لماذا يلجأ المؤلفون للشكوى من ناشريهم بعدما قاموا بدفع مبالغ لهم عن طيب خاطر لنشر كتبهم؟ هذه أحدث ظاهرة شهدها سوق النشر فى الفترة الأخيرة، ولعل أبرز شاهد على هذه الظاهرة ما دفع الكاتبة مروة رخا لنشر كتب كثيرة على موقعها الإلكترونى لكل من يرغب فى الابتعاد عن استغلال الناشرين على حد قولها، سألنا الناشرين عن آلية دفع النقود مقابل نشر إبداعات المؤلفين، ولماذا يشتكى الكتاب بعد ذلك على الرغم من تقبل الأمر من حيث المبدأ. يحيى هاشم: منذ قيام دار اكتب والكل يعرف أننا نأخذ فلوس. أكد يحيى هاشم مدير دار اكتب أن سياسة الدار معروفة منذ قيامها بأنها تنشر بمقابل، وكل بنود العقد الذى يوقعه مع الكتاب تشمل إعداد الكتاب وتصحيحه، وتصميم الغلاف، وكل ما له علاقة بالمطبعة، يكون مناصفة بين الكاتب والدار، فإذا تكلف الكتاب 4000 جنيه، يدفع الكاتب نصفهم. وأشار هاشم أنه فى حالة رغبة الكاتب فى الحصول على ناتج التوزيع "الأرباح" فأنه يتحمل تكاليف النشر كاملة ويقوم بتوزيع كتابه بنفسه. وقال هاشم إنه ينظر لمضمون الكتاب فى كل الأحوال، ويستعد لنشر أى عمل بدون مقابل بشرط أن يكون مضمون الربح، إما إذا كان الكاتب لا يستطيع تحمل نصف التكاليف، فسوف يبدى استعداده لتحمل كل التكاليف إذا توفرت لديه القدرة المالية. وأضاف هاشم فى ختام حديثه، أن الكتاب الذين يشتكون من دور النشر، سوف يتم وضعهم على لائحة الممنوعين من النشر فى أى دار، ويمكنهم أن يذهبوا لأى مطبعة لنشر كتبهم وتوزيعها بطريقتهم. أحمد مهنى صاحب دار " دوّن": تقاسم التكاليف فكرة مشروعة قال الناشر أحمد مهنى صاحب دار "دوّن" إن تقاسم التكاليف بين الناشر والمؤلف فكرة مشروعة جدا، وتستمد مشروعيتها من كون عملية النشر ذات وجهين، وجه إنتاجى ووجه خدمى". ويعرف مهنى الوجه الإنتاجى بأنه يعنى تمويل الدار لكتاب أو فكرة كتاب، أما الخدمى فهو قيام الدار بتحويل المادة التحريرية للكاتب إلى كتاب موجود فى الأسواق. ويشير مهنى إلى أنه يحق للدار أخذ نسبة مقابل تقديم هذه الخدمة، يتحملها الكاتب، أو يشارك بها فى تكاليف كتابه، وتحصل الدار أيضا على نسبة من الربح مقابل هذه الخدمة، أى أن الدار تحصل على نسبتين مقابل تقديم هذه الخدمة. وقال صاحب دار " دوّن" إن هناك لجنة قراءة يجب أن توافق على الكتب المعروضة على الدار، وهناك نظام مادى يتم الاتفاق عليه مع الكاتب يختلف باختلاف كتابه، لكن غالبا الدار ما تتحمل نسبة من التكاليف مع الكاتب، وصرح مهنى بأن أحدث كتاب صدر عن الدار طلب فيه من المؤلف 1500 جنيه، واتفق معه على أن يعطيه 30% من سعر البيع، ويؤكد مهنى أن هذه النسبة تختلف أيضا تبعا لظروف كل كتاب، كما أشار أنه يتحمل تكلفة التصميم والغلاف والمراجعة اللغوية ومصاريف النقل والشحن والتوزيع. وقال مهنى إن حركة الأدب كانت متوقفة قبل ظهور دور النشر الخاصة، فلم يكن أحد سيسمع عن الكتاب الشبان لولا ظهور هذه الدور، ولو أن هؤلاء الكتاب يرون أننا نستغلهم، يمكنهم أن يلجئوا للصحافة أو للإعلام والدنيا مفتوحة، للكن من يحب أن يتكلم أو يشتكى، وفى ختام حديثه أكد مهنى أن هناك بعض الكتب التى يمولها بالكامل عندما يكون هو صاحب فكرة الكتاب، فإذا ما اقترح على أحد الكتاب بتأليف موضوع معين، يقوم هو بتمويل الكتاب، شرط أن تكون الفكرة ناضجة وممتازة جدا. الناشر محمد صلاح مدير دار "الدار" قسم المؤلفين إلى 3 أقسام، المؤلف الكبير الذى يدفع له لكى ينشر كتابه، والمؤلف المتميز الذى لا يأخذ منه أى نقود لنشر كتابه، والمؤلف المتعجل لنشر كتابه وهو الذى يجعله يدفع نظير خروج كتابه عن جدول دار "الدا" ونشره بسرعة. وقال صلاح إن جدول النشر لدار "الدار" محدد به توقيت نشر كل عمل، لكن الكتاب دائما متعجلين لصدور أعمالهم، وعندما أخذ منهم مبالغ لنشر كتبهم أعطيهم فى المقابل نسخا من كمية الكتاب. ورفض محمد صلاح أن يصرح بالمبالغ التى يدفعها له المؤلفون، لكنه أشار إلى أن ما سيدفعه الكاتب سيحصل عليه فى النهاية، والمعادلة ليست يدفع لينشر وإنما يدفع لشراء نسخ من عمله. الدكتورة فاطمة البودى قالت إنها ترفض مبدأ دفع الكاتب لنشر عمله، وأكدت أنها لا تتبع هذا المبدأ فى نشر الكتب بالدار، وعلقت على سياسة الناشرين الذين يأخذون مبالغ من الكتاب، بأن الظروف الاقتصادية الحرجة التى يمر بها الجميع الآن ربما تكون مبرر هذه السياسة.