أثار الكاتب الفرنسى آلان جريش رئيس التحرير السابق لجريدة لوموند الفرنسية، الجدل فى ندوته بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، حيث هاجم الحكومة المصرية واتهمها بالعديد من الاتهامات التى أثارت استياء الجمهور، ما جعل بعض الجماهير حريصين على أن يبلغوه برأيهم عقب الندوة مؤكدين أن المصريين متفقون تمام الاتفاق مع حكم الرئيس السيسي، برغم ما يثار فى أوروبا من أقاويل كثيرة. وكان جريش قد تطرق إلى إبداء رأيه فى نظام الحكم فى مصر فى ندوته التى أقيمت اليوم بمعرض القاهرة الدولى للكتاب حول التطورات السياسية والاجتماعية فى العالم العربى والإسلامى، والتى قدمها الدكتور عماد جاد، ضمن فعاليات الدورة ال46. وانتقد جريش حالة الحريات فى مصر كما انتقد علاقة السلطة بالمعارضة مؤكدًا أن الحل فى النهاية سيكون فى الحوار مثلما يحدث فى سوريا، وفى مداخلة للدكتور عماد حول تصريحات آلان جريش حول عدم اعتراف مصر بما يسمى بالإسلاميين، قال إن ذلك غير صحيح، قائلاً: "مصر تعترف بكل طوائفها وما تظنه خاطئًا، والدليل هو دخول حزب النور فى الانتخابات البرلمانية المقبلة"، مؤكدًا أن انتخابات 2011 لم تكن ديمقراطية وإنما تم تزويرها عن طريق الإخوان، مضيفًا: "لا أحد يستطيع أن يقول إن الانتخابات البرلمانية المقبلة ستكون بطريقة غير ديمقراطية، إلا إذا حدث على أرض الواقع وانتقد الدكتور عماد جاد، الكاتب الفرنسى آلان جريش حول قوله إن مصر تعيش حرب أهلية قائلا: "إن مصر لا يمكن أن تعيش داخل حرب أهلية، وما يفعله الإخوان الآن هو ممارسة للإرهاب بكل أنواعها، والشعب المصرى بصدد لذلك فمصر بعيدة كل البعد عن الحرب الأهلية". وخرج الدكتور عماد جاد عن شعوره حينما قال آلان جريش إن نظام مبارك كان أفضل فرد عليه قائلاً: "أرحمنى"، مضيفًا: "كيف يكون نظام مبارك أفضل فى ظل القمع، وكيف تقول إنه كان يطبق الحرية والتعددية، نحن الآن نعيش فى حرية للرأى ولا أحد يقوم بمنع من يعبر عن توجه، وأنا كمواطن مع الحقوق السياسية الكاملة لكل من يحترم قواعد اللعبة بأن الاغلبية هى من تحكم وفى وصفه للأوضاع العربية قال جريش إن فى 2003 كان لا يوجد أى منظمة إرهابية فى العراق وتجد الآن تطورًا لمنظمة القاعدة ومنظمة أكثر تطرفًا داخل العراق وهى داعش وذلك لضعف الدولة، وأيضًا لهيمنة الدولة على المواطن. وأضاف آلان جريش، إن رمز الثورات العربية هو بوعزيزى الشاب التونسى الذى كان لا يعمل بالسياسة وهذا كان الرمز الحقيقى لأحد أهداف الثورات العربية وهى المطالبة بالكرامة قبل الحرية، ورفض هيمنة الدولة على الشباب، وتجد فى الدول العربية أن العدو الأساسى للشرطة هم الشباب. وأكد الكاتب الفرنسى آلان جريش أن هناك أسبابًا اجتماعية واقتصادية ففى 2000 بدأت سياسات سميت ب"الليبرالية" بمعنى أن القطاع العام يصبح قطاعًا خاصًا وفى النهاية حدثت خصخصة للقطاع العام بمعنى أن جزءًا من الناس الذين لهم علاقة مع السلطة أخذوا المصانع والبنوك لصالحهم هم، وتم خطف كل أملاك الدولة، وبدأت الدولة تتراجع عن حماية المواطن وظهر الفقير أكثر فقرًا والعكس صحيح، كما أن دور الشباب فى المنطقة العربية فهذا الجيل كان أكثر ثقافة وفى نفس الوقت كان لا يجد أى فرصة للعمل فى المجال الاقتصادى والاجتماعى وهذا كان أحد أسباب قيام الثورات. وتابع: "وبعد ذلك اختلفت الأوضاع من بلد إلى آخر حسب سياستها الداخلية، ففى دول الشرق الأوسط مع بدء الانتفاضات بدأت الدول تتفكك وظهرت قضايا مختلفة منها مشاكل الأقليات التى ساعدت على تفكك المجتمع، وفى سوريا أخذ النظام الضرب بأكثر عنف للمعارضة، وكان هناك اتفاق بين السوريين على عسكرية الانتفاضة ما ساعد على ظهور المنظمات الإرهابية. ورأى آلان جريش أن مطالب الثورة الآن لا يمكن أن تنجح بدون دولة مثل ما حدث فى العراق، أما فى تونس ومصر هناك فرق كبير لأن المشاكل الدينية بها قليلة، وحدث فرق بين البلدان بأكملها، وفى الجزائر كان هناك نظام مختلف حيث إذا تم تغيير الرئيس سيأتى آخر ولم يتغير شىء، وكان هناك مخاوف من تحول البلد إلى حرب أهلية. وفى نهاية الندوة تجمع عدد من الجماهير حول جريش مؤكدين له أنه أخطأ فى رأيه حول الحكم فى مصر، وأنهم يحبون الرئيس عبد الفتاح السيسى ويؤيدونه فى كل القرارات التى اتخذها ولو أعيدت الانتخابات ألف مرة فإنهم سينتخبونه. جدير بالذكر أن الكاتب آلان جريش كان قد تعرض للاعتقال بالخطأ فى مصر فى شهر نوفمبر الماضى، وقامت السلطات المصرية بصرفه وذلك بعدما ارتابت فى أمره سيدة لدى جلوسه بأحد مقاهى وسط البلد بالقرب من السفارة البريطانية، وبصحبته فتاتان مصريتان، فأسرعت بإبلاغ القوات المكلفة بتأمين السفارة بالمنطقة التى قامت بفحصه والتأكد من سلامة أوراقه وصرفه والفتاتين.