■ كتب: أحمد ناصف وسط تسارع المتغيرات السياسية وتزايد تطلعات المواطنين نحو مشاركة أوسع وتمثيل أكثر عدالة، فرضت تعديلات قوانين الانتخابات البرلمانية في مصر نفسها على الوسط السياسى خاصة مع قرب الانتخابات البرلمانية بغرفتيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ، فى ظل التعددية السياسية والحزبية الجديدة التى أفرزتها حالة الحراك السياسية مؤخرًا وميلاد أحزاب جديدة. وفي خطوة تهدف إلى تطوير النظام الانتخابى وضمان العدالة فى التمثيل النيابي، وافق مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، خلال الجلسة العامة التى عقدت الأحد الماضي، نهائيًا على مشروعى القانونين المقدمين من النائب الدكتور عبدالهادى القصبى وأكثر من عُشر عدد أعضاء مجلس النواب، الأول بتعديل بعض أحكام قانون مجلس النواب الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 2014 والقانون رقم 174 لسنة 2020 فى شأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب، والثانى بتعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ الصادر بالقانون رقم 141 لسنة 2020. وجاءت هذه التعديلات وسط توافق حزبى لافت، عكسته مداخلات النواب وممثلى الكتل السياسية المختلفة، الذين أجمعوا على أهمية هذه الخطوة فى تعزيز المشاركة السياسية وتكريس قواعد الديمقراطية، حيث يستهدف مشروع القانون معالجة الاختلالات الناجمة عن التطورات الديموغرافية وزيادة أعداد الناخبين، بما يضمن توازنًا نسبيًا فى التمثيل النيابي، وانطلق المشرّع فى فلسفة القانون من أن التساوى التام بين أعداد الناخبين فى كل دائرة انتخابية ليس ممكنًا من الناحية العملية، وإنما يُكتفى بأن تكون الفروق بين أعداد الناخبين فى الدوائر وبين المتوسط العام على مستوى الدولة ضمن حدود مقبولة، ويشدد المشروع على ضرورة تمثيل جميع محافظات الجمهورية فى مجلس الشيوخ بغض النظر عن عدد السكان، تأكيدًا لمبدأ عدالة التمثيل الجغرافي. ◄ اقرأ أيضًا | برلماني: مشروع قانون العلاوة يؤكد على مبدأ العدالة والشمولية في الدعم الحكومي ◄ علامة فارقة وأكد المستشار الدكتور حنفى جبالي، رئيس مجلس النواب، أن تعديل قوانين الانتخابات البرلمانية يمثل علامة فارقة على نضج التجربة الديمقراطية فى مصر، ويُجسد بشكل صادق الإرادة العامة، معبّرًا فى الوقت ذاته عن رؤية سياسية واعية تدرك تعقيدات وأبعاد العملية الانتخابية، معتبرًا أن من أبرز اللحظات فى مسار العمل البرلمانى تلك التى يتصدى فيها المجلس لتشريعات تمس جوهر الشرعية الديمقراطية، وتُعيد صياغة خريطة التمثيل النيابى استنادًا إلى مبادئ الدستور ووقائع الواقع الراهن، وشدد جبالى على أن مشروعى القانونين لا ينبغى النظر إليهما باعتبارهما مجرد تقسيمات إدارية أو جداول جغرافية، بل باعتبارهما انعكاسًا حيًا لتطور التجربة التشريعية المصرية، وترجمة حقيقية لإرادة الشعب فى إعادة بناء العلاقة بين المواطن ومؤسسات الحكم، بما يعزز شرعية النظام النيابى ويؤكد استجابة البرلمان لمتطلبات المرحلة الدقيقة التى تمر بها البلاد، وذلك عبر تحقيق توازن مدروس بين دقة النصوص وروح الواقع السياسى والاجتماعي. وثمّن رئيس مجلس النواب، الجهود التى بذلها مقدمو مشروعى القانونين، مشيرًا إلى ما أظهروه من نضج سياسى واضح، وإدراك عميق للأبعاد القانونية والدستورية للعملية الانتخابية، وقدرتهم على استنباط حلول تشريعية متسقة مع أصول الفقه الدستوري، مستندين فى ذلك إلى تحليل دقيق واستقراء واعٍ للنصوص ذات الصلة، موضحًا أن التباين بين المدارس الفكرية بشأن أفضلية النظم الانتخابية لا ينبغى أن يُغيّب الحقيقة الأساسية، وهى أن النظام الأمثل لا يُقاس بمدى تطابقه مع نموذج نظرى مجرد، بل بمدى ملاءمته للخصوصية الوطنية، وقدرته على الاستجابة لطبيعة المجتمع المصرى وسياقه السياسى والاجتماعي، منوهًا بأن النظم الانتخابية لا تُستورد جاهزة، ولا تُفرض من الخارج، بل تُصاغ بروية وانسجام مع متطلبات الواقع والدستور الوطني. وأكد جبالي، أن التعديلات المطروحة ليست مجرد تغييرات فنية أو قانونية عابرة، بل تمثل خطوة محسوبة باتجاه ترسيخ استقرار النظام النيابي، وتأكيد أسس التمثيل البرلمانى السليم، وتحقيق الانسجام بين نصوص الدستور ومقتضيات الواقع العملي، الأمر الذى من شأنه تعزيز ثقة المواطن بالمؤسسة البرلمانية التى اختارها بإرادته الحرة لتكون ممثلة فى التعبير عن صوته ومطالبه، مختتمًا بالتأكيد على أن الانتخابات النيابية المقبلة ستُجرى تحت إشراف كامل من أعضاء الهيئات القضائية، بحيث يُشرف عضو من الهيئة القضائية على كل صندوق انتخابي، ضمانًا للشفافية الكاملة فى جميع مراحل الاقتراع والفرز، بما يُرسخ ثقة المواطنين فى نزاهة العملية الانتخابية وحيادها. ◄ أحكام الدستور بدوره أكد الدكتور عبد الهادى القصبي، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن بمجلس النواب وزعيم الأغلبية البرلمانية، أن مشروع قانون مجلس النواب جاء متوافقًا مع أحكام الدستور، ومنسجمًا مع نص المادة 87 التى تنص على حق المواطن فى الانتخاب والترشح، وتسجيله فى قاعدة بيانات الناخبين - المعروفة بالجمعية العمومية - دون الحاجة إلى طلب كتابى أو إذن مسبق، مع التأكيد على سلامة الإجراءات الانتخابية، وضمان النزاهة والشفافية والعدالة والحياد. وأشار القصبي إلى أن مشروع القانون جاء كذلك متسقًا مع نص المادة 102 من الدستور، والتى تُلزم المُشرِّع بمراعاة التقسيم العادل للدوائر الانتخابية وفقًا لمجموعة من المعايير، منها التعداد السكانى والموقع الجغرافي، وهو ما يستلزم مراجعة الأوضاع السكانية والجغرافية قبل كل فصل تشريعى وقبل كل عملية انتخابية، لضمان الالتزام بتلك المعايير، لا سيما فى ظل الزيادة السكانية التى تجاوزت 7 ملايين و400 ألف نسمة منذ آخر تعداد سكانى أُجريت على أساسه انتخابات 2020، بالإضافة إلى زيادة قاعدة الناخبين بأكثر من 6 ملايين و200 ألف ناخب مقارنة بانتخابات 2020. فيما عقب المستشار محمود فوزى وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، على النائب ضياء الدين داود، حول نظام القائمة النسبية، مشيرًا إلى أنه بصفته رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطنى وعضو مجلس الأمناء، فإنه يؤكد أن القائمة النسبية، لم يحدث حولها توافق وتم رفع أكثر ثلاثة آراء لرئيس الجمهورية مصحوبة بمميزات وعيوب كل نظام انتخابي، مضيفًا أنه تم ترك الأمر للقوى السياسية لتقرر ما تشاء، مشيرًا إلى أن مشروع القانون مقدم من أكبر أربع كتل سياسية، ولا يوجد نظام سياسى مثالى أكثر من الآخر، وإنما يوجد نظام انتخابى مناسب ومطابق للمعايير الدستورية، مؤكدًا أنه لا صحة لكون نظام القائمة المطلقة يهدر الأصوات، مؤكدًا أن نظام القائمة المطلقة هو الضامن لتمثيل الفئات السبعة المميزة فى الدستور. وأكد أن الإشراف القضائي على العملية الانتخابية مازال قائمًا، نافيًا ما يُثار بشأن إلغائه، متسائلًا: «من قال إن الإشراف القضائى تم إلغاؤه؟»، مشددًا على أن مشروعات قوانين الانتخابات المتعلقة بمجلسى النواب والشيوخ تشهد زخمًا كبيرًا فى النقاشات، وهو ما يعكس حيوية العمل البرلمانى وحرص النواب على دراسة كافة الجوانب التشريعية بدقة، وأوضح الوزير أن إدارة العملية الانتخابية تُسند إلى الهيئة الوطنية للانتخابات، وهى هيئة مستقلة تتمتع بخبرات كبيرة متراكمة وممارسات على مدار سنوات أكسبتها خبرة محلية ودولية فى الإدارة الحسنة وفقًا لأفضل الممارسات، مشيرًا إلى أن بعض الانتقادات الموجهة إلى نظام القائمة المطلقة بزعم أنه يضمن النجاح التلقائى للقوائم غير دقيقة، موضحًا أنه لا توجد أى قيود تحول دون تشكيل التحالفات الانتخابية، سواء من جانب الأحزاب الكبرى أو التكتلات الصغيرة، مؤكدًا أن لكل حزب أو مجموعة سياسية الحق الكامل فى خوض المنافسة وتكوين تحالف انتخابى على النحو الذى يراه مناسبًا.