حلمه فى أن يصبح لاعبا لا نظير له فى العالم. إنه محمد صلاح صاحب الفكر الحكيم، والقلب المليء بالإيمان، والقدم الذهبية رغم أنف الحاقدين المغرضين.