فى السابع من ديسمبر القادم ستلقى البلغارية إيرينا بوكوفا مديرة اليونسكو الجديدة كلمة أمام المؤتمر الأول للمنتدى العربى الأفريقى الدائم للديمقراطية وحقوق الإنسان، والذى يعقد فى القاهرة، فكيف سيكون استقبال فاروق حسنى لها بعدما حاول جاهدا أن يصورها جزءا من المؤامرة عليه فى معركة اليونسكو؟ الوزير الفنان مهما حاول أن يبدى مشاعر طيبة نحو «إيرينا بوركوفا»، بوصفه لها بأنها سيدة محترمة ومنافسة شريفة، ومهما حاول أن يبدى مشاعر جيدة نحوها أو نحو المنظمة، مشددا على بدء صفحات جديدة، فإنه لن يستطيع أن يمحو آثار غضبته الأولى بعد إعلان الهزيمة، حين بدا وزير الثقافة وكأنه أسد جريح، يوزع التهم والمؤامرات هنا وهناك، واستخدام مصطلحات كان يرفضها هو من قبل، مثل التآمر الغربى، والحقد الغربى، والمؤامرات الصهيوأمريكية، وصراع الحضارات، وكراهية الشمال للجنوب. الدولة - بوصفه أحد رجالها- تتحمل جزءا كبيرا من مسئولية سيل الإهانات الذى تدفق على لسانه للمنظمة الثقافية الأكبر فى العالم، فربما لم يفهم الوزير نصيحة الرئيس مبارك «ارمى ورا ضهرك» بأن يتعامل مع الهزيمة كمثقف ومسئول كبير، لا أن يدفع بالموقف المصرى «الضعيف أساسا بعد الهزيمة» إلى حافة مهاترات كلامية، كانت للأزمة السياسية أقرب. حسنى وإن أمسك لسانه عن التجريح فى المنظمة ومديرتها الجديدة صراحة، لكن التلميح كان أكبر من أن يدارى، فالرجل أكد أن عملية الانتخاب كانت «مطبوخة»، والمنظمة أصبحت «مسيسة»، حتى حديثه عن المؤامرة، هو فى حد ذاته اتهام بعدم الحياد، وبالتالى كيف يمدح الوزير مديرة اليونسكو وهو الذى شكك فى الانتخابات التى أوصلتها للمنصب، وهنا كان موضع الحرج، فإن الوزير بعد خروجه من ذهول الهزيمة اكتشف أن الواقع وطبائع الأمور تجبره على التعامل مع المنظمة الدولية، بل واستقبال مديرتها بدبلوماسية بالغة، حسنى تذكر أن المنظمة أنفقت الكثير على مشروعات تراثية اعتبرها هو إنجازات لوزارته، إذن فهو سيخسر الكثير بعداوته لها. إذن فحسنى ليس أمامه الآن سوى أن يتعامل مع هذا الواقع، إلا أن شيئا واحدا سيظل شوكة فى ظهره، وهو أنه تناسى فى غمرة غضبه، وهدد إسرائيل بأنه لن يصمت على تجاوزاتها بعد ذلك، واتهم الغرب بأنه أخرج وجهه القبيح وعنصريته «الكريهة» ضد مرشح مسلم عربى شرق أوسطى، وهو الذى أكد عليه تهمة، حرص خلال معركة اليونسكو أن ينفيها عن نفسه، هى تهمة العنصرية والمعاداة للسامية، حسنى عليه الآن أن يبدأ من جديد لتحسين صورته كوزير للثقافة، هذه المرة ليس من أجل منصب دولى، ولكن من أجل أن يثبت لمنافسته السابقة على المنصب، أنه رجل مثقف يقبل الهزيمة بروح أكثر رياضية مما بدا عليه.